برغم الفرحة التي عاشها الفلسطينيون بعد الإعلان الأولي عن اتمام صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، إلا أن نوعاً من خيبة الأمل ساد أوساط العديد من الفلسطينين بعدما تبيّن أن الصفقة استثنت قيادات فلسطينية عسكرية وسياسية داخل المعتقل، وأن نسبة كبيرة من المحررين سيتم إبعادهم، وأن نصف من سيفرج عنهم ستحددهم اسرائيل، لدرجة أن الكثيرين اعتبروا الصفقة هدفها سياسي بشكل كبير. ولكن الصفقة تبقى، برغم ذلك، نصراً للمقاومة الفلسطينية التي يرى البعض أنها في حالة إغماء.

البداية كانت حين أعلن جهاز «الشاباك» الإسرائيلي، ثم أكدت حركة حماس لاحقاً، استثناء الصفقة لكل من الامين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات، وعضو اللجنة المركزية في حركة فتح مروان البرغوثي، وقيادات حماس العسكرية عباس السيد، وابراهيم حامد، وعبد الله البرغوثي، وجمال أبو الهيجا. وفي وقت لاحق تبين أن 550 أسيراً ممن سيفرج عنهم ستحدد أسماءهم إسرائيل.

وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس عزت الرشق على صفحته على الفيسبوك إن الصفقة لن تشمل «هؤلاء الأحبة برغم الجهود الكبيرة والأوقات التي بذلت من أجلهم»، فيما أعلنت صحف إسرائيلية عدة أن 550 ممن سيفرج عنهم ستحددهم إسرائيل، ورفضت قيادات عدة من حماس التعليق على الأمر.

وبالرغم من أن ألف أسير و27 أسيرة، هن جميع النساء المعتقلات لدى إسرائيل، ستشملهم الصفقة، فإن ما تسرب من أنباء يشير إلى أن 335 ممن سيطلق سراحهم لن يعودوا إلى الضفة، وهو ما اعتبر بمثابة صدمة قاسية للفلسطينيين، لا سيما أن الأمل كان يحدوهم بأن حماس ستبقى مصرة على عودة هؤلاء إلى الضفة كما أعلنت مراراً وتكراراً.

وقال رئيس الشاباك الإسرائيلي يورام كوهين إن الصفقة التي تم التوصل إليها تقضي بإبعاد 335 أسيراً ممن سيطلق سراحهم، وأن «الأجهزة الأمنية الإسرائيلية هي التي اختارت أسماء الـ 450 أسيراً الذين سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى، 110 منهم لن يسمح لهم بالخروج للخارج لمدة 10 سنوات، وعليهم أن يمثلوا مرة كل شهر أمام مركز التنسيق والارتباط».

وتابع كوهين «50 في المئة ممن سيطلق سراحهم سيكون تنقلهم مقيداً». وتابع «سيطرد 203 إلى غزة أو للخارج، وبعد سنة سيعاد 18 منهم، وبعد ثلاث سنوات سيعاد 18 آخرين، وخلال 5 إلى 10 سنوات سيعود 55، فيما 55 آخرون سيعودون بعد 20ـ25 عاماً، ولن يسمح لـ55 أسيراً بالعودة أبداً».

وفي قراءة لما جرى قال هاني المصري، الكاتب والمحلل السياسي، في حديث لـ«السفير»: «لقد صدمنا من هذه الصفقة لأن سقف التوقعات الذي وضعته حماس كان أعلى بكثير، وبرغم ذلك تبقى الصفقة إنجازاً كبيراً». وأضاف «أعتقد أن حماس وبعد اربع سنوات ونصف من المفاوضات قدمت تنازلات كبيرة، وبرأينا فإن لذلك أسباباً كبيرة أهمها تراجع اسهم الحركة بعد تجميدها عمليات المقاومة، وخسارتها جزءاً من شعبيتها بعد خطاب الرئيس محمود عباس أمام الأمم المتحدة».

وقال المصري إن حماس « قدمت تنازلات غير منظمة في الصفقة لأسباب أخرى مهمة وهي خوفها من اتجاه اسرائيل نحو مزيد من التطرف لإنهاء ملف جلعاد شاليت، كما أن التغيير الذي كانت تراهن عليه حماس في مصر ليس قريباً، وما يجري في سوريا يؤثر عليها أيضاً، لذلك فقد بحثت عن نصر، وليس بيدها شيء سوى شاليت».

من جهته قال خليل شاهين، الكاتب والمحلل السياسي، إن الربيع العربي والحراك الاجتماعي الإسرائيلي دفعا حماس وإسرائيل لتقديم تنازلات كبيرة بالنسبة لكلتيهما. وأضاف إن «حماس حققت انتصاراً كبيراً، وإن كان منقوصاً، بإتمام الصفقة، وهي تريد التقرب أكثر من مصر الجديدة التي تتعامل معها بمزيد من التوازن، وبالتالي تحقيق اختراق على صعيد الحصار، حيث أن مصر، وبعد نجاح الصفقة قد تتمكن من إقناع العالم بتخفيف الحصار عن غزة والترويج أكثر لحماس».

وفي المقابل يرى شاهين أن إسرائيل حققت أشياء مهمة من الصفقة «لأنها لم تستجب لكل مطالب حماس، ولأنها بهذه الصفقة ستنهي أزمة الاحتجاجات الداخلية، وبعد الصفقة ربما ستتفرّغ إسرائيل الآن فقط لإيران».

 

 

  • فريق ماسة
  • 2011-10-12
  • 10006
  • من الأرشيف

صفقة التبادل بين حماس وإسرائيل: النصر المنقوص

برغم الفرحة التي عاشها الفلسطينيون بعد الإعلان الأولي عن اتمام صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، إلا أن نوعاً من خيبة الأمل ساد أوساط العديد من الفلسطينين بعدما تبيّن أن الصفقة استثنت قيادات فلسطينية عسكرية وسياسية داخل المعتقل، وأن نسبة كبيرة من المحررين سيتم إبعادهم، وأن نصف من سيفرج عنهم ستحددهم اسرائيل، لدرجة أن الكثيرين اعتبروا الصفقة هدفها سياسي بشكل كبير. ولكن الصفقة تبقى، برغم ذلك، نصراً للمقاومة الفلسطينية التي يرى البعض أنها في حالة إغماء. البداية كانت حين أعلن جهاز «الشاباك» الإسرائيلي، ثم أكدت حركة حماس لاحقاً، استثناء الصفقة لكل من الامين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات، وعضو اللجنة المركزية في حركة فتح مروان البرغوثي، وقيادات حماس العسكرية عباس السيد، وابراهيم حامد، وعبد الله البرغوثي، وجمال أبو الهيجا. وفي وقت لاحق تبين أن 550 أسيراً ممن سيفرج عنهم ستحدد أسماءهم إسرائيل. وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس عزت الرشق على صفحته على الفيسبوك إن الصفقة لن تشمل «هؤلاء الأحبة برغم الجهود الكبيرة والأوقات التي بذلت من أجلهم»، فيما أعلنت صحف إسرائيلية عدة أن 550 ممن سيفرج عنهم ستحددهم إسرائيل، ورفضت قيادات عدة من حماس التعليق على الأمر. وبالرغم من أن ألف أسير و27 أسيرة، هن جميع النساء المعتقلات لدى إسرائيل، ستشملهم الصفقة، فإن ما تسرب من أنباء يشير إلى أن 335 ممن سيطلق سراحهم لن يعودوا إلى الضفة، وهو ما اعتبر بمثابة صدمة قاسية للفلسطينيين، لا سيما أن الأمل كان يحدوهم بأن حماس ستبقى مصرة على عودة هؤلاء إلى الضفة كما أعلنت مراراً وتكراراً. وقال رئيس الشاباك الإسرائيلي يورام كوهين إن الصفقة التي تم التوصل إليها تقضي بإبعاد 335 أسيراً ممن سيطلق سراحهم، وأن «الأجهزة الأمنية الإسرائيلية هي التي اختارت أسماء الـ 450 أسيراً الذين سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى، 110 منهم لن يسمح لهم بالخروج للخارج لمدة 10 سنوات، وعليهم أن يمثلوا مرة كل شهر أمام مركز التنسيق والارتباط». وتابع كوهين «50 في المئة ممن سيطلق سراحهم سيكون تنقلهم مقيداً». وتابع «سيطرد 203 إلى غزة أو للخارج، وبعد سنة سيعاد 18 منهم، وبعد ثلاث سنوات سيعاد 18 آخرين، وخلال 5 إلى 10 سنوات سيعود 55، فيما 55 آخرون سيعودون بعد 20ـ25 عاماً، ولن يسمح لـ55 أسيراً بالعودة أبداً». وفي قراءة لما جرى قال هاني المصري، الكاتب والمحلل السياسي، في حديث لـ«السفير»: «لقد صدمنا من هذه الصفقة لأن سقف التوقعات الذي وضعته حماس كان أعلى بكثير، وبرغم ذلك تبقى الصفقة إنجازاً كبيراً». وأضاف «أعتقد أن حماس وبعد اربع سنوات ونصف من المفاوضات قدمت تنازلات كبيرة، وبرأينا فإن لذلك أسباباً كبيرة أهمها تراجع اسهم الحركة بعد تجميدها عمليات المقاومة، وخسارتها جزءاً من شعبيتها بعد خطاب الرئيس محمود عباس أمام الأمم المتحدة». وقال المصري إن حماس « قدمت تنازلات غير منظمة في الصفقة لأسباب أخرى مهمة وهي خوفها من اتجاه اسرائيل نحو مزيد من التطرف لإنهاء ملف جلعاد شاليت، كما أن التغيير الذي كانت تراهن عليه حماس في مصر ليس قريباً، وما يجري في سوريا يؤثر عليها أيضاً، لذلك فقد بحثت عن نصر، وليس بيدها شيء سوى شاليت». من جهته قال خليل شاهين، الكاتب والمحلل السياسي، إن الربيع العربي والحراك الاجتماعي الإسرائيلي دفعا حماس وإسرائيل لتقديم تنازلات كبيرة بالنسبة لكلتيهما. وأضاف إن «حماس حققت انتصاراً كبيراً، وإن كان منقوصاً، بإتمام الصفقة، وهي تريد التقرب أكثر من مصر الجديدة التي تتعامل معها بمزيد من التوازن، وبالتالي تحقيق اختراق على صعيد الحصار، حيث أن مصر، وبعد نجاح الصفقة قد تتمكن من إقناع العالم بتخفيف الحصار عن غزة والترويج أكثر لحماس». وفي المقابل يرى شاهين أن إسرائيل حققت أشياء مهمة من الصفقة «لأنها لم تستجب لكل مطالب حماس، ولأنها بهذه الصفقة ستنهي أزمة الاحتجاجات الداخلية، وبعد الصفقة ربما ستتفرّغ إسرائيل الآن فقط لإيران».    

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة