دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أطلقت المعارضة التركية أوسع حملة انتقاد لسياسة تركيا الخارجية تجاه سورية. وكان كلام رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان في إفطار السبت الماضي، الذي شنّ فيه حملة قاسية على النظام في سورية وأعلن خلاله أن صبر تركيا شارف لحظاته الأخيرة، المنطلق لحملة المعارضة.
وقد كانت ردة فعل زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو بمثابة مطالعة شاملة فنّد فيها أخطاء السياسة الخارجية التركية تجاه سوريا على وجه التحديد.
وأشار كيليتشدار اوغلو أولا إلى أن «شعوب الشرق تحتاج إلى ديموقراطية وحريات أكثر، وهذا لا تردد فيه، وعلى تركيا أن تساهم في هذا المسار»، لكن زعيم المعارضة اعتبر أن سياسة «تصفير المشكلات» التي حملها وزير الخارجية احمد داود اوغلو قد فشلت، ولا سيما مع سوريا. وقال «لقد ألغيت التأشيرات مع سوريا وذهب رئيس الحكومة إلى سوريا وقوبل بحماس كبير، بل وضع حجر أساس لسدّ، وأعلن البلدان أخوتهما. لكن القوى الغربية دخلت على الخط وكانت النتيجة تخريب العلاقات. وأصبحت سوريا عدوّنا الأكبر. وهنا أريد أن أشير إلى حاجة شعوب المنطقة إلى الحريات والديموقراطية، لكن يجب ألا يعني ذلك التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين».
وأضاف «السياسة الخارجية شأن جدّي إلى الحد الذي لا يجب أن تكون أداة لسياسات داخلية. السياسة الخارجية تحتاج إلى صبر وتأن. السياسة الخارجية تتطلب ألا تكون تركيا دمية للقوى المهيمنة. لكن مع الأسف وصلنا إلى مرحلة أصبحنا في وضع الناطق الرسمي في الشرق الأوسط للقوى المهيمنة».
واذ قال كيليتشدار اوغلو ان علاقات تركيا مع كل دول المنطقة قد تخربت، أشار الى ان سوريا ليست دولة هامشية في العالم العربي بل بلد مفتاح. وقال ان اي اضطراب وصدام في سوريا ينعكس على تركيا، وان على انقرة ان ترى ذلك وتتحرك على هذا الأساس. واضاف «السياسة الخارجية لا تتأسس على الرومانسية، بل على المصالح المتبادلة. غدا تتغير مصالح الدول المهيمنة ويهرعون الى سوريا، اما الشعب السوري فسينظر إلينا بريبة بينما يجب ترسيخ حسن الجوار معه. يجب ان نكون أكثر دقة وحساسية في علاقاتنا مع سوريا».
وحول نفاد صبر اردوغان من سوريا، قال كيليتشدار اوغلو «كل يوم يأتينا الشهداء مثل المطر، ورئيس حكومتنا يتعاطى مثل القرود الثلاثة التي لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم تجاه قضايانا الداخلية. نعرف جيدا مأساة العراق وتلك التي في ليبيا، وقد كنا أداة لتقسيمها. لقد ذهب وزير خارجيتنا الى ليبيا واجتمع في بنغازي بقادة المعارضة وشارك في مهرجاناتها. غدا لو أن وزير خارجية دولة أجنبية جاء إلى تركيا وفعل الشيء نفسه ما الذي سيقوله رئيس الوزراء؟ هل عنده جواب على ذلك».
وقال إن «الآلاف من المسلمين يقتلون في المياه الباردة للبحر المتوسط ولا أحد يقدم لهم يد العون فيغرقون ويموتون. من هو المسؤول؟ انه رجب طيب اردوغان الذي أعطى الإذن لحلف شمال الأطلسي للتدخل في ليبيا. في العراق قتل الآلاف من الأبرياء. لم يخرج أحد ويقول إن العراق شأن داخلي لتركيا. لماذا لم يقولوا ذلك. تأملوا جيدا حيث كل المعلومات تعطى الى الولايات المتحدة. لمن تعطى المعلومات في تركيا؟ أنتم (اردوغان) لا تعطونها للشعب بل للقوى المهيمنة. انكم تتحركون وفقا لتعليماتهم. تقولون اننا بلد مستقل لكن من الواضح انكم لا تتبعون سياسة خارجية مستقلة بل سياسة القوى المهيمنة».
وحذّر كيليتشدار اوغلو من انه إذا انتقلت شرارة الأحداث في سوريا فإن المسؤول عنها سيكون سلطة حزب العدالة والتنمية. واعلن انه ضد ان يذهب داود اوغلو الى دمشق لحمل رسائل الولايات المتحدة. وقال ان المشكلة ليست في ان تنقل تركيا آراءها الى السوريين بل في انها تقوم بدور المتدخل، مضيفا «يقول (اردوغان) ان صبره قارب لحظاته الأخيرة. اذا نفد الصبر فما الذي سيفعله؟ هل سيتدخل عسكريا في سوريا؟ وتبعا لأية ذريعة نفد صبر رئيس الحكومة. نحن يجب ان نعرف أيضا».
على الصعيد نفسه، قال فاروق لوغ اوغلو، السفير السابق لتركيا في واشنطن ونائب أضنة عن حزب الشعب الجمهوري، ان تركيا يجب ان تعارض اي تدخل عسكري في سوريا، مشيرا الى ان الأسباب التي حدت بتركيا الى تهديد سوريا بالحرب عام 1998 بشأن زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله اوجلان مختلفة كلية عن الوضع الراهن.
وقال ان سياسة انقرة المتذبذبة تجاه دمشق وإدارة الظهر لها غير مفهومة، مضيفا ان اي تحرك تركي يجب ألا يكون وفق مصالح الدول الأخرى، ولا سيما الولايات المتحدة، بل وفق المصالح التركية.
وتابع ان «على تركيا ان تعارض اي احتمال لتدخل عسكري دولي في سوريا، وان تذهب إلى العواصم المعنية لتقول لهم ذلك. لأن أي تدخل في سوريا لن تقتصر نتائجه عليها. ويجب ألا نغفل العلاقات الوثيقة بين ايران وسوريا والعلاقات الايرانية- الاسرائيلية والسورية- الاسرائيلية. وأي تدخل في سوريا قد يفتح امام صدامات اقليمية واسعة. تركيا يجب ألا تكون داخل أي تدخل بل يجب ان تعارض اي تدخل، وما نتج عن التدخل العسكري في ليبيا يجب أن يكون ماثلا امام انقرة بحيث ألا تكون شريكا في هذا السلوك».
ورأى لوغ اوغلو أن تركيا يجب ألا تكون طرفا في الصراع الداخلي السوري، بل ان تقوم بدور الوسيط بين النظام والمعارضة في اتجاه إقامة حوار بينهما.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة