مع أحداث الشغب التي وقعت في درعا في الأيام الأخيرة، لا يبدو أن ما يحدث فيها شبيه بِما يحدث في دول المنطقة.

فالحالة السورية حالة قومية بامتياز منذ أن اختار الرئيس بشار الأسد سلوك طريق المواجهة مع المطامع الغربية للهيمنة على الشرق في الحرب الأميركية على العراق عام 2003، وبذلك رفع عن شعبه نقمة الكرامة العربية التي هي جزء أساسي من التحرّكات الشعبية في مصر.

وإذا كان قد احتضن، في إستراتيجيته هذه، حركات المقاومة ودعمها في ردع هذه الهجمة التي تأتي حروب إسرائيل حربة لها، لاسيما في عدوان لبنان عام 2006 وعدوان غزة عام 2008، فلاعتقاده بأن عامل التصدّي ضمن فقدان التوازن العسكري القائم هو أجدى في عرقلة الهجمة الغربية التي شكّلت اجتياحًا تحت غطاء أنظمة متحالفة مع خط غلبت عليه دول الإعتدال.

ويمكن أن يحدث هذا التسلّل الذي ظهر في درعا، التي تقع على الحدود الأردنية، ومن خلال مخيّم اليرموك الذي يضم في بعض بؤره تنظيمات إرهابية كـ«فتح الإسلام»، لأن التحرّك الشعبي في هذه البقعة اتّخذ منحى تخريبيًا منذ اللحظة الأولى حيث عمد المتظاهرون إلى إحراق مؤسسات رسمية.

وفي أي نظام قد تلجأ بعض المعارضات إلى مثل هذه التظاهرات المحدودة في حجمها للنيل من الحكم القائم، برغم ما قدّمه من تحسينات في الحياة الإقتصادية والمعونات الإجتماعية والصحية لتحسين مستوى العيش والإستقرار.

وهذا الأمر حمل الرئيس الأسد على إجراء المزيد من الإصلاحات الداخلية على مستوى الخدمات والحريات الصحافية والتعدّدية الحزبية تماشيًا مع حركة الإفساح للشباب للتعبير عن رأيهم، وهي الخطوات التي أقدم عليها سلفًا قبل هذه الانتفاضات.

تلك الحركة الإزدواجية، التي قام بها الرئيس الأسد في خدمة القضايا العربية والتغيير في بنية النظام، هي التي دعمت مواقفه ودرأت عن الأوضاع السورية مشكلات الإنتفاضة المتجوّلة في دول المنطقة.

هذا القائد الشاب لم يعدم وسيلة تفاوضية لمعالجة الانقسام القائم في لبنان مع السعودية. فبرغم أن هذه المحاولات المعروفة بالسين - سين تعثّرت بفعل تدخّلات دولية، إلاّ أنها أبقت أبوابا مفتوحة مع المملكة من خلال الزيارات واللقاءات وآخرها زيارة الأمير عبد العزيز إلى دمشق، كما أنه في الأحداث البحرانية، ذهب وزير خارجيته وليد المعلّم إلى طهران لوضع حدّ للتصعيد الحاصل أخيرًا على هذا الصعيد. وكل هذه التحرّكات، إن دلت على شيء، فعلى حرص سوري لحماية الانزلاق في هذه الدول إلى ما يخدم المخطّطات التي تستهدف تقسيم المنطقة.

ويبقى القول أن هكذا نظام، بتاريخه النضالي، لا يمكن أن يتزعزع ما دام شعبه وراءه مؤمنًا بتطلّعات رئيسه المليئة بالعنفوان القومي.

  • فريق ماسة
  • 2011-03-21
  • 13016
  • من الأرشيف

السفير اللبنانية: ما يحدث في سورية لا يشبه ما يحدث في دول المنطقة

  مع أحداث الشغب التي وقعت في درعا في الأيام الأخيرة، لا يبدو أن ما يحدث فيها شبيه بِما يحدث في دول المنطقة. فالحالة السورية حالة قومية بامتياز منذ أن اختار الرئيس بشار الأسد سلوك طريق المواجهة مع المطامع الغربية للهيمنة على الشرق في الحرب الأميركية على العراق عام 2003، وبذلك رفع عن شعبه نقمة الكرامة العربية التي هي جزء أساسي من التحرّكات الشعبية في مصر. وإذا كان قد احتضن، في إستراتيجيته هذه، حركات المقاومة ودعمها في ردع هذه الهجمة التي تأتي حروب إسرائيل حربة لها، لاسيما في عدوان لبنان عام 2006 وعدوان غزة عام 2008، فلاعتقاده بأن عامل التصدّي ضمن فقدان التوازن العسكري القائم هو أجدى في عرقلة الهجمة الغربية التي شكّلت اجتياحًا تحت غطاء أنظمة متحالفة مع خط غلبت عليه دول الإعتدال. ويمكن أن يحدث هذا التسلّل الذي ظهر في درعا، التي تقع على الحدود الأردنية، ومن خلال مخيّم اليرموك الذي يضم في بعض بؤره تنظيمات إرهابية كـ«فتح الإسلام»، لأن التحرّك الشعبي في هذه البقعة اتّخذ منحى تخريبيًا منذ اللحظة الأولى حيث عمد المتظاهرون إلى إحراق مؤسسات رسمية. وفي أي نظام قد تلجأ بعض المعارضات إلى مثل هذه التظاهرات المحدودة في حجمها للنيل من الحكم القائم، برغم ما قدّمه من تحسينات في الحياة الإقتصادية والمعونات الإجتماعية والصحية لتحسين مستوى العيش والإستقرار. وهذا الأمر حمل الرئيس الأسد على إجراء المزيد من الإصلاحات الداخلية على مستوى الخدمات والحريات الصحافية والتعدّدية الحزبية تماشيًا مع حركة الإفساح للشباب للتعبير عن رأيهم، وهي الخطوات التي أقدم عليها سلفًا قبل هذه الانتفاضات. تلك الحركة الإزدواجية، التي قام بها الرئيس الأسد في خدمة القضايا العربية والتغيير في بنية النظام، هي التي دعمت مواقفه ودرأت عن الأوضاع السورية مشكلات الإنتفاضة المتجوّلة في دول المنطقة. هذا القائد الشاب لم يعدم وسيلة تفاوضية لمعالجة الانقسام القائم في لبنان مع السعودية. فبرغم أن هذه المحاولات المعروفة بالسين - سين تعثّرت بفعل تدخّلات دولية، إلاّ أنها أبقت أبوابا مفتوحة مع المملكة من خلال الزيارات واللقاءات وآخرها زيارة الأمير عبد العزيز إلى دمشق، كما أنه في الأحداث البحرانية، ذهب وزير خارجيته وليد المعلّم إلى طهران لوضع حدّ للتصعيد الحاصل أخيرًا على هذا الصعيد. وكل هذه التحرّكات، إن دلت على شيء، فعلى حرص سوري لحماية الانزلاق في هذه الدول إلى ما يخدم المخطّطات التي تستهدف تقسيم المنطقة. ويبقى القول أن هكذا نظام، بتاريخه النضالي، لا يمكن أن يتزعزع ما دام شعبه وراءه مؤمنًا بتطلّعات رئيسه المليئة بالعنفوان القومي.

المصدر : السفير اللبنانية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة