الطلب الإيطالي إلى أوروبا استدعاء سفرائها من دمشق لن يجد الصدى المطلوب في فرنسا، وسيبقى السفير الفرنسي في دمشق.

مصدر دبلوماسي فرنسي قال تعليقاً على الاقتراح الإيطالي «إنه من المبكر جداً أن نتحدث عن هذا الخيار، ولن ننجرّ إلى مواجهة مفتوحة ومباشرة مع النظام السوري، ولكننا على استـــعداد لطرح قضية استدعاء السفراء الأوروبيين من دمــشق، للنقاش بين شركائنا الأوروبيين إذا ما كانوا يتمنون ذلك، وعلى أي حال لم نتسلم أي طلب رسمي ايطالي بهذا الشأن».

والأرجح ألا تلجأ فرنسا في هذه المرحلة إلى هذه الخطوة، من موقع براغماتي صرف، والتمهل في استخدامها كوسيلة لفرض عزلة دولية على النظام السوري، لأنها لا تزال تحرص في هذه المرحلة على الإبقاء على قنوات الاتصال مفتوحة مع مختلف الأطراف في دمشق، فضلاً عن كونها موقع مراقبة متقدماً للتطورات في الداخل.

وبتفاؤل متزايد يقطع مع شلل كل المبادرات الفرنسية لفرض بحث الملف السوري في مجلس الأمن الدولي، زود اقتحام الجيش السوري حماه، الدبلوماسية الغربية بأمل التوصل للمرة الأولى منذ خمسة أشهر إلى نقاش حقيقي يتوصل إلى تجاوز عقبة «الفيتو» الروسي، إلى استصدار قرار يدين استخدام العنف ضد الحراك الشعبي السوري، وعمليات القتل التي يتعرض لها المحتجون في المدن السورية.

وتأمل الدبلوماسية الفرنسية أن يكون هناك ما قبل وما بعد حماه على مستوى التحرك الدولي ضد النظام السوري. إن مجرد انعقاد مجلس الأمن لبحث نتائج العملية الدامية ضد المدينة السورية يعني تراجعاً نسبياً في جبهة الرفض التي جمعت روسيا والصين إلى الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، ضد أي مبادرة تقوم بها مجموعة الدول الغربية إزاء سوريا.

وقال مصدر دبلوماسي إن الموقف الذي أعلنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يندرج في هذا السياق، وهو موقف غير مسبوق في إدانته الواضحة «لاستخدام القوة غير المقبول ضد المدنيين، ودعوة الحكومة والمعارضة إلى ضبط النفس». ويُعدّ مجرد «قبول بعض الدول الجلوس حول طاولة للبحث في الملف السوري تقدماً كبيراً، وهي المرة الأولى التي يقبل فيها جميع أعضاء مجلس الأمن، مبدأ التفاوض حول الأوضاع السورية».

ومن دون عملية حماه ما كان للرئاسة الهندية لمجلس الأمن أن تقبل بمبدأ مناقشة الأوضاع السورية. وتتهم الدبلوماسية الغربية الرئاسة الهندية بتكرار آلي في مواقفها للدعاية الرسمية السورية عن «الجماعات الإرهابية والأجنبية المسلحة التي تقف وراء الاحتجاجات».

خلال الساعات الماضية عملت الدبلوماسية الغربية على نزع حجج الدول المعترضة على مناقشة الملف السوري، خوفاً من تكرار الخطأ الليبي، واستصدار قرار يحمل تدخلاً عسكرياً غربياً محتملاً في طياته أو تفسيره. وقال قائد الأركان الأميركي مايك مولن، في هذا الإطار، إنه يستبعد أي تدخل عسكري في سوريا. المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس زادت فوصفت التفكير بالتدخل العسكري بأنه «جعجعة» وأن مشروع القرار المقدّم إلى المجلس لا يشبه لا من قريــب ولا من بعــيد القرار 1973 الليبي.

ويبقى على الغربيين أن يجهدوا كثيراً للحصول على الأصوات التسعة الضرورية، وإقناع البرازيل والهند وجنوب أفريقيا بالتصويت على قرار قامت المجموعة الغربية التي تتقدّم به بإحداث تعديلات واسعة فيه أملاً بإقناع روسيا بالاكتفاء بالامتناع وعدم استخدام حق النقض.

وبحسب مصدر دبلوماسي فإن مشروع القرار الذي تقدّمت به بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال يدين اختراق حقوق الإنسان المنهجي، ويطلب الوقف الفوري لاستخدام العنف، ويدعو السلطات السورية إلى إجراء إصلاحات عاجلة. ولا يزال مشروع القرار المطروح على مجلس الأمن يتيح هامشاً سياسياً واسعاً أمام النظام السوري، مستبعداً أي تشكيك في شرعيته داعياً إياه إلى تغييرات في تعاطيه مع الاحتجاج. إذ أسقط مشروع القرار اقتراحات بفرض عقوبات دولية، وتجاهل أي دعوة محتملة إلى إحالته أمام المحكمة الجزائية الدولية في لاهاي. ولكن المشروع الذي يجري نقاشه يدعو دمشق إلى فتح تحقيق حول اختراقات حقوق الإنسان ومحاكمة المسؤولين عن قتل المتظاهرين السلميين.

وتعرض دول جبهة الرفض المكونة من جنوب أفريقيا والهند والبرازيل مقاربة دبلوماسية مباشرة من الحد الأدنى. فخلال اجتماع مغلق اقترحت مشروعاً أولياً يقضي بإرسال مبعوثين أمميين إلى دمشق في أقرب وقت ممكن، يقومون بالتعبير لدى السلطات السورية عن القلق للأوضاع القائمة. وتعدّ هذه البلدان مشروعها متمماً للمبادرة الغربية، فيما قال دبلوماسي فرنسي إن ما يبحثه الرافضون هو عملية دفن لأي مشروع غربي.

أما الاتحاد الأوروبي فيتقدّم من جانب واحد في توسيع العقوبات على دمشق. وأضاف الأوروبيون خمسة أسماء جديدة إلى لائحة من 13 مسؤولاً سورياً، يمنعون من السفر ويحجر على أملاكهم وأموالهم وحساباتهم المصرفية.

وتضمّ اللائحة الجديدة وزير الدفاع اللواء علي حبيب حمود، وقائد الأمن العسكري في حماه العميد محمد مفلح، والذي يُعدّ المسؤول الرئيس عن موجة القمع الجديدة في المدينة، وقائد الأمن الداخلي في الاستخبارات العامة توفيق يونس، ومحمد مخلوف خال الرئيس بشــار الأسد، وقائد أمن الدولة في حمص أيمن جابر المتهم بتمويل ميليشيات «الشبيحة».

السفير /محمد بلوط

  • فريق ماسة
  • 2011-08-02
  • 8524
  • من الأرشيف

باريس لن تستدعي سفير ها... لا نريد مواجهة مفتوحة مع دمشق

الطلب الإيطالي إلى أوروبا استدعاء سفرائها من دمشق لن يجد الصدى المطلوب في فرنسا، وسيبقى السفير الفرنسي في دمشق. مصدر دبلوماسي فرنسي قال تعليقاً على الاقتراح الإيطالي «إنه من المبكر جداً أن نتحدث عن هذا الخيار، ولن ننجرّ إلى مواجهة مفتوحة ومباشرة مع النظام السوري، ولكننا على استـــعداد لطرح قضية استدعاء السفراء الأوروبيين من دمــشق، للنقاش بين شركائنا الأوروبيين إذا ما كانوا يتمنون ذلك، وعلى أي حال لم نتسلم أي طلب رسمي ايطالي بهذا الشأن». والأرجح ألا تلجأ فرنسا في هذه المرحلة إلى هذه الخطوة، من موقع براغماتي صرف، والتمهل في استخدامها كوسيلة لفرض عزلة دولية على النظام السوري، لأنها لا تزال تحرص في هذه المرحلة على الإبقاء على قنوات الاتصال مفتوحة مع مختلف الأطراف في دمشق، فضلاً عن كونها موقع مراقبة متقدماً للتطورات في الداخل. وبتفاؤل متزايد يقطع مع شلل كل المبادرات الفرنسية لفرض بحث الملف السوري في مجلس الأمن الدولي، زود اقتحام الجيش السوري حماه، الدبلوماسية الغربية بأمل التوصل للمرة الأولى منذ خمسة أشهر إلى نقاش حقيقي يتوصل إلى تجاوز عقبة «الفيتو» الروسي، إلى استصدار قرار يدين استخدام العنف ضد الحراك الشعبي السوري، وعمليات القتل التي يتعرض لها المحتجون في المدن السورية. وتأمل الدبلوماسية الفرنسية أن يكون هناك ما قبل وما بعد حماه على مستوى التحرك الدولي ضد النظام السوري. إن مجرد انعقاد مجلس الأمن لبحث نتائج العملية الدامية ضد المدينة السورية يعني تراجعاً نسبياً في جبهة الرفض التي جمعت روسيا والصين إلى الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، ضد أي مبادرة تقوم بها مجموعة الدول الغربية إزاء سوريا. وقال مصدر دبلوماسي إن الموقف الذي أعلنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يندرج في هذا السياق، وهو موقف غير مسبوق في إدانته الواضحة «لاستخدام القوة غير المقبول ضد المدنيين، ودعوة الحكومة والمعارضة إلى ضبط النفس». ويُعدّ مجرد «قبول بعض الدول الجلوس حول طاولة للبحث في الملف السوري تقدماً كبيراً، وهي المرة الأولى التي يقبل فيها جميع أعضاء مجلس الأمن، مبدأ التفاوض حول الأوضاع السورية». ومن دون عملية حماه ما كان للرئاسة الهندية لمجلس الأمن أن تقبل بمبدأ مناقشة الأوضاع السورية. وتتهم الدبلوماسية الغربية الرئاسة الهندية بتكرار آلي في مواقفها للدعاية الرسمية السورية عن «الجماعات الإرهابية والأجنبية المسلحة التي تقف وراء الاحتجاجات». خلال الساعات الماضية عملت الدبلوماسية الغربية على نزع حجج الدول المعترضة على مناقشة الملف السوري، خوفاً من تكرار الخطأ الليبي، واستصدار قرار يحمل تدخلاً عسكرياً غربياً محتملاً في طياته أو تفسيره. وقال قائد الأركان الأميركي مايك مولن، في هذا الإطار، إنه يستبعد أي تدخل عسكري في سوريا. المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس زادت فوصفت التفكير بالتدخل العسكري بأنه «جعجعة» وأن مشروع القرار المقدّم إلى المجلس لا يشبه لا من قريــب ولا من بعــيد القرار 1973 الليبي. ويبقى على الغربيين أن يجهدوا كثيراً للحصول على الأصوات التسعة الضرورية، وإقناع البرازيل والهند وجنوب أفريقيا بالتصويت على قرار قامت المجموعة الغربية التي تتقدّم به بإحداث تعديلات واسعة فيه أملاً بإقناع روسيا بالاكتفاء بالامتناع وعدم استخدام حق النقض. وبحسب مصدر دبلوماسي فإن مشروع القرار الذي تقدّمت به بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال يدين اختراق حقوق الإنسان المنهجي، ويطلب الوقف الفوري لاستخدام العنف، ويدعو السلطات السورية إلى إجراء إصلاحات عاجلة. ولا يزال مشروع القرار المطروح على مجلس الأمن يتيح هامشاً سياسياً واسعاً أمام النظام السوري، مستبعداً أي تشكيك في شرعيته داعياً إياه إلى تغييرات في تعاطيه مع الاحتجاج. إذ أسقط مشروع القرار اقتراحات بفرض عقوبات دولية، وتجاهل أي دعوة محتملة إلى إحالته أمام المحكمة الجزائية الدولية في لاهاي. ولكن المشروع الذي يجري نقاشه يدعو دمشق إلى فتح تحقيق حول اختراقات حقوق الإنسان ومحاكمة المسؤولين عن قتل المتظاهرين السلميين. وتعرض دول جبهة الرفض المكونة من جنوب أفريقيا والهند والبرازيل مقاربة دبلوماسية مباشرة من الحد الأدنى. فخلال اجتماع مغلق اقترحت مشروعاً أولياً يقضي بإرسال مبعوثين أمميين إلى دمشق في أقرب وقت ممكن، يقومون بالتعبير لدى السلطات السورية عن القلق للأوضاع القائمة. وتعدّ هذه البلدان مشروعها متمماً للمبادرة الغربية، فيما قال دبلوماسي فرنسي إن ما يبحثه الرافضون هو عملية دفن لأي مشروع غربي. أما الاتحاد الأوروبي فيتقدّم من جانب واحد في توسيع العقوبات على دمشق. وأضاف الأوروبيون خمسة أسماء جديدة إلى لائحة من 13 مسؤولاً سورياً، يمنعون من السفر ويحجر على أملاكهم وأموالهم وحساباتهم المصرفية. وتضمّ اللائحة الجديدة وزير الدفاع اللواء علي حبيب حمود، وقائد الأمن العسكري في حماه العميد محمد مفلح، والذي يُعدّ المسؤول الرئيس عن موجة القمع الجديدة في المدينة، وقائد الأمن الداخلي في الاستخبارات العامة توفيق يونس، ومحمد مخلوف خال الرئيس بشــار الأسد، وقائد أمن الدولة في حمص أيمن جابر المتهم بتمويل ميليشيات «الشبيحة». السفير /محمد بلوط

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة