مع بدء معركة تحرير المنطقة الجنوبية من سورية ومع التقدّم السريع الذي حققه ويحققه الجيش السوريّ، سواء عبر المعارك أو عبر المصالحات، لوحظ أنّ الأردن هو الدولة الوحيدة التي تصدّرت الاتصالات الهادفة إلى إيجاد تسوية في هذه المنطقة.

واضح أنّ الأردن ظلّ ملتزماً الموقف الأميركي حتى لحظة بدء معركة تحرير منطقة الجنوب، وعلى خطى الولايات المتحدة حذّر من انطلاق عملية عسكرية لتحرير المنطقة، وعندما انطلقت العملية العسكرية وحققت ما حققته، انتقل الأردن في حراكه الجديد للعمل من أجل تحقيق هدف آخر، وهو هدف يصرّح به المسؤولون في عمّان ويتلخص هذا الهدف بوقف إطلاق النار، ويعني وقف إطلاق النار وقف العملية العسكرية لتحرير هذه المنطقة، أو بالأحرى ما تبقّى منها، وما تبقّى منها بات تحت سيطرة داعش والنصرة لأنّ البلدات التي يسيطر عليها مسلحون من غير هذين التنظيمين المصنّفين دولياً أنهما تنظيمان إرهابيان، والذين تمّ استثناؤهما من اتفاقات وقف إطلاق النار في جميع تفاهمات خفض التصعيد، وهذا يعني أنّ المطالبة بوقف إطلاق ووقف العملية العسكرية لتقديم الحماية لهذَين التنظيمين الإرهابيّين، وطبعاً هذا لن تقبله الدولة السورية على الإطلاق.

الأردن كان الدولة الأكثر نشاطاً للعمل على وقف إطلاق النار، حتى الولايات المتحدة لم تتحرك هذه المرة بالقوّة التي يتحرك فيها الأردن الذي لم تهدأ اتصالاته لحظة واحدة مع روسيا، والذي توجّه وزير خارجيته إلى موسكو من أجل تحقيق هذه الغاية، فما الذي يدفع الأردن للاستماتة بالوصول إلى وقف العملية العسكرية وهو يعلم جيّداً أنها لن تتوقف، وعلى ماذا يفاوض الأردن وماذا يريد؟

واضح أنّ المجموعات المسلحة والإرهابية التي تتواجد في منطقة الجنوب تتوزّع إلى ثلاث فئات. الفئة الأولى، المصنّفة عالمياً إرهابية وهي داعش والنصرة، واضح أنّ النصرة إذا أرادت الاستسلام فلديها مأوى في إدلب، ويمكن ترحيل المستسلمين من عناصرها إلى إدلب. أما داعش فقد برهنت المعارك السابقة أنّ التعامل معها هو عبر الحسم العسكري.

الفئة الثانية من المسلحين، هم الذين قبلوا خيار المصالحة، وهؤلاء هم الذين يتعاونون مع الجيش السوري لترسيخ الأمن والاستقرار في بلداتهم.

أما الفئة الثالثة، وهي التي تضمّ مسلحين لديهم ارتكابات بحق جنود الجيش السوري، وحتى ضدّ مواطنين آخرين وهم يرفضون خيار المصالحات ويخشون هذا الخيار خوفاً من مساءلتهم أمام القضاء حول الارتكابات التي اقترفوها، وهؤلاء لا يستطيعون الذهاب إلى إدلب لأنّ جبهة النصرة لن تستقبلهم، والأردن يرفض استقبالهم أيضاً، بذريعة أنه لم يعد قادراً على استقبال المزيد من اللاجئين، ولهذا تتركز المساعي الأردنية على الوصول إلى تسوية تشمل هؤلاء، وتريد عمّان الحصول على ضمانات لهم من روسيا ومن الدولة السورية، ولعلّ هذا هو الذي يؤخر التوصل إلى المصالحة في بعض البلدات، ولا سيما التي تقع جنوب درعا إضافة إلى أحياء درعا الجنوبية.

  • فريق ماسة
  • 2018-07-04
  • 6916
  • من الأرشيف

معركة تحرير الجنوب: ماذا يريد الأردن؟ /بقلم حميدي العبد الله

مع بدء معركة تحرير المنطقة الجنوبية من سورية ومع التقدّم السريع الذي حققه ويحققه الجيش السوريّ، سواء عبر المعارك أو عبر المصالحات، لوحظ أنّ الأردن هو الدولة الوحيدة التي تصدّرت الاتصالات الهادفة إلى إيجاد تسوية في هذه المنطقة. واضح أنّ الأردن ظلّ ملتزماً الموقف الأميركي حتى لحظة بدء معركة تحرير منطقة الجنوب، وعلى خطى الولايات المتحدة حذّر من انطلاق عملية عسكرية لتحرير المنطقة، وعندما انطلقت العملية العسكرية وحققت ما حققته، انتقل الأردن في حراكه الجديد للعمل من أجل تحقيق هدف آخر، وهو هدف يصرّح به المسؤولون في عمّان ويتلخص هذا الهدف بوقف إطلاق النار، ويعني وقف إطلاق النار وقف العملية العسكرية لتحرير هذه المنطقة، أو بالأحرى ما تبقّى منها، وما تبقّى منها بات تحت سيطرة داعش والنصرة لأنّ البلدات التي يسيطر عليها مسلحون من غير هذين التنظيمين المصنّفين دولياً أنهما تنظيمان إرهابيان، والذين تمّ استثناؤهما من اتفاقات وقف إطلاق النار في جميع تفاهمات خفض التصعيد، وهذا يعني أنّ المطالبة بوقف إطلاق ووقف العملية العسكرية لتقديم الحماية لهذَين التنظيمين الإرهابيّين، وطبعاً هذا لن تقبله الدولة السورية على الإطلاق. الأردن كان الدولة الأكثر نشاطاً للعمل على وقف إطلاق النار، حتى الولايات المتحدة لم تتحرك هذه المرة بالقوّة التي يتحرك فيها الأردن الذي لم تهدأ اتصالاته لحظة واحدة مع روسيا، والذي توجّه وزير خارجيته إلى موسكو من أجل تحقيق هذه الغاية، فما الذي يدفع الأردن للاستماتة بالوصول إلى وقف العملية العسكرية وهو يعلم جيّداً أنها لن تتوقف، وعلى ماذا يفاوض الأردن وماذا يريد؟ واضح أنّ المجموعات المسلحة والإرهابية التي تتواجد في منطقة الجنوب تتوزّع إلى ثلاث فئات. الفئة الأولى، المصنّفة عالمياً إرهابية وهي داعش والنصرة، واضح أنّ النصرة إذا أرادت الاستسلام فلديها مأوى في إدلب، ويمكن ترحيل المستسلمين من عناصرها إلى إدلب. أما داعش فقد برهنت المعارك السابقة أنّ التعامل معها هو عبر الحسم العسكري. الفئة الثانية من المسلحين، هم الذين قبلوا خيار المصالحة، وهؤلاء هم الذين يتعاونون مع الجيش السوري لترسيخ الأمن والاستقرار في بلداتهم. أما الفئة الثالثة، وهي التي تضمّ مسلحين لديهم ارتكابات بحق جنود الجيش السوري، وحتى ضدّ مواطنين آخرين وهم يرفضون خيار المصالحات ويخشون هذا الخيار خوفاً من مساءلتهم أمام القضاء حول الارتكابات التي اقترفوها، وهؤلاء لا يستطيعون الذهاب إلى إدلب لأنّ جبهة النصرة لن تستقبلهم، والأردن يرفض استقبالهم أيضاً، بذريعة أنه لم يعد قادراً على استقبال المزيد من اللاجئين، ولهذا تتركز المساعي الأردنية على الوصول إلى تسوية تشمل هؤلاء، وتريد عمّان الحصول على ضمانات لهم من روسيا ومن الدولة السورية، ولعلّ هذا هو الذي يؤخر التوصل إلى المصالحة في بعض البلدات، ولا سيما التي تقع جنوب درعا إضافة إلى أحياء درعا الجنوبية.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة