دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
الزّيارة التي قام بها السيد محمد جواد ظريف، وزير الخارجيّة الإيراني، لأنقرة واستغرقت ثلاثة أيّام تكتسب أهميّتها من أمرين مُهمّين: الأوّل أنّها جاءت بعد زيارته إلى سورية ولقاء مُطوّل مع الرئيس بشار الأسد، والثّاني أنّها تمّت قبل أسبوعين من بِدء المرحلة الثانية من العُقوبات الأمريكيّة على طِهران، وتتضمّن مُحاولة منع الصّادرات النفطيّة الإيرانيّة إلى عدّة دول من بينها تركيا.
العِبارة التي وردت في المُؤتمر الصّحافي الذي عقده السيد ظريف مع نظيره التركيّ جاويش أوغلو ولفتت أنظار الكثيرين هي “سنعمل على إعادة العلاقات إلى طبيعتها بين تركيا وسورية، ونتفهّم مخاوف تركيا من التّهديدات الإرهابيّة، وأكّدنا لها أن السّبيل الأفضل لإنهائها هو تواجُد الجيش السوري على الحُدود”.
ما يُمكن فهمه من هذه العبارة هو وجود مُبادرة إيرانيّة، وربّما بدعمٍ روسيٍّ، لتحقيق مُصالحة بين الجارين السوريّ والتركيّ تفتح صفحةً جديدةً في العلاقات بينهما بعد جفوةٍ استمرّت ثماني سنوات.
السيد ظريف توقّف في دِمشق قبل أن يحُط الرّحال في أنقرة، والتقى الرئيس الأسد مُطوّلًا، ونقل فحوى اللّقاء إلى الرئيس أردوغان عندما عقد جلسةً معه في المُجمُع الرئاسيُ استغرقت ساعةً ورُبع السّاعة تقريبًا بعيدًا عن أجهزة الإعلام وكاميرات المُصوّرين.
جاويش أوغلو، وزير الخارجيّة التركيّ قال في المُؤتمر الصحافي نفسه “في الميدان السوريُ لدينا خِلافات مع إيران، ولكنّنا قرّرنا التّعاون معها للوصول إلى حلٍّ سياسيّ”.
هذا التّصريح يُؤشّر على ترحيبٍ تركيٍّ رسميٍّ “مُبطّنٍ” بالمُبادرة الإيرانيّة، لأنّها تأتي في تناغُمٍ مع جُهود روسيّة في المِضمار نفسه، واستكمالًا لمُقترحات الرئيس فلاديمير بوتين بإعادة إحياء اتّفاق أضنة (1998) لتأمين حُدود البلدين وتعاونهما للتصدّي للإرهاب الذي تُهدّدهما.
بعد ثماني سنوات من الأزمة السوريّة، واستعادة الجيش السوري لمُعظم أراضيه، وتعاظُم الدّعم الأمريكيّ للأكراد في شمال سورية وشرق الفرات، باتت المُراجعة مطلوبةً من قبل قيادتيّ البلدين، وباتت الأجواء مُهيّئة للمُصالحة، وعودة العلاقات إلى طبيعتها السّابقة.
تركيا تُواجه مُؤامرةً أمريكيّةً تهدف إلى تقسيمها وتدمير اقتصادها، تحت ذرائع عدّة أبرزها عزمها شراء منظومة صواريخ “إس 400” الروسيّة، وليس أمامها غير التوجّه شرقًا إلى سورية وإيران لمُواجهتها، وكان السيد أوغلو يُحبّذ هذا التوجّه عندما أكُد على ضرورة العمل على رفع مُستوى التبادل التّجاري التركيّ الإيرانيّ من 10 مليار دولار مِثلما هو عليه حاليًّا إلى 30 مليار دولار، وإيجاد آليّات جديدة لهذا التّبادل على غِرار الآليّات الأوروبيّة المُتّبعة، أيّ تفادي استخدام الدولار تجنّبًا للعُقوبات أو كسرِها.
نحن في هذه الصحيفة “رأي اليوم” نُبارك أيّ مُصالحة بين الجانبين السوريّ والتركيّ، بِما يُؤدّي إلى تفرغّهما لمُواجهة المُؤامرة الأمريكيُة الإسرائيليّة التي تستهدفهما معًا وتعمل على تفتيتهما وزعزعة استقرارهما.
فهل نرى ثمرات هذه الوساطة الإيرانيّة لقاءات سوريّة تركيّة في الأيّام القليلة القادِمة؟ لا نستبعِد ذلك فالظّروف باتت ناضجةً في البلدين.. وهذه ليست تمنّيات فقط، وإنّما نتيجة قراءة صريحة للوقائع على الأرض التي تُحتّمها.
المصدر :
الماسة السورية/ رأي اليوم
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة