ما يحدث اليوم في سورية أبعد من إصلاحات أو تغيير حاكم هذه رؤية  المفتي العام للجمهورية العربية السورية  د. أحمد بدر الدين حسون حيث قال لصحيفة محلية إن ما يحدث اليوم في عالمنا العربي والإسلامي، وسورية جزء من هذا العالم هو أمر أبعد بكثير من أن يكون أمرا فردياً أو قطريا أو مذهبيا أو طائفياً، الأمر الذي يخطط لهذه المنطقة أمر بعيد المدى بدأ منذ سنوات، واليوم وضع على ساحة التنفيذ، المهمة الكبرى التي يقوم بها أعداء هذه الأمة اليوم أن يقسم العالم إلى قسمين، على أساس ديني وعرقي يؤدي هذا التقسيم إلى حرب عالمية ثالثة يكون طرفاها أوروبا التي تمثل المسيحية، وعالمنا العربي الذي يمثل الساحة الإسلامية، وهذا ما تحدثت به مراكز الأبحاث والدراسات الغربية، وبشر به كبار الباحثين الغربيين من فوكويوما إلى هاننتغتون وبرنار لويس وغيرهم من الحاقدين على الشرق والعرب.. هم من تحدث عن هذا الصراع القادم منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، وهم من تحدث عن الفوضى الخلاقة المطلوب أن تصيب جنبات الوطن العربي بأقطاره العديدة والتي يراد لها أن تكون أكثر عدداً.

وأضاف حسون يجب أن نتنبه إلى أن الأمر أبعد من أن يكون إصلاحات وطنية أو ديمقراطية أو تغيير حاكم أو تغيير نظام حكم، القضية أبعد من هذا، والذي يستقرئ منذ العام 2000 حتى يومنا هذا فإن ما حدث على أرض المنطقة يؤكد أن المخطط سائر بسرعة، وهو الآن أسرع من ذي قبل، ولكن يجب أن نتنبه وألا نقرأ الأحداث قراءة آنية بعيداً عن السياق التاريخي وهذه مشكلة لدينا إذ نعيش في التاريخ عندما نريد ونهمله عندما نريد! ففي عام 1973 حينما نهضت مصر وسورية في معركة حرب رمضان كان المحور الإيماني هو الذي أطلق شرارة تلك المعركة في رد الروح العربية والإسلامية لهذه المنطقة، حيث كان الرد على نكسة 1967 رداً إيمانياً في اختيار الزمان أولاً، وهو في رمضان واختيار الخطاب الديني والخطاب السياسي المتقارب مع بعضه البعض حينما كان أنور السادات لا يبدأ خطابه عن المعركة أو ينهيه إلا بآيات من كتاب اللـه عز وجل، وحين كان يقف حسين الشافعي رحمه اللـه يقول: لقد رأيت النبي (ص) في سيناء ينتظرنا، وكذلك حينما يطل الرئيس الراحل حافظ الأسد رحمه اللـه ليقول: يا أحفاد أبي بكر وعمر، يا أبناء خالد وعلي وصلاح الدين، يومها درس الغرب هذه الصورة ودرس أعداؤنا هذا الفكر، ما هذه الطاقة التي تولدت عند العرب في تلك المعركة؟ تساءلوا فكانت الطاقة الإيمانية هي التي جعلت المعركة تحسم خلال ساعات لمصلحة العرب في هذه المنطقة والمسلمين، ولولا الجسر الجوي الأميركي الذي قام باختراقات في سيناء وفي الحدود السورية لكانت القوات السورية والمصرية دخلت إلى الأراضي الفلسطينية حقاً، والذين لا يقرؤون الحقيقة يتحدثون عن خيانات وتراجعات وهذا غير صحيح، إن من بدأ المعركة لا يخون إنما يومها كنا ننطلق من إيماننا لإعادة الروح لامتنا العربية والإسلامية. في ذلك اليوم الفاصل كانت بداية المشكلة مع الغرب والمستعمر في العصر الحديث، والمشكلة لم تبدأ في القرن الحادي والعشرين، قرؤوا مصالحهم وبدأ التخطيط الاستراتيجي لاحتواء المنطقة ثم ابتلاعها والعمل على إنهائها منذ عام 1973 بدؤوا يفكرون بالقضية، وقرروا ضرورة فصل هذه الأمة عن تراثها وثقافتها وتاريخها العربي والإسلامي، وهذا لا يمكن أن يكون من خارجها، يجب أن يكون من داخلها، ونحن نعلم علم اليقين أنه عندما انطلقت الفتوحات من المدينة المنورة اغتالوا سيدنا عمر بن الخطاب عسى أن يوقفوا تلك الفتوحات التي وصلت إلى فارس، ووصلت إلى بلاد الشام، ولكن حينما وجد أن من اغتالنا هو من خارج أمتنا توحدت الأمة أكثر ومشت أكثر، فكانت الفتوحات في عهد عثمان أوسع في بدايتها، وعرفوا أن هذه الأمة كلما ضربت من خارجها توحدت في داخلها فقرروا أن ينشئوا الفتنة في داخلها فيستشهد سيدنا عثمان على أيدي أبناء الأمة الإسلامية، ويستشهد سيدنا علي على أيدي أبناء الأمة الإسلامية، ومن يومها سُيّس الدين فصارت السياسة والخلافة تلبس ثياباً سياسية مفرقة، لهذا أجد أن ما يحدث اليوم في ساحتنا، وأوجه خطابي اليوم إلى قياداتنا الدينية، أرجو أن تقرؤوا القضية على أنها ليست قضية مناطقية أو قضية جماعاتية ولا قضية مذهبية ولا قضية نظام حكم إنها قضية اجتثاث للأمة من داخل الأمة، حيث تقضي الأمة على نفسها بنفسها وهم يتفرغون بعد ذلك لإنهاء البقية بعد أن تضعف، أنا أقرؤها هكذا في سياقها التاريخي المعاصر، وفي سياق تاريخي أكثر عمقاً وبعداً حيث عملوا على إثارة العواطف والنعرات والمشاعر لإيمانهم بأنها هي التي يمكن أن تفرّق أكثر، وأرجو الانتباه إلى أننا لا نقف في تاريخنا عند من اغتالهم الآخر بقدر وقوفنا عند من اغتاله أخوه وابن جلدته، ولكليهما قبيلة وجذور وورثة.. لذا استمرّ التخطيط على إثارة الغرائز والنعرات أكثر، وهي أمر سهل إذا ما قيس بالقضايا الجوهرية بالنسبة لهم، وهو غير مكلف، فنحن نتكفل بإنهاء بعضنا.

وأشار حسون منذ 1973 هم يخططون، ونحن ماذا فعلنا؟، أنا مؤمن أنه يوجد تآمر خارجي على الأمة على الدوام ولكن هذه الأمة ماذا فعلت؟.

بعد العام 1973، نمنا على أمجاد أننا استطعنا أن ننتصر، وما استطعنا أن نستثمر هذا الانتصار في توحيد الأمة مرة أخرى كما توحدت سنة 1973 من مشرقها إلى مغربها توحداً عجيباً، فقد توحدت الأمة من مشرقها إلى مغربها سنة 1973 واستعملنا سلاح البترول وكل الأسلحة. فلذلك نمنا على هذه الأمجاد وفكروا هم كيف يمزقون الأمة ولا يدعونها مرة أخرى تتوحد، وهذا ما أكرر عليه مراراً من أن المؤامرات كبيرة، لكنها تكون أكثر فعالية عندما يكون الداخل نائماً على المجد دون أن يخطط للانتقال إلى مرحلة أخرى من حياة الأمة والوطن.. لقد أسهمت الأمة منذ عام 1973 في تسليم قيادها للقوى الكبرى والاستعمارية ما سهل كثيراً مهمة التفتيت التي تجري وبالدور.. ونسينا أن العرب قالت: (أكلت يوم أكل الثور الأبيض).. وما من سبيل سوى البناء على الأمجاد والنهوض مجدداً..

 

ولفت حسون هذا ما كسبته أيدينا حينما جعلنا من الحكم رفاهية، ومن الدين بناء مساجد وبناء كنائس، ولم نبنِ الساجد والعابد، لم نبن الإنسان إنما اتجهنا للتسابق في الساحات الفكرية والثقافية دون أن يكون لها عمق وحدوي بل زادت الرفاهية عندنا، فصرنا بدل أن نوحد بعضنا نجتمع إلى جماعات وإلى مذاهب وإلى فرق، وصار المذهب يغلب الدين، والدين يغلب الرسالة التي أرادها اللـه للإنسانية، إن الدين خادم للإنسان فنسينا الدين الخادم للإنسان ووضعنا الإنسان في أسفل المراحل، ووضعنا المذهب والجماعة في أعلى المراحل، فمزقنا الأمة وشتتناها!! وجاء الدور ليستثمروا هذا التمزيق وهذا التشتيت فبثوا عن طريق الإعلام الذي أهملناه وجعلناه لليالي الشرق ولليالي الغناء والطرب، وهم يبيتون إعلاماً يأخذ الثقة منا في سنواته الأولى، ثم يدمرنا في سنواته التالية، كانوا يدرسون بدقة كيف أن مؤتمرات القمم العربية باتت تفرق ولا توحد، ومؤتمرات التقريب المذهبي والديني باتت مؤتمرات للتشتت المذهبي والديني، لنكون في سوق عكاظ يعرض كل منا خلافه مع الآخر وليس اختلافه، لذلك بعد 1973 نمنا على أمجاد فاستيقظنا ونحن فقدنا حتى وهج الـ73، وهذا هو الخطر الذي نعيشه اليوم، قد يرى بعضهم مبالغة في هذا ولكن القارئ يعلم- وهنا أقصد الدارس والمتابع- أن مفاصل التاريخ تحتاج إلى عقود وقرون للحركة، ومن ثم تبدأ التسارع.. ولا يظن أحد أن الأمر يبدأ بتصرف أو كلمة، ولكن التصرف والكلمة هو الشرارة، هذا ما تحدث عنه المؤرخون في كتبهم العلمية من أسباب مباشرة وأسباب غير مباشرة.. هناك تخطيط تراكمي نحن لا نعمل عليه! وهناك ذريعة نتمسك بالذريعة وننسى الجوهر!

وعن الاختلافات بين رجال الدين رأى حسون أريد أن أحدد الخلافات وليس الاختلافات، فالاختلاف في الأمة ثراء، ولكن الخلاف تصادم وعداء، فكان علماؤنا يختلفون سابقاً، فنتج عن اختلافاتهم فكر مبدع، كاختلاف ابن رشد في الفلسفة مع ابن خلدون والغزالي أعطانا ثلاثة أفكار، ولكن لم يخرج أحد منهم الآخر من الدين، واختلاف الشافعي عن شيخه محمد بن الحسن وعن الإمام أبي حنيفة وجعفر الصادق ما بدل من ساحة الدين إنما زاد الدين ثراءً، فجئنا نحن نأخذ هذه الاختلافات ونحولها إلى خلاف وتضاد، لذلك كان دور المسجد دوراً ضعيفاً في إنتاجية فكر عالمي أمام هذا الغزو العالمي الذي جاءنا من الخارج، وهنا أقف مجدداً وقد تحدثت كثيراً ومعك تحديداً عن دور القنوات الفضائية الدينية التي تعمل على الخطاب المذهبي والتفريقي، ومن أطياف المجتمع كافة، لقد كانت هذه القنوات خطرة للغاية، ولكن لم يقبل أحد أن يستمع إلى النصح، وإلى حقيقة ما يراد منها، وها هو أثرها قد ظهر وبسرعة إذ استطاعت أن تزرع الفرقة بأسرع مما نتصور، بل كانت وقود الحرب الطائفية والمذهبية، إن ما سمعناه خلال السنوات الأخيرة في قنوات إعلامية فاجأني جداً، فقد أوجدوا أنفسهم وسخروها فقط لتمزيق الأمة وتكفيرها، فما عدنا نحتمل الفكر الآخر حوارا ولا تصحيحا ولا تصويبا، وهذا ما شهدته في البيانات التي أصدرتها بعض المؤسسات العالمية الإسلامية في وضعنا السوري، فبدل أن تأتي هذه المؤسسات إلى سورية، وتحاول الجمع بين أبناء البلد الواحد راحت تقف مع جهة ضد جهة أخرى، وتأخذ من الإعلام الغربي ما تستند به في بياناتها لتدمر سورية الدولة الوحيدة التي بقيت مقاومة وصامدة حتى اليوم، وهنا أذكر حادثة جرت في العام 1997 لعلنا نعرف التعامل مع الأزمات وهي أن كوريا الشمالية حوصرت محاصرة شديدة حتى جاع أبناؤها وبدؤوا يأكلون لحاء الشجر، وكان المطلوب من كوريا الشمالية فقط أن تسجد لأميركا ولو فعلت ذلك لجعلوها من أجمل بلدان العالم مثل كوريا الجنوبية التي هي محط استثماراتهم وحاناتهم وانحرافاتهم، فجعلوا كوريا الجنوبية مكاناً لمتعتهم، وأرادوا من الشمالية أن تكون هكذا وصمدت، ويومها احتاجت إلى غذاء وطعام وحينها كانت سورية في أزمة قمح، وإذا بالرئيس حافظ الأسد يقول: أرسلوا لهم القمح ولنقاسمهم رغيف خبزنا لا لأنهم شيوعيون كما يظن البعض، ولكنهم دولة رفضت السجود لأميركا ولم تركع فيومها قاسمناهم رغيف خبزنا، فأين العرب اليوم ليقفوا معنا؟، لكي لا نخضع. هل يفترض في سورية أن تخضع حتى نقول إنها دولة ديمقراطية؟ يفترض بنا ونحن نناقش أمورنا أن نناقشها بعلمية وهدوء ومنطقية، وهذا ما يفسر الوعي العالي بالمشكلة في مرحلة ما.. ولكن تأثير القنوات الإعلامية قبل الأزمات كان أكبر بكثير، وقدّم الأرض الخصبة، وتعاون مع بعض المظاهر التي تحدث عنها الرئيس ورفضها ووضع خطته الإصلاحية الشاملة للخروج منها.

وأضاف حسون لذلك كنت أتمنى أن يأتوا إلى سورية كما أتى الوفد الأميركي الذي كان مؤخراً في سورية، وهو لرؤساء جامعات ورؤساء كنائس وكهنة، وعندما دخلوا إلى سورية ومشوا إلى درعا ودمشق وبعض المدن جاؤوا ليقولوا إن المشكلة تقع في أمرين: الأول أن هناك من يريد أن يدمر هذه الدولة، والأمر الثاني أنكم قصرتم في حق سورية فما أعطيتم صورتها الحقيقية للخارج، وما رأيناه في سورية شيء مذهل، فنحن- والقول لهذه الوفود- نمشي في شوارعها، ونرى تكامل أبنائها، ونحن في قمة الأزمة التي يتحدثون عنها، فهناك من يقول إن مدارسنا تحولت إلى معتقلات، وهذا ما يؤسفني أن منظمة الإيسيسكو هي من قالت هذه الكلمات، وكنت أتمنى من الأستاذ عبد العزيز التويجري الذي جاء مرات عديدة إلى سورية، ورأى كيف أن حلب عاصمة للثقافة الإسلامية تألقت، ورأى أن دمشق عاصمة للثقافة العربية وهو الذي شهد أن حلب كانت أجمل عاصمة للثقافة الإسلامية في تاريخ العواصم الثقافية الإسلامية، وأن ما جرى في حلب لم يجر في عاصمة للثقافة أخرى.

لماذا لم يذكروا ذلك وأصدروا بياناً بأن مدارسنا تحولت إلى معتقلات، كان عليه أن يأتي ويرينا مدرسة واحدة في سورية حولت إلى معتقل، بل كان من واجب منظمة الإيسيسكو رؤية أن سورية تحمل هماً كبيراً وهو هم الدفاع عن الأمة، وهي تجعل أبناءها في المدارس بدوامين، المبادرة كان يجب أن تبدأ من كيف نعينكم ببناء عدد من المدارس ليكون أبناؤكم مرتاحين بدوام واحد حتى لا تتحمل سورية هذا الثقل.

هذا ما توقعته من الإيسيسكو، ولم أتوقع منها هذا البيان الذي لم يكلفوا أنفسهم باتصال هاتفي وكذلك شيخ الأزهر حفظه اللـه وقد حدثته هاتفياً وقلت له: كنت أتمنى أن تجمع وفداً من كبار العلماء وتزور سورية وتجتمع مع علمائها، وتذهب إلى درعا وإلى حمص ثم تلتقوا بالسيد الرئيس وتضعوا ما عندكم من أفكار من أجل بقاء سورية قوية، هذا الكلام ليس ترحيلا لمناقشة الأزمة، فمهما كان رأيهم يمكن للنقاش أن يحلّ القضايا فإن كان هناك مشكلة فسيسهم الجميع بحلها لما فيه مصلحة سورية والأمة، وإن كانت الصورة فيها من الغلط والمبالغة ما فيها فسنعمل على تغييرها وتصحيحها، وكل من جاء إلى سورية من وفود أميركية وروسية وغيرها قدم ملاحظاته حتى النقدية وتتم المعالجة دون إهمال هذه الرؤى لأنها انطلقت من حب للبلد وحرص عليه وليس من انحياز مع أو ضد.. هذا الانحياز الذي نشأ فجأة ودون أي مسوّغ مقبول!

وعن  رأيه بالتويجري والقرضاوي  قال حسون أنا لا أريد أن أسيء الظن بأحد منهم بل سأبقى في حسن الظن، وأحترم التويجري وأحترم شيخ الأزهر واحترم الشيخ القرضاوي وأقول لهم: لماذا أنصتم إلى غير قلوبكم وعقولكم؟ ولماذا أنصتم إلى إعلام يشوه العالم الإسلامي وليس سورية فقط؟، لماذا أنصتم إلى موقف في الأمم المتحدة ولم تأتوا بأنفسكم والرسول صلى اللـه عليه وآله وسلم قال: على مثل الشمس تشهد؟ فإن اجتمعتم مع معارضة خارج سورية؟ فلماذا لم تأتوا إلى سورية فتجتمعوا مع المعارضة التي في داخل سورية وتروا بأم أعينكم أن ما قيل وما يقال في أجهزة الإعلام كانت نسبة الكذب فيه كبيرة جداً، وعتبي نابع من أن هؤلاء زاروا سورية واستقبلوا من السيد الرئيس، وما من شيء يحول دون زيارتهم، هم قرروا المقاطعة والهجوم، وكان بإمكانهم ألا يكونوا.. أنا لا أدعو أناساً غريبين عن البلد وأجوائه، بل أدعو أناساً أجلاء رحب بهم كما أشرت، وكان من الممكن أن يسهموا في معالجة الأزمة لو أرادوا فصوتهم مسموع ومقبول لدى الأطراف.. ولهم احترامهم لدى الدولة من هنا كان العتب.. زاروا سورية لأمور أقل من هذا ليأخذوا دعم سورية، وعندما كانت سورية في أزمة بدؤوا العمل على تدميرها، لن يحققوا مآربهم فالسوري أكثر حرصاً على بلده.. ولن ينجرّ إلى ما يريدون له من حروب مذهبية وطائفية.

كان يجب أن ياتوا وهذا ما قاله الوفد الروسي يوم جاء أيضاً إلى سورية لأيام قليلة فوجئ وهو يمشي ويلتقي بالمعارضة السورية ويقول لماذا المعارضة خارج سورية لا تأتي وتحاور؟، وأنا دعوت عدداً من الإخوة خارج سورية أن يعودوا إلى سورية، وأن يحاوروا فالقضية ليست في شخص الرئيس، وإنما القضية الآن في وطن، والسيد الرئيس حين يقول: بعض الإخوة في الوطن عرضوا دستوراً منظماً على أساس أنه على خط الرئيس، فقال لهم ضعوا دستوراً لسورية، وليس لشخص، فستأتي أجيال لقراءة ما سنصنع لهم فاصنعوا لهم ما إذا قرؤوه شكرونا عليه، فلذلك ظهرت المؤسسة الدينية في سورية مؤسسة من أرقى المؤسسات في العالم العربي ومن المؤسسات التي تمتلك الحرية الأكثر في العالم العربي ومدارسنا الشرعية لا مثيل لها في العالم العربي، وليأتوا ويزوروها أنا لا أقول هذا ادعاءً، أنا أدعوهم، أدعو شيخ الأزهر وأدعو الأستاذ عبد العزيز التويجري وأدعو الشيخ قرضاوي وأدعو أمين رابطة العالم الإسلامي أن يأتوا إلى سورية في أي لحظة من اللحظات، وليدخلوا إلى مساجدنا ومعاهدنا الشرعية، وليستمعوا مع معارضتنا العلمانية الموجودة، سيجدون أن علمانيتنا هي علمانية مؤمنة وليست علمانية كافرة ملحدة، ليجتمعوا مع المعارضة التي تقول إنها تريد الديمقراطية في سورية، ليجتمعوا مع العلماء الذين انتقدوهم وانتقصوهم! وأرجو أيضاً من علمائنا من داخل منابرهم في سورية أن ينتبهوا إلى أين هم سائرون، إن أصواتاً خارج سورية تريد إلغاء عروبة سورية وطلبوا أن يمحى من الدستور كلمة العربية وأن يقال الجمهورية السورية، هل هم على منابرهم يؤيدون هذا الفكر؟، كما طلبوا من الخارج شيئاً آخر وهو أن يلغى من الدستور أن الفقه الإسلامي هو مادة رئيسية في التشريع،  طلب هذا في المعارضة السورية وفي مؤتمر أنطاليا ومؤتمر باريس  فأين الأئمة والخطباء من هذه المعارضة التي هي خارج سورية؟، أنا لا أسيء الظن بكم أنكم تريدون لهذا الوطن أن يكون في القمة من التوازن من الثقافة والسياسة والعلم، ولكن هل تتحملون المسؤولية في هذا الوطن أنتم أيضاً؟

وعن حديث الرئيس الاسد إلى رجال الدين في رمضان شدد حسون أنا كنت أتمنى أن يقرأ خطاب الرئيس بحيادية في رمضان، أنا الذي أعتقد أن الكثير من إخوتنا قرؤوه من جهة واحدة، من جهة مشاكلهم التي يعيشونها، لو قرؤوه لوجدوا أنه تكلم بقمة الوضوح والصراحة وكيف تحدث عن أهمية المنصب والمنبر، وضرورة الابتعاد فيهما عن الشخصانية فأنا إذا استعملت منبري لأمراضي الشخصانية أو لحالتي النفسية، فأنا أكون قد ضللت المنبر، فأنا ممثل رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم على هذا المنبر، وأنا لست ممثلاً لمذهب أو جماعة أو حزب أو طائفة، حينما أقف على المنبر داعية فدعوتي لكل أبناء الأمة إلى بناء أخلاقي قيمي يستوعب كل أطياف المجتمع الإنساني، ولهذا أعتقد أننا مازلنا حتى اليوم نقرأ بعضنا قراءة مجتزأة، هذه القراءة المجتزأة لا تجعلنا نعرف بعضنا معرفة حقيقية، ولا نخدم وطننا خدمة حقيقية، لذلك فإن اليوم سورية باعتقادي قد خرجت من أزمتها الداخلية، وبقي علينا أن نقف أمام الأزمة الخارجية، ولن نستطيع أن نقف أمام هذه الأزمة إلا إذا جاء أبناؤنا من خارج سورية وعادوا إلى وطنهم ليرفعوا أصواتهم من هذا الوطن أن تربته مقدسة، وأننا لا نرضى أن يمس أحد هذه التربة باسم معارضة أو موالاة، إن سورية بكل أبنائها وبكل أطيافها قادرة على أن تقوم بذاتها لتكون ولو كانت البلد الوحيد الذي لن يركع إلا لله، ولن يسجد إلا لله، وكل ما قيل عن وطننا وعن أخطاء في وطننا بأنها كانت مظاهر عبادة لأفراد فكلنا نرفضها وعلى رأس هذه الأمة قائدها، فهو لا يحني رأسه إلا لله رب العالمين، ولا يرضى أن يخضع مواطن في هذا الوطن إلا لله رب العالمين وكذلك على هذا المواطن أن يبقي جبهته عالية أمام أي مسؤول ينحرف، وأمام أي خطأ في الوطن، وأمام أي عدو خارج الوطن يريد أن يذل هذا الوطن وأبناءه.

                    

                    

  • فريق ماسة
  • 2011-10-01
  • 13232
  • من الأرشيف

د. أحمد بدر الدين حسون: أنا مؤمن أنه يوجد تآمر خارجي على الأمة على الدوام ولكن هذه الأمة ماذا فعلت؟ أدعو التويجري والقرضاوي لزيارة سورية

ما يحدث اليوم في سورية أبعد من إصلاحات أو تغيير حاكم هذه رؤية  المفتي العام للجمهورية العربية السورية  د. أحمد بدر الدين حسون حيث قال لصحيفة محلية إن ما يحدث اليوم في عالمنا العربي والإسلامي، وسورية جزء من هذا العالم هو أمر أبعد بكثير من أن يكون أمرا فردياً أو قطريا أو مذهبيا أو طائفياً، الأمر الذي يخطط لهذه المنطقة أمر بعيد المدى بدأ منذ سنوات، واليوم وضع على ساحة التنفيذ، المهمة الكبرى التي يقوم بها أعداء هذه الأمة اليوم أن يقسم العالم إلى قسمين، على أساس ديني وعرقي يؤدي هذا التقسيم إلى حرب عالمية ثالثة يكون طرفاها أوروبا التي تمثل المسيحية، وعالمنا العربي الذي يمثل الساحة الإسلامية، وهذا ما تحدثت به مراكز الأبحاث والدراسات الغربية، وبشر به كبار الباحثين الغربيين من فوكويوما إلى هاننتغتون وبرنار لويس وغيرهم من الحاقدين على الشرق والعرب.. هم من تحدث عن هذا الصراع القادم منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، وهم من تحدث عن الفوضى الخلاقة المطلوب أن تصيب جنبات الوطن العربي بأقطاره العديدة والتي يراد لها أن تكون أكثر عدداً. وأضاف حسون يجب أن نتنبه إلى أن الأمر أبعد من أن يكون إصلاحات وطنية أو ديمقراطية أو تغيير حاكم أو تغيير نظام حكم، القضية أبعد من هذا، والذي يستقرئ منذ العام 2000 حتى يومنا هذا فإن ما حدث على أرض المنطقة يؤكد أن المخطط سائر بسرعة، وهو الآن أسرع من ذي قبل، ولكن يجب أن نتنبه وألا نقرأ الأحداث قراءة آنية بعيداً عن السياق التاريخي وهذه مشكلة لدينا إذ نعيش في التاريخ عندما نريد ونهمله عندما نريد! ففي عام 1973 حينما نهضت مصر وسورية في معركة حرب رمضان كان المحور الإيماني هو الذي أطلق شرارة تلك المعركة في رد الروح العربية والإسلامية لهذه المنطقة، حيث كان الرد على نكسة 1967 رداً إيمانياً في اختيار الزمان أولاً، وهو في رمضان واختيار الخطاب الديني والخطاب السياسي المتقارب مع بعضه البعض حينما كان أنور السادات لا يبدأ خطابه عن المعركة أو ينهيه إلا بآيات من كتاب اللـه عز وجل، وحين كان يقف حسين الشافعي رحمه اللـه يقول: لقد رأيت النبي (ص) في سيناء ينتظرنا، وكذلك حينما يطل الرئيس الراحل حافظ الأسد رحمه اللـه ليقول: يا أحفاد أبي بكر وعمر، يا أبناء خالد وعلي وصلاح الدين، يومها درس الغرب هذه الصورة ودرس أعداؤنا هذا الفكر، ما هذه الطاقة التي تولدت عند العرب في تلك المعركة؟ تساءلوا فكانت الطاقة الإيمانية هي التي جعلت المعركة تحسم خلال ساعات لمصلحة العرب في هذه المنطقة والمسلمين، ولولا الجسر الجوي الأميركي الذي قام باختراقات في سيناء وفي الحدود السورية لكانت القوات السورية والمصرية دخلت إلى الأراضي الفلسطينية حقاً، والذين لا يقرؤون الحقيقة يتحدثون عن خيانات وتراجعات وهذا غير صحيح، إن من بدأ المعركة لا يخون إنما يومها كنا ننطلق من إيماننا لإعادة الروح لامتنا العربية والإسلامية. في ذلك اليوم الفاصل كانت بداية المشكلة مع الغرب والمستعمر في العصر الحديث، والمشكلة لم تبدأ في القرن الحادي والعشرين، قرؤوا مصالحهم وبدأ التخطيط الاستراتيجي لاحتواء المنطقة ثم ابتلاعها والعمل على إنهائها منذ عام 1973 بدؤوا يفكرون بالقضية، وقرروا ضرورة فصل هذه الأمة عن تراثها وثقافتها وتاريخها العربي والإسلامي، وهذا لا يمكن أن يكون من خارجها، يجب أن يكون من داخلها، ونحن نعلم علم اليقين أنه عندما انطلقت الفتوحات من المدينة المنورة اغتالوا سيدنا عمر بن الخطاب عسى أن يوقفوا تلك الفتوحات التي وصلت إلى فارس، ووصلت إلى بلاد الشام، ولكن حينما وجد أن من اغتالنا هو من خارج أمتنا توحدت الأمة أكثر ومشت أكثر، فكانت الفتوحات في عهد عثمان أوسع في بدايتها، وعرفوا أن هذه الأمة كلما ضربت من خارجها توحدت في داخلها فقرروا أن ينشئوا الفتنة في داخلها فيستشهد سيدنا عثمان على أيدي أبناء الأمة الإسلامية، ويستشهد سيدنا علي على أيدي أبناء الأمة الإسلامية، ومن يومها سُيّس الدين فصارت السياسة والخلافة تلبس ثياباً سياسية مفرقة، لهذا أجد أن ما يحدث اليوم في ساحتنا، وأوجه خطابي اليوم إلى قياداتنا الدينية، أرجو أن تقرؤوا القضية على أنها ليست قضية مناطقية أو قضية جماعاتية ولا قضية مذهبية ولا قضية نظام حكم إنها قضية اجتثاث للأمة من داخل الأمة، حيث تقضي الأمة على نفسها بنفسها وهم يتفرغون بعد ذلك لإنهاء البقية بعد أن تضعف، أنا أقرؤها هكذا في سياقها التاريخي المعاصر، وفي سياق تاريخي أكثر عمقاً وبعداً حيث عملوا على إثارة العواطف والنعرات والمشاعر لإيمانهم بأنها هي التي يمكن أن تفرّق أكثر، وأرجو الانتباه إلى أننا لا نقف في تاريخنا عند من اغتالهم الآخر بقدر وقوفنا عند من اغتاله أخوه وابن جلدته، ولكليهما قبيلة وجذور وورثة.. لذا استمرّ التخطيط على إثارة الغرائز والنعرات أكثر، وهي أمر سهل إذا ما قيس بالقضايا الجوهرية بالنسبة لهم، وهو غير مكلف، فنحن نتكفل بإنهاء بعضنا. وأشار حسون منذ 1973 هم يخططون، ونحن ماذا فعلنا؟، أنا مؤمن أنه يوجد تآمر خارجي على الأمة على الدوام ولكن هذه الأمة ماذا فعلت؟. بعد العام 1973، نمنا على أمجاد أننا استطعنا أن ننتصر، وما استطعنا أن نستثمر هذا الانتصار في توحيد الأمة مرة أخرى كما توحدت سنة 1973 من مشرقها إلى مغربها توحداً عجيباً، فقد توحدت الأمة من مشرقها إلى مغربها سنة 1973 واستعملنا سلاح البترول وكل الأسلحة. فلذلك نمنا على هذه الأمجاد وفكروا هم كيف يمزقون الأمة ولا يدعونها مرة أخرى تتوحد، وهذا ما أكرر عليه مراراً من أن المؤامرات كبيرة، لكنها تكون أكثر فعالية عندما يكون الداخل نائماً على المجد دون أن يخطط للانتقال إلى مرحلة أخرى من حياة الأمة والوطن.. لقد أسهمت الأمة منذ عام 1973 في تسليم قيادها للقوى الكبرى والاستعمارية ما سهل كثيراً مهمة التفتيت التي تجري وبالدور.. ونسينا أن العرب قالت: (أكلت يوم أكل الثور الأبيض).. وما من سبيل سوى البناء على الأمجاد والنهوض مجدداً..   ولفت حسون هذا ما كسبته أيدينا حينما جعلنا من الحكم رفاهية، ومن الدين بناء مساجد وبناء كنائس، ولم نبنِ الساجد والعابد، لم نبن الإنسان إنما اتجهنا للتسابق في الساحات الفكرية والثقافية دون أن يكون لها عمق وحدوي بل زادت الرفاهية عندنا، فصرنا بدل أن نوحد بعضنا نجتمع إلى جماعات وإلى مذاهب وإلى فرق، وصار المذهب يغلب الدين، والدين يغلب الرسالة التي أرادها اللـه للإنسانية، إن الدين خادم للإنسان فنسينا الدين الخادم للإنسان ووضعنا الإنسان في أسفل المراحل، ووضعنا المذهب والجماعة في أعلى المراحل، فمزقنا الأمة وشتتناها!! وجاء الدور ليستثمروا هذا التمزيق وهذا التشتيت فبثوا عن طريق الإعلام الذي أهملناه وجعلناه لليالي الشرق ولليالي الغناء والطرب، وهم يبيتون إعلاماً يأخذ الثقة منا في سنواته الأولى، ثم يدمرنا في سنواته التالية، كانوا يدرسون بدقة كيف أن مؤتمرات القمم العربية باتت تفرق ولا توحد، ومؤتمرات التقريب المذهبي والديني باتت مؤتمرات للتشتت المذهبي والديني، لنكون في سوق عكاظ يعرض كل منا خلافه مع الآخر وليس اختلافه، لذلك بعد 1973 نمنا على أمجاد فاستيقظنا ونحن فقدنا حتى وهج الـ73، وهذا هو الخطر الذي نعيشه اليوم، قد يرى بعضهم مبالغة في هذا ولكن القارئ يعلم- وهنا أقصد الدارس والمتابع- أن مفاصل التاريخ تحتاج إلى عقود وقرون للحركة، ومن ثم تبدأ التسارع.. ولا يظن أحد أن الأمر يبدأ بتصرف أو كلمة، ولكن التصرف والكلمة هو الشرارة، هذا ما تحدث عنه المؤرخون في كتبهم العلمية من أسباب مباشرة وأسباب غير مباشرة.. هناك تخطيط تراكمي نحن لا نعمل عليه! وهناك ذريعة نتمسك بالذريعة وننسى الجوهر! وعن الاختلافات بين رجال الدين رأى حسون أريد أن أحدد الخلافات وليس الاختلافات، فالاختلاف في الأمة ثراء، ولكن الخلاف تصادم وعداء، فكان علماؤنا يختلفون سابقاً، فنتج عن اختلافاتهم فكر مبدع، كاختلاف ابن رشد في الفلسفة مع ابن خلدون والغزالي أعطانا ثلاثة أفكار، ولكن لم يخرج أحد منهم الآخر من الدين، واختلاف الشافعي عن شيخه محمد بن الحسن وعن الإمام أبي حنيفة وجعفر الصادق ما بدل من ساحة الدين إنما زاد الدين ثراءً، فجئنا نحن نأخذ هذه الاختلافات ونحولها إلى خلاف وتضاد، لذلك كان دور المسجد دوراً ضعيفاً في إنتاجية فكر عالمي أمام هذا الغزو العالمي الذي جاءنا من الخارج، وهنا أقف مجدداً وقد تحدثت كثيراً ومعك تحديداً عن دور القنوات الفضائية الدينية التي تعمل على الخطاب المذهبي والتفريقي، ومن أطياف المجتمع كافة، لقد كانت هذه القنوات خطرة للغاية، ولكن لم يقبل أحد أن يستمع إلى النصح، وإلى حقيقة ما يراد منها، وها هو أثرها قد ظهر وبسرعة إذ استطاعت أن تزرع الفرقة بأسرع مما نتصور، بل كانت وقود الحرب الطائفية والمذهبية، إن ما سمعناه خلال السنوات الأخيرة في قنوات إعلامية فاجأني جداً، فقد أوجدوا أنفسهم وسخروها فقط لتمزيق الأمة وتكفيرها، فما عدنا نحتمل الفكر الآخر حوارا ولا تصحيحا ولا تصويبا، وهذا ما شهدته في البيانات التي أصدرتها بعض المؤسسات العالمية الإسلامية في وضعنا السوري، فبدل أن تأتي هذه المؤسسات إلى سورية، وتحاول الجمع بين أبناء البلد الواحد راحت تقف مع جهة ضد جهة أخرى، وتأخذ من الإعلام الغربي ما تستند به في بياناتها لتدمر سورية الدولة الوحيدة التي بقيت مقاومة وصامدة حتى اليوم، وهنا أذكر حادثة جرت في العام 1997 لعلنا نعرف التعامل مع الأزمات وهي أن كوريا الشمالية حوصرت محاصرة شديدة حتى جاع أبناؤها وبدؤوا يأكلون لحاء الشجر، وكان المطلوب من كوريا الشمالية فقط أن تسجد لأميركا ولو فعلت ذلك لجعلوها من أجمل بلدان العالم مثل كوريا الجنوبية التي هي محط استثماراتهم وحاناتهم وانحرافاتهم، فجعلوا كوريا الجنوبية مكاناً لمتعتهم، وأرادوا من الشمالية أن تكون هكذا وصمدت، ويومها احتاجت إلى غذاء وطعام وحينها كانت سورية في أزمة قمح، وإذا بالرئيس حافظ الأسد يقول: أرسلوا لهم القمح ولنقاسمهم رغيف خبزنا لا لأنهم شيوعيون كما يظن البعض، ولكنهم دولة رفضت السجود لأميركا ولم تركع فيومها قاسمناهم رغيف خبزنا، فأين العرب اليوم ليقفوا معنا؟، لكي لا نخضع. هل يفترض في سورية أن تخضع حتى نقول إنها دولة ديمقراطية؟ يفترض بنا ونحن نناقش أمورنا أن نناقشها بعلمية وهدوء ومنطقية، وهذا ما يفسر الوعي العالي بالمشكلة في مرحلة ما.. ولكن تأثير القنوات الإعلامية قبل الأزمات كان أكبر بكثير، وقدّم الأرض الخصبة، وتعاون مع بعض المظاهر التي تحدث عنها الرئيس ورفضها ووضع خطته الإصلاحية الشاملة للخروج منها. وأضاف حسون لذلك كنت أتمنى أن يأتوا إلى سورية كما أتى الوفد الأميركي الذي كان مؤخراً في سورية، وهو لرؤساء جامعات ورؤساء كنائس وكهنة، وعندما دخلوا إلى سورية ومشوا إلى درعا ودمشق وبعض المدن جاؤوا ليقولوا إن المشكلة تقع في أمرين: الأول أن هناك من يريد أن يدمر هذه الدولة، والأمر الثاني أنكم قصرتم في حق سورية فما أعطيتم صورتها الحقيقية للخارج، وما رأيناه في سورية شيء مذهل، فنحن- والقول لهذه الوفود- نمشي في شوارعها، ونرى تكامل أبنائها، ونحن في قمة الأزمة التي يتحدثون عنها، فهناك من يقول إن مدارسنا تحولت إلى معتقلات، وهذا ما يؤسفني أن منظمة الإيسيسكو هي من قالت هذه الكلمات، وكنت أتمنى من الأستاذ عبد العزيز التويجري الذي جاء مرات عديدة إلى سورية، ورأى كيف أن حلب عاصمة للثقافة الإسلامية تألقت، ورأى أن دمشق عاصمة للثقافة العربية وهو الذي شهد أن حلب كانت أجمل عاصمة للثقافة الإسلامية في تاريخ العواصم الثقافية الإسلامية، وأن ما جرى في حلب لم يجر في عاصمة للثقافة أخرى. لماذا لم يذكروا ذلك وأصدروا بياناً بأن مدارسنا تحولت إلى معتقلات، كان عليه أن يأتي ويرينا مدرسة واحدة في سورية حولت إلى معتقل، بل كان من واجب منظمة الإيسيسكو رؤية أن سورية تحمل هماً كبيراً وهو هم الدفاع عن الأمة، وهي تجعل أبناءها في المدارس بدوامين، المبادرة كان يجب أن تبدأ من كيف نعينكم ببناء عدد من المدارس ليكون أبناؤكم مرتاحين بدوام واحد حتى لا تتحمل سورية هذا الثقل. هذا ما توقعته من الإيسيسكو، ولم أتوقع منها هذا البيان الذي لم يكلفوا أنفسهم باتصال هاتفي وكذلك شيخ الأزهر حفظه اللـه وقد حدثته هاتفياً وقلت له: كنت أتمنى أن تجمع وفداً من كبار العلماء وتزور سورية وتجتمع مع علمائها، وتذهب إلى درعا وإلى حمص ثم تلتقوا بالسيد الرئيس وتضعوا ما عندكم من أفكار من أجل بقاء سورية قوية، هذا الكلام ليس ترحيلا لمناقشة الأزمة، فمهما كان رأيهم يمكن للنقاش أن يحلّ القضايا فإن كان هناك مشكلة فسيسهم الجميع بحلها لما فيه مصلحة سورية والأمة، وإن كانت الصورة فيها من الغلط والمبالغة ما فيها فسنعمل على تغييرها وتصحيحها، وكل من جاء إلى سورية من وفود أميركية وروسية وغيرها قدم ملاحظاته حتى النقدية وتتم المعالجة دون إهمال هذه الرؤى لأنها انطلقت من حب للبلد وحرص عليه وليس من انحياز مع أو ضد.. هذا الانحياز الذي نشأ فجأة ودون أي مسوّغ مقبول! وعن  رأيه بالتويجري والقرضاوي  قال حسون أنا لا أريد أن أسيء الظن بأحد منهم بل سأبقى في حسن الظن، وأحترم التويجري وأحترم شيخ الأزهر واحترم الشيخ القرضاوي وأقول لهم: لماذا أنصتم إلى غير قلوبكم وعقولكم؟ ولماذا أنصتم إلى إعلام يشوه العالم الإسلامي وليس سورية فقط؟، لماذا أنصتم إلى موقف في الأمم المتحدة ولم تأتوا بأنفسكم والرسول صلى اللـه عليه وآله وسلم قال: على مثل الشمس تشهد؟ فإن اجتمعتم مع معارضة خارج سورية؟ فلماذا لم تأتوا إلى سورية فتجتمعوا مع المعارضة التي في داخل سورية وتروا بأم أعينكم أن ما قيل وما يقال في أجهزة الإعلام كانت نسبة الكذب فيه كبيرة جداً، وعتبي نابع من أن هؤلاء زاروا سورية واستقبلوا من السيد الرئيس، وما من شيء يحول دون زيارتهم، هم قرروا المقاطعة والهجوم، وكان بإمكانهم ألا يكونوا.. أنا لا أدعو أناساً غريبين عن البلد وأجوائه، بل أدعو أناساً أجلاء رحب بهم كما أشرت، وكان من الممكن أن يسهموا في معالجة الأزمة لو أرادوا فصوتهم مسموع ومقبول لدى الأطراف.. ولهم احترامهم لدى الدولة من هنا كان العتب.. زاروا سورية لأمور أقل من هذا ليأخذوا دعم سورية، وعندما كانت سورية في أزمة بدؤوا العمل على تدميرها، لن يحققوا مآربهم فالسوري أكثر حرصاً على بلده.. ولن ينجرّ إلى ما يريدون له من حروب مذهبية وطائفية. كان يجب أن ياتوا وهذا ما قاله الوفد الروسي يوم جاء أيضاً إلى سورية لأيام قليلة فوجئ وهو يمشي ويلتقي بالمعارضة السورية ويقول لماذا المعارضة خارج سورية لا تأتي وتحاور؟، وأنا دعوت عدداً من الإخوة خارج سورية أن يعودوا إلى سورية، وأن يحاوروا فالقضية ليست في شخص الرئيس، وإنما القضية الآن في وطن، والسيد الرئيس حين يقول: بعض الإخوة في الوطن عرضوا دستوراً منظماً على أساس أنه على خط الرئيس، فقال لهم ضعوا دستوراً لسورية، وليس لشخص، فستأتي أجيال لقراءة ما سنصنع لهم فاصنعوا لهم ما إذا قرؤوه شكرونا عليه، فلذلك ظهرت المؤسسة الدينية في سورية مؤسسة من أرقى المؤسسات في العالم العربي ومن المؤسسات التي تمتلك الحرية الأكثر في العالم العربي ومدارسنا الشرعية لا مثيل لها في العالم العربي، وليأتوا ويزوروها أنا لا أقول هذا ادعاءً، أنا أدعوهم، أدعو شيخ الأزهر وأدعو الأستاذ عبد العزيز التويجري وأدعو الشيخ قرضاوي وأدعو أمين رابطة العالم الإسلامي أن يأتوا إلى سورية في أي لحظة من اللحظات، وليدخلوا إلى مساجدنا ومعاهدنا الشرعية، وليستمعوا مع معارضتنا العلمانية الموجودة، سيجدون أن علمانيتنا هي علمانية مؤمنة وليست علمانية كافرة ملحدة، ليجتمعوا مع المعارضة التي تقول إنها تريد الديمقراطية في سورية، ليجتمعوا مع العلماء الذين انتقدوهم وانتقصوهم! وأرجو أيضاً من علمائنا من داخل منابرهم في سورية أن ينتبهوا إلى أين هم سائرون، إن أصواتاً خارج سورية تريد إلغاء عروبة سورية وطلبوا أن يمحى من الدستور كلمة العربية وأن يقال الجمهورية السورية، هل هم على منابرهم يؤيدون هذا الفكر؟، كما طلبوا من الخارج شيئاً آخر وهو أن يلغى من الدستور أن الفقه الإسلامي هو مادة رئيسية في التشريع،  طلب هذا في المعارضة السورية وفي مؤتمر أنطاليا ومؤتمر باريس  فأين الأئمة والخطباء من هذه المعارضة التي هي خارج سورية؟، أنا لا أسيء الظن بكم أنكم تريدون لهذا الوطن أن يكون في القمة من التوازن من الثقافة والسياسة والعلم، ولكن هل تتحملون المسؤولية في هذا الوطن أنتم أيضاً؟ وعن حديث الرئيس الاسد إلى رجال الدين في رمضان شدد حسون أنا كنت أتمنى أن يقرأ خطاب الرئيس بحيادية في رمضان، أنا الذي أعتقد أن الكثير من إخوتنا قرؤوه من جهة واحدة، من جهة مشاكلهم التي يعيشونها، لو قرؤوه لوجدوا أنه تكلم بقمة الوضوح والصراحة وكيف تحدث عن أهمية المنصب والمنبر، وضرورة الابتعاد فيهما عن الشخصانية فأنا إذا استعملت منبري لأمراضي الشخصانية أو لحالتي النفسية، فأنا أكون قد ضللت المنبر، فأنا ممثل رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم على هذا المنبر، وأنا لست ممثلاً لمذهب أو جماعة أو حزب أو طائفة، حينما أقف على المنبر داعية فدعوتي لكل أبناء الأمة إلى بناء أخلاقي قيمي يستوعب كل أطياف المجتمع الإنساني، ولهذا أعتقد أننا مازلنا حتى اليوم نقرأ بعضنا قراءة مجتزأة، هذه القراءة المجتزأة لا تجعلنا نعرف بعضنا معرفة حقيقية، ولا نخدم وطننا خدمة حقيقية، لذلك فإن اليوم سورية باعتقادي قد خرجت من أزمتها الداخلية، وبقي علينا أن نقف أمام الأزمة الخارجية، ولن نستطيع أن نقف أمام هذه الأزمة إلا إذا جاء أبناؤنا من خارج سورية وعادوا إلى وطنهم ليرفعوا أصواتهم من هذا الوطن أن تربته مقدسة، وأننا لا نرضى أن يمس أحد هذه التربة باسم معارضة أو موالاة، إن سورية بكل أبنائها وبكل أطيافها قادرة على أن تقوم بذاتها لتكون ولو كانت البلد الوحيد الذي لن يركع إلا لله، ولن يسجد إلا لله، وكل ما قيل عن وطننا وعن أخطاء في وطننا بأنها كانت مظاهر عبادة لأفراد فكلنا نرفضها وعلى رأس هذه الأمة قائدها، فهو لا يحني رأسه إلا لله رب العالمين، ولا يرضى أن يخضع مواطن في هذا الوطن إلا لله رب العالمين وكذلك على هذا المواطن أن يبقي جبهته عالية أمام أي مسؤول ينحرف، وأمام أي خطأ في الوطن، وأمام أي عدو خارج الوطن يريد أن يذل هذا الوطن وأبناءه.                                          

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة