ما ميَّزَ السياسةَ الأمريكية في السنواتِ القليلةِ الماضية هو الترددُ و الانسحاب , و الاختلافُ في وجهاتِ النظر و الآراء حولَ الكثيرِ من القضايا العالمية ضمن البيت الداخلي الأمريكي نفسه ، أو بين الولايات المتحدة الأمريكية و حلفائها ، و ربما يكون الموقف حيال الاتفاق النووي بين إيران و مجموعة خمسة زائد واحد أفضلَ معبرٍ عن هذا الاختلاف و الانقسام ، اليوم سيعلن الرئيس ترامب موقفه النهائي من هذا الاتفاق و لا نظن أنه سيخرج من دائرةِ الترددِ و عدم الوضوح ، لأن الانسحابَ له تبعاتٌ خطيرةٌ على مستوى العالم ، و سيُضعف الثقة بالتزام أي إدارة أمريكية في المستقبل بما توقع عليه ، و كذلك فان القبولَ بالاتفاق كما هو سيزيد من اهتزاز صورة الرئيس الأمريكي و من عدم مصداقيته ، كما سيزيد الانقسامَ ضمن الدول الغربية الاستعمارية الذي تحاول الولايات المتحدة الحفاظ على قيادتها ، و إبقائها تابعة لها .

بالمقابل نجد الطرفَ الآخر المتمثلَ بسوريا و حلفائها إيران و روسيا و الصين يزداد تماسكاً و صعوداً و اتفاقاً بوجهاتِ النظر حيالَ قضايا المنطقةِ و العالم ، و لعل الفوزَ الساحقَ و القياسي للرئيس بوتين و تنصيبَه أمس رئيساً لولايةٍ رابعة مؤشرٌ قوي على أن روسيا في عهده ستكون أمام تحولٍ نوعي ، و ستخطو بثباتٍ نحو نظامٍ عالمي جديد يفرض إيقاعه على توازناتِ ومعادلاتِ العلاقات الدولية ، أيضاً يجيءُ فوزُ المقاومةِ اللبنانية في الانتخابات البرلمانية و ما حققته من نجاحٍ متصاعدٍ ضمانةً و قوةً و حمايةً لخِيار المقاومة على المستويين الشعبي و السياسي .

أخيرا لا بدَّ من القول إن الميدانَ السوري و انتصاراتِ الجيش مع حلفائه ، و الهزائمَ المتلاحقةُ للإرهابيين في كل مكان هي حجرُ الزاوية الذي يُبنى عليه النظامُ العالمي الجديد ، هذا ما يجب أن يعترفَ به كلُّ قارئٍ و محللٍ للسياسة العالمية في ملامحها القادمة .

  • فريق ماسة
  • 2018-05-07
  • 11131
  • من الأرشيف

حبر الكلام.. / بقلم : عماد الدين إبراهيم

 ما ميَّزَ السياسةَ الأمريكية في السنواتِ القليلةِ الماضية هو الترددُ و الانسحاب , و الاختلافُ في وجهاتِ النظر و الآراء حولَ الكثيرِ من القضايا العالمية ضمن البيت الداخلي الأمريكي نفسه ، أو بين الولايات المتحدة الأمريكية و حلفائها ، و ربما يكون الموقف حيال الاتفاق النووي بين إيران و مجموعة خمسة زائد واحد أفضلَ معبرٍ عن هذا الاختلاف و الانقسام ، اليوم سيعلن الرئيس ترامب موقفه النهائي من هذا الاتفاق و لا نظن أنه سيخرج من دائرةِ الترددِ و عدم الوضوح ، لأن الانسحابَ له تبعاتٌ خطيرةٌ على مستوى العالم ، و سيُضعف الثقة بالتزام أي إدارة أمريكية في المستقبل بما توقع عليه ، و كذلك فان القبولَ بالاتفاق كما هو سيزيد من اهتزاز صورة الرئيس الأمريكي و من عدم مصداقيته ، كما سيزيد الانقسامَ ضمن الدول الغربية الاستعمارية الذي تحاول الولايات المتحدة الحفاظ على قيادتها ، و إبقائها تابعة لها . بالمقابل نجد الطرفَ الآخر المتمثلَ بسوريا و حلفائها إيران و روسيا و الصين يزداد تماسكاً و صعوداً و اتفاقاً بوجهاتِ النظر حيالَ قضايا المنطقةِ و العالم ، و لعل الفوزَ الساحقَ و القياسي للرئيس بوتين و تنصيبَه أمس رئيساً لولايةٍ رابعة مؤشرٌ قوي على أن روسيا في عهده ستكون أمام تحولٍ نوعي ، و ستخطو بثباتٍ نحو نظامٍ عالمي جديد يفرض إيقاعه على توازناتِ ومعادلاتِ العلاقات الدولية ، أيضاً يجيءُ فوزُ المقاومةِ اللبنانية في الانتخابات البرلمانية و ما حققته من نجاحٍ متصاعدٍ ضمانةً و قوةً و حمايةً لخِيار المقاومة على المستويين الشعبي و السياسي . أخيرا لا بدَّ من القول إن الميدانَ السوري و انتصاراتِ الجيش مع حلفائه ، و الهزائمَ المتلاحقةُ للإرهابيين في كل مكان هي حجرُ الزاوية الذي يُبنى عليه النظامُ العالمي الجديد ، هذا ما يجب أن يعترفَ به كلُّ قارئٍ و محللٍ للسياسة العالمية في ملامحها القادمة .

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة