دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
الخبر الذي شغل الصحافة بتاريخ 18/7/2017 هو أن رئاسة مجلس الوزراء خصصت جلستها الأسبوعية برئاسة المهندس عماد خميس رئيس المجلس لمناقشة الخطوات التنفيذية للمشروع الوطني للإصلاح الإداري الذي أطلقه السيد الرئيس بشار الاسد واعتمد البرنامج التنفيذي والمدد الزمنية الموضوعة والخطوات الأولى لتأسيس المشروع .
وأغلب الظن أن مصادقة الحكومة على الخطوات التنفيذية في ذلك التاريخ كان لسببين أولهما أن موضوع الإصلاح الإداري كان موضوعاً على نار ساخنة ولاسيما بعد اجتماع السيد رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء والتوجيهات التي تحدث عنها السيد الرئيس حول المشروع الوطني للإصلاح الإداري ، وهذا يؤدي إلى السبب الثاني باعتبار أن هذا البرنامج تم سلوقته بسرعة كبيرة ، للدلالة على التقيد بالتوجيهات ، لذلك تمت المصادقة عليه مباشرة وبنفس الوقت حتى لايتهم أي من الوزراء بالتقصير في تنفيذ التوجيهات من جهة ومن جهة ثانية كي لا يقال على أي منهم أنه على غير دراية بمفاهيم الإصلاح الإداري ، وهي تهمة لن تقل خطورة عن التهمة الأولى وقد تشكل زعزة لكرسي أي منهم .
لكن ما الذي دفعنا إلى هذا الإعتقاد أو الإحتمالات المذكورة : من خلال البرنامج التنفيذي المنشور في حينه نقتطع الجزء التالي حرفياً عن المرحلة الثانية : ” تبدأ المرحلة الثانية للبرنامج التنفيذي مرحلة الحضانة في الأول من تشرين الثاني 2017 وتنتهي بتاريخ 30 نيسان 2018 وتتضمن جمع البيانات والمعلومات الأولية و اطلاق العمل عن طريق وضع واعتماد الإجراءات التنفيذية لعملية قياس الاداء الإداري وتنظيم آليات جمع البيانات والمعلومات وفق نماذج تعد من قبل مركز دعم وقياس الأداء الإداري ووضع الهيكل الإداري الأولي للجهاز الحكومي خلال الأسبوع الثاني من شهر آذار من عام 2018 واطلاق الترتيب الأولي التجريبي للجهات العامة على مرصد الأداء الإداري نهاية الأسبوع الأول من شهر نيسان من العام نفسه وإصدار تقرير عن حالة ومعدلات الإستجابة لتوجهات أفضل للتنمية الإدارية مع توصيات وإرشادات عامة يتم لحظها ضمن خطط التنمية الإدارية والبشرية في نهاية الأسبوع الأخير من شهر نيسان لعام 2018 إضافة لرصد نقاط الضعف والقوة في المشروع والعمل على تقويمها طيلة الفترة الزمنية لهذه المرحلة “.انتهى الجزء .
طبعاً لن نتحدث عن معطيات المرحلة الأولى وماتم إنجازه على الصعيد الحكومي فهي لم تتعدى بعض التصريحات الصحفية والإجتماعات ولكن ما هي معطيات الإنطلاق للمرحلة الثالثة والأخيرة والتي تبدأ من بداية شهر أيار الماضي ولنهاية تشرين الأول من هذا العام ، لا شيء فيما عدا نفض الغبار عن البرنامج الحكومي للإصلاح الإداري من خزائن المسؤولين والمعنيين عنه .
للأمانة ما يلفت النظر حقيقي في البرنامج الحكومي هو استخدام عبارات طنانة توحي بأن الجميع قد استوعب المشروع ومتطلباته وماهو مطلوب منه خذ على سبيل المثال عبارة مرحلة الحضانة ، مرصد الأداء الإداري ، وهذا يعتبر بحد ذاته تطوراً بالخطاب الإصلاحي البرامجي للحكومة بتجديد عبارات لم تكن مطروقة أو مستخدمة . ما هو المطلوب من الإصلاح الإداري : منذ فترة طالعتنا الأخبار العالمية عن عودة مهاتير محمد (95) سنة لرئاسة مجلس الوزراء في ماليزيا بعد اعتزاله للعمل السياسي لأكثر من 15 سنة ، وبمجرد عودته قام بعدد من الخطوات الإصلاحية الفورية من إعادة أموال وكشف رموز فساد وتعديل ببعض المؤسسات القيادية والإدارية في ماليزيا ، وكأنه اعتزل ولم يعتزل العمل المؤسساتي ، بحيث استطاع بفترة قياسية وضع المبضع على الجروح النازفة في الإقتصاد والمجتمع الماليزي ، بهدف الإصالح الفوري . فما الذي يميز هذا الرجل عن أي مسؤول في دولة أخرى وليكن وطننا على سبيل المثال .
مازلنا نعاني من مشكلة عقيمة في الأداء الإداري لمعظم مؤسسات الدولة لدينا هي الشخصنة ، بمجرد استلام مسؤول لمنصب معين يعتبر هذا المنصب هو حق مكتسب له وهذه المؤسسة هي حكر له بكل ما فيها من عناصر إنتاج وفروع وحتى عاملين ، مازلنا بعيدين عن الفهم الوطني لأداء المؤسسة حتى قبل المشروع الوطني للإصلاح الإداري ، دعك من التصريح الإعلامي حول العمل المشترك وتلبية حاجات المواطنين ، فلدينا كم هائل من التعابير الإعلامية الجاهزة لأي مسؤول بمجرد استلامه الموقع . منذ فترة قريبة وحين جرى تعديل وزاري في اليوم الثاني مباشرة كان هناك تصريح لأحد الوزراء الجدد عن وضع الوزارة وخطة العمل والرؤيا المستقبلية وكأن ضغط المهنأين لم يمنعه من أداء عمله بهذه السرعة القياسية . الإصلاح الإداري ليس أحجية وليس مستحيلاً فقط يحتاج لنوايا صادقة وحس وطني وشعور بحجم المسؤولية أكثر من برامج إصلاحية للتداول الإعلامي ليس إلا ، وأول من يحتاج للشعور به ، هو المواطن وليس المسؤول .
ماذا عن مرصد الأداء الإداري : في 21/5/2018 صدر عن السيد رئيس مجلس الوزراء تعميماً للجهات العامة بطلب توخي الدقة والوضوح عند تشكيل اللجان وفقاً لمهمتها زمن انجازها وطبقاً للأنظمة النافذة ومتطلبات المصلحة العامة وحدد التعميم مراعاة الإختصاص والخبرة والمعرفة بما بتناسب مع مهام هذه اللجان ، وهذا التعميم يندرج ضمن إطار الإصلاح الإداري ، لكن هل التزمت الحكومة بهذا التعميم ، وهي التي تمتلك مرصد الأداء الإداري .
لنأخذ اللجنة المشكلة بالقرار /352/ تاريخ 22/2/2017 كمثال والتي تم تحديد مهمتها بمدة شهرين مازالت تمارس عملها لغاية تاريخه ، وتشكيل اللجنة لم يكن مناسباً لعمل المصارف عبر اشتراك جهات لا علاقة لها بالعمل المصرفي كقضايا الدولة التي تفتقد للعناصر الخبيرة والمميزة والمعروف طريقة عملها الروتينية التي لم تفلح بالنجاح بكسب دعاوي مهمة لصالح مؤسسات الدولة إلا فيما ندر ، وهذا معروف للجميع ، حيث تدخلت هذه اللجنة بعمل إدارات المصارف وربما أصابت بعض المفاصل فيها بالشلل ، ومن أجل التصوير بأن اللجنة حققت إنجازات عظيمة في تحصيل أموال من المقترضين المتعثرين تمت مبالغة الأرقام ، وإضافة أرقام التحصيلات الروتينية من تطبيق القانون 26 لعام 2015 الصادر عن السيد رئيس الجمهورية في تسوية أوضاع المقترضين المتعثرين ، وحتى ال/56/ عامل في هذه المصارف والذين تم كف يدهم قبل التحقيق معهم منذ أكثر من 15 شهر إلى الآن لم يتم تحديد مسؤولياتهم والبت بقضيتهم ومازالوا يعانون مع أسرهم من توقيف رواتبهم وتعويضاتهم في ظل صعوبة العيش والسمعة السيئة التي طالتهم وهم قيد التحقيق وليس الإتهام ، مما دفع السيد وزير المالية عند سؤاله عن موضوعهم لعكس القاعدة القانونية الشهيرة فقال هم متهمون حتى تثبت براءتهم ، فهل ذلك من مقومات الإصلاح الإداري المنشود، فيما عدا الخسارات التي لحقت بالمصارف والتي ستكون مثار تحقيق آخر قريب.
المصدر :
الإصلاحية/ أنس فيومي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة