دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أشارت التقارير الصحافية إلى حدة السجال بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بشأن إبادة الأرمن وقد تناقلت تصريحات أردوغان التي اعتبر فيها أن الرئيس الفرنسي يستخدم خطابا مزدوجات وهو صعد من اتهاماته لتركيا وطالبها بالاعتراف بإبادة الأرمن من ياريفان العاصمة الأرمينية خلال الأسبوع الماضي وقد فسر أردوغان هذا التصعيد بحاجة ساركوزي إلى أصوات الأرمن المقيمين في فرنسا خلال الانتخابات المقبلة.
في سياق متصل نسبت صحيفة "لوكانار اونشينه" الأسبوعية الفرنسية إلى ساركوزي أن وجه انتقادات قاسية لقطر التي اعتبر أن رئيس وزرائها قد خدعه عندما تعهد له بإقناع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعدم الذهاب إلى الأمم المتحدة لتقديم طلب الاعتراف بدولة فلسطينية وحسب المجلة الفرنسية فإن ساركوزي يعتبر أن تركيا وقطر أصعدتا محمود عباس إلى أعلى الشجرة وسحبتا السلم من تحته فبقي معلقا ولم يفت ساركوزي في هذا المجال وبشأن الموضوع التركي أن يشدد على رفض انضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي.
أولا يبدو واضحا من هذه المعطيات أن قطبة مخفية تباعد بين أطراف المثلث الفرنسي القطري التركي الذي شد من قوة تنسيقه في الشأن السوري وتدخلت أطرافه مباشرة في خطة مشتركة لدعم المعارضات السورية سياسيا وماليا وعسكريا بل و مارست جميع أشكال التدخل و الضغط لتفعيل الهجمة على سورية .الفشل في سورية حسب الخبراء ولد خلافات شديدة بين الأطراف الثلاثة و أدى إلى تبادل الاتهامات بالمسؤولية عن التورط وتوريط الآخرين والمبالغة في تعميم التوقعات عن قرب سقوط الرئيس بشار الأسد ونظامه ، وهو ما تولاه الشريك القطري لفرنسا وتركيا في وقت مبكر من الأزمة السورية ، بينما ربط رئيس الوزراء التركي تصعيد عدائيته نحو سورية بقبض الثمن الذي طلبه من باراك أوباما عبر الوعد بتسهيلات أمنية للجيش التركي في شمال العراق ضد قواعد حزب العمال الكردستاني وهي في نظر الخبراء وعود صعبة التحقيق لأن القيادات الكردية العراقية تعرف جيدا الكلفة العالية لتورطها في أي عمل مباشر ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني بفعل الترابط العشائري العابر للحدود بين الأكراد في العراق وتركيا وكذلك لأن الولايات المتحدة تعتمد بقوة على الدور الكردي الذي لا يمكن الاستغناء عنه في صياغة التوازنات السياسية الراعية لمصالحها داخل العراق ، فلن تفرط واشنطن على الأرجح بأولوية الاحتفاظ بعلاقات وثيقة مع مسعود البارزاني وجلال الطالباني لصالح إرضاء أردوغان مقابل تصعيده للضغوط على سورية التي بات مشكوكا في فاعليتها وإمكانية توليد نتائج تترتب عليها بعد التطورات الميدانية المهمة التي حققتها الدولة السورية على الأرض وفي ظل التأزم التركي الداخلي حول الموضوع السوري وتداعياته المحتملة.
ثانيا قبض ساركوزي ثمن تورطه في سورية من الكعكة الليبية بينما شريكاه حمد وأردوغان يدوران في حلقة مفرغة بعد الفيتو الروسي والصيني المزدوج الذي عطل تغطية التدخل في سورية وشكل إعلانا لتفليسة الحملة الغربية التي قادتها الولايات المتحدة ضد الرئيس الأسد بتمويل قطري وبتناغم تركي.
حلقة الفشل السورية لثلاثي قطر وتركيا وفرنسا هي الميدان الرئيسي للنزاعات بين هذه الأطراف وعلى هامشها يمكن قراءة تداعيات حملة ساركوزي الانتخابية واعتباره أن قطر ورطته بالتزامات حول الموضوع الفلسطيني وأظهرته في موقع العاجز عن التأثير أمام أوباما الذي عاتب ساركوزي بقسوة على دوره في الإعلان عن موقف أوروبي مساند لطلب الاعتراف بدولة فلسطينية في البداية وحيث اضطر بعد تأنيب الرئيس الأميركي إلى الإيعاز بموقف فرنسي متحفظ واقترح هو شخصيا أن تكتفي السلطة الفلسطينية بمقعد المراقب في الأمم المتحدة بينما كان ساركوزي يبني كلامه على الوعود القطرية بعدم تقديم عباس لطلب الاعتراف وبالتالي عدم وضع فرنسا أمام اختبار موقفها الكاذب الداعم للطلب يبدو أنها مجرد بداية لحسابات الخاسرين في الملف السوري.
.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة