يعرف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن عنترياته بشأن الوضع السوري تسببت له بمشكلة داخل تركيا وبأنه بلغ الحد الأقصى في مدى التدخل بشؤون سورية والاعتداء على استقرارها من خلال التسهيلات التي قدمها لتنظيم الأخوان المسلمين ولعصابات التمرد المسلح في المناطق الحدودية، وهو يعرف أيضا أنه لا يستطيع أن يحمل بطيخة التدخل العسكري العدواني داخل أراضي العراق لمطاردة مقاتلي حزب العمال الكردستاني إلى جانب إمعانه بالتدخل العدواني في سورية و كأنما يشن حربا عثمانية على العرب يعارضها قادة الجيش التركي و قطاعات واسعة من شعبه الذي يتمسك بروابط الجوار و الشراكة التي أنشاها الرئيس بشار الأسد ، و تبين انه كان مصيبا في حساباته الإستراتيجية بالعمل على تأسيس علاقات تفاعل مع المجتمع التركي تتخطى نطاق الحكومة و قادة الحزب الحاكم.

كما يعرف أمير قطر ورئيس وزرائه أن أقصى ما لديهما من قدرة على التدخل في سورية قد بلغاه واقعيا من خلال تحويل قناة الجزيرة إلى آلة لصنع الأكاذيب والشائعات وللتحريض السياسي وعبر تمويل النشاطات السياسية والتحريضية المحمومة في الدوحة والتي يديرها كل من عزمي بشارة ويوسف القرضاوي لرسم الخطط وإدارة العمليات على الأرض السورية.

 

أولا الفرق بين حكومة الوهم العثماني والإمارة المنتفخة بحجمها الوهمي والافتراضي واضح من حيث الوزن والدور والإمكانات ، ولكن المشترك الأساسي هو أن كلا من قادة العدالة والتنمية والزمرة الحاكمة في قطر ، بيدقان في الخطة الأميركية ـ الإسرائيلية الهادفة لضرب محور المقاومة في المنطقة ، عبر حماية إسرائيل قبل الخروج الأميركي من العراق و لتفعيل عناصر الاستقطاب المذهبي و العرقي التي تفتت الشرق و تحول دون انعتاقه من الهيمنة الاستعمارية.

الفريقان التركي و القطري متورطان في مؤامرة استهداف سورية وتخريب أمنها ، كما هما شريكان أساسيان في خطة التصدي لثورة الشعب المصري والالتفاف عليها بالشراكة مع السعودية لمنع أي مس بمصالح إسرائيل ، وباتفاقية كامب ديفيد ، عبر تثبيت معادلة السلطة الانتقالية القائمة بالشراكة في القاهرة بين جنرالات المجلس العسكري المرتبطين بالمخابرات الأميركية وجناح الأخوان المسلمين الذي يرعاه أردوغان في قلب الحضن الأميركي.

 

ثانيا  مسرح التآمر على سورية ظهر بكامل عدته في مجلس الجامعة العربية والأدوار كانت واضحة فخطاب أردوغان التحريضي لاقاه دور قطري مفضوح عبر التفاف رئيس الوزراء القطري على أمين عام الجامعة نبيل العربي وتقريره بشأنه زيارته إلى دمشق الذي عرض فيه مضمون مباحثاته مع الرئيس بشار الأسد وما لمسه من تصميم على السير في الإصلاحات بينما عرض المندوب السوري السفير يوسف الأحمد العديد من الوقائع والمعطيات عن مشاركة بعض الدول العربية في خطة تخريب سورية من خلال تمويل وتسليح عصابات الإرهاب والتمرد المسلح التي تعبث بالأمن الوطني.

إن آخر ما يريده أمير قطر وفريقه هو الإصلاح في سورية فهم كناية عن حفنة من عملاء الاستخبارات الأميركية الذين يصرفون أموال النفط القطري على خطط الولايات المتحدة للهيمنة في المنطقة و لا صلة لهما بفكرة الدولة الحديثة و إمارتهما ليست سوى مجسم مصغر للحكم الاستبدادي المطلق و المتخلف الذي اندثر في العالم المعاصر و لم تبق منه سوى   ممالك  وإمارات النفط العربية التي هي كناية عن محميات للاستعمار الأميركي.

 

ثالثا  يعمل حكام قطر على تسويق العلاقات مع إسرائيل وقد انقلبوا على سورية وعلى قوى المقاومة بالأمر الأميركي تماما كما انفتحوا عليهما بالأمر الأميركي ، لاحتواء نتائج الحروب الإسرائيلية الأميركية الفاشلة في المنطقة ، فقد كلفت قطر بعد احتلال العراق بأن تقيم بوابة خلفية تسمح للإدارة الأميركية بجمع المعلومات وإجراء المفاوضات وهو دور يشبه كذلك الدور الذي أسند إلى حكومة الوهم العثماني التي انقلبت على سورية بعد سقوط مبارك واندلاع الثورة المصرية وخسارة إسرائيل الجسيمة بنتيجة هذا التحول،  حيث يتولى أردوغان مهمة تعويض الخسائر وتأمين السقف الضامن للهيمنة الاستعمارية على المنطقة ، من خلال تنظيمات الأخوان المسلمين ولذلك فهو راهن منذ بداية الأحداث ، عبر تنظيم الأخوان على إيجاد موقع نفوذ تركي في قلب المعادلات السورية ، ليستعمله رصيدا في تطويع خيار المقاومة السوري الذي ما زال يحظى بمساندة غالبية الشعب الداعمة للرئيس بشار الأسد.

 

رابعا  يعرف حمد ورجب ( طيب ! )  من أسيادهما الأميركيين ومن شركاء حكومة الوهم العثماني في حلف الناتو أن رهان التدخل العسكري في سورية سراب ، لأن إسرائيل ستكون صيد الأسد الثمين و لأن منظومة المقاومة ستعمل في حال الحرب و العدوان على سورية كقوة إقليمية واحدة و لأن الغرب سيهرع طالبا وقف القتال لحماية درته الصهيونية الثمينة .

أما العقوبات والخطوات العدائية التي اتخذت ضد سورية من حكومات العمالة في الخليج ومن جانب حكومة العدالة والتنمية في اسطنبول فقد بلغت أقصى مداها بينما يعرف أردوغان من رجال الأعمال الأتراك أن أي خطوات جديدة ضد سورية ستكون عقابا على تركيا و بالتالي عليه داخلها ، بينما هو في وضع لا يحسد عليه في مجابهة المعارضة التركية التي عاين وفدها أحداث سورية عن كثب وعاد بخطاب واقعي إلى الرأي العام التركي طور من تفاعلات النقمة على سياسات أردوغان المدان بتعريض المصالح التركية للخطر.

لا بيانات مستعمرة الجامعة العربية ولا التصريحات التحريضية ، يمكن أن تبدل في عزيمة الرئيس بشار الأسد والدولة الوطنية السورية ومؤسساتها بالتصدي للتمرد المسلح وللإرهاب أو بمتابعة السير في طريق الإصلاحات والدعوة المفتوحة والمستمرة للحوار الوطني التي رفضها متناحرو مجالس المعارضات و شتات أوباش العصابات المسلحة.

 

خامسا  اللافت في مهزلة مسرح التآمر داخل مجلس الجامعة العربية كان تنازل المندوب الفلسطيني عن رئاسة الجلسة لصالح قطر حتى تكتمل فصول الفضيحة بفاتورة مالية قبضها محمود عباس لقاء تقديم المنبر لرئيس الوزراء القطري المقيم في نهاريا معظم أوقات السنة تحت رعاية الموساد وهو المكلف باستهداف سورية و قد استعمل أميره في الخطة.

الدفعة التي تلقاها عباس ونفذ التزامه بشأنها هي جزء من حساب أكبر لتمرير فصل جديد من تصفية قضية فلسطين وكما يشن أردوغان حربا كلامية على إسرائيل بينما يقيم محطات الدرع الصاروخي لحمايتها على الأراضي التركية ، ويستهدف سورية لحسابها ، فإن محمود عباس الذي يعلن تصميمه على طلب الاعتراف بدولة افتراضية ، يفتح الباب واسعا أمام مساومات تباحث بشأنها في اللقاءات السرية مع إيهود باراك وهو ينتظر تغطية تركية سعودية قطرية ومصرية للتجاوب مع دعوة طوني بلير قبل الفيتو الأميركي على دولته الافتراضية أو بعده لا فرق ، فالرئيسي عند محمود عباس هو التخلص من سلاح المقاومة والنيل من مكانة سورية وقوتها التي تشكل حاضنا لخيار المقاومة الفلسطينية منذ اتفاقية كامب ديفيد وهي تعاقب عليه بمؤامرة يتوزع إزاءها الموقف السياسي الفلسطيني بين التآمر والصمت بكل أسف.

قريبا تعلن سورية انتصارها على الأزمة وستخرج أقوى وعندها ستفتح حسابات كثيرة وسيتضاعف عدد التائبين والخائبين والنادمين في أرجاء المنطقة من اسطنبول إلى الرياض و بيروت فالقاهرة والدوحة ورام الله فإن غدا لناظره قريب.

  • فريق ماسة
  • 2011-09-14
  • 6898
  • من الأرشيف

أردوغان وحمد والمؤامرة على سورية

يعرف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن عنترياته بشأن الوضع السوري تسببت له بمشكلة داخل تركيا وبأنه بلغ الحد الأقصى في مدى التدخل بشؤون سورية والاعتداء على استقرارها من خلال التسهيلات التي قدمها لتنظيم الأخوان المسلمين ولعصابات التمرد المسلح في المناطق الحدودية، وهو يعرف أيضا أنه لا يستطيع أن يحمل بطيخة التدخل العسكري العدواني داخل أراضي العراق لمطاردة مقاتلي حزب العمال الكردستاني إلى جانب إمعانه بالتدخل العدواني في سورية و كأنما يشن حربا عثمانية على العرب يعارضها قادة الجيش التركي و قطاعات واسعة من شعبه الذي يتمسك بروابط الجوار و الشراكة التي أنشاها الرئيس بشار الأسد ، و تبين انه كان مصيبا في حساباته الإستراتيجية بالعمل على تأسيس علاقات تفاعل مع المجتمع التركي تتخطى نطاق الحكومة و قادة الحزب الحاكم. كما يعرف أمير قطر ورئيس وزرائه أن أقصى ما لديهما من قدرة على التدخل في سورية قد بلغاه واقعيا من خلال تحويل قناة الجزيرة إلى آلة لصنع الأكاذيب والشائعات وللتحريض السياسي وعبر تمويل النشاطات السياسية والتحريضية المحمومة في الدوحة والتي يديرها كل من عزمي بشارة ويوسف القرضاوي لرسم الخطط وإدارة العمليات على الأرض السورية.   أولا الفرق بين حكومة الوهم العثماني والإمارة المنتفخة بحجمها الوهمي والافتراضي واضح من حيث الوزن والدور والإمكانات ، ولكن المشترك الأساسي هو أن كلا من قادة العدالة والتنمية والزمرة الحاكمة في قطر ، بيدقان في الخطة الأميركية ـ الإسرائيلية الهادفة لضرب محور المقاومة في المنطقة ، عبر حماية إسرائيل قبل الخروج الأميركي من العراق و لتفعيل عناصر الاستقطاب المذهبي و العرقي التي تفتت الشرق و تحول دون انعتاقه من الهيمنة الاستعمارية. الفريقان التركي و القطري متورطان في مؤامرة استهداف سورية وتخريب أمنها ، كما هما شريكان أساسيان في خطة التصدي لثورة الشعب المصري والالتفاف عليها بالشراكة مع السعودية لمنع أي مس بمصالح إسرائيل ، وباتفاقية كامب ديفيد ، عبر تثبيت معادلة السلطة الانتقالية القائمة بالشراكة في القاهرة بين جنرالات المجلس العسكري المرتبطين بالمخابرات الأميركية وجناح الأخوان المسلمين الذي يرعاه أردوغان في قلب الحضن الأميركي.   ثانيا  مسرح التآمر على سورية ظهر بكامل عدته في مجلس الجامعة العربية والأدوار كانت واضحة فخطاب أردوغان التحريضي لاقاه دور قطري مفضوح عبر التفاف رئيس الوزراء القطري على أمين عام الجامعة نبيل العربي وتقريره بشأنه زيارته إلى دمشق الذي عرض فيه مضمون مباحثاته مع الرئيس بشار الأسد وما لمسه من تصميم على السير في الإصلاحات بينما عرض المندوب السوري السفير يوسف الأحمد العديد من الوقائع والمعطيات عن مشاركة بعض الدول العربية في خطة تخريب سورية من خلال تمويل وتسليح عصابات الإرهاب والتمرد المسلح التي تعبث بالأمن الوطني. إن آخر ما يريده أمير قطر وفريقه هو الإصلاح في سورية فهم كناية عن حفنة من عملاء الاستخبارات الأميركية الذين يصرفون أموال النفط القطري على خطط الولايات المتحدة للهيمنة في المنطقة و لا صلة لهما بفكرة الدولة الحديثة و إمارتهما ليست سوى مجسم مصغر للحكم الاستبدادي المطلق و المتخلف الذي اندثر في العالم المعاصر و لم تبق منه سوى   ممالك  وإمارات النفط العربية التي هي كناية عن محميات للاستعمار الأميركي.   ثالثا  يعمل حكام قطر على تسويق العلاقات مع إسرائيل وقد انقلبوا على سورية وعلى قوى المقاومة بالأمر الأميركي تماما كما انفتحوا عليهما بالأمر الأميركي ، لاحتواء نتائج الحروب الإسرائيلية الأميركية الفاشلة في المنطقة ، فقد كلفت قطر بعد احتلال العراق بأن تقيم بوابة خلفية تسمح للإدارة الأميركية بجمع المعلومات وإجراء المفاوضات وهو دور يشبه كذلك الدور الذي أسند إلى حكومة الوهم العثماني التي انقلبت على سورية بعد سقوط مبارك واندلاع الثورة المصرية وخسارة إسرائيل الجسيمة بنتيجة هذا التحول،  حيث يتولى أردوغان مهمة تعويض الخسائر وتأمين السقف الضامن للهيمنة الاستعمارية على المنطقة ، من خلال تنظيمات الأخوان المسلمين ولذلك فهو راهن منذ بداية الأحداث ، عبر تنظيم الأخوان على إيجاد موقع نفوذ تركي في قلب المعادلات السورية ، ليستعمله رصيدا في تطويع خيار المقاومة السوري الذي ما زال يحظى بمساندة غالبية الشعب الداعمة للرئيس بشار الأسد.   رابعا  يعرف حمد ورجب ( طيب ! )  من أسيادهما الأميركيين ومن شركاء حكومة الوهم العثماني في حلف الناتو أن رهان التدخل العسكري في سورية سراب ، لأن إسرائيل ستكون صيد الأسد الثمين و لأن منظومة المقاومة ستعمل في حال الحرب و العدوان على سورية كقوة إقليمية واحدة و لأن الغرب سيهرع طالبا وقف القتال لحماية درته الصهيونية الثمينة . أما العقوبات والخطوات العدائية التي اتخذت ضد سورية من حكومات العمالة في الخليج ومن جانب حكومة العدالة والتنمية في اسطنبول فقد بلغت أقصى مداها بينما يعرف أردوغان من رجال الأعمال الأتراك أن أي خطوات جديدة ضد سورية ستكون عقابا على تركيا و بالتالي عليه داخلها ، بينما هو في وضع لا يحسد عليه في مجابهة المعارضة التركية التي عاين وفدها أحداث سورية عن كثب وعاد بخطاب واقعي إلى الرأي العام التركي طور من تفاعلات النقمة على سياسات أردوغان المدان بتعريض المصالح التركية للخطر. لا بيانات مستعمرة الجامعة العربية ولا التصريحات التحريضية ، يمكن أن تبدل في عزيمة الرئيس بشار الأسد والدولة الوطنية السورية ومؤسساتها بالتصدي للتمرد المسلح وللإرهاب أو بمتابعة السير في طريق الإصلاحات والدعوة المفتوحة والمستمرة للحوار الوطني التي رفضها متناحرو مجالس المعارضات و شتات أوباش العصابات المسلحة.   خامسا  اللافت في مهزلة مسرح التآمر داخل مجلس الجامعة العربية كان تنازل المندوب الفلسطيني عن رئاسة الجلسة لصالح قطر حتى تكتمل فصول الفضيحة بفاتورة مالية قبضها محمود عباس لقاء تقديم المنبر لرئيس الوزراء القطري المقيم في نهاريا معظم أوقات السنة تحت رعاية الموساد وهو المكلف باستهداف سورية و قد استعمل أميره في الخطة. الدفعة التي تلقاها عباس ونفذ التزامه بشأنها هي جزء من حساب أكبر لتمرير فصل جديد من تصفية قضية فلسطين وكما يشن أردوغان حربا كلامية على إسرائيل بينما يقيم محطات الدرع الصاروخي لحمايتها على الأراضي التركية ، ويستهدف سورية لحسابها ، فإن محمود عباس الذي يعلن تصميمه على طلب الاعتراف بدولة افتراضية ، يفتح الباب واسعا أمام مساومات تباحث بشأنها في اللقاءات السرية مع إيهود باراك وهو ينتظر تغطية تركية سعودية قطرية ومصرية للتجاوب مع دعوة طوني بلير قبل الفيتو الأميركي على دولته الافتراضية أو بعده لا فرق ، فالرئيسي عند محمود عباس هو التخلص من سلاح المقاومة والنيل من مكانة سورية وقوتها التي تشكل حاضنا لخيار المقاومة الفلسطينية منذ اتفاقية كامب ديفيد وهي تعاقب عليه بمؤامرة يتوزع إزاءها الموقف السياسي الفلسطيني بين التآمر والصمت بكل أسف. قريبا تعلن سورية انتصارها على الأزمة وستخرج أقوى وعندها ستفتح حسابات كثيرة وسيتضاعف عدد التائبين والخائبين والنادمين في أرجاء المنطقة من اسطنبول إلى الرياض و بيروت فالقاهرة والدوحة ورام الله فإن غدا لناظره قريب.

المصدر : غالب قنديل


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة