بدا المشهد سوداوياً عشية اللقاءات السورية لوزير الخارجية التركية أحمد داوود أوغلو، مع ظهور تنسيق أميركي ــ تركي بشأن رسالة رئيس الدبلوماسية التركية للقيادة السورية، مع تلويح أنقرة بفرض حصار وعزلة على دمشق في الاجتماع الذي قد يكون الأخير

احتلت المواجهة الدبلوماسية الدائرة بين أنقرة ودمشق اهتمامات الإعلام التركي الذي شُغل بمحاولة معرفة فحوى الرسالة التي ينقلها وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو، إلى حكام دمشق اليوم، وهو ما بدا أنه يجري بالتنسيق مع الإدارة الأميركية. وعشية الزيارة الموعودة، تكثفت الاتصالات التركية ـــــ الأميركية، مع كشف نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر، أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون طلبت من نظيرها التركي أن ينقل إلى المسؤولين السوريين رسالة واضحة مفادها أن على السلطات السورية «إعادة جنودها فوراً إلى ثُكنهم وأن تطلق سراح جميع المعتقلين السوريين»، وذلك خلال مكالمة هاتفية أجرتها مع داوود أوغلو.

وتابع: «لقد طلبت (كلينتون) من وزير الخارجية التركي إيصال هذه الرسائل إلى الحكومة السورية، وأعادت تكرار الدعم الأميركي لعمليّة تحوُّل ديموقراطي في سوريا». وبحسب مصادر دبلوماسية تركية تحدّثت لصحيفة «توداي زمان»، ظلّ الاتصال بين كلينتون وداوود أوغلو متواصلاً حيال الملف السوري طوال الفترة الماضية.

من ناحية ثانية، قال تونر «إن التصريحات القوية الصادرة عن الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي خلال عطلة نهاية الأسبوع مشجعة للغاية وكانت مصدر ارتياح لنا».

وفي إطار التنسيق الأميركي ـــــ التركي حيال الأزمة السورية، كان لافتاً اللقاء الذي جمع كبير مستشاري أردوغان إبراهيم كالين على عجل بالسفير الأميركي لدى تركيا فرانك ريتشارديوني، وذلك قبل دقائق من الاجتماع الذي رأسه رئيس الوزراء التركي أمس للأمن الخارجي، والذي خُصِّص للتطورات السورية ولتحديد مضمون الرسالة التي ينقلها داوود أوغلو إلى المسؤولين السوريين اليوم.

وفي وقت لاحق أمس، وصل المسؤول عن الملف السوري في وزارة الخارجية الأميركية، فريديريك هوف، إلى أنقرة، حيث يجري سلسلة محادثات مع السلطات التركية حول آخر التطورات في سوريا والمنطقة.

إلى ذلك، نقلت صحيفة «حرييت» عن مصادر دبلوماسية تركية أنّ طبيعة الإجراءات التي لوّح أردوغان باتخاذها بحق سوريا، إن كان رد القيادة السورية سلبياً على الرسالة التي ينقلها داوود أوغلو لدمشق اليوم، تتلخص بانضمام أنقرة إلى العواصم الأجنبية والهيئات الدولية التي تتخذ إجراءات ضد النظام السوري، ما قد يؤدّي إلى «تخلّي أنقرة عن الأسد ونظامه ودراسة اتخاذ إجراءات دولية» بحق نظام حزب البعث، و«فرض حصار على دمشق على طريقة عزلة نظام (الرئيس العراقي المخلوع) صدام حسين» في تسعينيات القرن الماضي.

وعن زيارة داوود أوغلو لدمشق اليوم، قال مسؤول آخر في وزارة الخارجية التركية إن «الأتراك سيجلسون ويتحدثون للمرة الأخيرة مع السوريين، ذلك أن اجتماعات داوود أوغلو اليوم ستكون الأخيرة مع السوريين وستحدد نتيجتها ما إذ كانت العلاقات التركية ـــــ السورية ستُقطَع أو لا، رغم أنه يجب عدم استبعاد خيار الحوار بين الدول حتى خلال الحروب». وعن هذا الموضوع، رأى الدبلوماسي التركي أنّ موقف أنقرة تجاه دمشق «قد يؤثّر على مسار الخطوات الدولية ضد دمشق». وذكّر بأنّ الوضع السوري «يختلف عن ظروف ليبيا؛ لأنه لا أحد يمكنه فعل شيء تجاه سوريا من دون تركيا»، مستبعداً أن نشهد حملة عسكرية على سوريا «لكن المسار المرجَّح هو فرض حصار» على هذا البلد.

وكتب رئيس تحرير صحيفة «حرييت دايلي نيوز» مراد يتكن، تحت عنوان «الأسد يلعب بالنار»، أن جوهر رسالة داوود أوغلو للقيادة السورية يفيد بأنه «إن لم يوقف نظام الأسد فوراً قتل المواطنين، فإنّ تركيا ستنضم إلى المجتمع الدولي في كل ما يتخذه من قرارات عقوبات وعزلة ضد سوريا». بكلام آخر، لن تبقى تركيا «محامي الدفاع عن سوريا»، مشيراً إلى أن ذلك سيترك دمشق «بين أيدي إيران وحدها». وفي السياق، يلفت يتكن إلى أن أردوغان «يحاول القيام بخطوات وقائية لتحييد الدعم اللبناني للأسد»، وهو ما رأى أنه تُرجم مثلاً بمحادثات النائب وليد جنبلاط مع أردوغان في إسطنبول يوم السبت الماضي. وخلص يتكن إلى أن التصعيد التركي الأخير ضد النظام السوري هو ترجمة لانتهاء مهلة «سننتظر لنرى» التي حدّدها الرئيس عبد الله غول بعد خطاب الأسد في 20 حزيران الماضي، كاشفاً عن وجود وزراء داخل الحكومة التركية مقتنعين بأنّ الأسد «ليس أهلاً بالثقة»، وأن هؤلاء واثقون من أن الرئيس السوري عاجز عن فرض نفوذه على «النخبة السورية الحاكمة من ضمن الحرس القديم». ووفق يتكن، فإنّ هؤلاء المسؤولين الأتراك من أصحاب الرأي الذي يفيد بأنه ليس على تركيا إرسال إشارات للأسد يفهم منها أنه «يمكنه اللعب بالوقت»، من دون أن يستبعد رئيس تحرير «حرييت» أن يكون الرئيس السوري نفسه مدركاً أنه «يلعب بالنار»، لكنه «سيكون قد فات الأوان بالنسبة إليه عندما يعترف بهذه الحقيقة».

(الأخبار)

  • فريق ماسة
  • 2011-08-08
  • 9765
  • من الأرشيف

هجوم أميركيّ.. بأدوات تركيّة ودعم خليجيّ

بدا المشهد سوداوياً عشية اللقاءات السورية لوزير الخارجية التركية أحمد داوود أوغلو، مع ظهور تنسيق أميركي ــ تركي بشأن رسالة رئيس الدبلوماسية التركية للقيادة السورية، مع تلويح أنقرة بفرض حصار وعزلة على دمشق في الاجتماع الذي قد يكون الأخير احتلت المواجهة الدبلوماسية الدائرة بين أنقرة ودمشق اهتمامات الإعلام التركي الذي شُغل بمحاولة معرفة فحوى الرسالة التي ينقلها وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو، إلى حكام دمشق اليوم، وهو ما بدا أنه يجري بالتنسيق مع الإدارة الأميركية. وعشية الزيارة الموعودة، تكثفت الاتصالات التركية ـــــ الأميركية، مع كشف نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر، أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون طلبت من نظيرها التركي أن ينقل إلى المسؤولين السوريين رسالة واضحة مفادها أن على السلطات السورية «إعادة جنودها فوراً إلى ثُكنهم وأن تطلق سراح جميع المعتقلين السوريين»، وذلك خلال مكالمة هاتفية أجرتها مع داوود أوغلو. وتابع: «لقد طلبت (كلينتون) من وزير الخارجية التركي إيصال هذه الرسائل إلى الحكومة السورية، وأعادت تكرار الدعم الأميركي لعمليّة تحوُّل ديموقراطي في سوريا». وبحسب مصادر دبلوماسية تركية تحدّثت لصحيفة «توداي زمان»، ظلّ الاتصال بين كلينتون وداوود أوغلو متواصلاً حيال الملف السوري طوال الفترة الماضية. من ناحية ثانية، قال تونر «إن التصريحات القوية الصادرة عن الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي خلال عطلة نهاية الأسبوع مشجعة للغاية وكانت مصدر ارتياح لنا». وفي إطار التنسيق الأميركي ـــــ التركي حيال الأزمة السورية، كان لافتاً اللقاء الذي جمع كبير مستشاري أردوغان إبراهيم كالين على عجل بالسفير الأميركي لدى تركيا فرانك ريتشارديوني، وذلك قبل دقائق من الاجتماع الذي رأسه رئيس الوزراء التركي أمس للأمن الخارجي، والذي خُصِّص للتطورات السورية ولتحديد مضمون الرسالة التي ينقلها داوود أوغلو إلى المسؤولين السوريين اليوم. وفي وقت لاحق أمس، وصل المسؤول عن الملف السوري في وزارة الخارجية الأميركية، فريديريك هوف، إلى أنقرة، حيث يجري سلسلة محادثات مع السلطات التركية حول آخر التطورات في سوريا والمنطقة. إلى ذلك، نقلت صحيفة «حرييت» عن مصادر دبلوماسية تركية أنّ طبيعة الإجراءات التي لوّح أردوغان باتخاذها بحق سوريا، إن كان رد القيادة السورية سلبياً على الرسالة التي ينقلها داوود أوغلو لدمشق اليوم، تتلخص بانضمام أنقرة إلى العواصم الأجنبية والهيئات الدولية التي تتخذ إجراءات ضد النظام السوري، ما قد يؤدّي إلى «تخلّي أنقرة عن الأسد ونظامه ودراسة اتخاذ إجراءات دولية» بحق نظام حزب البعث، و«فرض حصار على دمشق على طريقة عزلة نظام (الرئيس العراقي المخلوع) صدام حسين» في تسعينيات القرن الماضي. وعن زيارة داوود أوغلو لدمشق اليوم، قال مسؤول آخر في وزارة الخارجية التركية إن «الأتراك سيجلسون ويتحدثون للمرة الأخيرة مع السوريين، ذلك أن اجتماعات داوود أوغلو اليوم ستكون الأخيرة مع السوريين وستحدد نتيجتها ما إذ كانت العلاقات التركية ـــــ السورية ستُقطَع أو لا، رغم أنه يجب عدم استبعاد خيار الحوار بين الدول حتى خلال الحروب». وعن هذا الموضوع، رأى الدبلوماسي التركي أنّ موقف أنقرة تجاه دمشق «قد يؤثّر على مسار الخطوات الدولية ضد دمشق». وذكّر بأنّ الوضع السوري «يختلف عن ظروف ليبيا؛ لأنه لا أحد يمكنه فعل شيء تجاه سوريا من دون تركيا»، مستبعداً أن نشهد حملة عسكرية على سوريا «لكن المسار المرجَّح هو فرض حصار» على هذا البلد. وكتب رئيس تحرير صحيفة «حرييت دايلي نيوز» مراد يتكن، تحت عنوان «الأسد يلعب بالنار»، أن جوهر رسالة داوود أوغلو للقيادة السورية يفيد بأنه «إن لم يوقف نظام الأسد فوراً قتل المواطنين، فإنّ تركيا ستنضم إلى المجتمع الدولي في كل ما يتخذه من قرارات عقوبات وعزلة ضد سوريا». بكلام آخر، لن تبقى تركيا «محامي الدفاع عن سوريا»، مشيراً إلى أن ذلك سيترك دمشق «بين أيدي إيران وحدها». وفي السياق، يلفت يتكن إلى أن أردوغان «يحاول القيام بخطوات وقائية لتحييد الدعم اللبناني للأسد»، وهو ما رأى أنه تُرجم مثلاً بمحادثات النائب وليد جنبلاط مع أردوغان في إسطنبول يوم السبت الماضي. وخلص يتكن إلى أن التصعيد التركي الأخير ضد النظام السوري هو ترجمة لانتهاء مهلة «سننتظر لنرى» التي حدّدها الرئيس عبد الله غول بعد خطاب الأسد في 20 حزيران الماضي، كاشفاً عن وجود وزراء داخل الحكومة التركية مقتنعين بأنّ الأسد «ليس أهلاً بالثقة»، وأن هؤلاء واثقون من أن الرئيس السوري عاجز عن فرض نفوذه على «النخبة السورية الحاكمة من ضمن الحرس القديم». ووفق يتكن، فإنّ هؤلاء المسؤولين الأتراك من أصحاب الرأي الذي يفيد بأنه ليس على تركيا إرسال إشارات للأسد يفهم منها أنه «يمكنه اللعب بالوقت»، من دون أن يستبعد رئيس تحرير «حرييت» أن يكون الرئيس السوري نفسه مدركاً أنه «يلعب بالنار»، لكنه «سيكون قد فات الأوان بالنسبة إليه عندما يعترف بهذه الحقيقة». (الأخبار)

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة