دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لم يسقط أي قتيل يوم الجمعة الماضي في كل أنحاء سوريا. هذا ما قالته مصادر أمنية دقيقة وموثوقة. كانت جمعة «التدخل الدولي» الأقل خطراً وشكلت بالتالي فشلاً ذريعاً لمنظميها. أثبت الشعب السوري، بمعارضي النظام والمؤيدين له، انه أكثر عروبة مما اعتقد الأطلسيون، فانقسمت المعارضة بين داعم للتدخل على أساس أن تجربة ليبيا نجحت وانه يجب حرمان النظام من عامل الوقت، وبين قائل بأن أمثلة التدخل في الوطن العربي أدت إما إلى الدمار والتفتيت (العراق) أو إلى التقسيم (السودان) أو إلى التجاهل (الصومال) أو إلى حروب أهلية متتالية (لبنان واليمن).
مرّ يوم الجمعة ومن قبله شهر رمضان بأقل مما توقع كثيرون. وقبل هذا وذاك لم يقع النظام في فخ حماه. تنفس أهل النظام الصعداء. يتضح أن الخيار الأمني قد بدأ يكسر جوهر المعادلة الإقليمية والدولية التي كانت تفترض أن الرئيس بشار الأسد سيسقط بعد شهرين أو أقل من ذلك.
كان طبيعياً من وجهة نظر النظام، أن تقرر دمشق متى وكيف تستقبل الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، وان تفرض على هذا الدبلوماسي والقانوني العريق أن يأتي من خلال منصبه ومن دون شروط أو مبادرات مسبقة، لا أن يكون مرسلاً من قبل وزراء الخارجية العرب أو من قبل مبعوثي الإدارة الأميركية إلى المنطقة، وفي مقدمهم جيفري فيلتمان، ولا أن يأتي بعد أن يستقبل معارضين سوريين عن «طريق الخطأ» قبل ساعات من توجهه إلى دمشق، كما حصل عندما قررت دمشق إرجاء زيارته.
قبل نبيل العربي شروط اللعبة. جاء إلى دمشق معبأ بالضغوط العربية. قيل إن قطر وبعض دول الخليج والولايات المتحدة ودولاً أوروبية حمَّلته ما يشبه الإنذار إلى النظام السوري. لكن ما سمعه في دمشق جعله ينتقل من مرحلة التحذيرات والدروس إلى مرحلة الرغبة بالمساهمة في إيجاد تسوية للأزمة السورية بأسلوب أكثر دبلوماسية وهدوءاً. انعكس ذلك بوضوح، أمس الأول، على خطاب العربي في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة. بدا متفهماً وغير مستعجل للسير بأي بيان. بدا أكثر رغبة بالحوار حتى ولو أن هناك من الوزراء العرب وتحديداً القطري، من كان يصرّ على وقف العنف، محملاً مسؤولية ذلك للنظام وحده، متجاهلاً عنف المجموعات المسلحة. نبيل العربي نفسه كان قال بعد وصوله إلى القاهرة قادماً من دمشق انه يريد وقف العنف «بكل أشكاله». كانت تلك عبارة مهمة إلى أن العنف يأتي أيضاً من المسلحين. اعتراف العربي كبير الدلالة في هذا الوقت بالذات.
يقول دبلوماسي قريب جداً من أروقة الجامعة العربية في القاهرة إن نبيل العربي فهم من خلال اللهجة التي تحدث بها الأسد، ومن خلال ما سمعه من معلومات، وكذلك من أشرطة الفيديو التي تم توزيعها عليه وعلى أعضاء وفد الأمانة العامة للجامعة العربية، أن القبضة الأمنية السورية التي اشتدت في الأشهر الماضية لم تكن تهدف فقط إلى ثني المتظاهرين عن توسيع دائرة احتجاجهم وإنما إلى قطع الطريق على المسلحين وأنصار «القاعدة» ومهربي السلاح. ينقل الدبلوماسي عن العربي قوله: «الحقيقة أن في سوريا مسلحين، وان ثمة مناطق كادت تخرج فعلاً عن سلطة الدولة». سمع العربي أيضاً أن التأجيج المذهبي الذي ساهمت به دول منضوية تحت لواء الجامعة العربية لم يكن يهدف إلى الإصلاح، ولا إلى تحسين حياة السوريين، وإنما القضاء على دور سوريا وموقفها.
لم يجد الدبلوماسي الجزائري المخضرم أحمد بن حلي (الأمين العام المساعد في الجامعة العربية) الذي رافق نبيل العربي إلى دمشق، أجواء سورية مريحة لشروحاته. حاول أن يشرح أسباب المبادرة العربية وتفاصيلها. دعا النظام السوري لسحب الجيش ووقف العنف. قال إن صورة النظام تقهقرت كثيراً وإنه لا بد من وقف العمليات الأمنية. أو باختصار قال ما كان قد تسرب سلفاً عن المبادرة العربية قبل أيام من وصول الوفد العربي إلى دمشق.
كانت رسالة الجامعة العربية التي نقلها العربي تريد أن تقول للنظام السوري إنه هو المسؤول عن التدهور وانه هو المسؤول عن العنف وانه ينبغي وقف العملية الأمنية. ولعل نبيل العربي الذي جوبه بحملة تشهير قاسية بعد زيارته الأولى إلى دمشق، قصدها مرة ثانية بغية تصحيح الصورة، خاصة في الشارع المصري، والقول بأنه جاء ينصح أو يحذر أو ينذر النظام السوري ويطلب إليه على نحو صارم بان يوقف الخيار الأمني، وأنه إذا أراد من ينقذه من الغرق فهذه هي المبادرة العربية على الطاولة.
غير أن القيادة السورية تعلم أن نبيل العربي، المرتبط بصلة نسب بالكاتب العربي المعروف محمد حسنين هيكل (عديله)، أفضل من الكثير من القيادات العربية التي عملت على إسقاط النظام السوري. ولو أنها لم تؤمن بذلك لكانت الزيارة برمّتها قد ألغيت. تقول مصادر الجامعة العربية في القاهرة، إن الأسد كان مستعداً تماماً للقاء، وحتى للمواجهة لو انه شعر بشيء من الاملاءات العربية، ولكن الحوار سرعان ما انتقل إلى الشرح المستفيض للأوضاع عامة، ولحركة المسلحين، وتوقف مطولاً عند المراحل التي قطعها الإصلاح وتلك التي تنتظر مراحل التطبيق. نوه نبيل العربي بهذا الخيار السياسي. شجع عليه. قال إن الوقت لا يلعب لمصلحة سوريا. سعى لأن يشرح الإطار الدولي والعربي والإقليمي. كان الجواب السوري الرسمي إن الإطار الإقليمي والعربي لم يكن يوماً مع نصرة الشعوب وإنما كان الهدف ولا يزال ضرب المقاومة وان أحداً لن يغير الموقف السوري.
المقربون من نبيل العربي، تحدثوا عن البداية الصعبة للقاء مع الأسد، خاصة عندما سارع الأسد للتصدي لبعض الطروحات، ومنها انتقل فوراً إلى سؤال عن فلسطين في الأمم المتحدة وماذا فعلت الجامعة العربية استعداداً لهذا الاستحقاق، قبل أن تستقيم المحادثات وتتفرع المقاربات للشأن السوري بلغة هادئة، وصولاً إلى قول المقربين من العربي أن المحادثات كانت مفيدة جداً.
نجح نبيل العربي على طريقته في تمرير رسالة العرب والتي تصب في مجملها في إطار الإلحاح على النظام السوري بوقف العملية الأمنية ومباشرة الحوار مع المعارضة وتطبيق الإصلاحات. وفي المقابل، نجح النظام السوري في التأكيد على انه لا يزال قوياً بحيث يستحيل إسقاطه، وبأنه ماضٍ في الإصلاحات ولكن على وتيرته، لا بل إن المصادر القريبة من احمد بن حلِّي تقول إن العربي ذهب ينصح الأسد بوقف العنف، فعاد بنصائح للعرب بان يدعموا قضية فلسطين قريباً في الأمم المتحدة وأن يناهضوا محاولات أميركا والغرب منع قيام الدولة الفلسطينية.
عاد الوفد العربي من دمشق برسائل أخرى ربما أكثر تشدداً حيال قطر. لم تعبر سوريا حتى اليوم رسمياً عن أي موقف مناهض للدور القطري المتهم بأنه يشن حملة إعلامية وسياسية ضد النظام السوري، ولكن المقربين من بن حلِّي يؤكدون أن محادثيه السوريين افهموا الوفد العربي بأن قطر هي المحرض الفعلي على بيان الجامعة الأخير. بالمقابل فإن الوفد لم يسمع كلاماً عن السعودية التي كان مندوبها في الاجتماع الوزاري العربي، أمس الأول، هادئاً، وكأن القطري حاز تفويضاً بأن يتولى إدارة الملف السوري أو «ملف الثورات»، وهو الأمر الذي عبرت عنه سياسة وضع اليد على رئاسة الاجتماع الوزاري العربي في دورته الحالية من الآن وحتى آذار المقبل، بعدما كان مقرراً أن يسلم العمانيون المسؤولية للفلسطينيين.
يعني ذلك عملياً، أن القطريين سيديرون على طريقتهم الملف، مثلما سيتولون مسؤولية لجنة المبادرة العربية للسلام، وهو الأمر الذي أحدث «نقزة» في أوساط البعثتين اللبنانية والسورية في الجامعة العربية، وجعل أحد الدبلوماسيين يتحدث عن شهور صعبة دبلوماسياً، خاصة إذا كان القطري ما زال متمسكاً بمنطق التدويل على الطريقة الليبية.
يروي صحافي مصري مقرب من نبيل العربي أن الأمين العام لجامعة الدول العربية سمع في دمشق نصيحة خبيثة وحبلى بالمعاني. قيل له: «نحن في سوريا طرحنا مشروعاً إصلاحياً طموحاً، وسوف نطالب كل الدول العربية والخليجية التي تلح علينا بالإصلاح، بأن تطبق عندها هذا المشروع».
قال السوريون إن إصلاحاتهم جدية وإن كل ما يلزمها هو الوقت وان لا عودة إلى الوراء. سألوا عن دول عربية تطالبهم بالإصلاح ولا تملك دستوراً حتى تطبقه. سألوا دولاً تطالبهم بالإصلاح وهي قائمة على منطق الانقلابات ولا تملك دستوراً حتى الآن.
قال السوريون إن ثمة املاءات أميركية تخضع لها دول عربية. أكدوا أنهم لم يقبلوا إملاءات الأميركيين بعيد اجتياح العراق فهل يقبلون املاءات بيادقهم. قالوا إنه «من الأفضل للدول المتبارية حالياً داخل أروقة الجامعة على التآمر على سوريا، أن تنظر صوب فلسطين لنر ما إذا كانت قادرة فعلاً على تحدي «الفيتو» الأميركي ونصرة القضية المركزية الأولى».
سرّ المعنويات السورية
أسباب استعادة المعنويات كثيرة، وأبرزها أمني. خرج الجيش وقوات الأمن من ضبابية الشهرين الأولين. انتقل الامنيون من مرحلة صد التظاهرات ورد الضربات إلى مرحلة التخطيط الدقيق. عادوا يتقنون تنويع الإستراتيجية الأمنية. وضعوا روزنامة دقيقة لضرباتهم الوقائية أو الاستئصالية. نصبوا أفخاخاً ناجحة، منها مثلاً كيف اصطنع الجيش انه انشق على نفسه في حماه، فتسنى له بذلك القبض على الكثير من قادة التحركات المناهضة والمسلحين والإسلاميين. استعادت أجهزة الاستخبارات دورها وسمعتها التي كادت تضيع في الشهرين الأولين. نجحت في إلقاء القبض على مجموعات خطيرة، وكشفت خيوطاً مهمة لجهة ارتباطاتها. (سمع وزير الدفاع اللبناني فايز غصن توضيحات بهذا الشأن). تمّ العثور على معظم هواتف الثريا وأجهزة المعلوماتية للبث الفضائي (آربيغان). نجحت كل هذه القوات في القبض على فارين من الجيش، واستسلم البعض الآخر معترفاً بأنه تمّ التغرير به. يقال إن عيوناً استخباراتية زرعت في بعض صفوف المعارضة. بعث بعض رموز المعارضة في الخارج إشارات تدلّ على رغبتهم باستئناف الحوار. أعرب البعض الآخر عن استيائه من لجوء البعض إلى استخدام السلاح. كل ذلك قد يسمح لاحقاً في تصنيف المعارضة، بينها ما هو قابل للحوار، وبينها ما لا يمكن الحوار معه، وثالثها مرتبط بالخارج. يقال إن خيوطاً تمّ نسجها مع الطرف الأول. تلعب إيران دوراً جيداً في هذا المجال.
كل ما تقدم عزز المعنويات الأمنية والاستخباراتية السورية. ولكن البؤر لا تزال قائمة. حمص مثال خطير على ما يجري: اقتتال مذهبي. ذبح على الهوية بعد تعرّض باص لكمين. يروي القنصل التركي الذي ذهب لاستعادة جثة سائق شاحنة تركي قتل في منطقة الرستن، انه وجد دولة داخل الدولة. شاهد مسلحين يقطعون الطرقات ويسيطرون على المناطق من دون وجود للدولة ورموزها. هم منعوا حتى سيارة إسعاف رسمية من تسلم الجثة وأصروا على أن يكون القنصل الوحيد الذي يمكنه الدخول للمستشفى.
ثم أن التنسيقيات أفادت هي الأخرى من الوقت. صارت أكثر تنظيماً. باتت تعرف المدسوسين. قسَّمت عملها إلى مجموعات لا تعرف عن بعضها البعض الكثير. صارت تتفق على كلمات السر عبر آلية دقيقة. وضعت إستراتيجية خاصة للتصوير وبث الصور.
أنقرة والقاهرة وطهران
الشكوك السورية الكبيرة حيال قطر، جاءت بعد فترة وجيزة على زيارة الأمير القطري الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى إيران. لا تنفي الأوساط الدبلوماسية المقربة من الدوحة في القاهرة، أن الزيارة القطرية إلى طهران لم تكن ناجحة. تكاد هذه الأوساط تكون جازمة في كشفها أن السلطات الإيرانية قالت للشيخ حمد «إن سوريا خط أحمر»، و«إننا إذ ننصح حلفاءنا وأشقاءنا السوريين بالإصلاح وتسريع وتيرته، فنرجو ألا يفهم الأمر على أنه تغيير في استراتيجيتنا، التي تستند في أحد أهم مفاصلها إلى التحالف الاستراتيجي العميق مع النظام السوري ومع شخص الرئيس بشار الأسد».
شاءت المصادفة، أو أريد لها أن تشاء، ان تكون زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان متزامنة مع اجتماع وزراء الخارجية العرب، ومع ارتفاع حرارة القضية الفلسطينية على مشارف طرح استحقاق عضويتها في الأمم المتحدة قريباً.
المعادلة واضحة في القاهرة. اردوغان يساهم حالياً في نشر الدرع الصاروخي الأطلسي في عقر الشرق الأوسط وعلى أبواب دمشق وإيران. المعارضة التركية استعادت المبادرة. حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض يشنّ حملة تشكيك في سياسة اردوغان في المنطقة وخاصة موقفه من إسرائيل. وفي الوقت نفسه، أبرز المقاتلون الأكراد مخالبهم مجدداً.
التوتير مع إسرائيل، والرحلة الانسانية الى الصومال، لم تكف لتوفير غطاء لأردوغان. كان لا بدّ من رحلة إلى مصر. القاهرة هي عاصمة التحولات العربية. هي حاضنة الأزهر الشريف، وهي العمق السني. وهي قبل هذا وذاك المقياس الأهم لمستقبل «الإخوان المسلمين» في المنطقة.
إيران تقاربت مع السلطات المصرية الجديدة. جاء رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني علي بروجردي قبل فترة إلى القاهرة للقاء المسؤولين المصريين ومسؤولي جامعة الدول العربية. سبقته وأعقبته اتصالات كثيرة بقي جزء منها بعيداً عن الأضواء. تحركت الآلة الخليجية. فتحت أميركا عينيها على اتساعهما. كثفت إسرائيل بوادر القلق. لا بد من قطع الطريق على التمدد الإيراني. لا بد من اردوغان العثماني السلجوقي السني (على حد تعبيره هو). لا بد أيضاً من تسريع خطوات ضم الأردن والمملكة المغربية إلى مجلس التعاون الخليجي.
ثمة من يفكر جدياً بأن التقارب التركي المصري الخليجي سيكون السدّ المنيع أمام إيران. تعزز هذا الشعور بعدما اشتدّ عصب النظام السوري. بدت المراهنة على إسقاطه ضرباً من الوهم. إيران تتجنب حتى الآن رفع مستوى الصدام الدبلوماسي مع أنقرة والخليج. تسعى لمنع توفير غطاء عربي لأي عدوان دولي مقبل عليها أو على سوريا. لكنها لم تتردّد وعلى لسان رئيسها محمود أحمدي نجاد من التلويح بالإنذار حين تمّ قرع إجراء الدرع الصاروخي الأطلسي. قال نجاد لمن يريد أن يفهم «إن تركيا هي من الدول الشقيقة وهي من أقرب أصدقائنا لكن عندما ينصب الأعداء فيها درعاً مضادة للصواريخ، ويقرون بأن ذلك موجه ضد إيران، فإن علينا أن نكون يقظين».
هل استعاد الأسد المبادرة؟
لعله نجح إلى حد بعيد في فرض القبضة الأمنية والحؤول دون الانزلاق إلى نقطة الخطر. لكن لا بد من انفراجات سياسية لأن الأمن وحده لا يوفر حلاً، بل قد يعقده على المدى البعيد. يقول المقربون من نبيل العربي إن بعض أعضاء الجامعة وكذلك أطرافاً أخرى بدأوا سلسلة من الاتصالات للدفع باتجاه حلول سياسية وفتح أبواب للحوار. ويقولون أيضاً إن الأسد وعد العربي بخطوات سياسية مهمة وقريبة جداً وبأن لا عودة عن الإصلاح.
عاد نبيل العربي أقل تشنجاً وأكثر رغبة في منح الأسد المزيد من الوقت. ولكن المشكلة تكمن في أن الراغبين في إسقاط الأسد ليسوا جميعاً من المولعين بالإصلاحات وحقوق الإنسان. من الصعب التفكير قريباً بتراجع باراك أوباما أو نيكولا ساركوزي او رجب طيب اردوغان عن قولهم بان الأسد فقد شرعيته. ولعل هذا ما يؤكد أن المرحلة القريبة المقبلة ليست مرحلة انفراجات وإنما مرحلة تشدّد أكثر. لن تتراجع المعارضة ودول إقليمية وغربية بسهولة حيال الأسد. ثمة من يعتقد بأن التسريع في إنهاء الأزمة اليمنية عبر إقناع الرئيس علي عبد الله صالح بنقل السلطة من خلال الخطة الخليجية (التي انتعشت بعد لقاء الملك السعودي والأمير القطري في جدة)، وتكثيف الضغط العسكري لإنهاء ما بقي من حكم معمر القذافي هي مقدمات لخطوات وعقوبات وتحركات دولية أوسع ضد سوريا.
طبعاً لا شيء يسمح حتى الآن بالقول إن هذه الضغوط قد تؤدي إلى إسقاط النظام السوري. فالقوة الأمنية لا تزال في يديه. والدولة الإقليمية الأبرز (إيران) لا تزال متأهبة لدرء كل خطر عنه، حتى ولو أنها تفتح خطوطاً مع بعض المعارضة و«الأخوان المسلمين». وأما على المستوى الدولي، فيحلو للمقربين من النظام السوري القول «إن نصف العالم معنا لو أحصينا عدد سكان روسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل وغيرها».
دخل الملف السوري بقوة إلى المعادلات الإقليمية والدولية. ولن يخرج منها إلا بانفراج كبير أو تفجير كبير.
المصدر :
: سامي كليب - السفير
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة