دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تظهر الوقائع التي أحاطت تحديد القيادة السورية موعد استقبال الرئيس بشار الأسد للنائب وليد جنبلاط، أن الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، تلقى، عبر الحاج حسين خليل رسالة من الرئيس الأسد مساء يوم الثلاثاء الماضي، يبلغه فيها أنه حدد موعد استقبال جنبلاط قبل ظهر الأربعاء (أمس الأول) في قصر الشعب.
وفرض هذا التطور المنتظر، على «حزب الله» الدخول في ما يشبه «خلية أزمة» لإعداد الإخراج الملائم، بحيث إن الهم الأساسي لم يكن حصول اللقاء، بقدر ما كان الوصول إلى دمشق والعودة منها وتأمين أمن جنبلاط وسلامته.
في البداية، وكخطوة أولى، اعتمد «حزب الله» السرية المطلقة، وتمّ حصر هذا التطوّر بحلقة ضيقة جدا بنت حوله جداراً سميكا من الكتمان من الصعب اختراقه.
أما الخطوة الثانية، فتمثلت بتلقي جنبلاط اتصالا من «حزب الله»، أعقبته زيارة قام بها رئيس لجنة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا إلى كليمنصو، وبحسب مصادر اشتراكية، فإن صفا أبلغ جنبلاط بالموعد، ومن ثم دخلا في الحديث حول ترتيبات الانتقال من بيروت إلى دمشق، وبالعكس.
في البداية، كما تشير تلك المصادر، طرحت على جنبلاط خطة الانتقال كما أعدها «حزب الله» وأساسها أن يتولى أمن الحزب تفاصيلها التقنية ذهابا وإيابا وعبر «وسيلة نقل يتولاها الشباب». غير أن جنبلاط اقترح أن يذهب في سيارته الخاصة ويقودها بنفسه. فاعتـَبر هذا الطرح «مجازفة كبيرة»، وخصوصا في «يوم حساس» لا يحتمل أي نوع من المجازفات.
وقالت المصادر لـ«السفير» إن اقتراح جنبلاط لم يلق تجاوبا، وقوبل بإصرار قاطع على أن يتم ذلك وفق الخطة المرسومة من قيادة «حزب الله». وتبيّن أن جنبلاط كان يحاول من خلال طرحه الهروب من ركوب «السيارة المفيّمة» (زجاجها مغطى بعازل أسود) أو تلك «المعتمة» المزودة بنوع من البرادي الداخلية التي تحجب الرؤية من الداخل والخارج، والتي يستخدم مثلها في حالات الزيارات إلى الأمين العام لـ«حزب الله».
وأشارت المصادر الاشتراكية إلى أن جنبلاط، وخلال النقاش حول هذا الأمر، دعـّم هروبه من السيارة المفيّمة بإيحائه بشيء من «فوبـيا» اللون الأسود عبر قولـه «ما فيـني اطـلع فيـها.. بختنق».
وبحسب تلك المصادر فإن جنبلاط كان راغبا في أن يرى الطبيعة على الطريق بين بيروت ودمشق وما يمكن أن يكون قد استجد عليها، خلال سنوات «الغيبة» فقيل له ما مفاده «اترك لنا الطبيعة الآن، فللضرورات أحكامها، وأما الطبيعة فـ«ملحوق» عليها يا وليد بيك». وانتهى النقاش إلى الاتفاق على ترتيبات النقل.
في صباح اليوم التالي (أي الأربعاء)، تضيف المصادر، حضر «الشباب» في ساعة الصفر المتفق عليها، واستقل جنبلاط وسيلة النقل التي تم تسخيرها لهذه الغاية، وميزتها أنها لم تكن معتمة أو مانعة للرؤية، وانطلقت في اتجاه دمشق، وإلى جانب جنبلاط الحاج وفيق صفا... وبينهما مجموعة من الجرائد والمجلات اللبنانية والعربية والعالمية، فيما كان «حزب الله» قد نفذ استنفارا عاما على طول الطريق حتى المصنع، تضمن انتشارا غير مرئي، عناصر، دراجات نارية، سيارات مدنية، سيارات رباعية الدفع، من بيروت، فالحازمية، الجمهور، بعلشميه، بحمدون، صوفر، المديرج، ضهر البيدر حيث كان الانتشار مهما، امتدادا نحو المريجات، شتورة، ومن هناك إجراءات بالغة الدقة امتدادا حتى نقطة المصنع.
وعند الحدود اللبنانية ـ السورية، وتحديدا في نقطة الحدود السورية، التحق المعاون السياسي لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل بالموكب، ومن هناك وعبر «الخط العسكري» وصولا إلى مقر رئيس شعبة المخابرات العسكرية اللواء عبد الفتاح قدسية، ومن هناك تولى الأخير مرافقته إلى قصر الشعب حيث كان البروتوكول الثقيل ينتظر الزعيم الاشتراكي.
تختم المصادر أن جنبلاط وبعد اللقاء مع الأسد «بدا وكأن جبلا ثقيلا قد أزيح عن صدره، وكان مرتاحا، وفي طريق العودة اعتمدت الإجراءات الأمنية نفسها، وقد لاحظ جنبلاط الجهد الذي بذل لحفظ سلامته، وكان مقدراً لذلك... مثلما كان حريصا على أن يكون السيد نصر الله على اطلاع كامل بكل مجريات اللقاء الأول من نوعه منذ ست سنوات.
المصدر :
السفير /نبيل هيثم
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة