دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
وصلت طلائع الجيش السوري إلى مشارف هضبة الجولان، وانتشرت وحداته اليوم في المنطقة العازلة التي كانت تنتشر فيها قبل عام 2011، بعد حرب 7 سنوات شنها عشرات آلاف المسلحين على مواقع الجيش السوري، في الجنوب والشمال والشرق والغرب بهدف إضعاف وتفتيت الدولة السورية.
حاولت الولايات المتحدة و"إسرائيل" منذ حوالي شهرين منع الجيش السوري من التقدم لاستعادة الجنوب السوري وحذرت واشنطن التي أقامت قاعدة عسكرية غير شرعية في منطقة التنف من إشعال معركة الجنوب خوفا من اقتراب الجيش السوري من هضبة الجولان.
ولكن الجيش السوري لم يهتم بتهديدات واشنطن وتابع عمليته التي أسميتها في مقال سابق بـ"إعصار الجنوب"، معركة ظن بعض مؤيدي المعارضة وداعميها أنها ستكون صعبة على الجيش السوري بحكم وجود عشرات آلاف المقاتلين المنتسبين لفصائل وتنظيمات مختلفة منها تنظيم "داعش" في حوض اليرموك و"النصرة" في أرياف درعا والقنيطرة بالإضافة لبعض الفصائل الأخرى التي كانت تدعي أنها تتبع لما يسمى بـ"الجيش الحر"، إلا أن قوة التقدم لوحدات الجيش السوري والدعم الناري والجوي أطاح بسهولة بكل هيكلية الفصائل وأجبر واشنطن وإسرائيل على قبول الوضع الجديد وهو وصول الجيش السوري من جديد إلى مشارف هضبة الجولان حيث منطقة فض الاشتباك وتطهير كامل الجنوب من أي تواجد للفصائل المسلحة.
سوريا أرسلت رسائل من نار هذا العام ابتداء من إسقاط المقاتلة "إف 16" الإسرائيلية فوق الجولان وقصف المواقع الإسرائيلية بالصواريخ في أيار والطائرات المسيرة التي أقضت مضاجع الباتريوت الإسرائيلي منذ أيام، وشنت حملة استعادة الجنوب السوري، والتي طالما قال بعض المحللين إنها لن تكون، بسبب حساسية ملف الجنوب بالنسبة لواشنطن، وبدأت تفرض معادلات جديدة للصراع الإقليمي، وهذا ما يفسر الزيارات المتكررة لرئيس وزراء الكيان الإسرائيلي إلى موسكو التي تتحالف مع دمشق استراتيجيا وتكتيكيا، ولكن "إسرائيل" أصبحت على علم أن المعادلات الجديدة أصبحت مطبقة، وأن سوريا اليوم هي سوريا القوة.
الرئيس السوري بشار الأسد يدرك حجم الجبهات التي ما زالت أمام الجيش السوري، وقد صرح بشكل واضح وليس تلميحا أنه سيفتح كل الجبهات، فهناك مناطق مازالت خارج سيطرة الدولة السورية وهي تشكل الأولوية بالنسبة للجيش السوري حيث اعتبر الرئيس الأسد أن "المسلحين في مناطق سيطرتهم يشكلون جيشا متقدما لإسرائيل ويجب محاربتهم حتى استعادة كل شبر من الأراضي السورية والقضاء على الإرهاب"، وقال منذ يومين إن الوجهة المقبلة للجيش السوري ستكون إدلب.
وأيضا هناك تحدي أمام القيادة السورية وهو الوجود الأجنبي الأمريكي والتركي وغيره من تواجد غير شرعي (بدون إذن الحكومة السورية)، وهنا أيضا جبهات سوف تكون في الأولويات في المرحلة المقبلة مباشرة، فأوراق الأسد لا تقل قوة عن القوة الأمريكية والتركية، وهذه الجبهة أيضا ستشهد تطورات فيما يتعلق بانسحاب القوات الأجنبية غير الشرعية.
نعم ترغب واشنطن بإبقاء قواعدها العسكرية في سوريا (التنف والقامشلي ومنبج) وترغب تركيا في إبقاء قواتها في عفرين ونقاط المراقبة في إدلب، يرغبون بذلك، وأيضا المسلحون في إدلب يرغبون بالبقاء، ولكن وهنا أسميها بمعارك كسر العظم، لن تبقى القوات الأمريكية ولا التركية ولا مسلحو إدلب، وحتى القوات الكردية ستسلم مناطقها للجيش السوري، وهذا ليس فقط رأيي، بل هي تصريحات الأسد وكل القيادة السورية التي طالما كانت دائما موضع تنفيذ مطلق.
بالنسبة لجبهة "إسرائيل"، فإن الدولة السورية هي في حالة مواجهة مفتوحة مع "إسرائيل"، وأكثر من 25 عاما من الدعم السوري لـ"حزب الله" في لبنان الذي هزم "إسرائيل "في عام 2000 وأخرجها في ليلة ظلماء من الجنوب اللبناني وهزمها وأمطر مستوطناتها بمئات الصواريخ في عام 2006 وقصف بارجتها "ساعر"، هو أكبر دليل على أن المواجهة مفتوحة، والقصف الإسرائيلي للمواقع السورية خلال سنوات الحرب وكذلك الرد السوري وإسقاط المقاتلة الإسرائيلية وقصف المواقع الإسرائيلية بالصواريخ منذ أشهر هي كلها أحداث تؤكد المواجهة المفتوحة مع "إسرائيل"، وقد أسقطت "إسرائيل" مقاتلة سورية منذ أيام فوق الجنوب السوري، وهذا سيكون له رد وفقا لما قرأناه من تطورات للأحداث وأسلوب التعامل السوري ولكن عادة ما يكون رد دمشق في الوقت الأكثر تأثيرا وإيلاما.
مواجهة دمشق مفتوحة مع "اسرائيل" وبالطبع من الناحية التكتيكة يحدد الجيش السوري أولوياته، فمحافظة إدلب التي تصل بين اللاذقية وحلب وبين حماة وحلب، يجب استعادتها الآن، وتطهير غرب حلب وكذلك المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية المدعومة عسكريا من الولايات المتحدة في الشمال الشرقي وكذلك شرق الفرات، هذه تكون أولويات تكتيكية للجيش السوري، ولكن كل أرض سورية هي أولوية.
المصدر :
الماسة السورية/سبوتنيك
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة