يقوم العقيد وسام الحسن بجولات مكوكيّة بين دمشق وبيروت لإعادة ترتيب العلاقة بين الرئيس سعد الحريري ودمشق بعد النكسات التي تعرّضت لها نتيجة عدم التزام الحريري بما وعد به، ولهذا السبب زار دمشق مرتين خلال 10 أيّام

يوم الأحد في السابع من الشهر الجاري، تناول نجل الملك السعودي، الأمير عبد العزيز بن عبد الله، الغداء على طاولة الرئيس السوري بشّار الأسد. تناول النقاش، في ما تناول، العلاقة مع لبنان. هنا أكّد الأسد أن المقاومة وفريقها ثابت بالنسبة إلى سوريا، وأنه مهما كانت مواقف الأفرقاء، فإنه سيعمل على حماية المقاومة بالكامل. ثم قال لعبد العزيز، إن العلاقة مع رئيس حكومتنا سعد الحريري ليست على ما يرام. عدّد الرجل المشاكل مع الحريري، وهي باختصار أنه لم يلتزم بأيٍ من وعوده للأسد، مثل تأجيل زيارته الثانية إلى دمشق وعدم ضبط فريقه الإعلامي والسياسي، وغيرها من الملاحظات، مثل أنه لا يستطيع أن يقبل إعلان الحريري أن ما من شيء يُفرّقه عن حلفائه إلّا الموت، وخصوصاً إن كان لبعض هؤلاء الحلفاء ارتباطات مشبوهة. ختم الأسد كلامه بالقول لعبد العزيز إن الأمور لا يُمكن أن تستمر بهذا الشكل

تدخّل السعوديّون بوسائل شتى مع الحريري، من الكلام المباشر إلى الضغط غير المباشر. ولذلك توجّه، بعد أسبوع من لقاء عبد العزيز ـــــ الأسد، أي يوم الأحد 14 آذار، رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العقيد وسام الحسن إلى سوريا (وهو الشخص الذي اختاره آل الحريري بالاتفاق مع السعوديّة وسوريا ليكون منسّق العلاقة مع دمشق). اصطحب اللواء رستم غزالي الحسن إلى لقاء مع مرجع سوري كبير. كانت مدة اللقاء المقرّرة 15 دقيقة، لكنّها امتدت إلى 45 دقيقة لأن المسؤول السوري الرفيع استفاض في شرح ملاحظات على العلاقة مع الحريري والإشكاليّات التي تعتريها. إذ تلا الرجل على مسمع الحسن لائحة طويلة من الملاحظات الموثّقة على أداء الحريري وفريقه السياسي والإعلامي والأمني، وكانت خلاصة كلامه أنه لا يُمكن أن تستمر العلاقة بهذا الوضعتكلّم الحسن باقتضاب، قائلاً إن الحريري سيقوم بعدد من الخطوات، وإنه سيعود لاحقاً إلى دمشق لعرض ما حصل من هذه الخطوات ونتيجتها. لكنّه فهم بوضوح أن الجانب السوري لا يُمكن أن يقبل بما يُشيعه تيّار المستقبل من أن الحريري ذهب إلى سوريا رئيساً لحكومة، لا رئيساً لتيّار، وهو كلامٌ أوضح مثله الرئيس بشار الأسد أمس في مقابلته على قناة «المنار» بطريقةٍ غير مباشرة عندما قال رداً على سؤال عن سبب اختلاف كلام بعض الساسة عن رؤساء كتلهم: «لماذا يقولون هذا الكلام بعكس رؤسائهم أو رؤساء كتلهم أو من يتبعونهم، وهم يعطون جواباً عن هذا السؤال، لكن من وجهة نظري هو لا يؤثر على سوريا، بل على صدقيّة المعنيين بالموضوع في لبنان عندما أقول كلاماً ويقوم فريقي بتصريح بكلام معاكس أو التصرف بسياسة معاكسة لسياستي، فهذا يعني أنني فاقد الصدقيّة، وهذا يضرّني أنا

أبلغ الحسن غزالي أمس الخطوات التي نفذها الحريري لضبط وسائل اعلامه وبالفعل، جمع الحريري كوادر إعلاميين لديه، وقال لهم كلاماً واضحاً عن أنه يُريد علاقة مميّزة مع سوريا، وطلب منهم التوقّف عن إثارة موضوع المحكمة الدوليّة، وقال الحريري لهم: إن كنتم تظنون أنني لم أُحقّق إنجازات، فالمحكمة إنجاز، واستقبال الرئيس بشار الأسد لي بهذه الطريقة الممتازة إنجاز آخر ولا أحد يزايد عليّ بموضوع والدي»، وترافق ذلك مع توقّف توزيع الملخّص السياسي اليومي الذي يعدّه أحد صحافيي جريدة «المستقبل» ويوزّع على نواب ووزراء وبعض شخصيّات 14 آذار، ويجري التحضير لبعض الإجراءات الإضافية داخل مؤسسات تخص تيّار المستقبل وإنفاذاً للوعد، زار العقيد وسام الحسن يوم أمس دمشق ليلتقي برئيس فرع الاستخبارات العسكريّة في دمشق وريف دمشق اللواء رستم غزالي، موفداً من رئيس الحكومة، ليضعه في صورة الخطوات التي قام بها الحريري حتى يوم أمس، وفي غيرها من الخطوات التي سيقوم بها الحريري. كما عرض معه التحضيرات لزيارة الحريري إلى دمشق في مطلع الشهر المقبل، التي ستكون موسّعة وقد لفتت بعض المصادر إلى أن الشهرين المقبلين سيشهدان تغيّرات جديّة في أداء الحريري وفريقه، إذا ما كان ينوي أن تكون علاقته جيّدة بدمشق. وأضاف أحد هؤلاء: يبدو أن الحريري سيفتح مجدداً صفحةً جديدة لأنه استطاع أخيراً التقاط الإشارات السعوديّة والانزعاج السوري

وفيما امتنع العقيد وسام الحسن عن الإجابة على هاتفه، أكّد أحد المقرّبين منه الزيارة. وتحدّث آخرون عن أن هدف الزيارة كان بحث التعاون الأمني بين البلدين، وأنها لم تتناول الجانب السياسي إلّا في ما يتعلّق بالعناوين العامّة لجهة العلاقة بين البلدين وضرورة أن تكون مميّزة

وأضاف هؤلاء إن الحسن أبلغ المسؤول السوري الرفيع أنه يطمح إلى تعاون مثمر بين البلدين على الصعيد الأمني، بحيث يُقدّم الطرفان نموذجاً يُحتذى به، مؤكداً أن الجانب اللبناني مهتم بالتعاون الأمني على كل الصعد، في مواجهة الحركات الأصوليّة وشبكات العملاء أو أي تدخّل أجنبي. كذلك تحدّث هؤلاء عن شكر المسؤول السوري الرفيع لجهود الحسن في ما يتعلّق بالشق الأمنيورأى هؤلاء أن هذا الشكر هو نتيجة ملفّات قدّمها الحسن للأمن السوري عن شبكات أصوليّة كانت تسعى إلى التمدّد داخل سوريا. وعند سؤال بعض هؤلاء عن مدّة اللقاء أشاروا إلى أنه تجاوز ساعة ونصف ساعة، وأن أجواءه كانت مريحةً جداً، وأن الحسن قال للمسؤول السوري الرفيع إنه يترك السياسة للساسة ولا شأن له بها، وإن دوره يقتصر على الجانب الأمني

ولفت أحد المعنيين إلى أن زيارات وسام الحسن إلى دمشق هي جزء من الخطوات التي تؤدي إلى فتح صفحة جديدة في العلاقة بين لبنان وسوريا، وإلى طيّ صفحة السنوات الخمس الماضية

  • فريق ماسة
  • 2010-03-24
  • 8707
  • من الأرشيف

الحسن موفد الحريري إلى دمشق: نريد تصحيح العلاقة

يقوم العقيد وسام الحسن بجولات مكوكيّة بين دمشق وبيروت لإعادة ترتيب العلاقة بين الرئيس سعد الحريري ودمشق بعد النكسات التي تعرّضت لها نتيجة عدم التزام الحريري بما وعد به، ولهذا السبب زار دمشق مرتين خلال 10 أيّام يوم الأحد في السابع من الشهر الجاري، تناول نجل الملك السعودي، الأمير عبد العزيز بن عبد الله، الغداء على طاولة الرئيس السوري بشّار الأسد. تناول النقاش، في ما تناول، العلاقة مع لبنان. هنا أكّد الأسد أن المقاومة وفريقها ثابت بالنسبة إلى سوريا، وأنه مهما كانت مواقف الأفرقاء، فإنه سيعمل على حماية المقاومة بالكامل. ثم قال لعبد العزيز، إن العلاقة مع رئيس حكومتنا سعد الحريري ليست على ما يرام. عدّد الرجل المشاكل مع الحريري، وهي باختصار أنه لم يلتزم بأيٍ من وعوده للأسد، مثل تأجيل زيارته الثانية إلى دمشق وعدم ضبط فريقه الإعلامي والسياسي، وغيرها من الملاحظات، مثل أنه لا يستطيع أن يقبل إعلان الحريري أن ما من شيء يُفرّقه عن حلفائه إلّا الموت، وخصوصاً إن كان لبعض هؤلاء الحلفاء ارتباطات مشبوهة. ختم الأسد كلامه بالقول لعبد العزيز إن الأمور لا يُمكن أن تستمر بهذا الشكل تدخّل السعوديّون بوسائل شتى مع الحريري، من الكلام المباشر إلى الضغط غير المباشر. ولذلك توجّه، بعد أسبوع من لقاء عبد العزيز ـــــ الأسد، أي يوم الأحد 14 آذار، رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العقيد وسام الحسن إلى سوريا (وهو الشخص الذي اختاره آل الحريري بالاتفاق مع السعوديّة وسوريا ليكون منسّق العلاقة مع دمشق). اصطحب اللواء رستم غزالي الحسن إلى لقاء مع مرجع سوري كبير. كانت مدة اللقاء المقرّرة 15 دقيقة، لكنّها امتدت إلى 45 دقيقة لأن المسؤول السوري الرفيع استفاض في شرح ملاحظات على العلاقة مع الحريري والإشكاليّات التي تعتريها. إذ تلا الرجل على مسمع الحسن لائحة طويلة من الملاحظات الموثّقة على أداء الحريري وفريقه السياسي والإعلامي والأمني، وكانت خلاصة كلامه أنه لا يُمكن أن تستمر العلاقة بهذا الوضعتكلّم الحسن باقتضاب، قائلاً إن الحريري سيقوم بعدد من الخطوات، وإنه سيعود لاحقاً إلى دمشق لعرض ما حصل من هذه الخطوات ونتيجتها. لكنّه فهم بوضوح أن الجانب السوري لا يُمكن أن يقبل بما يُشيعه تيّار المستقبل من أن الحريري ذهب إلى سوريا رئيساً لحكومة، لا رئيساً لتيّار، وهو كلامٌ أوضح مثله الرئيس بشار الأسد أمس في مقابلته على قناة «المنار» بطريقةٍ غير مباشرة عندما قال رداً على سؤال عن سبب اختلاف كلام بعض الساسة عن رؤساء كتلهم: «لماذا يقولون هذا الكلام بعكس رؤسائهم أو رؤساء كتلهم أو من يتبعونهم، وهم يعطون جواباً عن هذا السؤال، لكن من وجهة نظري هو لا يؤثر على سوريا، بل على صدقيّة المعنيين بالموضوع في لبنان عندما أقول كلاماً ويقوم فريقي بتصريح بكلام معاكس أو التصرف بسياسة معاكسة لسياستي، فهذا يعني أنني فاقد الصدقيّة، وهذا يضرّني أنا أبلغ الحسن غزالي أمس الخطوات التي نفذها الحريري لضبط وسائل اعلامه وبالفعل، جمع الحريري كوادر إعلاميين لديه، وقال لهم كلاماً واضحاً عن أنه يُريد علاقة مميّزة مع سوريا، وطلب منهم التوقّف عن إثارة موضوع المحكمة الدوليّة، وقال الحريري لهم: إن كنتم تظنون أنني لم أُحقّق إنجازات، فالمحكمة إنجاز، واستقبال الرئيس بشار الأسد لي بهذه الطريقة الممتازة إنجاز آخر ولا أحد يزايد عليّ بموضوع والدي»، وترافق ذلك مع توقّف توزيع الملخّص السياسي اليومي الذي يعدّه أحد صحافيي جريدة «المستقبل» ويوزّع على نواب ووزراء وبعض شخصيّات 14 آذار، ويجري التحضير لبعض الإجراءات الإضافية داخل مؤسسات تخص تيّار المستقبل وإنفاذاً للوعد، زار العقيد وسام الحسن يوم أمس دمشق ليلتقي برئيس فرع الاستخبارات العسكريّة في دمشق وريف دمشق اللواء رستم غزالي، موفداً من رئيس الحكومة، ليضعه في صورة الخطوات التي قام بها الحريري حتى يوم أمس، وفي غيرها من الخطوات التي سيقوم بها الحريري. كما عرض معه التحضيرات لزيارة الحريري إلى دمشق في مطلع الشهر المقبل، التي ستكون موسّعة وقد لفتت بعض المصادر إلى أن الشهرين المقبلين سيشهدان تغيّرات جديّة في أداء الحريري وفريقه، إذا ما كان ينوي أن تكون علاقته جيّدة بدمشق. وأضاف أحد هؤلاء: يبدو أن الحريري سيفتح مجدداً صفحةً جديدة لأنه استطاع أخيراً التقاط الإشارات السعوديّة والانزعاج السوري وفيما امتنع العقيد وسام الحسن عن الإجابة على هاتفه، أكّد أحد المقرّبين منه الزيارة. وتحدّث آخرون عن أن هدف الزيارة كان بحث التعاون الأمني بين البلدين، وأنها لم تتناول الجانب السياسي إلّا في ما يتعلّق بالعناوين العامّة لجهة العلاقة بين البلدين وضرورة أن تكون مميّزة وأضاف هؤلاء إن الحسن أبلغ المسؤول السوري الرفيع أنه يطمح إلى تعاون مثمر بين البلدين على الصعيد الأمني، بحيث يُقدّم الطرفان نموذجاً يُحتذى به، مؤكداً أن الجانب اللبناني مهتم بالتعاون الأمني على كل الصعد، في مواجهة الحركات الأصوليّة وشبكات العملاء أو أي تدخّل أجنبي. كذلك تحدّث هؤلاء عن شكر المسؤول السوري الرفيع لجهود الحسن في ما يتعلّق بالشق الأمنيورأى هؤلاء أن هذا الشكر هو نتيجة ملفّات قدّمها الحسن للأمن السوري عن شبكات أصوليّة كانت تسعى إلى التمدّد داخل سوريا. وعند سؤال بعض هؤلاء عن مدّة اللقاء أشاروا إلى أنه تجاوز ساعة ونصف ساعة، وأن أجواءه كانت مريحةً جداً، وأن الحسن قال للمسؤول السوري الرفيع إنه يترك السياسة للساسة ولا شأن له بها، وإن دوره يقتصر على الجانب الأمني ولفت أحد المعنيين إلى أن زيارات وسام الحسن إلى دمشق هي جزء من الخطوات التي تؤدي إلى فتح صفحة جديدة في العلاقة بين لبنان وسوريا، وإلى طيّ صفحة السنوات الخمس الماضية

المصدر : الاخبار اللبنانية /ثائر غندور


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة