#
  • فريق ماسة
  • 2023-03-26
  • 8196

جرائم الاحتلال الأميركي في العراق بقلم: ساندي اليوسف

بعد عشرين عاماً على غزو العراق بدأت تتكشف الحقائق تباعاً ليبدو جلياً حجم الخسائر في الممتلكات والأرواح وحجم الدمار والخراب الذي حلّ في هذا البلد على الرغم من أن كل ما أُتهم به العراق لم يكن صحيحاً والكل يتذكر كذبة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق الذي أمسك بقنينة صغيرة مدّعياً امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل . موقع قناة بي بي سي - وطبعا هذه وسيلة إعلامية بريطانية - قالت: إن أكثر من 100 ألف مدني عراقي قتلوا  على مدى السنوات العشرين الماضية، ويؤكد أنه في ذروة الصراع عام 2006 أودى الصراع بحياة 29027 شخصا، أما في أهدأ حالاته عام 2022 فقد سجلت 740 حالة وفاة. وتقول بي بي سي إن "عملية غزو العراق" كلفت أكثر من تريليوني دولار أمريكي. طبعاً ما تقوله بي بي سي صحيح، لكن هذه الأموال للأسف ستُدفع من أموال الشعب العراقي، وأعتقد أن هذا هو سبب أزمات الكهرباء والمحروقات حيث  تقوم الولايات المتحدة بسرقة النفط العراقي وبيعه بالأسواق الأميركية والخارجية دون أن يستفيد منه الشعب العراقي. فترة الاحتلال الأمريكي للعراق سجلت فضائح كثيرة منها القتل بدم بارد لمواطنين عراقيين على يد جنود أمريكيين وبريطانيين وعمليات تعذيب وإهانة لسجناء عراقيين في سجني أبو غريب وبوكا وسجون كثيرة أقامتها قوات الاحتلال الأمريكي على الأرض العراقية. بعد سنين من الغزو وما تبعه من دمار اعترف المسؤولون الأميركيون بخطأ ارتُكب أثناء اتخاذ قرار الغزو ومنهم جون ماكين، السيناتور الجمهوري الراحل، الذي كان من أشد المتحمسين لاحتلال العراق حيث كتب في مذكراته التي نشرها قبل وفاته عام 2018  "لا يمكن الحكم على تلك الحرب، بتكلفتها العسكرية والانسانية، سوى أنها خطأ... خطأ خطير للغاية، وعليّ أن أتحمل نصيبي من اللوم على ذلك ". في عام 2021، نشرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان دراسة تحدثت فيها عن ظلم شديد يطال نظام العدالة في العراق، وجاء فيها أن المعتقلين يحرمون من حقوقهم وأن الاعترافات تنتزع منهم من خلال التعذيب وأنهم يجبرون على توقيع وثائق تعترف بجرائم لم يرتكبوها، علاوة على تعرضهم للضرب المبرح والصدمات الكهربائية والوضعيات المجهدة والاختناق. في مرحلة الاحتلال الأمريكي دُمرت غالبية المصانع والمعامل،  وصار العراق أمام جيش من الموظفين غير المنتجين، لأنهم يستلمون مرتباتهم لكنهم في الواقع لا يعملون لأن غالبية مصانع البلاد إما دمرتها الحرب أو عطلها الإهمال والنهب، وهذا ما جعل من العراق دولة مستهلكة فقط، وإنتاجها في الجانب الصناعي البسيط والزراعي لا يكاد يذكر. الولايات المتحدة  عمدت إلى نهب ثروات كبيرة من خيرات العراق ومنها اليورانيوم المنضب والنفط وبقية الثروات الطبيعية، وكان هذا من أهم الأهداف الاقتصادية التي سعت لها الدولتان المحتلتان. الحقيقة المؤلمة هي أن العراق تعرض إلى تدمير البنى التحتية ، و حل مؤسساته السياسية ، و تفكيك جيشه، و نهب خيراته و ثرواته ، و تدمير و سرقة متاحفه لطمس تاريخه الحضاري. لقد تسببت عمليات التصفية الجسدية، وتكبيل الحريات في البلاد بأن تصبح عشرات الآلاف من العوائل لا معيل لها، وهذا ما تسبب بشرخ اجتماعي كبير ما زال العراقيون يعانون من آثاره حتى الآن. في نهاية عام  2006 ذكرت مجلة لانسيت الطبية البريطانية في  دراسة مسحية أجرتها أن 655 ألف عراقي قتلوا منذ بداية الغزو الأمريكي في 19 مارس 2003 وحتى 11 أكتوبر 2006. وفي الأول من فبراير 2009 نشر موقع «ألترنت» الأمريكي المعارض للحرب الأمريكية على العراق تقريراً يفيد بأن حرب الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش على العراق أسفرت عن مقتل أكثر من مليون نسمة، وتشريد نحو 4.5 مليون آخرين، وما يقرب من مليوني أرملة، وخمسة ملايين يتيم. في يوم 7 مارس/آذار 2013 كشف تقرير أعدته مجموعة السلام الهولندية عن آثار ما أُستخدم من أسلحة يورانيوم منضب في العراق في حربي 1991 و2003، وأن خطر هذه الأسلحة أكثر بمئة مرة من تأثير حادثة مفاعل تشيرنوبل بأوكرانيا، وأن العراق يحتاج لنحو 30 مليون دولار لتنظيف أكثر من 300 موقع ملوث، وأن ما يفاقم خطر الأسلحة المشعة هو ضعف قدرة العراق على معالجتها! من يتابع الوضع العراقي يرى أن ملامح الكارثة تظهر في التّدمير المنهجي لقطاعات العراق الاقتصاديّة، وبنيته التحتيّة وأجياله الطالعة في صورة تجلت بتزايد وفيات الأطفال، وغياب الأدوية والحليب ونقص النّمو فضلًا عن التّشوهات والأمراض الناتجة عن الحرب والتلوث. الجشع الأمريكي لنهب النفط العراقي بدا واضحاً حيث عمدت  وزارة الدّفاع الأمريكية (البنتاغون) إلى منح شركة هاليبيرتون وحتى من دون إجراء مناقصة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2003 عقدين الأول بقيمة سبعة مليارات دولار لإعادة تأهيل البنى التحتية النفطيّة العراقيّة والتزوّد بالمنتجات النفطيّة المكررة في العراق، والعقد الثاني تقدم مجموعة هاليبيرتون دعم لوجستي للقوات الأمريكية في الشّرق الأوسط وآسيا الوسطى بقيمة 8.6 مليار دولار، ولكن في المحصلة كانت عملية إعادة التأهيل فقط للتوسع في نهب النفط. يمكن القول: إن ما حدث في العراق هو سلسلة من جرائم الحرب المنظمة التي قامت بها الولايات المتحدة وحليفتها بريطانيا ضد الشعب العراقي دون أن يوجد في هذا العالم من يردع هؤلاء ويوقفهم عند حدودهم.

المصدر : إعداد: ساندي يوسف


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة