جنّب الاجتماع التشاوري الذي انعقد في فندق «فور سيزن» في القاهرة مقرّ إقامة رئيس وزراء قطر ورئيس الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء الخارجية العرب الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، لبنان إحراجا جديدا، لكنه أغرق الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي في حرج خرج منه بشقّ النفس، وأسفر عن توتر في مواقف الدول العربية ضد بعضها البعض تظهّر في الاجتماع الرسمي الذي انعقد لاحقا في مقر الجامعة.

في أجواء الاجتماع التشاوري الذي سبق الاجتماع الرسمي للمجلس طرحت قطر موضوع تجميد عضوية سورية في جامعة الدول العربية، ما فاجأ الحضور الذين لم يتوقعوا طرحا مماثلا. وقال دبلوماسي عربي حضر الاجتماع لـ«السفير» إن «موضوع تجميد العضوية بحسب نظام جامعة الدول العربية يحتاج الى اجتماع قمة، وكانت الحالة الليبية استثناء، إذ تذرعت الجامعة يومها بوجود قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي يعترف بالمجلس الوطني كممثل شرعي للشعب الليبي».

في الاجتماع التشاوري المذكور، أعلن وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور أن «مقاربة موضوع تجميد العضوية ليست مفيدة لأنها قد تنعكس سلبا على الوضع السوري وخصوصا أن الرئيس بشار الأسد يحاول القيام بإصلاحات فعلية، وبالتالي من الأجدى منحه فرصة لإنجازها لا توجيه إشارات سلبية في اتجاهه». وذكّر منصور بالعلاقات التاريخية بين البلدين لافتا الانتباه الى أن «لبنان وسورية شعب واحد في دولتين».

ونالت مداخلة الوزير اللبناني تقدير عدد من الحاضرين، وخاصة لجهة مساهمته بتهدئة الأمور ومحاولة إيجاد قواسم مشتركة تمنع الجنوح الى ما لا تحمد عقباه في العلاقات العربية ـ العربية من جهة وفي انعكاس أي توتر فيها على لبنان من جهة أخرى.

في الاجتماع المذكور، طرح ممثل دولة الكويت اقتراحا بربط الإصلاحات السورية بجدول زمني، ما حمل رئيس وزراء قطر على «اعتبار الفكرة غير سديدة».

وبقيت مسألة تجميد العضوية محط نقاش محتدم وقد رفضتها قطعا كل من سلطنة عمان ولبنان ومصر وفلسطين والجزائر والسودان، وجمّد رئيس وزراء قطر الحديث في هذا الموضوع بعد قدوم وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل الذي تأخر وصوله ساعة.

 أجواء الاجتماع الرسمي

 وفي الاجتماع الرسمي الذي ناقش خلاله الوزراء العرب البيان الختامي لمدة ساعتين، لم يخرج الحديث عن الأفكار المتداولة سابقا وشدد لبنان مجددا على ضرورة أن يتسم أي بيان بمقاربة متوازنة بين الطرفين في سورية. إذ برز جنوح لدى البعض في أن يتحدث البيان عن أرواح المدنيين التي تزهق من دون ذكر الجماعات المسلحة التي تقتل العسكريين وسواهم من المدنيين السوريين أيضا. كما لفت الانتباه اعتراض وزير الخارجية عدنان منصور الشديد على مهلة الـ15 يوما التي أعطاها الوزراء لسورية لتنفيذ الاصلاحات والتي سيتم بعدها عقد مؤتمر حوار وطني شامل في مقر الجامعة العربية معتبرا أنها «غير كافية».

ونال موضوع إجراء الحوار الوطني السوري خارج سورية أو داخلها قسطا وافرا من الوقت، واعتبر المندوب السوري يوسف الأحمد أن سورية ليست دولة محتلة لكي يتم الاجتماع خارجها، بالإضافة إلى اعتراضه على موضوع ترؤس قطر للجنة المولجة الاتصال بالقيادة السورية. ولما سأل حمد بن جاسم إن كان أحد يعترض على الرئاسة القطرية، لم تبد أية دولة اعتراضها.

إلا ان مندوب سورية اعترض على الأمر وعاد إلى الحديث عن تداعيات عقد اجتماع تشاوري في «فور سيزن» فأبدى انزعاجه من أن تجتمع جامعة الدول العربية في مقر آخر خارج الجامعة وبحضور الأمين العام شخصيا، وحذر المندوب السوري من أن بلاده لن تعترف البتة بأي قرار تم الاتفاق عليه في الاجتماع التشاوري المذكور، مركزا على الخطأ الذي ارتكبه نبيل العربي بالمشاركة في الاجتماع ما اضطر الأخير إلى تبرير حضوره بأنه كان يعرض للمجتمعين نتيجة زيارته الأخيرة الى دمشق ويحاول إيجاد قاعدة مشتركة للنقاش بين جميع الأطراف.

وحصل نقاش حول أن يتضمن البيان الختامي إمكان أن تسحب الدول العربية سفراءها من سورية إذا فشلت المبادرة العربية إلا ان ذلك بقي في إطار النقاش فحسب.

الانتظار حاليا هو لرد القيادة السورية على طلب اللجنة موعدا رسميا لزيارة دمشق، لمناقشتها في الوضع الراهن وخصوصا مع اعتراض المندوب السوري على ترؤس قطر للجنة المذكورة، طالبا الرجوع إلى قيادته لإعطاء رأي رسمي في هذا الشأن. فأجابه حمد بن جاسم بأنه ليس لقطر قيادة بل أمير وولي عهد ومواطنون يثقون بهما وبأنه سيرجع الى أميره لبت ترؤس قطر لهذه اللجنة أو التنحي عنها. إلا ان دولا عربية في مقدمتها ليبيا اعترضت بشدة على إمكان تنحي قطر عن رئاسة اللجنة. فما كان من المندوب السوري إلا أن ذكر بأنه عند إقرار اتفاق الدوحة بين اللبنانيين في العام 2008 كانت سورية هي رئيسة الدورة العربية، فطالبتها قطر بالتنحي لأنها طرف في الأزمة اللبنانية التي يتم تداولها، فقبلت دمشق وسلمت الرئاسة إلى الدوحة وتم إقرار الاتفاق المذكور الذي عرف باتفاق الدوحة.

وأشار دبلوماسي عربي حضر الاجتماعات في القاهرة اإلى أنه كان لافتا للانتباه الاتصال الذي حصل بين الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد وأمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني قبل ثلاثة ايام من انعقاد المجلس الوزاري العربي الطارئ.

  • فريق ماسة
  • 2011-10-17
  • 4004
  • من الأرشيف

سورية تذكر قطر بتنحيها أثناء مناقشة اتفاق الدوحة

جنّب الاجتماع التشاوري الذي انعقد في فندق «فور سيزن» في القاهرة مقرّ إقامة رئيس وزراء قطر ورئيس الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء الخارجية العرب الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، لبنان إحراجا جديدا، لكنه أغرق الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي في حرج خرج منه بشقّ النفس، وأسفر عن توتر في مواقف الدول العربية ضد بعضها البعض تظهّر في الاجتماع الرسمي الذي انعقد لاحقا في مقر الجامعة. في أجواء الاجتماع التشاوري الذي سبق الاجتماع الرسمي للمجلس طرحت قطر موضوع تجميد عضوية سورية في جامعة الدول العربية، ما فاجأ الحضور الذين لم يتوقعوا طرحا مماثلا. وقال دبلوماسي عربي حضر الاجتماع لـ«السفير» إن «موضوع تجميد العضوية بحسب نظام جامعة الدول العربية يحتاج الى اجتماع قمة، وكانت الحالة الليبية استثناء، إذ تذرعت الجامعة يومها بوجود قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي يعترف بالمجلس الوطني كممثل شرعي للشعب الليبي». في الاجتماع التشاوري المذكور، أعلن وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور أن «مقاربة موضوع تجميد العضوية ليست مفيدة لأنها قد تنعكس سلبا على الوضع السوري وخصوصا أن الرئيس بشار الأسد يحاول القيام بإصلاحات فعلية، وبالتالي من الأجدى منحه فرصة لإنجازها لا توجيه إشارات سلبية في اتجاهه». وذكّر منصور بالعلاقات التاريخية بين البلدين لافتا الانتباه الى أن «لبنان وسورية شعب واحد في دولتين». ونالت مداخلة الوزير اللبناني تقدير عدد من الحاضرين، وخاصة لجهة مساهمته بتهدئة الأمور ومحاولة إيجاد قواسم مشتركة تمنع الجنوح الى ما لا تحمد عقباه في العلاقات العربية ـ العربية من جهة وفي انعكاس أي توتر فيها على لبنان من جهة أخرى. في الاجتماع المذكور، طرح ممثل دولة الكويت اقتراحا بربط الإصلاحات السورية بجدول زمني، ما حمل رئيس وزراء قطر على «اعتبار الفكرة غير سديدة». وبقيت مسألة تجميد العضوية محط نقاش محتدم وقد رفضتها قطعا كل من سلطنة عمان ولبنان ومصر وفلسطين والجزائر والسودان، وجمّد رئيس وزراء قطر الحديث في هذا الموضوع بعد قدوم وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل الذي تأخر وصوله ساعة.  أجواء الاجتماع الرسمي  وفي الاجتماع الرسمي الذي ناقش خلاله الوزراء العرب البيان الختامي لمدة ساعتين، لم يخرج الحديث عن الأفكار المتداولة سابقا وشدد لبنان مجددا على ضرورة أن يتسم أي بيان بمقاربة متوازنة بين الطرفين في سورية. إذ برز جنوح لدى البعض في أن يتحدث البيان عن أرواح المدنيين التي تزهق من دون ذكر الجماعات المسلحة التي تقتل العسكريين وسواهم من المدنيين السوريين أيضا. كما لفت الانتباه اعتراض وزير الخارجية عدنان منصور الشديد على مهلة الـ15 يوما التي أعطاها الوزراء لسورية لتنفيذ الاصلاحات والتي سيتم بعدها عقد مؤتمر حوار وطني شامل في مقر الجامعة العربية معتبرا أنها «غير كافية». ونال موضوع إجراء الحوار الوطني السوري خارج سورية أو داخلها قسطا وافرا من الوقت، واعتبر المندوب السوري يوسف الأحمد أن سورية ليست دولة محتلة لكي يتم الاجتماع خارجها، بالإضافة إلى اعتراضه على موضوع ترؤس قطر للجنة المولجة الاتصال بالقيادة السورية. ولما سأل حمد بن جاسم إن كان أحد يعترض على الرئاسة القطرية، لم تبد أية دولة اعتراضها. إلا ان مندوب سورية اعترض على الأمر وعاد إلى الحديث عن تداعيات عقد اجتماع تشاوري في «فور سيزن» فأبدى انزعاجه من أن تجتمع جامعة الدول العربية في مقر آخر خارج الجامعة وبحضور الأمين العام شخصيا، وحذر المندوب السوري من أن بلاده لن تعترف البتة بأي قرار تم الاتفاق عليه في الاجتماع التشاوري المذكور، مركزا على الخطأ الذي ارتكبه نبيل العربي بالمشاركة في الاجتماع ما اضطر الأخير إلى تبرير حضوره بأنه كان يعرض للمجتمعين نتيجة زيارته الأخيرة الى دمشق ويحاول إيجاد قاعدة مشتركة للنقاش بين جميع الأطراف. وحصل نقاش حول أن يتضمن البيان الختامي إمكان أن تسحب الدول العربية سفراءها من سورية إذا فشلت المبادرة العربية إلا ان ذلك بقي في إطار النقاش فحسب. الانتظار حاليا هو لرد القيادة السورية على طلب اللجنة موعدا رسميا لزيارة دمشق، لمناقشتها في الوضع الراهن وخصوصا مع اعتراض المندوب السوري على ترؤس قطر للجنة المذكورة، طالبا الرجوع إلى قيادته لإعطاء رأي رسمي في هذا الشأن. فأجابه حمد بن جاسم بأنه ليس لقطر قيادة بل أمير وولي عهد ومواطنون يثقون بهما وبأنه سيرجع الى أميره لبت ترؤس قطر لهذه اللجنة أو التنحي عنها. إلا ان دولا عربية في مقدمتها ليبيا اعترضت بشدة على إمكان تنحي قطر عن رئاسة اللجنة. فما كان من المندوب السوري إلا أن ذكر بأنه عند إقرار اتفاق الدوحة بين اللبنانيين في العام 2008 كانت سورية هي رئيسة الدورة العربية، فطالبتها قطر بالتنحي لأنها طرف في الأزمة اللبنانية التي يتم تداولها، فقبلت دمشق وسلمت الرئاسة إلى الدوحة وتم إقرار الاتفاق المذكور الذي عرف باتفاق الدوحة. وأشار دبلوماسي عربي حضر الاجتماعات في القاهرة اإلى أنه كان لافتا للانتباه الاتصال الذي حصل بين الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد وأمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني قبل ثلاثة ايام من انعقاد المجلس الوزاري العربي الطارئ.

المصدر : السفير /مارلين خليفة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة