يباشر تيار المستقبل عملية إعادة هيكلة شاملة في مؤسساته. هذه العملية ستنطلق في القطاع الإعلامي الأسبوع الجاري وتمتد حتى نهاية الشهر، على أن يكون العام الجديد موعداً لإعادة إطلاق المؤسسات الإعلامية. يريد الحريريون غربلة مكاتبهم بين مؤيد ومعارض، إلا أنّ المساس ببعض المحسوبيات وبعض عمليات الفساد لا يزال غير واضح

 

لتيار المستقبل جسم مترهّل. سمنة زائدة جراء ضخامة العديد وقلّة الحركة. ومن السمنة ما قتل. هذا التوصيف، ولو لم يكن علمياً، إلا أنه يصيب تفاصيل الواقع المالي والتنظيمي في التيار، وقد اعتمده أحد مستشاري الرئيس سعد الحريري في مجلسه. هذه السمنة تدفع الحريري إلى اتخاذ القرارات الملحّة المتعلّقة بإعادة الهيكلة داخل مؤسساته الخاصة ومؤسسات تياره. بعد خمس سنوات، أدرك الحريري ومن حوله أنه «لأ مش ماشي الحال»، وأنّ ثمة الكثير من الهدر في المؤسسات، وأنّ الواجب ضبطها. الفريق المحيط بالحريري، وعلى رأسه مستشاروه، يتجنّبون وصف ما يحدث في المؤسسات بـ«الفساد». لا يريدون الوصول إلى هذه النتيجة التي من شأنها أن تمسّ بأحدهم أو بعدد من «المقرّبين» من «الوالد» رحمه الله.

 

إعادة الهيكلة أو تخفيف الوزن هو هدف الحريري وفريقه في الأشهر الستّة المقبلة، في كل المؤسسات، في الإعلام والإعلان والمقاولات والتجارة بالدولار. تقضي الخطة بشكل أساسي بحصر النفقات داخل المؤسسات غير المربحة، أي في قطاع الإعلام تحديداً. وبالأرقام، يبلغ الوزن الزائد في هذا القطاع ما يقارب الـ 20 مليون دولار. وبالنسبة أكثر من 30 في المئة من الموازنة العامة للقطاع الإعلامي الذي يتضمّن إدارة المحطتين الزرقاء والحمراء والصحيفة والإذاعة والموقع الإلكتروني والإعلام الحزبي وجداول الرواتب غير الرسمية. بمعنى آخر، لجأ الحريري إلى سياسة التقشّف التي سبق أن «أهانوها» بين عامي 1998 و2000.

موازنة ضخمة يرفض عدد من مسؤولي المستقبل والموظفون في مؤسساته التعليق على حجمها، ولو أنهم يشاهدون بأمّ العين، وعلى نحو يومي، عمليات الفساد والهدر التي تضرب مكاتب التيار وشركاته. ماذا عن تفاصيل الخطة؟

هذه الخطة ستمتدّ على مدى الأشهر الستة المقبلة، وسيشرف على إدارتها بصورة مباشرة مستشار الحريري، النائب السابق باسم السبع. والأخير شكّل في كل مؤسسة لجنة ثلاثية أو رباعية تدرس واقع عمل هذه المؤسسة وتعدّ التقارير اللازمة والقرارات التي تراها مناسبة حيال إدارة الفريق، كما سيكون من مهماتها تقرير مصير الموظفين بين إبقائهم في وظائفهم أو الاستغناء عنهم. مثلاً، في محطتي المستقبل التلفزيونيتين، تتألف اللجنة من كل من رمزي جبيلي، حسين الوجه، ديانا مقلّد وعماد عاصي. ويتمحور عمل هذا الرباعي في المرحلة الانتقالية على إعداد عملية الدمج بين القناتين الزرقاء والحمراء، إذ ستستمرّ الأخيرة وتبثّ الأولى برامج الثانية حتى نيسان المقبل، موعد انطلاق تلفزيون المستقبل بحلّته الجديدة: أسلوب عمل مستحدث، لوغو جديد، شبكة برامج مطوّرة.

خطوة التطوير ـــــ الدمج هذه ستحرم ما يقارب 300 موظف من عملهم، معظمهم من المحطة الزرقاء. بمعنى آخر يرى فريق الحريري أنّ الحدّ من السمنة يتمثّل في «القضاء على 300 عائلة»، فيما يرى موظفون كثر أن بالإمكان خفض عدد المستغنى عنهم واتّخاذ خطوات أخرى تتمثّل بخفض الرواتب «الضخمة» أو الاستغناء عن بعض «عمالقة الرواتب».

كيف اكتسبت مؤسسات الحريري هذه السمنة الزائدة؟ ثمة عاملان أساسيان أوصلا الأوضاع إلى موقع التخمة: أولاً، منذ تسلّمه زمام السلطة في التيار، استسهل سعد الحريري القيام بدور حاضن لحلفائه ومفرّج لأزماتهم. وجراء هذا الدور استوعبت مؤسساته موظفين من «كل الأشكال والألوان» وباتت كل قوى 14 آذار تؤّمن خدمات لأنصارها عبر الحريري ومؤسساته، الأمر الذي أدى الى توظيف مئات الشبان في المؤسسات الإعلامية المستقبلية وزيادة الضغوط المالية والإدارية عليها. ثانياً، الخدمات الشخصية التي قدّمها ويقدّمها عدد من القيّمين على المؤسسات بهدف تحسين صورتهم أمام الناس، ما يرتّب أعباء إضافية ضخمة من دون أن يكون لها أي مفعول على صعيد رفع الإنتاج وتحسينه. مثلاً، وظّف المدير السابق لصحيفة المستقبل، رئيس مجلس الإنماء والإعمار، الوزير السابق الفضل شلق، أكثر من 70 موظفاً في الصحيفة في قسم الخدمات. وهم بمعظمهم من منطقة «كفريا» (الكورة) ومحيطها. وما يزيد الطين بلّة على صعيد النفقات في الصحيفة، إشارة عدد من الموظفين فيها إلى وجود ما يقارب 62 محرراً يقبضون رواتب «عالية» ولا يحضرون إلى مكاتب المؤسسة. ويضيفون إنّ الإدارة تبقي على هؤلاء الموظفين ورواتبهم لكونهم ينتمون «إلى المحور السياسي المعادي» وإنّ المطلوب الحفاظ على هذا التنوّع حتى لو كان مكلفاً وغير منتج.

ويمكن إضافة مجموعة من الأمثلة على الفساد المستشري داخل هذه المؤسسات الإعلامية، أهمّها يحصل في تلفزيون المستقبل ويتمثّل بسوء إدارة «مكتب المهمّات» لعملية ترتيب وتأمين «الوقت الهوائي» عبر الأقمار الاصطناعية. وهذه المهمة بدأت تصبح مكلفة جداً على التلفزيون باعتبار أنّ أحد القيّمين على هذا الأمر يتلاعب بالمواعيد وبالمواد، فتصبح الكلفة مزدوجة.

ومن المقرّر أن تبدأ إدارة صحيفة المستقبل عملها في إدارة الهيكلة في الأسبوع الجاري، وهو ما وتّر الأجواء بين الموظفين، وخصوصاً مع شائعة بأنّ «حفلة ترتيب البيت الداخلي» ستنتهي في غضون عشرة أيام، ليكون كل شيء جاهزاً لإعادة إطلاق الصحيفة من جديد. ومن المعلومات القليلة التي يمكن الإشارة إليها بشأن عصر النفقات في الصحيفة، أنه سيتم درس إمكانية حصر المكاتب بطبقتين من المبنى كما هي الحال منذ عام 1999.

ينتظر الموظفون في مؤسسات المستقبل قرارات الحكم عليهم في الأسابيع القليلة الماضية. منهم من حسم مصيره، ومنهم من هو «نومينيه، ومنهم من يضمن بقاءه في مكتبه ليتسنّى له مواكبة التطوّرات الإدارية وعيش مرحلة ما بعد «الدايت». ورغم كل هذه الوقائع التي تنتشر في المكاتب المستقبلية، لا يزال الهدوء طاغياً على الموظفين، وخصوصاً أنّ الإداريين سارعوا إلى بث أجواء الطمأنة بأنه «لن يكون أحد زعلان»، إذ إنّ التعويضات ستصرف بشكل سريع وبـ«كثير من السخاء»، وستكون على الشكل الآتي: سينال الموظفون المستغنى عنهم تعويضهم الكامل باحتساب شهر عن كل سنة عمل، إضافة إلى رواتب 12 شهراً إضافياً، مع قرار الإدارة تدوير الأشهر الإضافية الى الحد الأقصى، وهو أمر إيجابي بالنسبة إلى الموظفين باعتبار أنه في حال عمل أحدهم عمل ثلاث سنوات و4 أشهر فستحتسب له 4 سنوات.

هذه السياسة سترتّب أعباءً مالية كبيرة على مالية الحريري، مع العلم بأنّ أحد مستشاريه يفسّر الأمر على النحو الآتي: «ضربة موجعة واحدة أفضل من 100 ضربة متتالية».

ماذا عن الأبعاد السياسيّة والإداريّة لحملة التنحيف الوظيفي؟

يضع مسؤولو تيار المستقبل هذه الخطة في إطار مجموعة من الأهداف، منها: الإبقاء على الفريق الإعلامي الفعّال، وعلى الولاء السياسي البحت دخل المؤسسات، وهو ما يعني أنّ الموظفين غير الـ 14 آذاريين (بشكل أساسي) وغير المستقبليين (بدرجة ثانية) مهدّدون بهذه الخطوة. ويمكن الإشارة إلى أن الموضوع المالي يدفع عدداً من الموظفين المنتمين سياسياً إلى المستقبل بشكل «أعمى»، إلى العمل في «أماكن معادية» بحثاً عن المال. مثلاً، أحد أبرز محرري قسم السياسة المحلية في الصحيفة، ويصفه زملاء له بأنه «بات يكنّ حقداً شخصياً لقوى 8 آذار»، توظّف قبل أشهر مديراً في الموقع الإلكتروني الخاص بالرئيس نجيب ميقاتي!

أما سياسة رفع التعويضات فتهدف إلى «التقليل» من الارتدادات التي يمكن أنّ تصدر عن حملة التطهير، وخصوصاً أنّ الحريري بغنى عن «دَوْشة» مماثلة.

ويطمح القيّمون على المشروع الى أن تساعد عملية الهيكلة على تطوير الفريق الجدي مهنياً وشخصياً، إضافة إلى إنصاف الموظفين على صعيد الرواتب، إذ منعت «السمنة» أي تعديل على الرواتب منذ سنوات، وهو الأمر الذي انعكس سلباً على إنتاج الموظفين.

يقول المسؤولون في تيار المستقبل إنّ الحريري أطلق ورشة إعادة التأهيل من مؤسساته في الخارج وبدأها اليوم في بيروت. ماذا عن المؤسسات غير الإعلامية؟ ليس من تفاصيل عن هذا الملف، وخصوصاً أنّ هذه المؤسسات لها وزنها الاقتصادي والاجتماعي.

 

  • فريق ماسة
  • 2011-12-11
  • 12505
  • من الأرشيف

المستقبل .. يطلق حملة «تنحيف» في مؤسّساته

    يباشر تيار المستقبل عملية إعادة هيكلة شاملة في مؤسساته. هذه العملية ستنطلق في القطاع الإعلامي الأسبوع الجاري وتمتد حتى نهاية الشهر، على أن يكون العام الجديد موعداً لإعادة إطلاق المؤسسات الإعلامية. يريد الحريريون غربلة مكاتبهم بين مؤيد ومعارض، إلا أنّ المساس ببعض المحسوبيات وبعض عمليات الفساد لا يزال غير واضح   لتيار المستقبل جسم مترهّل. سمنة زائدة جراء ضخامة العديد وقلّة الحركة. ومن السمنة ما قتل. هذا التوصيف، ولو لم يكن علمياً، إلا أنه يصيب تفاصيل الواقع المالي والتنظيمي في التيار، وقد اعتمده أحد مستشاري الرئيس سعد الحريري في مجلسه. هذه السمنة تدفع الحريري إلى اتخاذ القرارات الملحّة المتعلّقة بإعادة الهيكلة داخل مؤسساته الخاصة ومؤسسات تياره. بعد خمس سنوات، أدرك الحريري ومن حوله أنه «لأ مش ماشي الحال»، وأنّ ثمة الكثير من الهدر في المؤسسات، وأنّ الواجب ضبطها. الفريق المحيط بالحريري، وعلى رأسه مستشاروه، يتجنّبون وصف ما يحدث في المؤسسات بـ«الفساد». لا يريدون الوصول إلى هذه النتيجة التي من شأنها أن تمسّ بأحدهم أو بعدد من «المقرّبين» من «الوالد» رحمه الله.   إعادة الهيكلة أو تخفيف الوزن هو هدف الحريري وفريقه في الأشهر الستّة المقبلة، في كل المؤسسات، في الإعلام والإعلان والمقاولات والتجارة بالدولار. تقضي الخطة بشكل أساسي بحصر النفقات داخل المؤسسات غير المربحة، أي في قطاع الإعلام تحديداً. وبالأرقام، يبلغ الوزن الزائد في هذا القطاع ما يقارب الـ 20 مليون دولار. وبالنسبة أكثر من 30 في المئة من الموازنة العامة للقطاع الإعلامي الذي يتضمّن إدارة المحطتين الزرقاء والحمراء والصحيفة والإذاعة والموقع الإلكتروني والإعلام الحزبي وجداول الرواتب غير الرسمية. بمعنى آخر، لجأ الحريري إلى سياسة التقشّف التي سبق أن «أهانوها» بين عامي 1998 و2000. موازنة ضخمة يرفض عدد من مسؤولي المستقبل والموظفون في مؤسساته التعليق على حجمها، ولو أنهم يشاهدون بأمّ العين، وعلى نحو يومي، عمليات الفساد والهدر التي تضرب مكاتب التيار وشركاته. ماذا عن تفاصيل الخطة؟ هذه الخطة ستمتدّ على مدى الأشهر الستة المقبلة، وسيشرف على إدارتها بصورة مباشرة مستشار الحريري، النائب السابق باسم السبع. والأخير شكّل في كل مؤسسة لجنة ثلاثية أو رباعية تدرس واقع عمل هذه المؤسسة وتعدّ التقارير اللازمة والقرارات التي تراها مناسبة حيال إدارة الفريق، كما سيكون من مهماتها تقرير مصير الموظفين بين إبقائهم في وظائفهم أو الاستغناء عنهم. مثلاً، في محطتي المستقبل التلفزيونيتين، تتألف اللجنة من كل من رمزي جبيلي، حسين الوجه، ديانا مقلّد وعماد عاصي. ويتمحور عمل هذا الرباعي في المرحلة الانتقالية على إعداد عملية الدمج بين القناتين الزرقاء والحمراء، إذ ستستمرّ الأخيرة وتبثّ الأولى برامج الثانية حتى نيسان المقبل، موعد انطلاق تلفزيون المستقبل بحلّته الجديدة: أسلوب عمل مستحدث، لوغو جديد، شبكة برامج مطوّرة. خطوة التطوير ـــــ الدمج هذه ستحرم ما يقارب 300 موظف من عملهم، معظمهم من المحطة الزرقاء. بمعنى آخر يرى فريق الحريري أنّ الحدّ من السمنة يتمثّل في «القضاء على 300 عائلة»، فيما يرى موظفون كثر أن بالإمكان خفض عدد المستغنى عنهم واتّخاذ خطوات أخرى تتمثّل بخفض الرواتب «الضخمة» أو الاستغناء عن بعض «عمالقة الرواتب». كيف اكتسبت مؤسسات الحريري هذه السمنة الزائدة؟ ثمة عاملان أساسيان أوصلا الأوضاع إلى موقع التخمة: أولاً، منذ تسلّمه زمام السلطة في التيار، استسهل سعد الحريري القيام بدور حاضن لحلفائه ومفرّج لأزماتهم. وجراء هذا الدور استوعبت مؤسساته موظفين من «كل الأشكال والألوان» وباتت كل قوى 14 آذار تؤّمن خدمات لأنصارها عبر الحريري ومؤسساته، الأمر الذي أدى الى توظيف مئات الشبان في المؤسسات الإعلامية المستقبلية وزيادة الضغوط المالية والإدارية عليها. ثانياً، الخدمات الشخصية التي قدّمها ويقدّمها عدد من القيّمين على المؤسسات بهدف تحسين صورتهم أمام الناس، ما يرتّب أعباء إضافية ضخمة من دون أن يكون لها أي مفعول على صعيد رفع الإنتاج وتحسينه. مثلاً، وظّف المدير السابق لصحيفة المستقبل، رئيس مجلس الإنماء والإعمار، الوزير السابق الفضل شلق، أكثر من 70 موظفاً في الصحيفة في قسم الخدمات. وهم بمعظمهم من منطقة «كفريا» (الكورة) ومحيطها. وما يزيد الطين بلّة على صعيد النفقات في الصحيفة، إشارة عدد من الموظفين فيها إلى وجود ما يقارب 62 محرراً يقبضون رواتب «عالية» ولا يحضرون إلى مكاتب المؤسسة. ويضيفون إنّ الإدارة تبقي على هؤلاء الموظفين ورواتبهم لكونهم ينتمون «إلى المحور السياسي المعادي» وإنّ المطلوب الحفاظ على هذا التنوّع حتى لو كان مكلفاً وغير منتج. ويمكن إضافة مجموعة من الأمثلة على الفساد المستشري داخل هذه المؤسسات الإعلامية، أهمّها يحصل في تلفزيون المستقبل ويتمثّل بسوء إدارة «مكتب المهمّات» لعملية ترتيب وتأمين «الوقت الهوائي» عبر الأقمار الاصطناعية. وهذه المهمة بدأت تصبح مكلفة جداً على التلفزيون باعتبار أنّ أحد القيّمين على هذا الأمر يتلاعب بالمواعيد وبالمواد، فتصبح الكلفة مزدوجة. ومن المقرّر أن تبدأ إدارة صحيفة المستقبل عملها في إدارة الهيكلة في الأسبوع الجاري، وهو ما وتّر الأجواء بين الموظفين، وخصوصاً مع شائعة بأنّ «حفلة ترتيب البيت الداخلي» ستنتهي في غضون عشرة أيام، ليكون كل شيء جاهزاً لإعادة إطلاق الصحيفة من جديد. ومن المعلومات القليلة التي يمكن الإشارة إليها بشأن عصر النفقات في الصحيفة، أنه سيتم درس إمكانية حصر المكاتب بطبقتين من المبنى كما هي الحال منذ عام 1999. ينتظر الموظفون في مؤسسات المستقبل قرارات الحكم عليهم في الأسابيع القليلة الماضية. منهم من حسم مصيره، ومنهم من هو «نومينيه، ومنهم من يضمن بقاءه في مكتبه ليتسنّى له مواكبة التطوّرات الإدارية وعيش مرحلة ما بعد «الدايت». ورغم كل هذه الوقائع التي تنتشر في المكاتب المستقبلية، لا يزال الهدوء طاغياً على الموظفين، وخصوصاً أنّ الإداريين سارعوا إلى بث أجواء الطمأنة بأنه «لن يكون أحد زعلان»، إذ إنّ التعويضات ستصرف بشكل سريع وبـ«كثير من السخاء»، وستكون على الشكل الآتي: سينال الموظفون المستغنى عنهم تعويضهم الكامل باحتساب شهر عن كل سنة عمل، إضافة إلى رواتب 12 شهراً إضافياً، مع قرار الإدارة تدوير الأشهر الإضافية الى الحد الأقصى، وهو أمر إيجابي بالنسبة إلى الموظفين باعتبار أنه في حال عمل أحدهم عمل ثلاث سنوات و4 أشهر فستحتسب له 4 سنوات. هذه السياسة سترتّب أعباءً مالية كبيرة على مالية الحريري، مع العلم بأنّ أحد مستشاريه يفسّر الأمر على النحو الآتي: «ضربة موجعة واحدة أفضل من 100 ضربة متتالية». ماذا عن الأبعاد السياسيّة والإداريّة لحملة التنحيف الوظيفي؟ يضع مسؤولو تيار المستقبل هذه الخطة في إطار مجموعة من الأهداف، منها: الإبقاء على الفريق الإعلامي الفعّال، وعلى الولاء السياسي البحت دخل المؤسسات، وهو ما يعني أنّ الموظفين غير الـ 14 آذاريين (بشكل أساسي) وغير المستقبليين (بدرجة ثانية) مهدّدون بهذه الخطوة. ويمكن الإشارة إلى أن الموضوع المالي يدفع عدداً من الموظفين المنتمين سياسياً إلى المستقبل بشكل «أعمى»، إلى العمل في «أماكن معادية» بحثاً عن المال. مثلاً، أحد أبرز محرري قسم السياسة المحلية في الصحيفة، ويصفه زملاء له بأنه «بات يكنّ حقداً شخصياً لقوى 8 آذار»، توظّف قبل أشهر مديراً في الموقع الإلكتروني الخاص بالرئيس نجيب ميقاتي! أما سياسة رفع التعويضات فتهدف إلى «التقليل» من الارتدادات التي يمكن أنّ تصدر عن حملة التطهير، وخصوصاً أنّ الحريري بغنى عن «دَوْشة» مماثلة. ويطمح القيّمون على المشروع الى أن تساعد عملية الهيكلة على تطوير الفريق الجدي مهنياً وشخصياً، إضافة إلى إنصاف الموظفين على صعيد الرواتب، إذ منعت «السمنة» أي تعديل على الرواتب منذ سنوات، وهو الأمر الذي انعكس سلباً على إنتاج الموظفين. يقول المسؤولون في تيار المستقبل إنّ الحريري أطلق ورشة إعادة التأهيل من مؤسساته في الخارج وبدأها اليوم في بيروت. ماذا عن المؤسسات غير الإعلامية؟ ليس من تفاصيل عن هذا الملف، وخصوصاً أنّ هذه المؤسسات لها وزنها الاقتصادي والاجتماعي.  

المصدر : الاخبار /نادر فوز


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة