مع إستعادة ​الجيش السوري​ سيطرته على المناطق الجنوبية، بدأ الحديث عن إحتمال فتح معركة إدلب في الأيام المقبلة، بالرغم من أنها خاضعة لإتفاق خفض التصعيد نتيجة مقررات مؤتمر آستانة، برعاية كل من ​روسيا​ و​تركيا​ و​إيران​، الأمر الذي دفع أنقرة إلى إطلاق سلسلة واضحة من التحذيرات على هذا الصعيد.

​محافظة إدلب​، كانت الوجهة الوحيدة أمام مختلف الفصائل المسلحة التي رفضت التسوية مع ​الحكومة السورية​، بعد أن قررت ترك المناطق التي تسيطر عليها، في حين أن “​هيئة تحرير الشام​”، أي جبهة “النصرة” سابقاً المُصنفة منظمة إرهابية، هي الفصيل الأقوى فيها، فهل تكون المعركة العسكرية الأخيرة التي يخوضها الجيش السوري؟

مصادر سياسية مطلعة رأت عبر “النشرة” ان ليس هناك ما يدعو الى العجلة في فتح معركة تحرير إدلب في الوقت الراهن، لا سيما أنها لن تكون سهلة على الإطلاق، في ظل تمركز أعداد كبيرة من المسلحين فيها، بالإضافة إلى تواجد الكثير من المدنيين ضمنها ما يزيد من احتمال سقوط اعداد كبيرة من المدنيين، الأمر الذي قد يكون له تداعيات على المستوى الإقليمي والدولي.

ووفق المصادر نفسها، فإن لدى دمشق توجهاً لتحصين المناطق التي استعادت السيطرة عليها أولاً، لا سيما تلك الواقعة على أبواب العاصمة السورية، على أن يتم في مرحلة ثانية العمل على معالجة الأزمة مع ​الأكراد​، خصوصاً أن هؤلاء يسيطرون على المناطق الغنية بالموارد الطبيعية والأراضي الزراعية الواسعة، وتشير إلى أن هذا الأمر هو موضع إتصالات بين الجانبين منذ أشهر طويلة.

وتعتبر المصادر أن معالجة الوضع في محافظة إدلب يقع على عاتق الحكومة التركية بموجب إتفاق الآستانة، لكنها تلفت إلى أن أنقرة لم تقم بالخطوات اللازمة على مستوى مكافحة الفصائل المُصنفة إرهابية، وترى أن هذا هو السبب الرئيسي في مراقبة موسكو الوضع في هذه المحافظة، لا سيما بعد تحذير وزارة الدفاع الروسية، من أن المسلحين في مناطق خفض التصعيد بإدلب يستمرون في نشر الطائرات المسيرة قرب ​قاعدة حميميم​ الجوية.

إنطلاقاً من هذا الواقع، عمدت الحكومة التركية إلى تقديم ورقة إلى الجانب الروسي، بهدف تفادي أي هجوم قد تقوم به دمشق على إدلب، تحت عنوان: “الورقة البيضاء لمحافظة إدلب”، كما دعت الفصائل والهيئات والتجمعات في شمال سوريا إلى مؤتمر عام يعقد خلال أسبوعين لمناقشة مستقبل المحافظة على ضوء التطورات الأخيرة، الأمر الذي ترى المصادر السياسية المطلعة أنه يؤكد وجهة نظرها من التطورات الأخيرة.

وبالتالي، فإن إدلب ستكون أمام سيناريوهين على الأرجح، لا يتضمن أي منهما توجه دمشق نحو العملية عسكرية، نظراً إلى التداعيات المحتملة على العلاقة بين موسكو وأنقرة من جراء ذلك. الأول يقوم على إطباق الجيش السوري على المحافظة، مع تحصين المناطق التي تقع على حدودها لمنع الفصائل المسلحة من القيام بأي هجوم عسكري جديد، والتعويل على تحرك للمدنيين في وجه الفصائل المسلحة، مع العلم أن مواجهات عديدة وقعت بين الفصائل في فترات متنوعة، في حين لا تزال عمليات الإغتيال الغامضة التي تطاول بعض القيادات مستمرة حتى اليوم. أما السيناريو الثاني فيستند إلى الضغط على أنقرة من أجل تنفيذ إلتزاماتها في مؤتمر آستانة، وهنا سيكون الدور الذي تقوم به موسكو أكبر من السابق.

على الرغم من ذلك، تشدد المصادر على أن لا شيء يمنع من تكرار سيناريو درعا والقنطيرة، في إدلب، لناحية ابرام معظم الفصائل تسوية مع الحكومة السورية، لكنها تشير إلى أن الأزمة الأساسية تكمن في عدم وجود مكان آخر يلجأ اليه المسلحون، ولو انهم سيكونون بأعداد صغيرة.

في المحصّلة، تؤكد المصادر نفسها أن معالجة الواقع في محافظة إدلب يتطلب العمل على نار هادئة، بسبب الظروف الإقليمية المحيطة بهذا الملف، بالإضافة إلى تواجد أعداد كبيرة من المدنيين فيها، وبالتالي الأولوية ستعطى لملفات أخرى.

  • فريق ماسة
  • 2018-07-24
  • 14722
  • من الأرشيف

إدلب بين المطرقة السورية وسندان التسوية التركية- الروسية

مع إستعادة ​الجيش السوري​ سيطرته على المناطق الجنوبية، بدأ الحديث عن إحتمال فتح معركة إدلب في الأيام المقبلة، بالرغم من أنها خاضعة لإتفاق خفض التصعيد نتيجة مقررات مؤتمر آستانة، برعاية كل من ​روسيا​ و​تركيا​ و​إيران​، الأمر الذي دفع أنقرة إلى إطلاق سلسلة واضحة من التحذيرات على هذا الصعيد. ​محافظة إدلب​، كانت الوجهة الوحيدة أمام مختلف الفصائل المسلحة التي رفضت التسوية مع ​الحكومة السورية​، بعد أن قررت ترك المناطق التي تسيطر عليها، في حين أن “​هيئة تحرير الشام​”، أي جبهة “النصرة” سابقاً المُصنفة منظمة إرهابية، هي الفصيل الأقوى فيها، فهل تكون المعركة العسكرية الأخيرة التي يخوضها الجيش السوري؟ مصادر سياسية مطلعة رأت عبر “النشرة” ان ليس هناك ما يدعو الى العجلة في فتح معركة تحرير إدلب في الوقت الراهن، لا سيما أنها لن تكون سهلة على الإطلاق، في ظل تمركز أعداد كبيرة من المسلحين فيها، بالإضافة إلى تواجد الكثير من المدنيين ضمنها ما يزيد من احتمال سقوط اعداد كبيرة من المدنيين، الأمر الذي قد يكون له تداعيات على المستوى الإقليمي والدولي. ووفق المصادر نفسها، فإن لدى دمشق توجهاً لتحصين المناطق التي استعادت السيطرة عليها أولاً، لا سيما تلك الواقعة على أبواب العاصمة السورية، على أن يتم في مرحلة ثانية العمل على معالجة الأزمة مع ​الأكراد​، خصوصاً أن هؤلاء يسيطرون على المناطق الغنية بالموارد الطبيعية والأراضي الزراعية الواسعة، وتشير إلى أن هذا الأمر هو موضع إتصالات بين الجانبين منذ أشهر طويلة. وتعتبر المصادر أن معالجة الوضع في محافظة إدلب يقع على عاتق الحكومة التركية بموجب إتفاق الآستانة، لكنها تلفت إلى أن أنقرة لم تقم بالخطوات اللازمة على مستوى مكافحة الفصائل المُصنفة إرهابية، وترى أن هذا هو السبب الرئيسي في مراقبة موسكو الوضع في هذه المحافظة، لا سيما بعد تحذير وزارة الدفاع الروسية، من أن المسلحين في مناطق خفض التصعيد بإدلب يستمرون في نشر الطائرات المسيرة قرب ​قاعدة حميميم​ الجوية. إنطلاقاً من هذا الواقع، عمدت الحكومة التركية إلى تقديم ورقة إلى الجانب الروسي، بهدف تفادي أي هجوم قد تقوم به دمشق على إدلب، تحت عنوان: “الورقة البيضاء لمحافظة إدلب”، كما دعت الفصائل والهيئات والتجمعات في شمال سوريا إلى مؤتمر عام يعقد خلال أسبوعين لمناقشة مستقبل المحافظة على ضوء التطورات الأخيرة، الأمر الذي ترى المصادر السياسية المطلعة أنه يؤكد وجهة نظرها من التطورات الأخيرة. وبالتالي، فإن إدلب ستكون أمام سيناريوهين على الأرجح، لا يتضمن أي منهما توجه دمشق نحو العملية عسكرية، نظراً إلى التداعيات المحتملة على العلاقة بين موسكو وأنقرة من جراء ذلك. الأول يقوم على إطباق الجيش السوري على المحافظة، مع تحصين المناطق التي تقع على حدودها لمنع الفصائل المسلحة من القيام بأي هجوم عسكري جديد، والتعويل على تحرك للمدنيين في وجه الفصائل المسلحة، مع العلم أن مواجهات عديدة وقعت بين الفصائل في فترات متنوعة، في حين لا تزال عمليات الإغتيال الغامضة التي تطاول بعض القيادات مستمرة حتى اليوم. أما السيناريو الثاني فيستند إلى الضغط على أنقرة من أجل تنفيذ إلتزاماتها في مؤتمر آستانة، وهنا سيكون الدور الذي تقوم به موسكو أكبر من السابق. على الرغم من ذلك، تشدد المصادر على أن لا شيء يمنع من تكرار سيناريو درعا والقنطيرة، في إدلب، لناحية ابرام معظم الفصائل تسوية مع الحكومة السورية، لكنها تشير إلى أن الأزمة الأساسية تكمن في عدم وجود مكان آخر يلجأ اليه المسلحون، ولو انهم سيكونون بأعداد صغيرة. في المحصّلة، تؤكد المصادر نفسها أن معالجة الواقع في محافظة إدلب يتطلب العمل على نار هادئة، بسبب الظروف الإقليمية المحيطة بهذا الملف، بالإضافة إلى تواجد أعداد كبيرة من المدنيين فيها، وبالتالي الأولوية ستعطى لملفات أخرى.

المصدر : النشرة /ماهر الخطيب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة