#
  • فريق ماسة
  • 2023-04-05
  • 5566

دور الصين في عودة العلاقات السعودية الإيرانية

  بعد قطيعة دامت سبع سنوات بين كل من طهران والرياض منذ عام 2016، عندما هاجم محتجّون إيرانيون البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران بعدما إقدام  المملكة العربية السعودية على إعدام رجل الدين الشيعي المعارض نمر النمر, عادا البلدان ليقيما علاقات اقتصادية تجارية بعد تدخل صيني بدا ملفتاً لحل الخلافات بين البلدين الأمر الذي سيكرس الصين قوة كبرى تعمل على حل الصراعات بين دول الشرق الأوسط . استعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران بدا مفاجئاً ما جعل الكثير من المحللين يقف عند نقطة معينة، ألا وهي رعاية الصين لهذا الاتفاق التاريخي الذي أنهى سبعة أعوام من القطيعة. لتعلن كل من إيران والسعودية الجمعة (10 مارس / آذار) استئناف علاقاتهما الدبلوماسية المقطوعة منذ 2016. الخطوة لقيت ترحيبا كبيراً من طرف الدول العربية و الإسلامية و بالخصوص دول منطقة الشرق الأوسط و الخليج و قد صرح وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بأن الوصول إلى اتفاق بين الرياض وطهران قد يفضي إلى استئناف العلاقات السياسية، لكن لا يعني التوصل إلى حل جميع الخلافات العالقة بين البلدين" من جهته صرح وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان إن ” إعادة تفعيل العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ليس موجهاً ضد أي دولة أخرى، وقال إن الاتفاق بين إيران والسعودية يخدم مصالح البلدين ويصب في صالح دول المنطقة”. صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أفردت مساحة واسعة عن الوساطة التي قامت بها بكين بين الرياض وطهران والتي أفضت إلى استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران "وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهرين"، وكذلك التأكيد على "احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية"، فضلا عن الاتفاق على عقد لقاء بين وزيري خارجية البلدين قريباً "لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما"، كما نوهت إلى أن الاتفاق نص على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني الموقعة بينهما عام 2001، وكذلك الاتفاقية الاقتصادية الموقعة بين البلدين عام 1998. الاتفاق السعودي الايراني برعاية صينية شكل ضربة  للسياسة الأمريكية في المنطقة التي تسعى لتسعير الطائفية وتوتير العلاقات بين دول الخليج وإيران، لتأتي الصين وتقرب بين السعودية وإيران الأمر الذي تقوم به بكين لأول مرة في تاريخها ما يعد ترجمة لمبادرة الرئيس شي جين بينغ التي أطلقتها في العام 2013 تحت اسم "الحزام والطريق" فالصين تعتبر أن نجاح مشروعها الاقتصادي يحتاج لإعادة ترتيب أوراق الشرق الأوسط الأمنية والسياسية والتخفيف من حدة الصراعات في المنطقة. صحيح أن جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، أعلن ترحيب الولايات المتحدة بالاتفاق، لكن الغيرة والحنق الأمريكيين ظهرا في تصريحه من خلال قوله إنه من المبكر الحكم على صمود هذا الاتفاق وأنه "يبقى أن نرى ما إذا كان الإيرانيون سيلتزمون به مدّعيا أن إيران ليست النظام الذي يفي بكلمته، لكنه يأمل أن يفعلوا ذلك هذه المرة ، وأنه يرغب في أن تنتهي الحرب في اليمن مبرئاً بلاده من إشعال حرب اليمن. هنا لابد أن نذكر بالاتفاقية التي وقعتها الصين مع إيران في 27 مارس/آذار عام 2021 ، وقال حينها وزيرا خارجية البلدين إنها شراكة استراتيجية لمدة 25 عام على الأقل ويعد هذا الاتفاق امتداداً جديداً للمشروع الصيني الخاص بمبادرة "الحزام والطريق"، التي تشمل بناء طرق تربط الصين ببقية أنحاء العالم مما يمكنها من توسيع نفوذها كقوة عالمية. المحلل في الشؤون الإيرانية والآسيوية عامر تمّام يرى أن نجاح الوساطة الصينية يأتي بالتزامن مع علاقات متوترة بين إيران والغرب بسبب الملف النووي، ورغبة السعودية باتخاذ خطوات أكثر استقلالية تجاه الولايات المتحدة بعد توتر شهدتهما علاقاتهما مؤخراً، لا سيّما في ملفات النفط وحقوق الإنسان. الرئيس الصيني شي جين بينغ تحدث عبر الهاتف مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وبحث معه طيفا واسعاً من الموضوعات من بينها متابعة المحادثات بين المملكة وإيران. وسائل إعلام رسمية صينية قالت: إن شي ذكر أنه يأمل في أن يواصل الطرفان تحسين علاقاتهما على أساس نتائج الحوار. كبير الدبلوماسيين الصينيين وانغ يي اعتبر أن الاتفاق بمثابة "نصر للحوار ونصر للسلام" قائلًا: إن الصين ستواصل لعب دور بناء في التعامل مع القضايا الشائكة في العالم وستظهر تحليَها "بالمسؤولية" بصفتها دولة كبرى. قائلاً: "العالم لا يقتصر فقط على قضية أوكرانيا". عبد الله عبود باحث غير مقيم في مركز مالكوم كير–كارنيغي للشرق الأوسط يرى أن من شأن هذا الاتفاق أن يسهم في بناء أواصر الثقة المتبادلة، ويقلّل من احتمال حدوث سباق إقليمي على التسلّح، متيحًا لدول الخليج فرصة التركيز على تحدياتها المحلية والتنمية الاقتصادية. عبود يؤكد أن الاتفاق سيبنى على المفاوضات المتواصلة بين السعوديين والحوثيين بشأن وقف إطلاق النار في اليمن ليفضي على الأرجح إلى بلوغ حل سلمي للصراع، ما من شأنه أن يسمح بتدفّق المساعدات الإنسانية إلى اليمن الذي تمزّقه الحرب ويطلق عملية إعادة الإعمار هناك. وقد يسهم التقارب السعودي الإيراني أيضًا في حلحلة مشاكل شائكة في كلٍّ من العراق وسورية ولبنان. مهما يكن فإن الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية يفتح بوابة أمل لاستقرار منطقة الشرق الأوسط وخفض  النزاعات المسلحة وعودة الأمن والآمان إلى المنطقة ما يفسح في المجال لتنامي مشروع الرئيس الصيني شي جينبينغ "الحزام والطريق" في المنطقة ومنها إلى أوروبا وأفريقيا، فعامل الاستقرار هو العامل الذي تحتاجه المشاريع الاقتصادي الكبرى وفي مقدمها مبادرة الحزام والطريق.

المصدر : آية أكرم الناصر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة