عندما استغل الغرب الحراك السوري  من اجل اصلاح النظام و تطويره ، وضع خطة للهجوم على سوريا تهدف  الى منع الاصلاح و اسقاط سوريا كدولة ذات سيادة و موقع استراتجي هام في  مواجهة المشروع الغربي الصهيوني . خطة - و كما بات معلوما- تنتهي الى تفتيت قوة سوريا و وحدتها ليسهل على الغرب التهامها حتى و من غير حاجة الى زج الجيوش الاطلسية في خنادق القتال . و بعد ستة اشهر من العمل التنفيذي تيقن الغرب بانه فشل (دون ان يعترف بالفشل علانية ) ، و كان من المنطقي و المتوقع ان  يجمد الغرب هجومه راهناً  و ان يامر اداوته المحلية  و و الاقليمية  بالتريث من اجل تقدير الموقف و اعتماد اسلوب جديد في المواجهة على الساحة السورية . لكن و كما يبدو  انقلب شعور الغرب  بالخيبة و الفشل  رغبة بالانتقام من اجل  منع  سورية من استثمار نجاحها في المواجهة و ابقاء تحشد ادوات الخطة العدوانية عليها  ، و انطلق هؤلاء في خطة تختلف عن الاولى في الاهداف و الاركان و المراحل.

 

أ‌. فمن حيث الاهداف بات واضحا ان السعي الغربي و رغم كل مواقفه و تصريحاته و بعد تيقنه من العجز عن الاطاحة بالنظام الوطني القائم في سوريا اتجه الى هدف آخر هو انهاك النظام و اشغاله بذاته للفترة الاقصى الممكنة و اشعاره بالعجز عن الامساك بالبلاد ، اما الثاني فيتعلق بمنع الحركة الاصلاحية التي انطلقت  و التي ستتوج بانتخابات شباط المقبل ، و العمل على اقناع من يمكن خدعه من السوريين ان الاصلاح لن يكون حقيقيا و يكون الافضل لهم عدم الانخراط فيه و الاستمرار في المعارضة مهما كان الثمن .

 

ب‌. اما من حيث المراحل و وجهات العمل فيبدو ان الخطة الجديدة تقوم على اركان ثلاثة :

 

1)    الاول ميداني و يتمثل بعمل مسلح يمارس القتل و الاجرام على الساحة السورية و يهدف الى منع الاستقرار في البلاد و تعطيل عجلة الحياة و دفع الناس الى الشعور بان النظام لن يتمكن من حفظ امن البلاد و الامساك بها مهما لجأ اليه من قوة . و بهذا تفسر اعمال الارهاب التي تمارس ضد المدنيين و الموظفين و العسكريين كما و ضد المراكز الرسمية في المناطق التي يستطيع منفذو الخطة التحرك فيها خاصة في الوسط بين حمص و حماه .

 

2)    الثاني اقتصادي : و يتمثل بالتضييق و الحصار الاقتصادي الذي تشارك به دول اقليمية و اروبية و بعض الدول الاخرى التي تتحرك باوامر اميركية  . و يتوخى من هذا السلوك العقابي الانتقامي اظهار النظام عاجزا عن الايفاء بموجبات الدولة حيال شعبها و بان الحياة الرغيدة لن تعود الى سورية ان بقي النظام مستمرا  قويا في مواقعه .

 

3)    الثالث سياسي دبلوماسي، و يتمثل بالقيام بتحشيد دولي لعزل سوريا و اظهارها دولة منبوذة  غير معترف بنظامها بما يشعرها او يحمل المسؤولين فيها على تلمس فك العزلة و التفلت من الحصار بتقديم التنازلات و القبول بالاملاءات التي يريدها الغرب خدمة لمشروعه في المنطقة و معالجة للملفات التي تعنيه و التي باتت داهمة تتطلب حلاً قريبا .

 

لقد لجأ الغرب الى خطة الانتقام هذه و بوجوهها الثلاثة بعدما تيقن من ان التدخل بالعمل العسكري المباشر مستحيل ، و ان العمل الارهابي لاسقاط النظام المنفذ في الداخل السوري عقيم ، و ان القرارات  بالعقوبات عبر مجلس الامن غير ممكنة ، ، و بالتالي بات الغرب على قناعة تامة (يخفيها مكابرة )، قناعة بان النظام قوي و لن يسقط ، فركز على الاعلام و الضغط السياسي و الاقتصادي للانتقام من الشعب السوري و مؤسساته الاهلية و الرسمية التي  افشلته و لكن هل سيحقق الغرب اهدافه في الخطة البديلة ؟

 

في مراجعة موضوعية لما يمكن الوصول اليه عبر الخطة و ما لدى سوريا من امكانات نرى :

 

1)   ان القوى الامنية و العسكرية بما تملكه من معنويات و كفاءة و قدرات قادرة على التعامل مع مخاطر الحركة المسلحة و عمليات الاجرام و الخروج على القانون بما يمنع او يحد على الاقل من مفاعيل هذه العمليات على المجتمع السوري في امنه و ظروف معيشته.

 

2)    ان قدرات سوريا الذاتية و موقع سوريا و تحالفاتها يمكنها من احتواء الضغوط الاقتصادية بما يحد الى حد بعيد من مفاعيلها.

 

3)    ان تكون المجموعات الدولية و الانقسام في ما يسمى "المجتمع الدولي"  و تبلور معسكرات متعددة منها من يرفض التخلي عن سوريا و يلتزم بها كيانا و موقعا و دور ، ان وجود مثل هذه المجموعات الدولية سيفشل السعي الى الحصار السياسي و العزل الدبلوماسي ، و ما السلوكيات الاخيرة من اعادة السفراء او طلب الحوار و اللقاءاءات مع المسؤولين السوريين الا بداية ارهاصات فشل نظرية العزل و الحصار .

 

ج. على ضوء ذلك نقول بان خطة الغرب البديلة للنيل من سوريا لا تتملك مقومات النجاح و ان سوريا قادرة على التعامل معها ، و يمكنها اختصار الوقت و تحجيم  المعاناة اذا :

 

1) استمرت الارادة الاصلاحية القائمة و لم تتأثر روزنامة العمل الاصلاحي بالضغوط لان التراجع عن الاصلاح يعني تمكين المخطط من تحقيق بعض اهدافه ، و هنا تستطيع سوريا و من اجل التسريع الاستفادة من خبرات الحلفاء المخلصين الذين يحترمون سيادتها و قرارها المستقل .

 

2)    اسيتقظ من ضللوا من الشعب السوري رغم نسبتهم المحدودة و المتدنية و علموا ان ما ينتظرهم على يد الغرب سيكون ليلا دامسا و معاناة في الامن و المال و الموقع و الدور ، و سارعو الى ملاقاة الاكثرية الشعبية و سعي الدولة في حركتها الاصلاحية المبنية على حوار حر مفتوح يبحث عن مصلحة الوطن .

 

3)    استمرت قوى الامن و الجيش في عملها المحترف  لفرض الامن و النظام من غير الوقوع فيما تنصبه الجماعات المسلحة من افخاخ لاستدارج هذه القوى الى ردات فعل مفرطة تخدم اهدافها الاجرامية خاصة و انها باتت يائسة من النجاح فانقلبت الى ايقاع الخسائر المادية و المعنوية بالدولة.

 

  • فريق ماسة
  • 2011-09-12
  • 10495
  • من الأرشيف

سورية في مواجهة الهجوم البديل

عندما استغل الغرب الحراك السوري  من اجل اصلاح النظام و تطويره ، وضع خطة للهجوم على سوريا تهدف  الى منع الاصلاح و اسقاط سوريا كدولة ذات سيادة و موقع استراتجي هام في  مواجهة المشروع الغربي الصهيوني . خطة - و كما بات معلوما- تنتهي الى تفتيت قوة سوريا و وحدتها ليسهل على الغرب التهامها حتى و من غير حاجة الى زج الجيوش الاطلسية في خنادق القتال . و بعد ستة اشهر من العمل التنفيذي تيقن الغرب بانه فشل (دون ان يعترف بالفشل علانية ) ، و كان من المنطقي و المتوقع ان  يجمد الغرب هجومه راهناً  و ان يامر اداوته المحلية  و و الاقليمية  بالتريث من اجل تقدير الموقف و اعتماد اسلوب جديد في المواجهة على الساحة السورية . لكن و كما يبدو  انقلب شعور الغرب  بالخيبة و الفشل  رغبة بالانتقام من اجل  منع  سورية من استثمار نجاحها في المواجهة و ابقاء تحشد ادوات الخطة العدوانية عليها  ، و انطلق هؤلاء في خطة تختلف عن الاولى في الاهداف و الاركان و المراحل.   أ‌. فمن حيث الاهداف بات واضحا ان السعي الغربي و رغم كل مواقفه و تصريحاته و بعد تيقنه من العجز عن الاطاحة بالنظام الوطني القائم في سوريا اتجه الى هدف آخر هو انهاك النظام و اشغاله بذاته للفترة الاقصى الممكنة و اشعاره بالعجز عن الامساك بالبلاد ، اما الثاني فيتعلق بمنع الحركة الاصلاحية التي انطلقت  و التي ستتوج بانتخابات شباط المقبل ، و العمل على اقناع من يمكن خدعه من السوريين ان الاصلاح لن يكون حقيقيا و يكون الافضل لهم عدم الانخراط فيه و الاستمرار في المعارضة مهما كان الثمن .   ب‌. اما من حيث المراحل و وجهات العمل فيبدو ان الخطة الجديدة تقوم على اركان ثلاثة :   1)    الاول ميداني و يتمثل بعمل مسلح يمارس القتل و الاجرام على الساحة السورية و يهدف الى منع الاستقرار في البلاد و تعطيل عجلة الحياة و دفع الناس الى الشعور بان النظام لن يتمكن من حفظ امن البلاد و الامساك بها مهما لجأ اليه من قوة . و بهذا تفسر اعمال الارهاب التي تمارس ضد المدنيين و الموظفين و العسكريين كما و ضد المراكز الرسمية في المناطق التي يستطيع منفذو الخطة التحرك فيها خاصة في الوسط بين حمص و حماه .   2)    الثاني اقتصادي : و يتمثل بالتضييق و الحصار الاقتصادي الذي تشارك به دول اقليمية و اروبية و بعض الدول الاخرى التي تتحرك باوامر اميركية  . و يتوخى من هذا السلوك العقابي الانتقامي اظهار النظام عاجزا عن الايفاء بموجبات الدولة حيال شعبها و بان الحياة الرغيدة لن تعود الى سورية ان بقي النظام مستمرا  قويا في مواقعه .   3)    الثالث سياسي دبلوماسي، و يتمثل بالقيام بتحشيد دولي لعزل سوريا و اظهارها دولة منبوذة  غير معترف بنظامها بما يشعرها او يحمل المسؤولين فيها على تلمس فك العزلة و التفلت من الحصار بتقديم التنازلات و القبول بالاملاءات التي يريدها الغرب خدمة لمشروعه في المنطقة و معالجة للملفات التي تعنيه و التي باتت داهمة تتطلب حلاً قريبا .   لقد لجأ الغرب الى خطة الانتقام هذه و بوجوهها الثلاثة بعدما تيقن من ان التدخل بالعمل العسكري المباشر مستحيل ، و ان العمل الارهابي لاسقاط النظام المنفذ في الداخل السوري عقيم ، و ان القرارات  بالعقوبات عبر مجلس الامن غير ممكنة ، ، و بالتالي بات الغرب على قناعة تامة (يخفيها مكابرة )، قناعة بان النظام قوي و لن يسقط ، فركز على الاعلام و الضغط السياسي و الاقتصادي للانتقام من الشعب السوري و مؤسساته الاهلية و الرسمية التي  افشلته و لكن هل سيحقق الغرب اهدافه في الخطة البديلة ؟   في مراجعة موضوعية لما يمكن الوصول اليه عبر الخطة و ما لدى سوريا من امكانات نرى :   1)   ان القوى الامنية و العسكرية بما تملكه من معنويات و كفاءة و قدرات قادرة على التعامل مع مخاطر الحركة المسلحة و عمليات الاجرام و الخروج على القانون بما يمنع او يحد على الاقل من مفاعيل هذه العمليات على المجتمع السوري في امنه و ظروف معيشته.   2)    ان قدرات سوريا الذاتية و موقع سوريا و تحالفاتها يمكنها من احتواء الضغوط الاقتصادية بما يحد الى حد بعيد من مفاعيلها.   3)    ان تكون المجموعات الدولية و الانقسام في ما يسمى "المجتمع الدولي"  و تبلور معسكرات متعددة منها من يرفض التخلي عن سوريا و يلتزم بها كيانا و موقعا و دور ، ان وجود مثل هذه المجموعات الدولية سيفشل السعي الى الحصار السياسي و العزل الدبلوماسي ، و ما السلوكيات الاخيرة من اعادة السفراء او طلب الحوار و اللقاءاءات مع المسؤولين السوريين الا بداية ارهاصات فشل نظرية العزل و الحصار .   ج. على ضوء ذلك نقول بان خطة الغرب البديلة للنيل من سوريا لا تتملك مقومات النجاح و ان سوريا قادرة على التعامل معها ، و يمكنها اختصار الوقت و تحجيم  المعاناة اذا :   1) استمرت الارادة الاصلاحية القائمة و لم تتأثر روزنامة العمل الاصلاحي بالضغوط لان التراجع عن الاصلاح يعني تمكين المخطط من تحقيق بعض اهدافه ، و هنا تستطيع سوريا و من اجل التسريع الاستفادة من خبرات الحلفاء المخلصين الذين يحترمون سيادتها و قرارها المستقل .   2)    اسيتقظ من ضللوا من الشعب السوري رغم نسبتهم المحدودة و المتدنية و علموا ان ما ينتظرهم على يد الغرب سيكون ليلا دامسا و معاناة في الامن و المال و الموقع و الدور ، و سارعو الى ملاقاة الاكثرية الشعبية و سعي الدولة في حركتها الاصلاحية المبنية على حوار حر مفتوح يبحث عن مصلحة الوطن .   3)    استمرت قوى الامن و الجيش في عملها المحترف  لفرض الامن و النظام من غير الوقوع فيما تنصبه الجماعات المسلحة من افخاخ لاستدارج هذه القوى الى ردات فعل مفرطة تخدم اهدافها الاجرامية خاصة و انها باتت يائسة من النجاح فانقلبت الى ايقاع الخسائر المادية و المعنوية بالدولة.  

المصدر : العميد : أمين حطيط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة