كتبت صحيفة "الوطن" السعودية أن " نجاح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التركية مؤخرا يعود بالدرجة الأولى إلى قدرته على تحقيق مستويات غير مسبوقة من الازدهار الاقتصادي، والاستقرار الأمني والسياسي بعد عقود من الصراع المسلح وسفك الدماء الذي ساد معظم أرجاء تركيا.

واشارت الصحيفة الى ان " الاقتصاد التركي حقق نسبة نمو وصلت إلى 9% العام الماضي، وهو يأتي في المرتبة 17 بين أكبر اقتصادات العالم، لذلك فإن صندوق النقد الدولي لا يتوانى عن تقديم أي قرض تطلبه تركيا، بعد أن كانت الحكومات التركية السابقة تستجدي المؤسسة المالية العالمية من أجل الحصول على قروض ولو بشروط مجحفة. ورغم أن ديون تركيا لصندوق النقد الدولي وصلت إلى 25 مليار دولار؛ إلا أنها ستتمكن على الأغلب من وفائها قبل 2013. لذلك فإن الناخب التركي يشعر بالامتنان لحكومة إردوغان لقدرتها على إدارة اقتصاد البلاد بنجاح".

من ناحية أخرى، عندما وصل حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في 2003 كانت تركيا لا تزال تترنح تحت حكم العسكر، لكن اردوغان تمكن بذكاء من تحرير الديموقراطية التركية، وإثبات عدم تعارض الدين مع الحداثة، وأن حزبه يمتلك برنامجا اقتصاديا ناجحا استطاع أن يحقق نقلة نوعية.

على الصعيد الخارجي، حاولت تركيا أن تطبق مبدأ "تصفير المشكلات" مع دول الجوار. وقد نجحت تركيا في ذلك في البداية إلى حد ما، حيث استطاعت الخارجية التركية أن تبني علاقات متميزة مع جميع دول المنطقة باستثناء إسرائيل، التي لعب العدوان الإسرائيلي على غزة وفيما بعد الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية دورا كبيرا في تعقيد العلاقات بين البلدين وتدني التمثيل الدبلوماسي بينهما. ثم جاءت اضطرابات سورية ورفضت الحكومة السورية الاستماع لنصائح الجار التركي ، لتهدم خلال أشهر ما استغرق بناؤه سنوات من العمل الشاق والدبلوماسية النشطة بين البلدين.

وليس من المستبعد أن يلعب العامل السوري دورا سلبيا في العلاقات الإيرانية ـ التركية بسبب تضارب مصالح البلدين فيما يخص الوضع في سوريا، وتحاول تركيا حاليا أن تلعب دورا فاعلا في أحداث سوريا من خلال استقبال اللاجئين وفرض عقوبات على النظام السوري، وهي بذلك تراهن على سقوط النظام الحالي ووصول نظام بديل يدين لتركيا بالولاء السياسي، وبهذا تعود سورية لتلعب دور الجسر الذي تطل منه تركيا على العالم العربي. لكن هذا الموقف يحمل مخاطر متعددة، لعل أهمها أن يتمكن النظام السوري الحالي ـ بمساعدة حلفائه في روسيا والصين وإيران ـ من تجاوز الأزمة الحالية. كما أن سورية تمسك بأوراق ضغط أخرى، بينها الورقة الكردية، قد تستخدمها ضد تركيا لزعزعة استقرارها، وقد زادت بالفعل نشاطات حزب العمال الكردستاني مؤخرا في تركيا.

وخلصت الصحيفة الى القول ان " تركيا تستطيع بلا شك أن تلعب دورا فاعلا وإيجابيا في الشرق الأوسط، لكن عليها أن تكون أكثر حذرا في اتخاذ المواقف وصياغة التحالفات الإقليمية والدولية، كما أن عليها أن تحرص على احترام مصالح الدول الأخرى في المنطقة، خصوصا الدول الخليجية، حتى يكون بإمكانها أن تساعد في بناء شرق أوسط أكثر أمنا واستقرارا وازدهارا للجميع".

  • فريق ماسة
  • 2011-10-07
  • 7022
  • من الأرشيف

الوطن السعودية: على تركيا الحذر في صياغة التحالفات الإقليمية والدولية

كتبت صحيفة "الوطن" السعودية أن " نجاح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التركية مؤخرا يعود بالدرجة الأولى إلى قدرته على تحقيق مستويات غير مسبوقة من الازدهار الاقتصادي، والاستقرار الأمني والسياسي بعد عقود من الصراع المسلح وسفك الدماء الذي ساد معظم أرجاء تركيا. واشارت الصحيفة الى ان " الاقتصاد التركي حقق نسبة نمو وصلت إلى 9% العام الماضي، وهو يأتي في المرتبة 17 بين أكبر اقتصادات العالم، لذلك فإن صندوق النقد الدولي لا يتوانى عن تقديم أي قرض تطلبه تركيا، بعد أن كانت الحكومات التركية السابقة تستجدي المؤسسة المالية العالمية من أجل الحصول على قروض ولو بشروط مجحفة. ورغم أن ديون تركيا لصندوق النقد الدولي وصلت إلى 25 مليار دولار؛ إلا أنها ستتمكن على الأغلب من وفائها قبل 2013. لذلك فإن الناخب التركي يشعر بالامتنان لحكومة إردوغان لقدرتها على إدارة اقتصاد البلاد بنجاح". من ناحية أخرى، عندما وصل حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في 2003 كانت تركيا لا تزال تترنح تحت حكم العسكر، لكن اردوغان تمكن بذكاء من تحرير الديموقراطية التركية، وإثبات عدم تعارض الدين مع الحداثة، وأن حزبه يمتلك برنامجا اقتصاديا ناجحا استطاع أن يحقق نقلة نوعية. على الصعيد الخارجي، حاولت تركيا أن تطبق مبدأ "تصفير المشكلات" مع دول الجوار. وقد نجحت تركيا في ذلك في البداية إلى حد ما، حيث استطاعت الخارجية التركية أن تبني علاقات متميزة مع جميع دول المنطقة باستثناء إسرائيل، التي لعب العدوان الإسرائيلي على غزة وفيما بعد الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية دورا كبيرا في تعقيد العلاقات بين البلدين وتدني التمثيل الدبلوماسي بينهما. ثم جاءت اضطرابات سورية ورفضت الحكومة السورية الاستماع لنصائح الجار التركي ، لتهدم خلال أشهر ما استغرق بناؤه سنوات من العمل الشاق والدبلوماسية النشطة بين البلدين. وليس من المستبعد أن يلعب العامل السوري دورا سلبيا في العلاقات الإيرانية ـ التركية بسبب تضارب مصالح البلدين فيما يخص الوضع في سوريا، وتحاول تركيا حاليا أن تلعب دورا فاعلا في أحداث سوريا من خلال استقبال اللاجئين وفرض عقوبات على النظام السوري، وهي بذلك تراهن على سقوط النظام الحالي ووصول نظام بديل يدين لتركيا بالولاء السياسي، وبهذا تعود سورية لتلعب دور الجسر الذي تطل منه تركيا على العالم العربي. لكن هذا الموقف يحمل مخاطر متعددة، لعل أهمها أن يتمكن النظام السوري الحالي ـ بمساعدة حلفائه في روسيا والصين وإيران ـ من تجاوز الأزمة الحالية. كما أن سورية تمسك بأوراق ضغط أخرى، بينها الورقة الكردية، قد تستخدمها ضد تركيا لزعزعة استقرارها، وقد زادت بالفعل نشاطات حزب العمال الكردستاني مؤخرا في تركيا. وخلصت الصحيفة الى القول ان " تركيا تستطيع بلا شك أن تلعب دورا فاعلا وإيجابيا في الشرق الأوسط، لكن عليها أن تكون أكثر حذرا في اتخاذ المواقف وصياغة التحالفات الإقليمية والدولية، كما أن عليها أن تحرص على احترام مصالح الدول الأخرى في المنطقة، خصوصا الدول الخليجية، حتى يكون بإمكانها أن تساعد في بناء شرق أوسط أكثر أمنا واستقرارا وازدهارا للجميع".

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة