ذاك المقعد الشاغر، وباستثناءات محدودة، كان الصوت المدوي في أرجاء القاعة. هذه قمة… رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو!

 

ندرك مدى الضغوط السياسية، والمالية التي مورست لتكريس الستاتيكو إياه داخل المؤتمر. لا مجال حتى للمقاربة الكلاسيكية لمفهوم القمة الإقليمية ومقتضياتها.

 

ألا يفترض تشكيل هيئة طوارئ عليا ليس فقط لمعالجة الاختلال الكارثي في العلاقات العربية ـ العربية، وإنما، أيضاً، لبناء منظومة إستراتيجية لوقف ثقافة التصدع، وثقافة التدهور، في المسار البنيوي للشرق الأوسط؟

في الولايات المتحدة، ديبلوماسيون مخضرمون ويسألون «إلى أين يقودنا هذا الرجل الذي جعل الكرة الأرضية تصاب بالغثيان؟».

من يتابع الصحف الألمانية يلاحظ قلق المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من أن «نكون قد أصبحنا على قاب قوسين من نهاية العالم».

عندنا، من يسأل إلى أين يجرنا الرئيس الأميركي دونالد ترامب؟ أنفلونزا العدم. اللعب العبثي بنقاط ضعفنا. لا تنتظروا أن يأتي الحل من الغيب، أو من المطبخ الأمبراطوري. منذ ظهور «المسألة الشرقية»، والقناصل يضعوننا على المائدة. الخرائط ترسم بالشوكة والسكين.

ببطولة أسطورية أفلتت سورية من براثن مصاص الدماء. في رسم كاريكاتوري لصحيفة يابانية، يبدو الرئيس الأميركي وهو يتعامل مع الكثير من بلدان المنطقة مثلما يتعامل مع أطباق الهوت دوغ.

حديث عن «إستراتيجية الغانيات» في البيت الأبيض. المحافل السياسية، والديبلوماسية، في القارة العجوز ترى في ترامب الرجل الذي ترعرع في قعر التاريخ وأنه لا بد أن ينتهي في قعر التاريخ.

في زوايا القمة في تونس، وحيث كان تمثال عبد الرحمن بن خلدون ينظر، واجفاً، إلى أحوال العرب، كان هناك كلام لا يحتمل أي شكل من أشكال الالتباس. هذه هي المعادلة الذهبية الآن: تريدون البقاء على عروشكم، قاطعوا سورية (حتى الرمق الأخير) ولتكن قبلتـكم حائط المبكى!

أن نكون رهائن لعروشهم، لتلك الديناصورات التي أقرب ما تكون إلى الكثبان الرملية، وتذروها الرياح. هذه مسألة لا يمكن إلا أن تكون آنية. ثمة منطق للأشياء. ثمة قوة للأشياء. كيف لأنظمة تعاني من الاعتلال السياسي، والاعتلال الإستراتيجي، البقاء في الأبراج العالية؟

وزير خارجية عربي قال لزميله التونسي، وهذا ما نؤكده بصورة قطعية، «سورية ليست هنا، إذاً، لا أحد هنا». أي قمة، أي عرب، من دون سورية، ومن دون السوريين؟

القرارات المعلنة لا تصلح علفاً للماعز. هكذا كان يتندر الكثيرون من أعضاء الوفود. اجترار لغوي، ببغائي، في مقاربة الحالة. القرار الفعلي ذاك الذي تتولى صياغته الأشباح. التبعية لإسرائيل مقابل بقاء رؤوس لا موطئ قدم لها في ديناميكية القرن.

لماذا القمة إذاً؟ وزير الخارجية ذاك الذي لكأنه يتقيأ مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون أثار ذهول نظرائه «نحن هنا لنقول لا مكان لسورية بيننا». يقول لمن؟ يقول للثنائي ترامب – نتنياهو. هل يمكن للنذالة السياسية، وللنذالة الأخلاقية أن تصل إلى ذلك الحد؟

الوزير إياه الذي اتصل بزميل له متمنياً، ومهدداً، بتعديل كلمة دولته في القمة. لم يحصل هذا. ثمة حالة من التململ، ومن التقزز، حيال التبعية العمياء لسياسات أثبتت الوقائع أن الغاية منها تحويل المنطقة العربية إلى ركام.

متى يدرك هؤلاء أنهم على فوهة بركان؟ لا جدوى من الأساطيل حين يدق الزلزال على الأبواب الداخلية. بوضوح يتناهى إلينا وقع أقدام الزلزال!

  • فريق ماسة
  • 2019-04-03
  • 14535
  • من الأرشيف

قمة بنيامين نتنياهو

ذاك المقعد الشاغر، وباستثناءات محدودة، كان الصوت المدوي في أرجاء القاعة. هذه قمة… رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو!   ندرك مدى الضغوط السياسية، والمالية التي مورست لتكريس الستاتيكو إياه داخل المؤتمر. لا مجال حتى للمقاربة الكلاسيكية لمفهوم القمة الإقليمية ومقتضياتها.   ألا يفترض تشكيل هيئة طوارئ عليا ليس فقط لمعالجة الاختلال الكارثي في العلاقات العربية ـ العربية، وإنما، أيضاً، لبناء منظومة إستراتيجية لوقف ثقافة التصدع، وثقافة التدهور، في المسار البنيوي للشرق الأوسط؟ في الولايات المتحدة، ديبلوماسيون مخضرمون ويسألون «إلى أين يقودنا هذا الرجل الذي جعل الكرة الأرضية تصاب بالغثيان؟». من يتابع الصحف الألمانية يلاحظ قلق المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من أن «نكون قد أصبحنا على قاب قوسين من نهاية العالم». عندنا، من يسأل إلى أين يجرنا الرئيس الأميركي دونالد ترامب؟ أنفلونزا العدم. اللعب العبثي بنقاط ضعفنا. لا تنتظروا أن يأتي الحل من الغيب، أو من المطبخ الأمبراطوري. منذ ظهور «المسألة الشرقية»، والقناصل يضعوننا على المائدة. الخرائط ترسم بالشوكة والسكين. ببطولة أسطورية أفلتت سورية من براثن مصاص الدماء. في رسم كاريكاتوري لصحيفة يابانية، يبدو الرئيس الأميركي وهو يتعامل مع الكثير من بلدان المنطقة مثلما يتعامل مع أطباق الهوت دوغ. حديث عن «إستراتيجية الغانيات» في البيت الأبيض. المحافل السياسية، والديبلوماسية، في القارة العجوز ترى في ترامب الرجل الذي ترعرع في قعر التاريخ وأنه لا بد أن ينتهي في قعر التاريخ. في زوايا القمة في تونس، وحيث كان تمثال عبد الرحمن بن خلدون ينظر، واجفاً، إلى أحوال العرب، كان هناك كلام لا يحتمل أي شكل من أشكال الالتباس. هذه هي المعادلة الذهبية الآن: تريدون البقاء على عروشكم، قاطعوا سورية (حتى الرمق الأخير) ولتكن قبلتـكم حائط المبكى! أن نكون رهائن لعروشهم، لتلك الديناصورات التي أقرب ما تكون إلى الكثبان الرملية، وتذروها الرياح. هذه مسألة لا يمكن إلا أن تكون آنية. ثمة منطق للأشياء. ثمة قوة للأشياء. كيف لأنظمة تعاني من الاعتلال السياسي، والاعتلال الإستراتيجي، البقاء في الأبراج العالية؟ وزير خارجية عربي قال لزميله التونسي، وهذا ما نؤكده بصورة قطعية، «سورية ليست هنا، إذاً، لا أحد هنا». أي قمة، أي عرب، من دون سورية، ومن دون السوريين؟ القرارات المعلنة لا تصلح علفاً للماعز. هكذا كان يتندر الكثيرون من أعضاء الوفود. اجترار لغوي، ببغائي، في مقاربة الحالة. القرار الفعلي ذاك الذي تتولى صياغته الأشباح. التبعية لإسرائيل مقابل بقاء رؤوس لا موطئ قدم لها في ديناميكية القرن. لماذا القمة إذاً؟ وزير الخارجية ذاك الذي لكأنه يتقيأ مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون أثار ذهول نظرائه «نحن هنا لنقول لا مكان لسورية بيننا». يقول لمن؟ يقول للثنائي ترامب – نتنياهو. هل يمكن للنذالة السياسية، وللنذالة الأخلاقية أن تصل إلى ذلك الحد؟ الوزير إياه الذي اتصل بزميل له متمنياً، ومهدداً، بتعديل كلمة دولته في القمة. لم يحصل هذا. ثمة حالة من التململ، ومن التقزز، حيال التبعية العمياء لسياسات أثبتت الوقائع أن الغاية منها تحويل المنطقة العربية إلى ركام. متى يدرك هؤلاء أنهم على فوهة بركان؟ لا جدوى من الأساطيل حين يدق الزلزال على الأبواب الداخلية. بوضوح يتناهى إلينا وقع أقدام الزلزال!

المصدر : نبيه البرجي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة