دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
ليت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتعاطى مع القضايا الدولية كتاجر، ومن زاوية الربح والخسارة، مثلما يروج الكثيرون، لان منطق الصفقات التجارية يتعارض كليا مع منطق التهديد بالحروب، ودفع العالم إلى حافة الهاوية مستندا إلى قوة عسكرية هي الأعظم في العالم، انه تاجر حروب بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.
نقول هذا الكلام بمناسبة ما كشفته وكالة أنباء “الاسوشيتدبرس” العالمية اليوم، من أن الرئيس ترامب هدد بشن حرب على فنزويلا لإطاحة حكم الرئيس نيكولاس مادورو، وبحث هذا الأمر جديا مع أركان حكمه في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، الأمر الذي أصاب اتش ار مكمستر، مستشاره للأمن القومي، وريكس تيلرسون، وزير الخارجية، بالصدمة، ودفعهما لمعارضة هذه الخطوة بقوة في الاجتماع المذكور (آب عام 2017)، لما يمكن أن يترتب على ذلك من مخاطر على أمريكا وحلفائها في أمريكا الجنوبية.
ماكمستر وتيلرسون فقدا وظيفتهما بعد هذه المعارضة للرئيس الديكتاتوري، وحل محلهما كل من جون بولتون، ومايك بومبيو، اللذين يؤيدان سياسة الرئيس المؤيدة لإسرائيل والمعادية للعرب والمسلمين، وتبني العنصرية كأساس لمعايير الهجرة والمهاجرين.
الذنب الذي اقترفه مادورو، وقبله هوغو شافيز في نظر الرئيس ترامب ويستحقان عليه الحصار، ومن ثم الغزو، وتغيير نظام بلديهما، اتباعهما سياسة مستقلة عن الولايات المتحدة، ورغبتهما في تعزيز التنمية وتحقيق الاكتفاء الذاتي، ومحاربة الفساد، ودعم القضايا العادلة في العالم، وعلى رأسها قضية الصراع العربي الإسرائيلي، وفرض أسعار عادلة للنفط يخدم اقتصاديات الدول المنتجة وشعوبها.
مادورو لم يصل إلى الحكم بإنقلاب عسكري بل من خلال صناديق الاقتراع، والتفاف الشعب حوله رغم الحصار الظالم الذي تفرضه الولايات المتحدة، ومحاولات الانقلاب التي وقفت خلفها لإسقاط حكمه.
أمريكا أرادت أن تكرر السيناريو الذي اتبعته في البرازيل، أي الإطاحة بالرئيسة الفاضلة ديلما روسيف التي تآمر عليها نائبها ميشال تامر وطعنها في الظهر، بدعم من اللوبيات والأجهزة الأمريكية، لأنها حاربت الفساد وأدانت العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وسحبت سفير بلادها من تل أبيب احتجاجا، واعترفت بالدولة الفلسطينية.
ترامب يجوّع الشعب الفنزويلي بفرضه حصار خانقا، ويفرض حظرا على تصدير النفط الفنزويلي، ويرتب الانقلابات العسكرية عبر وكالات استخبارية، ثم يقول انه يريد التدخل عسكريا لإنقاذ الشعب من الجوع.
المؤلم أن هذه السياسات التي تمارس حاليا ضد الشعب الفلسطيني واليمني والإيراني والليبي، إلى جانب الشعبين الكوبي والفنزويلي لا تجد دعما إلا من بعض العرب حلفاء إسرائيل.
لقد أصبحنا أضحوكة في العالم بأسره نتيجة ما يفعله السفهاء منا بعد أن كنا في مقدمة الشرفاء في العالم بأسره، ولكنها مرحلة سوداء ستمر مثلما مرت الكثير من سابقاتها، ومن يضحك أخيرا يضحك كثيرا.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة