اعتبرت وزارة الدفاع التركية روسيا مسؤولة عن الغارات الجوية السورية على قافلة عسكرية تركية في محافظة إدلب في 19 آب/ أغسطس الحالي. ورأت انّ الحادث هو في مواجهة موسكو وانها غضّت الطرف عن الهجوم، الذي أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين.

 

كان الوضع في إدلب غير مريح لكلّ من روسيا وتركيا مع استمرار القتال في منطقة خفض التصعيد ، وفي ظلّ وضع يهدّد بتوتر العلاقة، حيث بدأت الخلافات منذ أبريل/ نيسان.

 

هل العلاقات التركية الروسية تتجه نحو الطلاق؟ تقول موسكو بأنّ تركيا لم تف بالوعود التي قطعتها خلال مفاوضات وقف إطلاق النار. هذه الوعود تضمّنت إعادة إطلاق الطريق السريع M5 الذي يربط إدلب بحماة، والطريق M4 الذي يصل حلب بدمشق، وإزالة الجماعات الإرهابية من المنطقة المجرّدة من السلاح، وجعلهم يسلّمون أسلحتهم الثقيلة إلى السلطات الروسية.

 

موسكو مصمّمة على السيطرة بالكامل على الطريق السريعة M5 و M4، أعطى الرئيس بوتين دفعاً لغارات دمشق العسكرية في محافظة إدلب، كما أشار الى أنه قبل توقيع اتفاقات سوتشي كانت الأراضي التي تحت سيطرة الإرهاب حوالي 50 إلا أنها اليوم أصبحت 90 ، وأكد أنّ محاولات مهاجمة قاعدة حميميم الجوية تزايدت من منطقة إدلب، لذا تدعم موسكو جهود الجيش السوري لتنفيذ عمليات محلية لتحييد هذه التهديدات الإرهابية ، وقال انّ الحرب على الإرهابيين سوف تستمرّ.

 

كان من المتوقع أن تمرّ صفقة سوتشي العام الماضي بين تركيا وروسيا لكنها لم تتمّ. تُلقي موسكو هذا الفشل على أنقرة مع أنها صبرت كثيراً على أفعالها. أما أنقرة فهي تدعم الجماعات المسلحة الموالية لها في معاركها، وتتحالف مع هيئة تحرير الشام والفصائل الإسلامية، لضمان وجودها الاستراتيجي في هذا الجزء من سورية. القصف المستمرّ وهجمات الطائرات بدون طيار على القاعدة الجوية الروسية وفرت لموسكو سبباً مثالياً لدعم تقدّم الجيش السوري.

 

من غير المحتمل أن تخوض كلّ من تركيا وروسيا حرباً مع بعضهما البعض في إدلب. هناك عدد من المشاريع الثنائية المهمة للجانبين. بوتين لديه مشكلة تكتيكية مع تركيا وليست استراتيجية، قد تجري بعض المحادثات العسكرية التي تسعى إلى حلّ بدلاً من ردود الفعل، وبدلاً من تجاوز بعضهما البعض قد تفضّل روسيا – إخلاء مدينة مورك، وبالتالي تجنّب المواجهة الكاملة مع أنقرة. وهي تضغط على تركيا لتنفيذ الاتفاق الحالي. تعتبر تركيا انّ هذا سيعني أنّ ستة مواقع تركية أخرى قد تواجه نفس مصير موقع مورك. موسكو تريدها نقل جميع الجنود الأتراك مع المؤيدين لتركيا إلى جيب درع الفرات في الشمال – وهذا يعني انسحاب تركيا التام من جنوب محافظة إدلب. ومع ذلك، فإنّ أنقرة تقاوم المطالب الروسية.

 

تعتبر موسكو انّ إمكانية قيام الولايات المتحدة وتركيا بإنشاء وضع جديد في شمال شرق سورية سيشكل تهديداً واضحاً لاستراتيجية الدولة السورية المتمثلة في فرض السيادة على جميع أراضيها. بالنسبة لروسيا، يعدّ برنامج السلام الذي تمّ التفاوض عليه مسبقاً ضرورياً لإبعاد تركيا عن الخطط الأميركية في سورية. لا يمكن لروسيا أن تتجاهل إمكانية وجود شراكة أميركية تركية تمتدّ إلى المنطقة الواقعة شرق الفرات.

 

وهي لا تريد، بدورها، الانجرار الى الصراعات بين تركيا والقوات السورية لا سيما أنها بنت علاقة حوار بشأن سورية مع الولايات المتحدة، وليس مع القوى المحلية.

  • فريق ماسة
  • 2019-08-24
  • 7461
  • من الأرشيف

تركيا وروسيا والحلّ في إدلب…

اعتبرت وزارة الدفاع التركية روسيا مسؤولة عن الغارات الجوية السورية على قافلة عسكرية تركية في محافظة إدلب في 19 آب/ أغسطس الحالي. ورأت انّ الحادث هو في مواجهة موسكو وانها غضّت الطرف عن الهجوم، الذي أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين.   كان الوضع في إدلب غير مريح لكلّ من روسيا وتركيا مع استمرار القتال في منطقة خفض التصعيد ، وفي ظلّ وضع يهدّد بتوتر العلاقة، حيث بدأت الخلافات منذ أبريل/ نيسان.   هل العلاقات التركية الروسية تتجه نحو الطلاق؟ تقول موسكو بأنّ تركيا لم تف بالوعود التي قطعتها خلال مفاوضات وقف إطلاق النار. هذه الوعود تضمّنت إعادة إطلاق الطريق السريع M5 الذي يربط إدلب بحماة، والطريق M4 الذي يصل حلب بدمشق، وإزالة الجماعات الإرهابية من المنطقة المجرّدة من السلاح، وجعلهم يسلّمون أسلحتهم الثقيلة إلى السلطات الروسية.   موسكو مصمّمة على السيطرة بالكامل على الطريق السريعة M5 و M4، أعطى الرئيس بوتين دفعاً لغارات دمشق العسكرية في محافظة إدلب، كما أشار الى أنه قبل توقيع اتفاقات سوتشي كانت الأراضي التي تحت سيطرة الإرهاب حوالي 50 إلا أنها اليوم أصبحت 90 ، وأكد أنّ محاولات مهاجمة قاعدة حميميم الجوية تزايدت من منطقة إدلب، لذا تدعم موسكو جهود الجيش السوري لتنفيذ عمليات محلية لتحييد هذه التهديدات الإرهابية ، وقال انّ الحرب على الإرهابيين سوف تستمرّ.   كان من المتوقع أن تمرّ صفقة سوتشي العام الماضي بين تركيا وروسيا لكنها لم تتمّ. تُلقي موسكو هذا الفشل على أنقرة مع أنها صبرت كثيراً على أفعالها. أما أنقرة فهي تدعم الجماعات المسلحة الموالية لها في معاركها، وتتحالف مع هيئة تحرير الشام والفصائل الإسلامية، لضمان وجودها الاستراتيجي في هذا الجزء من سورية. القصف المستمرّ وهجمات الطائرات بدون طيار على القاعدة الجوية الروسية وفرت لموسكو سبباً مثالياً لدعم تقدّم الجيش السوري.   من غير المحتمل أن تخوض كلّ من تركيا وروسيا حرباً مع بعضهما البعض في إدلب. هناك عدد من المشاريع الثنائية المهمة للجانبين. بوتين لديه مشكلة تكتيكية مع تركيا وليست استراتيجية، قد تجري بعض المحادثات العسكرية التي تسعى إلى حلّ بدلاً من ردود الفعل، وبدلاً من تجاوز بعضهما البعض قد تفضّل روسيا – إخلاء مدينة مورك، وبالتالي تجنّب المواجهة الكاملة مع أنقرة. وهي تضغط على تركيا لتنفيذ الاتفاق الحالي. تعتبر تركيا انّ هذا سيعني أنّ ستة مواقع تركية أخرى قد تواجه نفس مصير موقع مورك. موسكو تريدها نقل جميع الجنود الأتراك مع المؤيدين لتركيا إلى جيب درع الفرات في الشمال – وهذا يعني انسحاب تركيا التام من جنوب محافظة إدلب. ومع ذلك، فإنّ أنقرة تقاوم المطالب الروسية.   تعتبر موسكو انّ إمكانية قيام الولايات المتحدة وتركيا بإنشاء وضع جديد في شمال شرق سورية سيشكل تهديداً واضحاً لاستراتيجية الدولة السورية المتمثلة في فرض السيادة على جميع أراضيها. بالنسبة لروسيا، يعدّ برنامج السلام الذي تمّ التفاوض عليه مسبقاً ضرورياً لإبعاد تركيا عن الخطط الأميركية في سورية. لا يمكن لروسيا أن تتجاهل إمكانية وجود شراكة أميركية تركية تمتدّ إلى المنطقة الواقعة شرق الفرات.   وهي لا تريد، بدورها، الانجرار الى الصراعات بين تركيا والقوات السورية لا سيما أنها بنت علاقة حوار بشأن سورية مع الولايات المتحدة، وليس مع القوى المحلية.

المصدر : الماسة السورية/ البناء


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة