دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري أن دولا بعضها دائمة العضوية في مجلس الأمن تستكمل إرهابها السياسي ضد سورية بإرهاب اقتصادي عبر فرضها إجراءات اقتصادية قسرية أحادية الجانب عليها مشددا على ضرورة عدم تسييس المواضيع الإنسانية ووقف الإرهاب المسبب الرئيسي لمعاناة السوريين.
وقال الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن اليوم حول الوضع في سورية: إن مجلس الأمن اعتمد قبل خمس سنوات وتحديدا بتاريخ 22 شباط 2014 القرار رقم 2139 حول الوضع الإنساني في سورية التي أكدت يومها أن دعم السوريين إنسانيا لا يمكن أن يتم بشكل صحيح وفعال إلا إذا تلازم القول مع الفعل وتم الابتعاد عن تسييس المواضيع الإنسانية ووقف الإرهاب فما تقوم به المجموعات الإرهابية بما فيها تلك المرتبطة بتنظيم القاعدة هو السبب الرئيسي للمعاناة الإنسانية للشعب السوري.
وتساءل الجعفري كيف يمكن لدول بعضها دائمة العضوية في مجلس الأمن الادعاء بأنها حريصة على الوضع الإنساني في سورية في الوقت الذي تقوم فيه بدعم الإرهاب ونشر قواتها بشكل غير شرعي في سورية وشن العدوان تلو الآخر عليها الأمر الذي أدى إلى استشهاد وإصابة آلاف المدنيين السوريين أغلبيتهم نساء وأطفال وتدمير البنى المدنية التحتية.
وأوضح الجعفري أن الكولونيل الفرنسي فرانسوا ريجي لوجييه الذي يتولى توجيه المدفعية الفرنسية في التحالف العدواني غير الشرعي ضد سورية أقر في مقال نشرته دورية /ناشيونال ديفينس ريفيو/ بالجرائم والمجازر التي يرتكبها هذا “التحالف” قائلا: “لقد دمرنا بشكل هائل البنية الأساسية وركز التحالف على الحد من خسائره وهذا ما أدى إلى زيادة كبيرة في عدد القتلى من المدنيين ومستويات الدمار” وتساءل هذا الكولونيل “كم بلدة سورية ينبغي أن يحدث بها ما حدث في بلدة هجين كي ندرك أننا نسلك المسار الخطأ فالتحالف كان يمكنه القضاء على المقاتلين المتشددين بشكل أسرع وأكثر كفاءة بكثير من خلال إرسال ألف جندي فقط ولماذا لدينا جيش لا نجرؤ على استخدامه”.
وأشار الجعفري إلى أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما تحدث عن حاجة “التحالف الدولي” إلى 30 عاما للقضاء على الإرهاب في سورية.. وكلامه يتناغم مع كلام لوجييه ليؤكد ما أعلنته سورية مرارا أن هدف هذا التحالف غير الشرعي لم يكن يوما مكافحة الإرهاب وإنما الاستثمار فيه لاستهداف مقدرات الدولة السورية واطالة أمد الحرب المفروضة عليها وإغراق دول وشعوب المنطقة بفوضى الصراعات الوهمية.
وشدد الجعفري على أن بعض الدول تستكمل إرهابها السياسي ضد سورية بإرهاب اقتصادي لا يقل عنه ظلما وإجحافا وخروجا عن الشرعية الدولية عوضا عن مراجعة الذات والعدول عن الخطأ عبر فرضها إجراءات اقتصادية قسرية جائرة على أبناء الشعب السوري طالت جميع مناحي حياتهم اليومية وحالت دون تمكنهم من تأمين احتياجاتهم من غذاء ودواء وحليب لأطفالهم فضلا عن المعاناة التي يعيشونها في هذا الشتاء القارس جراء آثار هذه التدابير الهمجية على قطاع الكهرباء والنفط والغاز لافتا إلى أن ما تقدمه بعض الدول من مساعدات مشروطة لسورية بيمينها تفقدنا أضعافه بيسراها من خلال الأضرار التي تلحقها تدابيرها القسرية باقتصادنا الوطني وتعاملاتنا التجارية الدولية.
وأوضح الجعفري أن الحصول على عضوية مجلس الأمن يفرض على من يتمتع بها التزامات بالسعي للتشاور والانخراط مع الدول المعنية للتعرف على آرائها ومشاغلها والتحديات التي تواجهها كي يقوموا بالمسؤوليات المناطة بهم وفقا لأحكام الميثاق وليس وفقا لأجنداتهم الخاصة مستغربا كيف يمكن لـ “حاملي قلم الملف الإنساني السوري في مجلس الأمن” الاضطلاع بمهامهم بينما يتجاهلون ضرورة التشاور والتنسيق مع الحكومة السورية.
وأشار الجعفري إلى أن دولا وبينها دائمة العضوية في مجلس الأمن تواصل عرقلة ومنع عودة المهجرين السوريين إلى منازلهم وقراهم بعد أن تم تحريرها من الإرهاب وربط العمل الإنساني والتنموي بشروط مسيسة تتناقض ومبادئ العمل الإنساني موضحا أن تقارير الأمم المتحدة حول الوضع الإنساني في سورية لا تزال تعتمد على ما يسمى “المصادر المفتوحة” وتم إعلام مجلس الأمن الشهر الماضي بقيام أحد مراسلي مجلة “دير شبيغل” الألمانية بفبركة الأخبار حول سورية على مدى سنوات لا لشيء إلا “لشيطنة الحكومة السورية”.
وبين الجعفري أن أحد العاملين في شبكة “بي بي سي” البريطانية واسمه ريام دالاتي أكد أن المشاهد التي قيل إنها صورت في مستشفى دوما عقب الهجوم الكيميائي المزعوم هناك ليست إلا مسرحية مفبركة الأمر الذي دفع القناة للتبرؤ من نتائج تحقيقه مشيرا إلى أنه لو خلص هذا التحقيق إلى تأكيد هذه الحادثة المزعومة لكانت الدول المعادية لسورية قد صدقت على روايته واعتمدتها ذريعة لشن عدوان ثلاثي آخر عليها.
وأكد الجعفري أن بعض الدول وخاصة الغربية لا تزال تقدم الدعم والحماية لما تبقى من المجموعات الإرهابية وترفض وقف توظيف هذا الإرهاب سياسيا واسترداد إرهابييها لتخليص السوريين من شرورهم مبينا أن سياسات بعض الدول جعلت من الصكوك الدولية وقرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب سلعة يتم الاتجار بها في بازار رخيص يماثل بازار “داعش” للنخاسة.
وجدد الجعفري مطالبة سورية العمل معها بشكل صادق وفقا لأحكام القرار 46/182 في ظل الاحترام التام لسيادتها لافتا إلى أن التعاون بين الحكومة السورية والهلال الأحمر العربي السوري من جهة والأمم المتحدة من جهة ثانية مكن – عندما تم استبعاد العامل الخارجي المعرقل- من تحقيق إيصال ثان للمساعدات إلى مخيم الركبان الذي تحتله قوات أمريكية وينتشر فيه الإرهابيون وتقديم المساعدات المنقذة للحياة وخدمات الرعاية الصحية والدعم لقاطني المخيم.
وبين الجعفري أن الحكومة السورية فتحت بالتنسيق مع الجانب الروسي ممرين إنسانيين لتوفير الخروج الآمن للمدنيين الذين تحتجزهم القوات الأمريكية والمجموعات الإرهابية التابعة لها وقدمت العون لهم بهدف إنهاء معاناتهم على نحو ما جرى القيام به في مناطق أخرى سابقا مشددا على تطلع سورية لإنهاء معاناة قاطني المخيم الذين ترغب أغلبيتهم بالعودة إلى مناطق سلطة الدولة وفقا لاستبيان قامت به الأمم المتحدة مؤخراً وكذلك ضرورة إنهاء الوجود غير الشرعي للقوات الأمريكية والعصابات الإرهابية التي تدعمها.
ودعا الجعفري مجلس الأمن إلى إعلاء قيم القانون الدولي ومبادئ الميثاق والحؤول دون استخدام مسألة المساعدات الإنسانية وسيلة لزعزعة استقرار الدول أو التدخل في شؤونها الداخلية وهو الأمر الذي نراه يتكرر اليوم بشكل سافر في جمهورية فنزويلا وما كانت التجربة لتتكرر في فنزويلا لولا نجاح البعض في استثمار الموضوع الإنساني لابتزاز بعض الدول الأعضاء سياسيا كما جرى معنا في سورية.
وفي رده على مندوب بلجيكا في مجلس الأمن قال الجعفري: عبر المندوب البلجيكي باسم “حاملي القلم الإنساني” عن انشغاله العميق حول مصير من سماهم “اللاجئين السوريين” الذين حدد عددهم بـ 25 ألفا ممن خرجوا من بلدة هجين السورية إلى معسكر الهول وأنه حزين لوفاة 60 طفلا وبالغا منهم مبينا أن الكثير من هؤلاء ليسوا سوريين بل أوروبيون وكثير منهم جاؤوا من بلجيكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإسبانيا والسويد وأتحدث هنا عن آلاف الإرهابيين والآلاف من عائلاتهم ما يعني أنه كلهم غير سوريين.
وأكد الجعفري أن بلجيكا التي تدعي بأنها من “حاملي القلم الإنساني” وأنها حريصة على الوضع الإنساني في سورية عقدت ثلاث نسخ من مؤتمر بروكسل دون توجيه دعوة للحكومة السورية ما يبرهن أن الدوافع الكامنة وراء عقد هذه المؤتمرات ليست إنسانية أبدا بل هي دوافع سياسية معادية للدولة السورية بهدف إطالة أمد الإرهاب والاستمرار باستخدام العامل الإنساني مادة للابتزاز ولتعميق عدم الاستقرار في علاقات دول المنطقة ببعضها البعض.
وردا على المندوب الفرنسي قال الجعفري إن مندوب فرنسا ادعى بأن الحكومة السورية وافقت على 40 بالمئة فقط من طلبات إرسال المساعدات وهذا الكلام غير صحيح بالمطلق لأن تقرير الأمين العام الذي عرض على مجلس الأمن والذي استند إليه لم يشر إلى موافقات الحكومة السورية على كل الطلبات التي تقدم بها برنامج الغذاء العالمي والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين واليونيسيف واللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الدولية غير الحكومية سواء لجهة نقل الغذاء أو المواد والسلل الإغاثية أو العناية الصحية الأولية وخدمات التلقيح.. وهذا النقص بالمعلومات في تقرير الأمين العام يسأل عليه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”.
وفي اتصال هاتفي مع سانا أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن الدول الغربية تسعى مجددا “للاستثمار الرخيص” في الموضوع الإنساني في سورية للحيلولة دون تحرير إدلب من الإرهابيين ولإبعاد الانتباه عما يجري من صفقات بين قوات الاحتلال الأمريكي وتنظيم داعش الإرهابي.
وقال الجعفري “إن الاستثمار في الوضع الإنساني هو أرخص استثمار في الدول الغربية النافذة في مجلس الأمن فهم يخلقون المشكلة ومن ثم يدعون أنهم يريدون حلها لكنهم السبب الرئيس فيها”.
وأشار الجعفري إلى أنه عندما تتضارب الأجندات السياسية الغربية مع قرارات مجلس الأمن التوافقية التي تحافظ على سيادة الدول واستقلالها ووحدة ترابها “يصبح الأمر مستحيلا على مجلس الأمن إلا أن يسيس أجندته الإنسانية”.
وأوضح الجعفري أن العديد من مندوبي الدول تحدثوا خلال الجلسة بمنطق العارف بالأمور لافتا في الوقت ذاته إلى أنه حتى مندوبو الدول المعادية لسورية لم ينكروا الحقائق التي جاءت في بيان سورية أمام المجلس كما كانوا معتادين في السابق.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة