دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أثارت التدابير التركية ضد إسرائيل الجمعة الماضي بعد تسريب تقرير «لجنة بالمر» حول العدوان الإسرائيلي على «أسطول الحرية»، نقاشات وتساؤلات متعددة داخل تركيا نفسها.
وبقدر ما أظهرت الصحف التركية دعما لخطوات الحكومة، فإن ما يلفت أكثر من أي شيء آخر هو التزامن بين الإعلان عن التدابير التركية ضد إسرائيل والإعلان عن اتفاق لنشر الدرع الصاروخي في تركيا، والمستهدف منه أساسا إيران وسوريا وروسيا، مع ما تشهده العلاقات التركية من توترات مع هذه الدول في هذه المرحلة.
وقد ركزّت الصحف التركية في عناوينها على أن إسرائيل ستصبح أكثر عزلة على الصعيد الدولي بعد التدابير التركية. وتحدثت الصحف عن إمكان قيام رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان «بخطوة كبيرة» وهي زيارة قطاع غزة عبر بوابة رفح، ليكون أول رئيس حكومة يدخل القطاع من هذه البوابة.
وتقول الصحف إن مثل هذه الخطوة مرتبطة بمدى تجاوب الحكومة المصرية مع الطلب التركي، خصوصا أن العلاقات المصرية - الإسرائيلية تمر بدورها في فترة توتر. كذلك يتوقع أن تسعى تركيا إلى تقديم مشروع قرار إلى الأمم المتحدة يعتبر الحصار على غزة غير شرعي، وذلك ردا على تقرير لجنة «بالمر» الذي اعتبرته شرعيا.
وأعلن وزير الخارجية احمد داود اوغلو، لقناة «تي آر تي» امس الاول، ان تركيا ستبدأ الأسبوع المقبل إجراء قضائيا للاعتراض على قانونية الحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة. وحذر من ان موقف السلطات الإسرائيلية سيؤدي إلى إثارة استياء القوى السياسية الجديدة الناشئة من «الربيع العربي». وقال «اذا استمرت اسرائيل على مواقفها الحالية، فانها تكون تعمل على إثارة شعور قوي مناهض لها لدى من يقاتلون انظمتهم التسلطية في حركة الربيع العربي».
كذلك ستقوم تركيا بتشجيع منظمة التعاون الإسلامي على التحرك وسط حملة إعلامية من جانب الصحف المؤيدة لحزب العدالة والتنمية على منظمة التعاون الإسلامي التي يرأسها التركي اكمال الدين إحسان أوغلو، بسبب ما وصفته «بلا مبالاة» المنظمة بمجاعة الصومال، وعلى «صمتها» إزاء تقرير «بالمر». وتردّ أوساط تركية حملة حزب العدالة والتنمية على إحسان أوغلو بأنها تستهدف تقليل حظوظه للترشح ليكون أمينا عاما مقبلا للأمم المتحدة في حين يتم الإعداد سرا ليكون الرئيس التركي عبد الله غول نفسه أمينا عاما مقبلا للأمم المتحدة بعد أن يحل اردوغان محله في الرئاسة.
ولم تستبعد الصحف التركية أيضا تسخين الوضع في شرق المتوسط مع إعلان أنقرة أنها لن تترك البحر المتوسط رهينة بيد إسرائيل، بل ستضمن تركيا حرية ملاحة سفنها فيها عبر مواكبة قطعها البحرية العسكرية لها، وهو ما قد يضع تركيا وإسرائيل في مواجهة بعضهما البعض.
وإضافة إلى سعي تركيا لنقل قضية الحصار إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، فإن وزارة الخارجية التركية أنذرت السفير الإسرائيلي غابي ليفي وكل دبلوماسي أعلى من سكرتير ثان بمغادرة البلاد حتى الأربعاء، وإلا فستضطر أنقرة إلى إخراجهم بنفسها، غير أن ليفي قال انه سيغادر في الموعد المحدد وقد يعود إلى تركيا في المستقبل بصفة سائح.
واتهم اوزديم سانبرك، العضو التركي في اللجنة التي شكلها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، رئيسها جيوفري بالمر ونائبه في اللجنة الرئيس الكولومبي السابق ألفارو أوريبي بأنهما مواليان لإسرائيل، وقد أعدا التقرير بالتعاون معها متجاهلين كل الطروحات التي قدمتها تركيا.
وبعيدا عن الضجيج العالي الذي أحدثته الخطوة التركية ضد إسرائيل، فإن صحيفة «ميللييت» توقفت مليا عند تزامن الخطوة التركية ضد إسرائيل بالإعلان عن موافقة أنقرة على نشر الدرع الصاروخي في أراضيها. وقالت الصحيفة، في مقالة كتبتها نوراي ميرت، انه «ليس مصادفة تزامن القرارين، فالضجيج والتركيز الآن على الخطوة ضد إسرائيل فيما كان يفترض أن يتم التركيز على علاقة تركيا بحلف شمال الأطلسي وتأثير الخطوة على العلاقات التركية مع إيران وسورية». وأضافت الكاتبة إن رد فعل تركيا على إسرائيل في هذه اللحظة بالذات كان للتغطية على قرار نشر الدرع الصاروخي وتمريره بأقل قدر من الضجيج.
وفي الاتجاه ذاته، يذهب الكاتب في الصحيفة نفسها سميح ايديز عندما يربط بين قرارات تركيا ضد إسرائيل أيضا بقرار نشر الدرع الصاروخي الموجه أيضا ضد موسكو، وبالدعم الروسي القوي للقسم اليوناني من جزيرة قبرص، وهو ما يعكس قول تركيا إنها ستسير دوريات بحرية لضمان حرية الملاحة في شرق المتوسط.
ويقول ايديز إن بدء قبرص اليونانية التنقيب قريبا عن الغاز في شرق المتوسط سيكون سببا آخر للتوتر. وهو ما عكسه وزير الدولة التركي لشؤون الاتحاد الأوروبي ايغيمين باغيش بقوله إن الأسطول موجود لهذه الأسباب، أي بتحذير تركيا للقبارصة اليونانيين من التنقيب عن الغاز في مياه المتوسط، حيث ترى أنقرة أن شمال قبرص التركية معنية بها وقد تم تجاهل دورها.
ويضيف ايديز انه «سواء ارتبطت الخطوة التركية ضد إسرائيل بإيران أو روسيا أو سوريا فإنه مع عدم إيجاد حل للمشاكل الراهنة، فإن مشاكل جديدة تنشأ على هامشها. وفي حال لم يُظهر وزير الخارجية أحمد داود أوغلو وفريقه مهارة في إدارة الأزمة، فإن الطريق إلى صدام عسكري ستكون مفتوحة».
المصدر :
محمد نور الدين
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة