بالبداية ،علينا أن ندرك جيداً ،أن هذه الخطوة تأتي ضمن حملة شعبية وطنية أردنية ضاغطة على النظام الأردني عنوانها عدم تجديد اتفاقية تأجير أراضي الباقورة والغمر للكيان الصهيوني  للخمسة والعشرين عاماً القادمة، وبالتزامن مع هذا الضغط الشعبي على النظام الأردني ، يمكن القول أن النظام الأردني قد استثمر فعلياً بهذا الضغط  لأخذ هذا القرار ،وسط علاقات غير مستقرة بين النظام الأردني والكيان الصهيوني ،وأسباب عدم الاستقرر في العلاقات يعود بالأصل  لمحاولة قادة الكيان الصهيوني  تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن والنظام الأردني واستمرار تحجيم التأثير الأردني على القضية الفلسطينية ،من خلال تحجيم دور النظام الأردني بخصوص ملف رعاية الأماكن المُقدّسة في القدس المُحتلّة، وقيام قادة الكيان الصهيوني وبشكل مستمر بالسماح لليهود باقتحام الأقصى في الفترة الأخيرة عدّة مرّات ،وهذا يعتبر من وجهة النظام الأردني خطوة استفزازية ،وعند الحديث عن الأطار الذي تصب به هذه الخطوة من قبل النظام الأردني ، فهنا يمكن الجزم أن هذه الخطوة ،تصب في الدرجة الأولى لصالح النظام الأردني والأردن كدولة بكيانها الشعبي والجغرافي ،وبالدرجة الثانية ،تصب بصالح القضية الفلسطينية ومنع أي محاولات لتصفيتها على حساب الأردن أو غيره.

 وهنا اجزم ، أن الرد الصهيوني على هذه الخطوة الأردنية، سيكون نحو تصعييد وتسخين اجواء حرب سياسية – اقتصادية جديدة مع الأردن ،وبالطبع هذا التسخين الصهيوني ،سيكون بجزء كبير منه نابع من واشنطن وحلفاء وأدوات واشنطن في المنطقة ، فهنا من المؤكد أن الأردن ستمارس عليه جملة ضغوطات اقتصادية – سياسية وربما أمنية ،لثنيه عن هذا القرار أو على الأقل السماح للصهاينة بالمماطلة بتنفيذه ،وهنا يمكن تأكيد أن ملف صفقة توريد الغاز "الفلسطيني "المغتصب من قبل الصهاينة  إلى الأردن قد تعطل إلى حين "ليس بقريب "،وسط تأكيد دوائر صنع القرار الاقتصادي الأردني ،أن هناك بديل عن الغاز الصهيوني بحال تعطل الصفقة ،والبديل سيكون بزيادة كميات  الغاز المصري الوارد للأردن وبالتنسيق مع مصر ، وهنا أجزم مجدداً ،أن ملف تخلي الكيان الصهيوني عن هذه القطعة من الأرض الأردنية ،لن يكون بالمهمة السهلة ،فهي تحمل بطياتها مجموعة تعقيدات مركبة بخصوص مجمل اتفاقية السلام "1994" ، فهنا سنرى جلسات مشاورات ومباحثات مشتركة وتدخلات خارجية لصالح الصهاينة ، وجملة ضغوط من واشنطن على الأردن ، ولهذا نحن مقبلون على تطور حقيقي وتوتر عالي المستوى في العلاقات بين النظام الأردني والكيان الصهيوني ، وهذا ينسحب بدوره على علاقة النظام الأردني وتحالفه مع واشنطن .

وهنا وليس بعيداً عن قرار عدم تجديد اتفاقية تأجير أراضي الباقورة والغمر للكيان الصهيوني  للخمسة والعشرين عاماً القادمة ،فـ من ينظر لأبعاد وخلفيات ملف فتح معبر جابر – نصيب ،بعد تعثر فتحه لعدة مرات بسبب تعقيدات كان يفرضها السعودي والصهيوني والأمريكي على الأردن الرسمي ،سيدرك حقيقة أن الأردن ودوائر صنع القرار الأردني وكما تتحدث الكثير من التقارير والتحليلات بأت يقرأ بعناية تفاصيل وتداعيات ونتائج ومتغيرات بدأت تجري في الأقليم والعالم بعمومه ،فهذه المتغيرات بدأت تأخذ المساحة الكبرى من المناقشات والتحليلات لنتائجها على الصعيدين السياسي والعسكري الداخلي الأردني ، والواضح اكثر اليوم أن دوائر صنع القرار الأردني قد قررت الذهاب نحو تفعيل مجموعة خيارات جديدة لها بالأقليم  وبالعالم بمجموعه تتيح لها هامش مناورة جديد مع الكيان الصهيوني وبعض قوى الأقليم وهذا بالطبع ينسحب على واشنطن ،واليوم نرى أن النظام الأردني نجح بتشكيل معالم تقارب مع الروس ،ونجح بالتواصل مع السوريين عبر خطوط اتصالات عسكرية وسياسية واقتصادية وشعبية للعمل على انجاز تسوية شاملة لملف العلاقات الأردنية – السورية وعلى كافة صعدها ، فدوائر صنع القرار الأردني تسعى  لأستباق أي متغيرات عربية واقليمية ودولية ايجابية اتجاه سورية ، ولهذا تسعى لانجاز مسار من التسوية مع الدولة السورية وتفعيل شامل للعلاقات معها وهذا ينسحب كذلك على علاقات النظام الأردني مع التركي والإيراني ،فاليوم يعتبر مسار انخراط الأردن الرسمي بمشروع لتنويع خياراته وتحالفاته مع قوى الاقليم والعالم ، خطوة في الطريق الصحيح في توقيتها ونتائجها المستقبلية وعنواناً لمرحلة جديدة من العلاقات الأردنية  الاقليمية والدولية .ختاماً ، هنا يمكن تأكيد، أن النظام الأردني قد ذهب لتنفيذ قرار يفتح له مجموعة خيارات بهدف تنويع علاقاته الاقليمية والعربية والدولية ، في الوقت الذي تشهد به علاقة الأردن مع النظام السعودي فتوراً ملحوظاً وبكافة صعدها ، وهذا الفتور ينسحب كذلك على علاقة النظام الأردني مع الكيان الصهيوني وساسة وجنرالات واشنطن ، بعد شعور النظام الأردني بأن هناك مشروع ما يستهدف المنطقة بمجموعها وعلى رأسها القضية الفلسطينية وتصفيتها على حساب الأردن ونظامه السياسي ، ومن اجل تنفيذ هذا المشروع قام المعسكر الذي يعتبر حليفاً للنظام الأردني "واشنطن – الرياض – الكيان الصهيوني " بممارسة جملة ضغوط على الأردن ونظامه السياسي من اجل دفعه للقبول بهذا المشروع "صفقة القرن ، وهذا ما عجل بدوره من جعل الأردن الرسمي يذهب نحو عدم تجديد اتفاقية تأجير أراضي الباقورة والغمر للكيان الصهيوني  للخمسة والعشرين عاماً القادمة ،وإعادة تنويع علاقاته الاقليمية والعربية والدولية ،لتجنيبه على الأقل أي تداعيات ستفرض عليه بسياق ما يسمى "بصفقة القرن " ،  ولكن هذا لايعني ،أن الأردن الرسمي قادر أو راغب فعلياً باعلان  قرار بفك تحالفه مع واشنطن ومحورها في المنطقة العربية والاقليم ،فالنظام الأردني مازال يؤمن بحتمية استمرار علاقته مع واشنطن ومحورها في المنطقة ،نظراً لمجموعة تفاهمات وصفقات وملفات يعيها ويدركها النظام الأردني جيداً .

 

  • فريق ماسة
  • 2018-10-23
  • 14716
  • من الأرشيف

الأردن وعدم تجديد اتفاقية تأجير أراضي الباقورة والغمر للكيان الصهيوني ...لماذا الآن !؟"

بالبداية ،علينا أن ندرك جيداً ،أن هذه الخطوة تأتي ضمن حملة شعبية وطنية أردنية ضاغطة على النظام الأردني عنوانها عدم تجديد اتفاقية تأجير أراضي الباقورة والغمر للكيان الصهيوني  للخمسة والعشرين عاماً القادمة، وبالتزامن مع هذا الضغط الشعبي على النظام الأردني ، يمكن القول أن النظام الأردني قد استثمر فعلياً بهذا الضغط  لأخذ هذا القرار ،وسط علاقات غير مستقرة بين النظام الأردني والكيان الصهيوني ،وأسباب عدم الاستقرر في العلاقات يعود بالأصل  لمحاولة قادة الكيان الصهيوني  تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن والنظام الأردني واستمرار تحجيم التأثير الأردني على القضية الفلسطينية ،من خلال تحجيم دور النظام الأردني بخصوص ملف رعاية الأماكن المُقدّسة في القدس المُحتلّة، وقيام قادة الكيان الصهيوني وبشكل مستمر بالسماح لليهود باقتحام الأقصى في الفترة الأخيرة عدّة مرّات ،وهذا يعتبر من وجهة النظام الأردني خطوة استفزازية ،وعند الحديث عن الأطار الذي تصب به هذه الخطوة من قبل النظام الأردني ، فهنا يمكن الجزم أن هذه الخطوة ،تصب في الدرجة الأولى لصالح النظام الأردني والأردن كدولة بكيانها الشعبي والجغرافي ،وبالدرجة الثانية ،تصب بصالح القضية الفلسطينية ومنع أي محاولات لتصفيتها على حساب الأردن أو غيره.  وهنا اجزم ، أن الرد الصهيوني على هذه الخطوة الأردنية، سيكون نحو تصعييد وتسخين اجواء حرب سياسية – اقتصادية جديدة مع الأردن ،وبالطبع هذا التسخين الصهيوني ،سيكون بجزء كبير منه نابع من واشنطن وحلفاء وأدوات واشنطن في المنطقة ، فهنا من المؤكد أن الأردن ستمارس عليه جملة ضغوطات اقتصادية – سياسية وربما أمنية ،لثنيه عن هذا القرار أو على الأقل السماح للصهاينة بالمماطلة بتنفيذه ،وهنا يمكن تأكيد أن ملف صفقة توريد الغاز "الفلسطيني "المغتصب من قبل الصهاينة  إلى الأردن قد تعطل إلى حين "ليس بقريب "،وسط تأكيد دوائر صنع القرار الاقتصادي الأردني ،أن هناك بديل عن الغاز الصهيوني بحال تعطل الصفقة ،والبديل سيكون بزيادة كميات  الغاز المصري الوارد للأردن وبالتنسيق مع مصر ، وهنا أجزم مجدداً ،أن ملف تخلي الكيان الصهيوني عن هذه القطعة من الأرض الأردنية ،لن يكون بالمهمة السهلة ،فهي تحمل بطياتها مجموعة تعقيدات مركبة بخصوص مجمل اتفاقية السلام "1994" ، فهنا سنرى جلسات مشاورات ومباحثات مشتركة وتدخلات خارجية لصالح الصهاينة ، وجملة ضغوط من واشنطن على الأردن ، ولهذا نحن مقبلون على تطور حقيقي وتوتر عالي المستوى في العلاقات بين النظام الأردني والكيان الصهيوني ، وهذا ينسحب بدوره على علاقة النظام الأردني وتحالفه مع واشنطن . وهنا وليس بعيداً عن قرار عدم تجديد اتفاقية تأجير أراضي الباقورة والغمر للكيان الصهيوني  للخمسة والعشرين عاماً القادمة ،فـ من ينظر لأبعاد وخلفيات ملف فتح معبر جابر – نصيب ،بعد تعثر فتحه لعدة مرات بسبب تعقيدات كان يفرضها السعودي والصهيوني والأمريكي على الأردن الرسمي ،سيدرك حقيقة أن الأردن ودوائر صنع القرار الأردني وكما تتحدث الكثير من التقارير والتحليلات بأت يقرأ بعناية تفاصيل وتداعيات ونتائج ومتغيرات بدأت تجري في الأقليم والعالم بعمومه ،فهذه المتغيرات بدأت تأخذ المساحة الكبرى من المناقشات والتحليلات لنتائجها على الصعيدين السياسي والعسكري الداخلي الأردني ، والواضح اكثر اليوم أن دوائر صنع القرار الأردني قد قررت الذهاب نحو تفعيل مجموعة خيارات جديدة لها بالأقليم  وبالعالم بمجموعه تتيح لها هامش مناورة جديد مع الكيان الصهيوني وبعض قوى الأقليم وهذا بالطبع ينسحب على واشنطن ،واليوم نرى أن النظام الأردني نجح بتشكيل معالم تقارب مع الروس ،ونجح بالتواصل مع السوريين عبر خطوط اتصالات عسكرية وسياسية واقتصادية وشعبية للعمل على انجاز تسوية شاملة لملف العلاقات الأردنية – السورية وعلى كافة صعدها ، فدوائر صنع القرار الأردني تسعى  لأستباق أي متغيرات عربية واقليمية ودولية ايجابية اتجاه سورية ، ولهذا تسعى لانجاز مسار من التسوية مع الدولة السورية وتفعيل شامل للعلاقات معها وهذا ينسحب كذلك على علاقات النظام الأردني مع التركي والإيراني ،فاليوم يعتبر مسار انخراط الأردن الرسمي بمشروع لتنويع خياراته وتحالفاته مع قوى الاقليم والعالم ، خطوة في الطريق الصحيح في توقيتها ونتائجها المستقبلية وعنواناً لمرحلة جديدة من العلاقات الأردنية  الاقليمية والدولية .ختاماً ، هنا يمكن تأكيد، أن النظام الأردني قد ذهب لتنفيذ قرار يفتح له مجموعة خيارات بهدف تنويع علاقاته الاقليمية والعربية والدولية ، في الوقت الذي تشهد به علاقة الأردن مع النظام السعودي فتوراً ملحوظاً وبكافة صعدها ، وهذا الفتور ينسحب كذلك على علاقة النظام الأردني مع الكيان الصهيوني وساسة وجنرالات واشنطن ، بعد شعور النظام الأردني بأن هناك مشروع ما يستهدف المنطقة بمجموعها وعلى رأسها القضية الفلسطينية وتصفيتها على حساب الأردن ونظامه السياسي ، ومن اجل تنفيذ هذا المشروع قام المعسكر الذي يعتبر حليفاً للنظام الأردني "واشنطن – الرياض – الكيان الصهيوني " بممارسة جملة ضغوط على الأردن ونظامه السياسي من اجل دفعه للقبول بهذا المشروع "صفقة القرن ، وهذا ما عجل بدوره من جعل الأردن الرسمي يذهب نحو عدم تجديد اتفاقية تأجير أراضي الباقورة والغمر للكيان الصهيوني  للخمسة والعشرين عاماً القادمة ،وإعادة تنويع علاقاته الاقليمية والعربية والدولية ،لتجنيبه على الأقل أي تداعيات ستفرض عليه بسياق ما يسمى "بصفقة القرن " ،  ولكن هذا لايعني ،أن الأردن الرسمي قادر أو راغب فعلياً باعلان  قرار بفك تحالفه مع واشنطن ومحورها في المنطقة العربية والاقليم ،فالنظام الأردني مازال يؤمن بحتمية استمرار علاقته مع واشنطن ومحورها في المنطقة ،نظراً لمجموعة تفاهمات وصفقات وملفات يعيها ويدركها النظام الأردني جيداً .  

المصدر : الماسة السورية / هشام الهبيشان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة