دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
في قصص الحب تحدث الزلالزل في القلوب التي تنهار وتتشقق .. وتحاول سماعات الاطباء ان ترصد بسذاجة ماأصاب القلوب الكسيرة دون جدوى رغم ان من يطلع على تلك القلوب سيجدها سوداء مدمرة أشبه بأشلاء مدينة سورية دخلها ارهابيو التنظيمات الاسلامية وعاثوا فيها خرابا وفسادا وحرقا .. ولكن في قصص الكراهية والعداوة والرعب تكون الزلازل أيضا شديدة .. الا ان أعنف هزات تصيب القلوب على الاطلاق هي هزات الرعب في أفئدة المهزومين التي يحدثها لقاء المنتصرين او الذين أدمنوا عادة الانتصار ويعرف أعداؤهم ان لقاءهم يبشر بمشروع انتصار كبير ..
واليوم حصلت هزات شديدة في قلوب بعض الزعماء في الشرق الاوسط ليس من شدة الحب طبعا - اذا استثنينا حب ملوك الخليج وامرائه لنتنياهو - وهذه الهزات لن تفلح سماعات الاطباء في رصدها ولاأجهزة المراقبة .. فلقاء الأسد والخامنئي لم يمر مرور الكرام امام العيون التي كانت تحملق وتجحظ في تل ابيب واستانبول وواشنطن .. وللأسف فانني لاأعرف أي القلوب عانى أكثر الانهيار والتصدع والفوالق اثر هذا اللقاء .. هل هو قلب نتنياهو أو قلب اردوغان ام قلب ترامب؟؟
لهؤلاء أسباب قوية جدا كي يحملقوا ويحدقوا وتضطرب قلوبهم ويتعرقوا وتقف أشعار رؤوسهم .. لان مايرونه يحقق كل شروط منعكس بافلوف .. فكلما ظهر الاسد في عاصمة حليفة نزلت المصائب في مخططات الغرب وأمنياتهم .. انه الاسد الذي كلما تحرك في لقاء مع الحلفاء كان العالم على موعد مع صدمة عسكرية ومفاجأة مذهلة تقلب الموازين .. فالعالم كله يذكر انه بينما كان المحافظون الجدد يحتفلون مع الرئيس بوش بانتصارهم السهل على العراق واجتياح بغداد وكانت نشوة النصر قد الهبت مشاعر عتاة جنرالات البنتاغون وصاروا ثملين يريدون ان تتدحرج الدبابات الاميريكية نحو دمشق .. بينما كان هذا المشهد الاحتفالي المنتشي .. فوجئ العالم ان أول شيء حدث في الشرق بعد سقوط بغداد هو أن طائرة الرئيس السوري بشار الاسد حطت بهدوء في طهران .. وشاهد الجميع لقاء الاسد ونجاد .. ورغم ان الغرور الاميريكي استخف باللقاء الا أن الايام اثبتت ان هذا اللقاء هو الذي تقرر فيه ان يطحن عظم الاميريكيين في العراق وتسلخ جلودهم وأن يضربوا ضرب غرائب الابل .. وبعد ان كان الاميريكون يعدون انفسهم للبقاء لمئة سنة في العراق ويحصون أطنان الذهب العراقي المسروق .. صاروا يحملون النعوش الى اميريكا ويتسابقون الى الانسحاب الى اميريكا منذ العام الاول .. وتبين ان ثمرة لقاء الاسد ونجاد التي استهف بها الاميريكيون هي تقرير بيكر هاميلتون الذي اقر ان على اميريكا الانصياع لارادة سورية وايران في العراق ..
ومرة ثانية وفيما كان الاميريكون وحلفاؤهم الاتراك والعربان يحتفلون باحتلال ادلب ويتوقعون الزحف الأخير نحو العاصمة دمشق .. وفيما كان الارهابيون يلتقطون الصور امام مبني مجلس مدينة ادلب ويتوعدون كالسكارى كل سورية بنفس المصير .. فوجئ العالم بطائرة الرئيس الأسد تحط بشكل مفاجئ في الأراضي الروسية على غير توقع وتابعت العواصم مصافحة حارة في قلب موسكو بين الاسد وبوتين .. وكان العالم يحملق ويحدق ويجحظ وتضطرب فيه ضربات القلوب ويقف شعر الرؤوس في الغرب هلعا .. وكان ذلك العالم القلق والمشدوه على حق لأن ماحدث بعد هذا اللقاء هو زلزال عسكري عنيف وعواصف السوخوي واعاصير العمليات العسكرية التي اقتلعت أعتى الجيوش الارهابية من جذورها .. وكانت النتيجة التي حصدها العالم هو انهبار تنظيم داعش والقاعدة وتحطم الخطط والخرائط والنظريات المتينة حول تغير الشرق الاوسط وتشقق سورية والعراق وقدوم عصر داعش والاسلاميين والاخوان المسلمين ..
وفيما مضى يتذكر العالم الغربي والعربي كيف اصيب بصدمة الهلع والرعب من لقاء جمع الأسد ونجاد ونصر الله عام 2010 .. وسمي يومها ذلك اللقاء باللقاء النووي .. وكان يخشى ان تكون المعركة تتدحرج نحو الجليل .. وانفلتت أعصاب العواصم الغربية وجف حلق تل ابيب وتبولت في ثيابها الامريكية .. فكان ان جهز الربيع العربي والثورة السورية على عجل لاجهاض اللقاء النووي واقتلاع الاسد ونصرالله ونجاد في حرب دينية لاتبقي ولاتذر شيئا من سورية الى ايران ..
اليوم جمد العالم وحدق وحملق واضطرب قلبه وعقله وهو يفاجأ بلقاء من نفس العيار الزلزالي بين الاسد والسيد الخامنئي .. ان الشيء المشترك في هذا المشاهد المرعبة للعالم (المتمدن الديمقراطي) هو الرئيس الأسد .. انه نفس الرجل الأسد في كل اللقاءات التي تحدث فيها تحولات نوعية في الخرائط والصفائح التكتونية للدول والكتل ..
وقد ضحكت وأنا اتابع تحليلا في محطة اميريكية قال فيها الخبير الدولي في العلاقات الدولية ان على اميريكا ان تحبس انفاسها لأن هذا اللقاء موجه ضدها حتما .. وكان معلق اسرائيلي قد كتب معلقا: ان على الاسرائيليين ان يحبسوا انفاسهم لأن اللقاء موجه ضدهم حتما .. وللأسف لم اسمع خبراء اردوغان ماذا قالوا ولكن سمعت ان بعض الأتراك قالوا نفس العبارة بان على الاتراك ان يحبسوا لنفاسهم لأن اللقاء موجه ضدهم .. الكل يخشى على رأسه ..
ليت عندي اليوم مقياس ريختر .. لالقياس زلازل الارض بل لقياس زلازل القلوب في تل ابيب واستانبول وواشنطن .. وصدقوني ان ريختر نفسه لو رأى مارآه نتن ياهو ونتن اردوغان ونتن ترامب لسقط مغشيا عليه .. فالأسد رجل لايسافر آلاف الاميال اعتباطا .. وليس من الخفة كما هم ملوك العرب وامراؤهم وشيوخهم يسافرون كما السياح ولايفعلون شيئا في خارطة اي شارع في العالم الا خارطة شوارع الغانيات والمومسات .. لايكترث العالم بلقاءاتهم ولابصورهم ولابابتساماتهم بل بما في جيوبهم التي يتم افراغها من أجل صورة مع رئيس اميريكا او ملكة بريطانيا او صبي الاليزيه ..
العالم مليء بمشاهد لقاء الزعماء .. ووصحف العالم وفضائياته تغص بصور المصافحات والايدي التي تشد على الايدي والوجوه الباسمة التي تحدق في الكاميرات التي تسجل كل حركة وومضة وطرفة عين وتقيس الابتسامات العريضة وشدة قبض الاصابع على الاصابع .. وكثير منها مشاهد بروتوكولية او تمثيليات ومجاملات .. ولكن ماان يغيب الزعماء ويسيرون حتى ينسى العالم مارآه .. ولكن العالم لايمكن ان يتجاهل زيارة يقوم بها الرئيس السوري بشار الاسد .. ففي كل حركة سياسية يتغير توازن العالم وتوازن القوى العالمية ..
سيتمنى كل من يريد ان يقرأ المستقبل ان يعلم ماذا دار في اللقاء الاخير بين الاسد والخامنئي .. وسيتمنى نتن ياهو ونتن اردوغان ونتن ترامب لو كان احدهم جدارا من جدران الغرفة او كرسيا يجلس عليه الزوار في تلك الغرفة او سجادة او منديلا في تلك الغرفة ليسمع اين هو اتجاه النصر السوري القادم .. ويتمنى نتن ياهو وترامب - الذي وقف شعر رأسه - ان يكون الاسد يريد التوجه الى ادلب ويتركهما بسلام .. فيما سيتمنى أردوغان ان تكون وجهة الاسد القادمة نحو الشرق السوري ويتركه في سلام .. ولكن هيهات ان يعرف العالم ماذ قال الاسد وماذا سمع في طهران .. حتما فان العالم سيعرف ماذا كان الاتفاق من خلال المعركة القادمة في سورية التي لاشك ستفاجئ العالم من جرأتها .. فما ستقوله الايام القادمة هو سر الاسرار الذي لم يعرفه أحد .. أقسم انه نصر آخر عظيم من انتصارات الشعب السوري العظيم وجيشه العظيم ..
وأزعم أنني لست وحدي من يعرف الأسرار في ذلك اللقاء ويقرأها ويستنتجها كما تستنتج المعادلات وفق قواعد رياضية وفلسفية صارمة .. بل جميع من يعرفون سجل الاسد وحلفائه في الانتصارات الناجزة والساحقة .. ولذلك لاأجد نفسي مضطرا لكي أدلكم على شيء .. فأنتم صرتم أدرى بقراءة زعماء المقاومة والممانعة .. زعماء الرفض والعصيان ضد عواصم الاذلال والطغبان .. ولكني لن أبوح بما حدسي يقول لي .. رغم انني مثلكم أنتظر شيئا .. وأترقب سرا .. يبدأ بحرف النون .. وينتهي بحرف الراء .. ويتوسطه حرف الصاد .. في كل الاتجاهات .. فلاتفشوا الاسرار .. واحفظوها في قلوبكم .. حمى الله قلوبكم من كل الزلالزل التي ستصيب قلوب الآخرين .. وأستثني زلزال الحب طبعا .. الذي أتمناه لكم جميعا ولكنّ جميعا ..
المصدر :
نارام سرجون
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة