ألقى السيد الرئيس بشار الأسد ظهر اليوم كلمة على مدرج جامعة دمشق تناول فيها الأوضاع الراهنة قال فيها.

السلام عليكم وعلى سورية وعلى كل من يحمي هذا الوطن الغالي.. السلام على الشعب والجيش وقوى الأمن وكل من سهر ويسهر على منع الفتنة ووأدها في جحورها الكريهة.. السلام على كل أم فقدت عزيزاً وكل طفل فقد والداً وكل عائلة فقدت فلذة.. السلام على أرواح شهدائنا الذين أنبتت دماؤهم أقحواناً في الربيع والصيف عندما استبدلت فصول الإزهار والإثمار بفصول المؤامرة والقتل.. لكن حتى فصول المؤامرة تزهر في سورية.. إنها تزهر عزة ومناعة.

وأضاف الرئيس الأسد.. أخاطب اليوم عبركم كل مواطن سوري على امتداد الوطن.. وأردت أن يكون لقائي معكم مباشراً ترسيخاً للتفاعل والعفوية اللذين ميزا العلاقة بيننا وكنت أتمنى أن التقي كل مواطن سوري ولكن يقيني بأن اللقاء مع البعض منكم في أي مناسبة يجعلني أشعر بأني أتواصل معكم جميعاً. وأرسل عبركم التحية إلى كل مواطن ومواطنة.. إلى كل أخ وأخت.. إلى كل شاب وشابة.. إلى كل أب وأم وهم يعبرون عن تعلقهم بوحدة وطنهم ويعملون من أجل سلامته ويقدمون الغالي والرخيص كي يبقى قوياً.

وإن تأخرت عليكم بالكلام رغم الحاح البعض علي ممن التقيت بهم للحديث الى المواطنين فذلك لأني لا أريد منبراً دعائياً فلم أشأ الحديث عما سننجزه وإنما عما تم إنجازه أو في طريقه إلى الإنجاز وليكون جوهر ومضمون حديثي مبنياً على ما سمعته ولمسته من المواطنين خلال الأسابيع الماضية.. فالمصداقية التي شكلت أساس العلاقة بيني وبين الشعب والتي بنيت على الفعل لا القول.. على المضمون لا الشكل هي التي بنت الثقة التي شعرت بكبرها وأهميتها خلال اللقاءات الشعبية التي عقدتها مؤخراً والتي وإن كانت مع مجموعات قليلة العدد قياساً إلى مجمل الشعب السوري الكبير إلا أنها جسدت بشكل واضح عظمة هذا الشعب الذي ينضح وعياً وطنياً وطيبة وذكاء وإباء.تأخري في الحديث حتى اليوم فسح المجال للكثير من الشائعات في البلد.. أنا سمعتها وأنتم سمعتموها.. الشائعات ليست مهمة الأهم بالنسبة لي الزمن الذي كان ضرورياً.. فكل يوم كانت الأحداث تأتي بمعلومات جديدة وكل لقاء بيني وبين المواطنين مع الوفود الشعبية الكثيرة والعديدة التي التقيت بها كان يأتي بمزيد من المعلومات.

بالنسبة للإشاعات كان الكثير من الوفود عندما يدخل كي يطمئن على عدم صحة الإشاعة أو ليطمئن عني أنا شخصياً أريد أن أقول إن كل ماسمعتموه عن إشاعات متعلقة بالرئيس وعائلته وعمله ليس لها أساس وكلها خاطئة وغير صحيحة سواء كانت مغرضة أم بريئة. نلتقي اليوم في لحظة فاصلة في تاريخ بلدنا.. لحظة نريدها بإرادتنا وتصميمنا أن تكون فاصلة بين أمس مثقل بالإضطراب والألم سالت فيه دماء بريئة أدمت قلب كل سوري وغد مفعم بالأمل في أن تعود لوطننا أجمل صور الألفة والسكينة التي طالما نعم بها على أرضية مكينة من الحرية والتكافل والمشاركة.. أيام صعبة مرت علينا دفعنا فيها ثمناً كبيراً من أمننا واستقرارنا من خلال محنة غير مألوفة خيمت على بلدنا أدت إلى حالات من الاضطراب والخيبة بفعل حوادث شغب وأعمال قتل وترويع للمواطنين وتخريب للممتلكات العامة والخاصة تخللت الاحتجاجات الشعبية سقط خلالها أعداد من الشهداء سواء من المواطنين أم من رجال الأمن والشرطة والقوات المسلحة وجرحت أعداد كبيرة أخرى وكانت خسارة كبيرة لأهلهم وذويهم وخسارة كبرى للوطن.. ولي شخصياً كانت خسارة ثقيلة واني اذ أرجو من الله سبحانه وتعالى الرحمة والمغفرة لجميع الشهداء فإني أتقدم بالتعزية القلبية لأسرهم وذويهم.

وتابع الرئيس الأسد.. بالقدر الذي تعز علينا خسارتهم وما تحمله من ألم وحسرة بالقدر الذي تدفعنا لتأمل هذه التجربة العميقة والمهمة بجانبها السلبي وما تحمله من خسائر بالأرواح والممتلكات والأرزاق في المستوى المادي والمعنوي وبجانبها الإيجابي وما يحمله من اختبارات مهمة لنا جميعاً اكتشفنا من خلالها معدننا الوطني الحقيقي بقوته ومتانته وبنقاط ضعفه. وبما أن الزمن لا يعود للوراء فخيارنا الوحيد هو التطلع إلى المستقبل وهذا الخيار نمتلكه عندما نقرر أن نصنع المستقبل بدلاً من أن تصنعه الأحداث.. عندما نسيطر عليها بدلاً من أن تسيطر علينا.. نقودها بدلاً من أن تقودنا.. وهذا يعني أن نقوم بالبناء على تجربة غنية أشارت إلى نقاط الخلل وعلى تحليل عميق استخلص العبر بحيث نحول الخسائر إلى أرباح فترتاح أرواح شهدائنا التي لن تكون حينئذ مجرد دماء مهدورة بل دماء ضحى بها أصحابها من أجل أن تزداد قوة ومناعة وطنهم. وقال الرئيس الأسد: في كل ذلك نحن ننظر للأمام.. ورؤية المستقبل تتطلب حتماً قراءة عميقة للماضي وفهماً دقيقاً للحاضر.. ومن البديهي أن يكون السؤال السائد اليوم ما الذي يحصل.. ولماذا.. وهل هي مؤامرة ومن يقف خلفها.. أم هي خلل فينا فما هو هذا الخلل... وغيرها من التساؤلات الكثيرة والطبيعية في مثل هذه الظروف. وأضاف الرئيس الأسد.. لا أعتقد أن سورية مرت بمرحلة لم تكن فيها هدفاً لمؤامرات مختلفة قبل أو بعد الإستقلال لأسباب عديدة بعضها مرتبط بالجغرافيا السياسية المهمة لسورية والبعض الآخر مرتبط بمواقفها السياسية المتمسكة بمبادئها ومصالحها.. فالمؤامرات كالجراثيم تتكاثر في كل لحظة وكل مكان ..لا يمكن إبادتها وإنما يمكن العمل على تقوية المناعة في أجسادنا لصدها.. فما رأيناه من مواقف سياسية وإعلامية ليس بحاجة للكثير من التحليل ليؤكد وجودها.. ومواجهتها لا تكون بإضاعة الوقت بالحديث عنها أو بالخوف منها بل تكون بالبحث عن نقاط الضعف الداخلية التي يمكن أن تنفذ منها وترميمها.. وعندها لا يكون من الأهمية بمكان الحديث عن مخطط رسم في الخارج ونفذ لاحقاً في الداخل.. أم ان ظهور الخلل هو الذي شجع الآخرين على محاولات التدخل لأن الحل هو في معالجة مشاكلنا بأيدينا وتلافي التراكمات التي تضعف مناعتنا الوطنية. وقال الرئيس الأسد: الجراثيم تتواجد في كل مكان على الجلد وداخل الأحشاء ولم يفكر العلماء عبر تاريخ التطور العلمي بأن يقوموا بإبادة الجراثيم وإنما فكروا دائماً كيف نقوي مناعة أجسادنا وهذا ما علينا أن نفكر به أهم من التحليل بالنسبة للمؤامرة لأنه لا أعتقد أن المعطيات ستظهر قريباً كل التفاصيل وربما لن تظهر خلال سنوات ولكن البعض يقول إنه لا توجد مؤامرة وهذا الكلام غير موضوعي ليس بالنسبة للأزمة وإنما بالنسبة للظروف والتاريخ أو السياق التاريخي لسورية.. فماذا نقول عن المواقف السياسية الخارجية الفاقعة بضغطها على سورية وبمحاولات التدخل في الشأن الداخلي ليس حرصاً على المواطن السوري وإنما من أجل الوصول إلى ثمن معروف مسبقا.. تنازلوا عن كل ما تتمسكون به من مبادئ وحقوق ومصالح وسياسات وغيرها.. وماذا نقول عن هذه المواقف السياسية وماذا نقول عن الضغط الإعلامي وماذا نقول عن الهواتف المتطورة التي بدأنا نجدها في سورية تنتشر بين أيدي المخربين وماذا نقول عن التزوير الذي شاهدناه جميعا لا يمكن أن نقول عنه عملاً خيرياً وهو بكل تأكيد مؤامرة ولكن لن نضيع وقتنا وقلت هذا الكلام أمام مجلس الوزراء وقلته في خطاب مجلس الشعب وأؤكد عليه دائماً وعلينا أن نركز على الوضع الداخلي وفي هذا الخطاب لن أتحدث سوى في الوضع الداخلي ولن أعير الاهتمام لأي شيء خارجي لا سلباً ولا إيجاباً.

وأضاف الرئيس الأسد.. أن ما يحصل في الشارع السوري الآن له ثلاثة مكونات الأول هو صاحب حاجة أو مطلب يريد من الدولة تلبيتها له ولقد تحدثت سابقاً عن المطالب المحقة فهذا واجب من واجبات الدولة تجاه مواطنيها عليها العمل من دون كلل لتحقيقها ضمن إمكانياتها وعلينا جميعاً في مواقع المسؤولية أن نستمع إليهم ونحاورهم ونساعدهم تحت سقف النظام العام.. فلا سعي الدولة لتطبيق القانون وفرض النظام يبرر اهمال مطالب الناس ..ولا الحاجات الملحة للبعض تبرر مطلقاً السعي لنشر الفوضى أو خرق القانون أو إلحاق الضرر بالمصالح العامة. وقال الرئيس الأسد: بالنسبة لهذا المكون التقيت بالعديد منهم وعندما أقول هذا المكون أصحاب الحاجات فلا يعني المتظاهرين تحديداً وإنما يعني كل من هو صاحب حاجة البعض منهم خرج للتظاهر والقسم الأكبر لم يخرج للتظاهر لكن هو صاحب حاجة فعلينا أن نتعامل معه.. أنا التقيت بوفود عديدة البعض منها من المتظاهرين والبعض منها من غيرهم من كل المناطق والأطياف وأستطيع أن أقول أول شيء علينا أن نميز بين هؤلاء وبين المخربين. وأضاف الرئيس الأسد.. المخربون هم مجموعة قليلة فئة صغيرة مؤثرة حاولت استغلال الآخرين وحاولت استغلال الأكثرية الطيبة من الشعب السوري من أجل تنفيذ مآرب عديدة.. فالتمييز بين الفئة الأولى والثانية هام جداً.. هذا المكون مكون وطني كل المطالب التي سمعتها او التي طرحت طرحت تحت سقف الوطن لا يوجد أجندات خارجية ولا ارتباطات خارجية وهم ضد أي تدخل خارجي تحت أي عنوان.. هم يريدون المشاركة وعدم التهميش والعدالة.. هناك نقاط كثيرة طرحت.. على سبيل المثال هناك أشياء متراكمة منذ 3 عقود منذ مرحلة الصدام مع الإخوان المسلمين تلك المرحلة السوداء في الثمانينيات ما زال البعض أجيال جديدة تدفع ثمن تلك المرحلة.. عدم توظيف وعدم إعطاء موافقات أمنية لقضايا مختلفة يعني عملياً حملنا نفساً وزر أخرى وهذا الشيء غير صحيح وبدأنا بحل هذا النوع من المشاكل وسمعت هذه النقاط تحديداً من أكثر من وفدين وأذكر منهم إدلب وحماة على وجه التحديد وبدأنا بحل هذه المشكلة وسنقوم بحلها نهائياً لا يجوز أن نبقى نعيش بعد 3 عقود في مرحلة سوداء.. هذه القضايا تتعلق بالعدالة والظلم ويشعر بها كل مواطن. وقال الرئيس الأسد.. هناك قضايا أخرى لها علاقة بموضوع مثلاً جوازات السفر بالرغم من أننا منذ نحو سنتين أعطينا توجيهات لكل السفراء بالخارج أن يبدؤوا بإعطاء جوازات السفر حتى للمطلوبين سواء كانوا فارين أو غير فارين لكن يعتقدون أنهم مطلوبون في سورية.. عدد كبير من هؤلاء كان يشعر بالخوف ولم يذهب للسفارات لاستلام جواز السفر.. حتى بعد العفو الأخير لم يقوموا باستلام جوازاتهم مازال هناك نوع من الخوف يمنع الناس من المبادرة تجاه مؤسسات الدولة وهذا الخوف يشعرهم بوجود الظلم أحياناً.

وأضاف الرئيس الأسد.. بما أننا مررنا على موضوع العفو ففي لقاءاتي الأخيرة شعرت أن هذا العفو لم يكن مرضياً للكثيرين والحقيقة أن هذا العفو هو أشمل عفو صدر منذ نحو 23 عاماً وأعتقد أن العفو المماثل كان في عام 1988 ومع ذلك هناك رغبة بأن يكون هذا العفو أشمل وعادة نحن لا ندخل بالأسماء بل بالمعايير ونقول نعفو عن الجميع ما عدا مثلاً المخدرات والإرهاب والتمرد المسلح والقضايا الأخلاقية وما شابه ومع ذلك في هذه الظروف واعتماداً على ما سمعته من عدد من الأشخاص ووردني من أشخاص آخرين لم ألتق بهم فسأطلب من وزارة العدل أن تقوم بدراسة ما هو الهامش الذي يمكن أن نتوسع به في العفو ولو بمرسوم آخر بشكل يشمل آخرين دون أن يضر مصلحة وأمن الدولة من جانب وبنفس الوقت مصالح المواطنين المعنية بالحقوق الخاصة للمواطنين أصحاب الدم على سبيل المثال. وقال الرئيس الأسد: اما المكون الثاني فيمثله عدد من الخارجين على القانون والمطلوبين للعدالة بقضايا جنائية مختلفة وجدوا في مؤسسات الدولة خصماً وهدفاً لأنها عقبة في وجه مصالحهم غير المشروعة ولأنهم مطاردون من قبل أجهزتها.. فالفوضى بالنسبة لهؤلاء فرصة ذهبية لا بد من اقتناصها من أجل بقائهم طلقاء وتعزيز أعمالهم غير القانونية.. وإذا كان من البديهي أن نسعى لتطبيق القانون على الجميع فهذا لا يعفينا من البحث عن حلول ذات أبعاد اجتماعية من شأنها أن تبعد هؤلاء عن سلوك الطريق الخاطئ وتدفعهم ليكونوا مواطنين صالحين مندمجين بمجتمعه.  قد يكون السؤال ما هو عدد هؤلاء... أنا شخصياً فوجئت بهذا العدد كنت أعتقد أنه بضعة آلاف في السابق, العدد في بداية الأزمة 64 ألفاً وأربعمئة وكسور تخيلوا هذا الرقم من المطلوبين لقضايا مختلفة تصل أحكامهم من بضعة أشهر حتى الإعدام وهم فارون من وجه العدالة.. 24 ألفاً من هؤلاء حكمه من ثلاث سنوات فما فوق وطبعاً منذ أيام تراجع هذا العدد قليلاً أقل من 63 ألفا لأن البعض منهم سلم نفسه للسلطات المختصة والعدد 64 ألفاً أكثر أو أقل يعادل بالمعنى العسكري تقريباً خمس فرق عسكرية.. أي تقريباً جيش كامل.. لو أراد بضعة آلاف من هؤلاء أن يقوموا بحمل السلاح والقيام بأعمال تخريب تستطيعون أن تتخيلوا مدى الضرر الذي من الممكن أن يلحق بالدولة.وأضاف الرئيس الأسد.. أما المكون الثالث فهو الأكثر خطورة بالرغم من صغر حجمه وهو يمثل أصحاب الفكر المتطرف والتكفيري.. هذا الفكر الذي اختبرناه وعرفناه منذ عقود عندما حاول التسلل إلى سورية واستطاعت أن تتخلص منه بوعي شعبها وحكمته. واليوم لا نرى هذا الفكر مختلفاً عما رأينا منذ عقود فهو نفسه وما تغير هو الأدوات والأساليب والوجوه.. فهو يقبع في الزوايا المعتمة ولا يلبث أن يظهر كلما سنحت له الفرصة وكلما وجد قناعاً يلبسه فهو يقتل باسم الدين ويخرب تحت عنوان الإصلاح وينشر الفوضى باسم الحرية.

وقال الرئيس الأسد: من المحزن أن يكون في أي مجتمع في العالم مجموعات تنتمي لعصور أخرى عصور غابرة.. تنتمي إلى فترة لا نعيشها ولا ننتمي إليها وهي في الحقيقة العقبة الأكبر في عملية الإصلاح لأن التطوير يبدأ بالإنسان لا يبدأ بالكمبيوتر ولا يبدأ بالآلة ولا يبدأ بالتشريعات ولا يبدأ بشيء بل يبدأ بالإنسان.. فإذا علينا تطويق هذا الفكر إذا أردنا فعلا أن نتطور.. وهناك مكونات أخرى وأنا لم أتحدث عن المكون الخارجي ودوره في الأزمة ولم أتحدث عن المكونات التي نعرفها جميعاً فهناك أشخاص تدفع لهم أموال ليقوموا بعمليات التصوير والتعامل مع الإعلام والبعض تدفع له أموال ليشارك في مظاهرات لمدة دقائق ويتم تصويرها وهي مكونات لا تهمنا كثيرا لذلك وبمراقبة المسار والأحداث كان التصعيد والفوضى هما المرادف لكل خطوة إصلاحية أعلن عنها أو تم إنجازها وعندما فقدت المبررات كلياً كان استخدام السلاح هو الخيار الوحيد أمامهم لتنفيذ المخطط.. ففي بعض الأحيان استخدمت المسيرات السلمية كغطاء يختبئ تحته المسلحون.. وفي أحيان أخرى كانوا يقومون بالإعتداء على المدنيين والشرطة والعسكريين عبر الهجوم على المواقع والنقاط العسكرية أو عبر عمليات الإغتيال.. أغلقت المدارس والمحلات في الأسواق والطرق العامة بقوة السلاح.. تعرضت الممتلكات العامة للتخريب والنهب والحرق المقصود.. فصلت المدن عن بعضها من خلال قطع الطرق الرئيسية التي تصل بينها.. وما يعنيه ذلك من تهديد مباشر لنسف الحياة اليومية للمواطنين لأمنهم وتعليمهم واقتصادهم وللتواصل مع عائلاتهم. وأضاف الرئيس الأسد.. شوهوا صورة الوطن خارجياً وفتحوا الأبواب بل دعوا إلى التدخل الخارجي.. وحاولوا بذلك إضعاف الموقف السياسي الوطني المتمسك بعودة الحقوق الوطنية كاملة. عملوا على استحضار خطاب مذهبي مقيت لا ينتمي إلينا ولا ننتمي إليه ولا نرى فيه سوى التعبير عن فكر قبيح.. حاشى ديننا وتاريخنا وتقاليدنا أن تربط به أو تقربه.. وحاشى انتماؤنا الوطني والقومي والأخلاقي أن يدنس به.

وقال الرئيس الأسد: طبعاً في كل هذه الأمور ما عدا المكون الأول أنا أتحدث عن قلة قليلة لا تمثل سوى جزء بسيط جداً من الشعب السوري لذا الموضوع ليس مقلقاً لكن أقول مرة أخرى لا بد من معالجته.. فعندما فشلوا في المرحلة الأولى عندما حاولوا استغلال المكون الأول وهو أصحاب المطالب انتقلوا للصدام المسلح والأعمال المسلحة وعندما فشلوا في هذه المرحلة انتقلوا إلى نوع جديد من العمل بدؤوا به في جسر الشغور عندما ارتكبوا المجازر الشنيعة التي رأينا صورها في الإعلام.. قتلوا رجال الأمن ودمروا مراكز البريد التي هي ملك الشعب والمدينة التي يعيشون فيها هي التي تستخدمها.. هناك حقد كبير.. المهم أنهم كانوا يمتلكون أسلحة متطورة لم تكن موجودة في السابق وأجهزة اتصالات متطورة وانتقلوا لعمل آخر حاولوا بالقرب من معرة النعمان أن يستولوا على مخازن استراتيجية للوقود وتمكنوا من احتلالها واضطرت القوات المسلحة للتدخل من أجل استعادتها وفوجئنا بأنهم يملكون سيارات رباعية حديثة ركبت عليها أسلحة متطورة للتعامل حتى مع الحوامات وأيضاً أجهزة اتصال. وأضاف الرئيس الأسد.. وحاولوا أن يرتكبوا مجزرة أخرى في معرة النعمان أيضاً بحق مفرزة أمنية وكادوا ينجحون لولا تدخل أهل المدينة الذين حموا المفرزة في بيوتهم والبعض دفع الثمن عندما عذب وضرب وكسرت عظامه وغيرها.. وأنا أوجه التحية لهؤلاء الذين وقفوا هذا الموقف الوطني وأتمنى أن ألتقي بهم قريباً.

وقال الرئيس الأسد: هناك أشخاص كثر حاولوا أن يقوموا بأعمال مشابهة.. منع الفتنة في أماكن مختلفة من سورية والكثير منهم نجح والبعض حتى الآن لم ينجح ولو لم يكن هناك هذا الشعور الوطني لدى الكثيرين لكان الوضع في سورية أسوأ بكثير من الآن.. لكن الرد أتى من قبل الشعب السوري الذي هب بمجمله ليثبت مرة أخرى وعيه الوطني الذي فاق التوقعات في ظل هجمة افتراضية غير مسبوقة لم يكن من السهل خلالها التمييز بين الحقيقي منها والوهمي وبين الأصلي والمزور.. لكن الحس الوطني والحدس التاريخي اللذين يمتلكهما شعبنا والمبنيين على تراكمات من الخبرة عبر الأجيال كانا أقوى بما لا يقاس.. وأهمية هذه التجربة إذا أنها أظهرت مدى الوعي الوطني الذي يشكل الضمانة الأهم لنجاح عملية التطوير التي نقوم بها والتي ترتكز على ثلاثة أسس هي الوعي والأخلاق والمؤسسات.. وغياب أي منها سيؤدي حتماً لانحراف العملية عن أهدافها وسيؤدي إلى فشلها وما يعنيه ذلك من آثار خطيرة على مجتمعنا وعلى مستقبلنا.

وأضاف الرئيس الأسد.. ما يحصل اليوم من قبل البعض ليس له علاقة بالتطوير أو بالإصلاح.. ما يحصل هو عبارة عن تخريب وكلما حصل المزيد من التخريب كلما ابتعدنا عن أهدافنا التطويرية وعن طموحاتنا.. وأنا هنا لا أقصد التخريب المادي فقط فهذا إصلاحه قد يكون أكثر سهولة.. لكنني أقصد بالدرجة الأولى التخريب النفسي والأخلاقي والسلوكي الذي يصعب إصلاحه مع الوقت والذي نرى البعض يعمل على تكريسه.. ويكرس معه تدريجياً عدم احترام المؤسسات وما ترمز إليه وطنيا وبالتالي تراجع الحالة الوطنية التي تشكل وتؤسس وتحمي الوطن وهذا بالضبط ما يريد أعداؤنا أن نقوم به وأن نصل إليه.

وقال الرئيس الأسد: اليوم لدينا جيل من الأطفال تربى بهذه الأحداث أو تعلم الفوضى عدم احترام المؤسسات.. عدم احترام القانون.. كره الدولة.. هذا الشيء لا نشعر بنتائجه اليوم سنشعر بنتائجه لاحقاً وسيكون الثمن غالياً.. وأريد أن أسأل هنا هل أوجدت الفوضى مزيداً من فرص العمل للباحثين عنها.. هل حسنت الأوضاع العامة.. هل حسنت الأمن الذي كنا ننعم بوجوده ونفاخر به.. فلا تطوير دون استقرار.. ولا إصلاح عبر التخريب ولا عبر الفوضى.. والقوانين والقرارات وحدها لن تكون كافية لتحقيق أي تقدم بمعزل عن البيئة السليمة التي يجب أن تحيط بها. إذاً علينا أن نصلح ما تخرب ونصلح المخربين أو نعزلهم وعندها نستطيع الاستمرار بالتطوير.. كل ما سبق يتصل بالمبادىء والتشخيص أما في الممارسة فنبدأ من الواقع والواقع يبدأ من الناس.. لذلك بدأت بسلسلة طويلة من اللقاءات التي شملت مختلف الشرائح والفئات من مختلف المناطق والمحافظات في سورية بهدف فهم ورؤية هذا الواقع كما هو أو بأقرب ما يمكن إلى حقيقته من الزوايا المختلفة التي ينظر منها المواطنون السوريون.. بالشكل الذي يساعدنا على ترتيب أولويات مؤسسات الدولة بما يتوافق مع أولويات المواطنين.

وقال الرئيس الأسد: أردت أن أفهم التفاصيل المباشرة من المواطنين بعيداً عن أي أقنية قد تقوم بعملية تصفية أو فلترة للمعلومات..ربما تنقل المعلومة كاملة ولكن لا تنقل المشاعر والعلاقة بين الناس هي ليست فقط علاقة معلومات وحقائق وإنما أيضاً مشاعر.

وأضاف الرئيس الأسد.. أردت أن أبني كل ما سأقوله في المستقبل على هذه اللقاءات.. عملياً جوهر هذا الكلام وهذا الخطاب وهذا الحديث مبني على تلك الحوارات التي تمت بيني وبينهم أردت أن أكون على الأرض وكما قلت التقيت بكل أنواع الناس وبكل الأطياف متظاهرين وغير متظاهرين والحقيقة أنا اعتبر أن أهم عمل قمت به خلال وجودي في موقع المسؤولية هو هذه اللقاءات بالرغم من صعوبة الظروف وبالرغم من الآلام والإحباطات الموجودة في الأجواء العامة المحيطة بها إلا أنني استطيع أن أقول إن الفائدة منها كانت مذهلة والمحبة والحب الذي لمسته من أولئك الأشخاص الذين يعبرون عن معظم الشعب السوري محبة لم أشعر بها في أي مرحلة من مراحل حياتي وأتمنى بكل تأكيد أن أبادل هذه المحبة أولئك الأشخاص وأبادل هذه المحبة لكل مواطن سوري لاأعرفه ولكن أتمنى أن التقي به في لقاءات مشابهة ولكن أتمنى أكثر أن أتمكن من تحويل هذه المحبة إلى عمل.. وهذا الشيء يمكن أن يتم بمساعدتكم.

قال الرئيس الأسد: كانت لقاءاتي مفيدة وصريحة وعميقة وشاملة تطرقت لكل المواضيع المطروحة من دون استثناء بعضها محلي على مستوى المدينة والمحافظة وبعضها شامل للقطر وكانت الأولويات بالنسبة لي هي المواضيع التي تمس الشرائح الأوسع من الشعب قبل القضايا المحلية على أهميتها.

عبر المواطنون في تلك اللقاءات عن غضبهم الممزوج بالمحبة وعن عتبهم المصقول بالوفاء لشعورهم بأن دولتهم ابتعدت عنهم سواء ببعض السياسات أم ببعض الممارسات.. ولمست معاناة مرتبطة بجوانب عدة.. بعضها مرتبط بالجانب المعيشي والخدمي وبعضها متعلق بالمساس بكرامة المواطن أو بتجاهل آرائه أو إقصائه عن المشاركة في مسيرة البناء التي يعتبر هو غايتها وجوهرها.. لكني لمست أيضاً حب هذا الشعب الذي طالما مدني بصدقه ووقفاته الأبية.. بالقوة والاستمرار في خطنا السياسي ونهجنا المقاوم.. أما الفساد فلمست الرغبة العارمة باجتثاثه كسبب رئيسي من أسباب عدم تكافؤ الفرص وافتقاد العدالة.. وما يولده من شعور بالغبن والظلم والقهر.. عدا عن تداعياته الأخلاقية الخطيرة على المجتمع.

وقال الرئيس الأسد: والأخطر من كل ذلك هو ما أوجده الفساد في بعض الحالات من تفرقة وتمييز غير عادل بين بعض المواطنين على أسس ضيقة بغيضة.. وهذا بحد ذاته كاف لتقويض أشد الأوطان مناعة.

فالفساد هو النتيجة لانحدار الأخلاق وتفشي المحسوبيات وغياب المؤسسات والتي بغيابها يغيب الضامن والحامي للحالة الوطنية لتحل محلها الإنتماءات الضيقة.. لا بد إذاً من العمل فوراً لتعزيز المؤسسات بالتشريعات المتطورة وبالمسؤولين الذين يحملون المسؤولية بدلاً من أن يحملهم المنصب أو الكرسي.. ولن يكون هناك أي تساهل بشأن من هو غير قادر على حملها.. لكن النجاح في ذلك لن يتم إلا من خلال إيجاد الأقنية التي يمكن للمواطن من خلالها المشاركة والمراقبة والإشارة إلى الخطأ.

وأضاف الرئيس الأسد.. أنا قلت لكثير من الوفود تستطيع الدولة أن تتعامل أو أن تكافح أو أن تقلل من الفساد في المستويات العليا أما في المستويات الأدنى فلا بد من إيجاد أقنية وهذا من مهام هيئة مكافحة الفساد التي انتهت اللجنة من دراسة آلياتها مؤخراً. أنا لا أقصد الفساد عندما نتحدث.. يعني كيف سنقوم بالعمل.. يقال كلام جميل كيف سنطبقه وليس مديحاً.. هذا كلام جميل لكن كيف السبيل إليه... فمن السهل أن نقول يجب علينا ولكن التنفيذ يبقى هو الفيصل.. كما قلت منذ قليل فإن هدفي من اللقاءات كان معرفة الواقع بصورة أعمق.. لكنني وجدت نفسي في قلب حوار وطني حقيقي.. والحوار الوطني لا يعني نخباً محددة.. ولا حوار المعارضة مع الموالاة أو السلطة.. وليس محصوراً بالسياسة فقط.. بل هو حوار كل أطياف الشعب حول كل شؤون الوطن. وقال الرئيس الأسد: فإذا افترضنا أن حجم السلطة بمقياس معين وحجم المعارضة بمقياس معين ففي كل الدول وفي كل المجتمعات القسم الأكبر من الشعب هو الذي لا ينتمي لا للطرف الأول ولا للطرف الثاني فلا يمكن أن نتحدث عن حوار وطني وتخطيط لمستقبل أو رسم مستقبل سورية لأجيال وعقود بإهمال القسم الأكبر من الشعب وهنا برزت فكرة الحوار الوطني بالشكل الذي بدأنا به مؤخراً. وأضاف الرئيس الأسد.. وإذا كنت بلا شك جزءاً من حوار وطني فلا أستطيع الإدعاء بأني أنجزته.. فأنا بنهاية الأمر فرد ومن التقيت بهم هم مئات أو آلاف بينما الوطن يضم عشرات الملايين.

من هنا انطلقت الفكرة الأساسية حول إطلاق حوار وطني تشارك فيه أوسع الشرائح الإجتماعية والفكرية والسياسية في القطر بشكل مؤسسي وتم لهذه الغاية تشكيل هيئة حوار وطني تكون مهمتها وضع الأسس والآليات الكفيلة بقيام حوار شامل لمختلف القضايا التي تهم جميع أبناء الوطن.. يسمح من جانب بمناقشة مسودات القوانين المطروحة في هذه المرحلة.. ويفسح المجال من جانب آخر للمساهمة في صياغة مستقبل سورية بمعناه الشامل للعقود والأجيال المقبلة ويساعدنا جميعاً على إنضاج رؤية واضحة لهذا المستقبل.. ويدفع الحراك السياسي والاجتماعي والاقتصادي في وطننا ريثما تأخذ الأحزاب دوراً أوسع في الحياة العامة بعد إقرار قانون جديد للأحزاب.. وقد برز الكثير من الآراء حول الصيغ الممكنة للحوار وسيكون من أولى مهام هيئة الحوار الوطني التشاور مع مختلف الفعاليات من أجل الوصول للصيغة الأفضل التي تمكننا من تحقيق مشروعنا الإصلاحي ضمن برامج محددة.. وآجال محدودة.... يتبع


  • فريق ماسة
  • 2011-06-19
  • 13026
  • من الأرشيف

سورية بخير

ألقى السيد الرئيس بشار الأسد ظهر اليوم كلمة على مدرج جامعة دمشق تناول فيها الأوضاع الراهنة قال فيها. السلام عليكم وعلى سورية وعلى كل من يحمي هذا الوطن الغالي.. السلام على الشعب والجيش وقوى الأمن وكل من سهر ويسهر على منع الفتنة ووأدها في جحورها الكريهة.. السلام على كل أم فقدت عزيزاً وكل طفل فقد والداً وكل عائلة فقدت فلذة.. السلام على أرواح شهدائنا الذين أنبتت دماؤهم أقحواناً في الربيع والصيف عندما استبدلت فصول الإزهار والإثمار بفصول المؤامرة والقتل.. لكن حتى فصول المؤامرة تزهر في سورية.. إنها تزهر عزة ومناعة. وأضاف الرئيس الأسد.. أخاطب اليوم عبركم كل مواطن سوري على امتداد الوطن.. وأردت أن يكون لقائي معكم مباشراً ترسيخاً للتفاعل والعفوية اللذين ميزا العلاقة بيننا وكنت أتمنى أن التقي كل مواطن سوري ولكن يقيني بأن اللقاء مع البعض منكم في أي مناسبة يجعلني أشعر بأني أتواصل معكم جميعاً. وأرسل عبركم التحية إلى كل مواطن ومواطنة.. إلى كل أخ وأخت.. إلى كل شاب وشابة.. إلى كل أب وأم وهم يعبرون عن تعلقهم بوحدة وطنهم ويعملون من أجل سلامته ويقدمون الغالي والرخيص كي يبقى قوياً. وإن تأخرت عليكم بالكلام رغم الحاح البعض علي ممن التقيت بهم للحديث الى المواطنين فذلك لأني لا أريد منبراً دعائياً فلم أشأ الحديث عما سننجزه وإنما عما تم إنجازه أو في طريقه إلى الإنجاز وليكون جوهر ومضمون حديثي مبنياً على ما سمعته ولمسته من المواطنين خلال الأسابيع الماضية.. فالمصداقية التي شكلت أساس العلاقة بيني وبين الشعب والتي بنيت على الفعل لا القول.. على المضمون لا الشكل هي التي بنت الثقة التي شعرت بكبرها وأهميتها خلال اللقاءات الشعبية التي عقدتها مؤخراً والتي وإن كانت مع مجموعات قليلة العدد قياساً إلى مجمل الشعب السوري الكبير إلا أنها جسدت بشكل واضح عظمة هذا الشعب الذي ينضح وعياً وطنياً وطيبة وذكاء وإباء.تأخري في الحديث حتى اليوم فسح المجال للكثير من الشائعات في البلد.. أنا سمعتها وأنتم سمعتموها.. الشائعات ليست مهمة الأهم بالنسبة لي الزمن الذي كان ضرورياً.. فكل يوم كانت الأحداث تأتي بمعلومات جديدة وكل لقاء بيني وبين المواطنين مع الوفود الشعبية الكثيرة والعديدة التي التقيت بها كان يأتي بمزيد من المعلومات. بالنسبة للإشاعات كان الكثير من الوفود عندما يدخل كي يطمئن على عدم صحة الإشاعة أو ليطمئن عني أنا شخصياً أريد أن أقول إن كل ماسمعتموه عن إشاعات متعلقة بالرئيس وعائلته وعمله ليس لها أساس وكلها خاطئة وغير صحيحة سواء كانت مغرضة أم بريئة. نلتقي اليوم في لحظة فاصلة في تاريخ بلدنا.. لحظة نريدها بإرادتنا وتصميمنا أن تكون فاصلة بين أمس مثقل بالإضطراب والألم سالت فيه دماء بريئة أدمت قلب كل سوري وغد مفعم بالأمل في أن تعود لوطننا أجمل صور الألفة والسكينة التي طالما نعم بها على أرضية مكينة من الحرية والتكافل والمشاركة.. أيام صعبة مرت علينا دفعنا فيها ثمناً كبيراً من أمننا واستقرارنا من خلال محنة غير مألوفة خيمت على بلدنا أدت إلى حالات من الاضطراب والخيبة بفعل حوادث شغب وأعمال قتل وترويع للمواطنين وتخريب للممتلكات العامة والخاصة تخللت الاحتجاجات الشعبية سقط خلالها أعداد من الشهداء سواء من المواطنين أم من رجال الأمن والشرطة والقوات المسلحة وجرحت أعداد كبيرة أخرى وكانت خسارة كبيرة لأهلهم وذويهم وخسارة كبرى للوطن.. ولي شخصياً كانت خسارة ثقيلة واني اذ أرجو من الله سبحانه وتعالى الرحمة والمغفرة لجميع الشهداء فإني أتقدم بالتعزية القلبية لأسرهم وذويهم. وتابع الرئيس الأسد.. بالقدر الذي تعز علينا خسارتهم وما تحمله من ألم وحسرة بالقدر الذي تدفعنا لتأمل هذه التجربة العميقة والمهمة بجانبها السلبي وما تحمله من خسائر بالأرواح والممتلكات والأرزاق في المستوى المادي والمعنوي وبجانبها الإيجابي وما يحمله من اختبارات مهمة لنا جميعاً اكتشفنا من خلالها معدننا الوطني الحقيقي بقوته ومتانته وبنقاط ضعفه. وبما أن الزمن لا يعود للوراء فخيارنا الوحيد هو التطلع إلى المستقبل وهذا الخيار نمتلكه عندما نقرر أن نصنع المستقبل بدلاً من أن تصنعه الأحداث.. عندما نسيطر عليها بدلاً من أن تسيطر علينا.. نقودها بدلاً من أن تقودنا.. وهذا يعني أن نقوم بالبناء على تجربة غنية أشارت إلى نقاط الخلل وعلى تحليل عميق استخلص العبر بحيث نحول الخسائر إلى أرباح فترتاح أرواح شهدائنا التي لن تكون حينئذ مجرد دماء مهدورة بل دماء ضحى بها أصحابها من أجل أن تزداد قوة ومناعة وطنهم. وقال الرئيس الأسد: في كل ذلك نحن ننظر للأمام.. ورؤية المستقبل تتطلب حتماً قراءة عميقة للماضي وفهماً دقيقاً للحاضر.. ومن البديهي أن يكون السؤال السائد اليوم ما الذي يحصل.. ولماذا.. وهل هي مؤامرة ومن يقف خلفها.. أم هي خلل فينا فما هو هذا الخلل... وغيرها من التساؤلات الكثيرة والطبيعية في مثل هذه الظروف. وأضاف الرئيس الأسد.. لا أعتقد أن سورية مرت بمرحلة لم تكن فيها هدفاً لمؤامرات مختلفة قبل أو بعد الإستقلال لأسباب عديدة بعضها مرتبط بالجغرافيا السياسية المهمة لسورية والبعض الآخر مرتبط بمواقفها السياسية المتمسكة بمبادئها ومصالحها.. فالمؤامرات كالجراثيم تتكاثر في كل لحظة وكل مكان ..لا يمكن إبادتها وإنما يمكن العمل على تقوية المناعة في أجسادنا لصدها.. فما رأيناه من مواقف سياسية وإعلامية ليس بحاجة للكثير من التحليل ليؤكد وجودها.. ومواجهتها لا تكون بإضاعة الوقت بالحديث عنها أو بالخوف منها بل تكون بالبحث عن نقاط الضعف الداخلية التي يمكن أن تنفذ منها وترميمها.. وعندها لا يكون من الأهمية بمكان الحديث عن مخطط رسم في الخارج ونفذ لاحقاً في الداخل.. أم ان ظهور الخلل هو الذي شجع الآخرين على محاولات التدخل لأن الحل هو في معالجة مشاكلنا بأيدينا وتلافي التراكمات التي تضعف مناعتنا الوطنية. وقال الرئيس الأسد: الجراثيم تتواجد في كل مكان على الجلد وداخل الأحشاء ولم يفكر العلماء عبر تاريخ التطور العلمي بأن يقوموا بإبادة الجراثيم وإنما فكروا دائماً كيف نقوي مناعة أجسادنا وهذا ما علينا أن نفكر به أهم من التحليل بالنسبة للمؤامرة لأنه لا أعتقد أن المعطيات ستظهر قريباً كل التفاصيل وربما لن تظهر خلال سنوات ولكن البعض يقول إنه لا توجد مؤامرة وهذا الكلام غير موضوعي ليس بالنسبة للأزمة وإنما بالنسبة للظروف والتاريخ أو السياق التاريخي لسورية.. فماذا نقول عن المواقف السياسية الخارجية الفاقعة بضغطها على سورية وبمحاولات التدخل في الشأن الداخلي ليس حرصاً على المواطن السوري وإنما من أجل الوصول إلى ثمن معروف مسبقا.. تنازلوا عن كل ما تتمسكون به من مبادئ وحقوق ومصالح وسياسات وغيرها.. وماذا نقول عن هذه المواقف السياسية وماذا نقول عن الضغط الإعلامي وماذا نقول عن الهواتف المتطورة التي بدأنا نجدها في سورية تنتشر بين أيدي المخربين وماذا نقول عن التزوير الذي شاهدناه جميعا لا يمكن أن نقول عنه عملاً خيرياً وهو بكل تأكيد مؤامرة ولكن لن نضيع وقتنا وقلت هذا الكلام أمام مجلس الوزراء وقلته في خطاب مجلس الشعب وأؤكد عليه دائماً وعلينا أن نركز على الوضع الداخلي وفي هذا الخطاب لن أتحدث سوى في الوضع الداخلي ولن أعير الاهتمام لأي شيء خارجي لا سلباً ولا إيجاباً. وأضاف الرئيس الأسد.. أن ما يحصل في الشارع السوري الآن له ثلاثة مكونات الأول هو صاحب حاجة أو مطلب يريد من الدولة تلبيتها له ولقد تحدثت سابقاً عن المطالب المحقة فهذا واجب من واجبات الدولة تجاه مواطنيها عليها العمل من دون كلل لتحقيقها ضمن إمكانياتها وعلينا جميعاً في مواقع المسؤولية أن نستمع إليهم ونحاورهم ونساعدهم تحت سقف النظام العام.. فلا سعي الدولة لتطبيق القانون وفرض النظام يبرر اهمال مطالب الناس ..ولا الحاجات الملحة للبعض تبرر مطلقاً السعي لنشر الفوضى أو خرق القانون أو إلحاق الضرر بالمصالح العامة. وقال الرئيس الأسد: بالنسبة لهذا المكون التقيت بالعديد منهم وعندما أقول هذا المكون أصحاب الحاجات فلا يعني المتظاهرين تحديداً وإنما يعني كل من هو صاحب حاجة البعض منهم خرج للتظاهر والقسم الأكبر لم يخرج للتظاهر لكن هو صاحب حاجة فعلينا أن نتعامل معه.. أنا التقيت بوفود عديدة البعض منها من المتظاهرين والبعض منها من غيرهم من كل المناطق والأطياف وأستطيع أن أقول أول شيء علينا أن نميز بين هؤلاء وبين المخربين. وأضاف الرئيس الأسد.. المخربون هم مجموعة قليلة فئة صغيرة مؤثرة حاولت استغلال الآخرين وحاولت استغلال الأكثرية الطيبة من الشعب السوري من أجل تنفيذ مآرب عديدة.. فالتمييز بين الفئة الأولى والثانية هام جداً.. هذا المكون مكون وطني كل المطالب التي سمعتها او التي طرحت طرحت تحت سقف الوطن لا يوجد أجندات خارجية ولا ارتباطات خارجية وهم ضد أي تدخل خارجي تحت أي عنوان.. هم يريدون المشاركة وعدم التهميش والعدالة.. هناك نقاط كثيرة طرحت.. على سبيل المثال هناك أشياء متراكمة منذ 3 عقود منذ مرحلة الصدام مع الإخوان المسلمين تلك المرحلة السوداء في الثمانينيات ما زال البعض أجيال جديدة تدفع ثمن تلك المرحلة.. عدم توظيف وعدم إعطاء موافقات أمنية لقضايا مختلفة يعني عملياً حملنا نفساً وزر أخرى وهذا الشيء غير صحيح وبدأنا بحل هذا النوع من المشاكل وسمعت هذه النقاط تحديداً من أكثر من وفدين وأذكر منهم إدلب وحماة على وجه التحديد وبدأنا بحل هذه المشكلة وسنقوم بحلها نهائياً لا يجوز أن نبقى نعيش بعد 3 عقود في مرحلة سوداء.. هذه القضايا تتعلق بالعدالة والظلم ويشعر بها كل مواطن. وقال الرئيس الأسد.. هناك قضايا أخرى لها علاقة بموضوع مثلاً جوازات السفر بالرغم من أننا منذ نحو سنتين أعطينا توجيهات لكل السفراء بالخارج أن يبدؤوا بإعطاء جوازات السفر حتى للمطلوبين سواء كانوا فارين أو غير فارين لكن يعتقدون أنهم مطلوبون في سورية.. عدد كبير من هؤلاء كان يشعر بالخوف ولم يذهب للسفارات لاستلام جواز السفر.. حتى بعد العفو الأخير لم يقوموا باستلام جوازاتهم مازال هناك نوع من الخوف يمنع الناس من المبادرة تجاه مؤسسات الدولة وهذا الخوف يشعرهم بوجود الظلم أحياناً. وأضاف الرئيس الأسد.. بما أننا مررنا على موضوع العفو ففي لقاءاتي الأخيرة شعرت أن هذا العفو لم يكن مرضياً للكثيرين والحقيقة أن هذا العفو هو أشمل عفو صدر منذ نحو 23 عاماً وأعتقد أن العفو المماثل كان في عام 1988 ومع ذلك هناك رغبة بأن يكون هذا العفو أشمل وعادة نحن لا ندخل بالأسماء بل بالمعايير ونقول نعفو عن الجميع ما عدا مثلاً المخدرات والإرهاب والتمرد المسلح والقضايا الأخلاقية وما شابه ومع ذلك في هذه الظروف واعتماداً على ما سمعته من عدد من الأشخاص ووردني من أشخاص آخرين لم ألتق بهم فسأطلب من وزارة العدل أن تقوم بدراسة ما هو الهامش الذي يمكن أن نتوسع به في العفو ولو بمرسوم آخر بشكل يشمل آخرين دون أن يضر مصلحة وأمن الدولة من جانب وبنفس الوقت مصالح المواطنين المعنية بالحقوق الخاصة للمواطنين أصحاب الدم على سبيل المثال. وقال الرئيس الأسد: اما المكون الثاني فيمثله عدد من الخارجين على القانون والمطلوبين للعدالة بقضايا جنائية مختلفة وجدوا في مؤسسات الدولة خصماً وهدفاً لأنها عقبة في وجه مصالحهم غير المشروعة ولأنهم مطاردون من قبل أجهزتها.. فالفوضى بالنسبة لهؤلاء فرصة ذهبية لا بد من اقتناصها من أجل بقائهم طلقاء وتعزيز أعمالهم غير القانونية.. وإذا كان من البديهي أن نسعى لتطبيق القانون على الجميع فهذا لا يعفينا من البحث عن حلول ذات أبعاد اجتماعية من شأنها أن تبعد هؤلاء عن سلوك الطريق الخاطئ وتدفعهم ليكونوا مواطنين صالحين مندمجين بمجتمعه.  قد يكون السؤال ما هو عدد هؤلاء... أنا شخصياً فوجئت بهذا العدد كنت أعتقد أنه بضعة آلاف في السابق, العدد في بداية الأزمة 64 ألفاً وأربعمئة وكسور تخيلوا هذا الرقم من المطلوبين لقضايا مختلفة تصل أحكامهم من بضعة أشهر حتى الإعدام وهم فارون من وجه العدالة.. 24 ألفاً من هؤلاء حكمه من ثلاث سنوات فما فوق وطبعاً منذ أيام تراجع هذا العدد قليلاً أقل من 63 ألفا لأن البعض منهم سلم نفسه للسلطات المختصة والعدد 64 ألفاً أكثر أو أقل يعادل بالمعنى العسكري تقريباً خمس فرق عسكرية.. أي تقريباً جيش كامل.. لو أراد بضعة آلاف من هؤلاء أن يقوموا بحمل السلاح والقيام بأعمال تخريب تستطيعون أن تتخيلوا مدى الضرر الذي من الممكن أن يلحق بالدولة.وأضاف الرئيس الأسد.. أما المكون الثالث فهو الأكثر خطورة بالرغم من صغر حجمه وهو يمثل أصحاب الفكر المتطرف والتكفيري.. هذا الفكر الذي اختبرناه وعرفناه منذ عقود عندما حاول التسلل إلى سورية واستطاعت أن تتخلص منه بوعي شعبها وحكمته. واليوم لا نرى هذا الفكر مختلفاً عما رأينا منذ عقود فهو نفسه وما تغير هو الأدوات والأساليب والوجوه.. فهو يقبع في الزوايا المعتمة ولا يلبث أن يظهر كلما سنحت له الفرصة وكلما وجد قناعاً يلبسه فهو يقتل باسم الدين ويخرب تحت عنوان الإصلاح وينشر الفوضى باسم الحرية. وقال الرئيس الأسد: من المحزن أن يكون في أي مجتمع في العالم مجموعات تنتمي لعصور أخرى عصور غابرة.. تنتمي إلى فترة لا نعيشها ولا ننتمي إليها وهي في الحقيقة العقبة الأكبر في عملية الإصلاح لأن التطوير يبدأ بالإنسان لا يبدأ بالكمبيوتر ولا يبدأ بالآلة ولا يبدأ بالتشريعات ولا يبدأ بشيء بل يبدأ بالإنسان.. فإذا علينا تطويق هذا الفكر إذا أردنا فعلا أن نتطور.. وهناك مكونات أخرى وأنا لم أتحدث عن المكون الخارجي ودوره في الأزمة ولم أتحدث عن المكونات التي نعرفها جميعاً فهناك أشخاص تدفع لهم أموال ليقوموا بعمليات التصوير والتعامل مع الإعلام والبعض تدفع له أموال ليشارك في مظاهرات لمدة دقائق ويتم تصويرها وهي مكونات لا تهمنا كثيرا لذلك وبمراقبة المسار والأحداث كان التصعيد والفوضى هما المرادف لكل خطوة إصلاحية أعلن عنها أو تم إنجازها وعندما فقدت المبررات كلياً كان استخدام السلاح هو الخيار الوحيد أمامهم لتنفيذ المخطط.. ففي بعض الأحيان استخدمت المسيرات السلمية كغطاء يختبئ تحته المسلحون.. وفي أحيان أخرى كانوا يقومون بالإعتداء على المدنيين والشرطة والعسكريين عبر الهجوم على المواقع والنقاط العسكرية أو عبر عمليات الإغتيال.. أغلقت المدارس والمحلات في الأسواق والطرق العامة بقوة السلاح.. تعرضت الممتلكات العامة للتخريب والنهب والحرق المقصود.. فصلت المدن عن بعضها من خلال قطع الطرق الرئيسية التي تصل بينها.. وما يعنيه ذلك من تهديد مباشر لنسف الحياة اليومية للمواطنين لأمنهم وتعليمهم واقتصادهم وللتواصل مع عائلاتهم. وأضاف الرئيس الأسد.. شوهوا صورة الوطن خارجياً وفتحوا الأبواب بل دعوا إلى التدخل الخارجي.. وحاولوا بذلك إضعاف الموقف السياسي الوطني المتمسك بعودة الحقوق الوطنية كاملة. عملوا على استحضار خطاب مذهبي مقيت لا ينتمي إلينا ولا ننتمي إليه ولا نرى فيه سوى التعبير عن فكر قبيح.. حاشى ديننا وتاريخنا وتقاليدنا أن تربط به أو تقربه.. وحاشى انتماؤنا الوطني والقومي والأخلاقي أن يدنس به. وقال الرئيس الأسد: طبعاً في كل هذه الأمور ما عدا المكون الأول أنا أتحدث عن قلة قليلة لا تمثل سوى جزء بسيط جداً من الشعب السوري لذا الموضوع ليس مقلقاً لكن أقول مرة أخرى لا بد من معالجته.. فعندما فشلوا في المرحلة الأولى عندما حاولوا استغلال المكون الأول وهو أصحاب المطالب انتقلوا للصدام المسلح والأعمال المسلحة وعندما فشلوا في هذه المرحلة انتقلوا إلى نوع جديد من العمل بدؤوا به في جسر الشغور عندما ارتكبوا المجازر الشنيعة التي رأينا صورها في الإعلام.. قتلوا رجال الأمن ودمروا مراكز البريد التي هي ملك الشعب والمدينة التي يعيشون فيها هي التي تستخدمها.. هناك حقد كبير.. المهم أنهم كانوا يمتلكون أسلحة متطورة لم تكن موجودة في السابق وأجهزة اتصالات متطورة وانتقلوا لعمل آخر حاولوا بالقرب من معرة النعمان أن يستولوا على مخازن استراتيجية للوقود وتمكنوا من احتلالها واضطرت القوات المسلحة للتدخل من أجل استعادتها وفوجئنا بأنهم يملكون سيارات رباعية حديثة ركبت عليها أسلحة متطورة للتعامل حتى مع الحوامات وأيضاً أجهزة اتصال. وأضاف الرئيس الأسد.. وحاولوا أن يرتكبوا مجزرة أخرى في معرة النعمان أيضاً بحق مفرزة أمنية وكادوا ينجحون لولا تدخل أهل المدينة الذين حموا المفرزة في بيوتهم والبعض دفع الثمن عندما عذب وضرب وكسرت عظامه وغيرها.. وأنا أوجه التحية لهؤلاء الذين وقفوا هذا الموقف الوطني وأتمنى أن ألتقي بهم قريباً. وقال الرئيس الأسد: هناك أشخاص كثر حاولوا أن يقوموا بأعمال مشابهة.. منع الفتنة في أماكن مختلفة من سورية والكثير منهم نجح والبعض حتى الآن لم ينجح ولو لم يكن هناك هذا الشعور الوطني لدى الكثيرين لكان الوضع في سورية أسوأ بكثير من الآن.. لكن الرد أتى من قبل الشعب السوري الذي هب بمجمله ليثبت مرة أخرى وعيه الوطني الذي فاق التوقعات في ظل هجمة افتراضية غير مسبوقة لم يكن من السهل خلالها التمييز بين الحقيقي منها والوهمي وبين الأصلي والمزور.. لكن الحس الوطني والحدس التاريخي اللذين يمتلكهما شعبنا والمبنيين على تراكمات من الخبرة عبر الأجيال كانا أقوى بما لا يقاس.. وأهمية هذه التجربة إذا أنها أظهرت مدى الوعي الوطني الذي يشكل الضمانة الأهم لنجاح عملية التطوير التي نقوم بها والتي ترتكز على ثلاثة أسس هي الوعي والأخلاق والمؤسسات.. وغياب أي منها سيؤدي حتماً لانحراف العملية عن أهدافها وسيؤدي إلى فشلها وما يعنيه ذلك من آثار خطيرة على مجتمعنا وعلى مستقبلنا. وأضاف الرئيس الأسد.. ما يحصل اليوم من قبل البعض ليس له علاقة بالتطوير أو بالإصلاح.. ما يحصل هو عبارة عن تخريب وكلما حصل المزيد من التخريب كلما ابتعدنا عن أهدافنا التطويرية وعن طموحاتنا.. وأنا هنا لا أقصد التخريب المادي فقط فهذا إصلاحه قد يكون أكثر سهولة.. لكنني أقصد بالدرجة الأولى التخريب النفسي والأخلاقي والسلوكي الذي يصعب إصلاحه مع الوقت والذي نرى البعض يعمل على تكريسه.. ويكرس معه تدريجياً عدم احترام المؤسسات وما ترمز إليه وطنيا وبالتالي تراجع الحالة الوطنية التي تشكل وتؤسس وتحمي الوطن وهذا بالضبط ما يريد أعداؤنا أن نقوم به وأن نصل إليه. وقال الرئيس الأسد: اليوم لدينا جيل من الأطفال تربى بهذه الأحداث أو تعلم الفوضى عدم احترام المؤسسات.. عدم احترام القانون.. كره الدولة.. هذا الشيء لا نشعر بنتائجه اليوم سنشعر بنتائجه لاحقاً وسيكون الثمن غالياً.. وأريد أن أسأل هنا هل أوجدت الفوضى مزيداً من فرص العمل للباحثين عنها.. هل حسنت الأوضاع العامة.. هل حسنت الأمن الذي كنا ننعم بوجوده ونفاخر به.. فلا تطوير دون استقرار.. ولا إصلاح عبر التخريب ولا عبر الفوضى.. والقوانين والقرارات وحدها لن تكون كافية لتحقيق أي تقدم بمعزل عن البيئة السليمة التي يجب أن تحيط بها. إذاً علينا أن نصلح ما تخرب ونصلح المخربين أو نعزلهم وعندها نستطيع الاستمرار بالتطوير.. كل ما سبق يتصل بالمبادىء والتشخيص أما في الممارسة فنبدأ من الواقع والواقع يبدأ من الناس.. لذلك بدأت بسلسلة طويلة من اللقاءات التي شملت مختلف الشرائح والفئات من مختلف المناطق والمحافظات في سورية بهدف فهم ورؤية هذا الواقع كما هو أو بأقرب ما يمكن إلى حقيقته من الزوايا المختلفة التي ينظر منها المواطنون السوريون.. بالشكل الذي يساعدنا على ترتيب أولويات مؤسسات الدولة بما يتوافق مع أولويات المواطنين. وقال الرئيس الأسد: أردت أن أفهم التفاصيل المباشرة من المواطنين بعيداً عن أي أقنية قد تقوم بعملية تصفية أو فلترة للمعلومات..ربما تنقل المعلومة كاملة ولكن لا تنقل المشاعر والعلاقة بين الناس هي ليست فقط علاقة معلومات وحقائق وإنما أيضاً مشاعر. وأضاف الرئيس الأسد.. أردت أن أبني كل ما سأقوله في المستقبل على هذه اللقاءات.. عملياً جوهر هذا الكلام وهذا الخطاب وهذا الحديث مبني على تلك الحوارات التي تمت بيني وبينهم أردت أن أكون على الأرض وكما قلت التقيت بكل أنواع الناس وبكل الأطياف متظاهرين وغير متظاهرين والحقيقة أنا اعتبر أن أهم عمل قمت به خلال وجودي في موقع المسؤولية هو هذه اللقاءات بالرغم من صعوبة الظروف وبالرغم من الآلام والإحباطات الموجودة في الأجواء العامة المحيطة بها إلا أنني استطيع أن أقول إن الفائدة منها كانت مذهلة والمحبة والحب الذي لمسته من أولئك الأشخاص الذين يعبرون عن معظم الشعب السوري محبة لم أشعر بها في أي مرحلة من مراحل حياتي وأتمنى بكل تأكيد أن أبادل هذه المحبة أولئك الأشخاص وأبادل هذه المحبة لكل مواطن سوري لاأعرفه ولكن أتمنى أن التقي به في لقاءات مشابهة ولكن أتمنى أكثر أن أتمكن من تحويل هذه المحبة إلى عمل.. وهذا الشيء يمكن أن يتم بمساعدتكم. قال الرئيس الأسد: كانت لقاءاتي مفيدة وصريحة وعميقة وشاملة تطرقت لكل المواضيع المطروحة من دون استثناء بعضها محلي على مستوى المدينة والمحافظة وبعضها شامل للقطر وكانت الأولويات بالنسبة لي هي المواضيع التي تمس الشرائح الأوسع من الشعب قبل القضايا المحلية على أهميتها. عبر المواطنون في تلك اللقاءات عن غضبهم الممزوج بالمحبة وعن عتبهم المصقول بالوفاء لشعورهم بأن دولتهم ابتعدت عنهم سواء ببعض السياسات أم ببعض الممارسات.. ولمست معاناة مرتبطة بجوانب عدة.. بعضها مرتبط بالجانب المعيشي والخدمي وبعضها متعلق بالمساس بكرامة المواطن أو بتجاهل آرائه أو إقصائه عن المشاركة في مسيرة البناء التي يعتبر هو غايتها وجوهرها.. لكني لمست أيضاً حب هذا الشعب الذي طالما مدني بصدقه ووقفاته الأبية.. بالقوة والاستمرار في خطنا السياسي ونهجنا المقاوم.. أما الفساد فلمست الرغبة العارمة باجتثاثه كسبب رئيسي من أسباب عدم تكافؤ الفرص وافتقاد العدالة.. وما يولده من شعور بالغبن والظلم والقهر.. عدا عن تداعياته الأخلاقية الخطيرة على المجتمع. وقال الرئيس الأسد: والأخطر من كل ذلك هو ما أوجده الفساد في بعض الحالات من تفرقة وتمييز غير عادل بين بعض المواطنين على أسس ضيقة بغيضة.. وهذا بحد ذاته كاف لتقويض أشد الأوطان مناعة. فالفساد هو النتيجة لانحدار الأخلاق وتفشي المحسوبيات وغياب المؤسسات والتي بغيابها يغيب الضامن والحامي للحالة الوطنية لتحل محلها الإنتماءات الضيقة.. لا بد إذاً من العمل فوراً لتعزيز المؤسسات بالتشريعات المتطورة وبالمسؤولين الذين يحملون المسؤولية بدلاً من أن يحملهم المنصب أو الكرسي.. ولن يكون هناك أي تساهل بشأن من هو غير قادر على حملها.. لكن النجاح في ذلك لن يتم إلا من خلال إيجاد الأقنية التي يمكن للمواطن من خلالها المشاركة والمراقبة والإشارة إلى الخطأ. وأضاف الرئيس الأسد.. أنا قلت لكثير من الوفود تستطيع الدولة أن تتعامل أو أن تكافح أو أن تقلل من الفساد في المستويات العليا أما في المستويات الأدنى فلا بد من إيجاد أقنية وهذا من مهام هيئة مكافحة الفساد التي انتهت اللجنة من دراسة آلياتها مؤخراً. أنا لا أقصد الفساد عندما نتحدث.. يعني كيف سنقوم بالعمل.. يقال كلام جميل كيف سنطبقه وليس مديحاً.. هذا كلام جميل لكن كيف السبيل إليه... فمن السهل أن نقول يجب علينا ولكن التنفيذ يبقى هو الفيصل.. كما قلت منذ قليل فإن هدفي من اللقاءات كان معرفة الواقع بصورة أعمق.. لكنني وجدت نفسي في قلب حوار وطني حقيقي.. والحوار الوطني لا يعني نخباً محددة.. ولا حوار المعارضة مع الموالاة أو السلطة.. وليس محصوراً بالسياسة فقط.. بل هو حوار كل أطياف الشعب حول كل شؤون الوطن. وقال الرئيس الأسد: فإذا افترضنا أن حجم السلطة بمقياس معين وحجم المعارضة بمقياس معين ففي كل الدول وفي كل المجتمعات القسم الأكبر من الشعب هو الذي لا ينتمي لا للطرف الأول ولا للطرف الثاني فلا يمكن أن نتحدث عن حوار وطني وتخطيط لمستقبل أو رسم مستقبل سورية لأجيال وعقود بإهمال القسم الأكبر من الشعب وهنا برزت فكرة الحوار الوطني بالشكل الذي بدأنا به مؤخراً. وأضاف الرئيس الأسد.. وإذا كنت بلا شك جزءاً من حوار وطني فلا أستطيع الإدعاء بأني أنجزته.. فأنا بنهاية الأمر فرد ومن التقيت بهم هم مئات أو آلاف بينما الوطن يضم عشرات الملايين. من هنا انطلقت الفكرة الأساسية حول إطلاق حوار وطني تشارك فيه أوسع الشرائح الإجتماعية والفكرية والسياسية في القطر بشكل مؤسسي وتم لهذه الغاية تشكيل هيئة حوار وطني تكون مهمتها وضع الأسس والآليات الكفيلة بقيام حوار شامل لمختلف القضايا التي تهم جميع أبناء الوطن.. يسمح من جانب بمناقشة مسودات القوانين المطروحة في هذه المرحلة.. ويفسح المجال من جانب آخر للمساهمة في صياغة مستقبل سورية بمعناه الشامل للعقود والأجيال المقبلة ويساعدنا جميعاً على إنضاج رؤية واضحة لهذا المستقبل.. ويدفع الحراك السياسي والاجتماعي والاقتصادي في وطننا ريثما تأخذ الأحزاب دوراً أوسع في الحياة العامة بعد إقرار قانون جديد للأحزاب.. وقد برز الكثير من الآراء حول الصيغ الممكنة للحوار وسيكون من أولى مهام هيئة الحوار الوطني التشاور مع مختلف الفعاليات من أجل الوصول للصيغة الأفضل التي تمكننا من تحقيق مشروعنا الإصلاحي ضمن برامج محددة.. وآجال محدودة.... يتبع

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة