دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
العلاقات السورية التركية قد تنحو منحى جديد وقد يكون بالفعل نحو اتجاه ترتيب بعض الأوراق ، فلم تهدأ منذ مدة طويلة محاولات القوميين الأتراك من شخصيات رسمية سابقة عسكرية وسياسية واجتماعية في محاولاتها إصلاح العلاقة مع سورية
والضغط على الرئيس أردوغان من أجل تغيير سياسته تجاه سورية والحكومة السورية رغم التوتر القائم منذ بداية الحرب على سورية ، نظراً للدور السلبي تجاه الحرب على سورية والأحداث المتعلقة بها مباشرة على الصعيدين الإقليمي والدولي من قبل الرئيس أردوغان وحكومته وحزب العدالة والتنمية، يقوم هذه الأيام وفد تركي بزيارة سورية يضم رئيس الاستخبارات العسكرية التركية السابق إسماعيل حقي بيكين ، ورئيس "إتحاد أوراسيا" التركي حسن جنكيز ، والصحفية ديليك بكين باكسوي ،المحلل السياسي دنيز بستاني لعقد لقاءات مع بعض الجهات السورية.
فهل ينجح إسماعيل حقي بيكين الذي يزور سورية حالياً مع وفد صغير في تحقيق أي تقدم من شأنه رأب الصدع في هذه العلاقة ؟
العلاقات السورية التركية في ظل المتغيرات الحالية إلى أين ؟
هل الوفود التركية التي تزور سورية مؤخراً تنسق هذه الزيارات مع حكومة الرئيس أردوغان ؟
هل يمكن للحكومة السورية أن تتقبل أي صلح أو تعامل مع الحكومة التركية الحالية وعلى أي أسس ووفق أي شروط ؟
مالذي تحتاجه العلاقة السورية التركية كي تعود المياه إلى مجراها بما يضمن الأمن القومي للبلدين وخاصة بعد أن باتت تركيا تعلم تماماً أن سياستها ذهبت بها في اتجاه لم يكن بالحسبان ؟
يقول الكاتب والمحلل السياسي و أستاذ العلاقات الدولية والدبلوماسي السوري السابق الدكتور بسام أبو عبد الله:
"العلاقات السورية التركية كانت مضربا للمثل حتى عام 2010 مع بداية مايسمى بالربيع العربي ، وكان الهدف السوري هو بناء منظومة إقليمية تسطيع أن تواجه التحولات التي كان يشهدها العالم وخاصة في الجانب الاقتصادي ، والحكومة السورية قدمت لتركيا الكثير من الامتيازات خاصة وأن سورية تشكل المعبر اللوجستي الأساسي تجاه دول الخليج ، لكن تورطت الحكومة التركية بمشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير ودخولها بشكل مباشر بمشروع الإخوان المدعوم أمريكياً من أجل تغيير النظام السياسي في سورية وقلب الواقع فيها مع إنتاج نظام سياسي إخونجي إن صح التعبير مع بعض الرتوشات ذات الأبعاد الليبرالية أو غيرها من الديكورات التي كانت مطلوبة".
وأشار الدكتور أبو عبد الله إلى أن
"تركيا تدخلت بشكل مباشر بدعم التنظيمات الإرهابية بمختلف تسمياتها وكانت تركيا تعتقد أنها ستنجو من التقسيم بإعتبارها جزء من المشروع، ولكن فيما بعد تبيت للأتراك مع التطورات الميدانية التي شهدتها سورية وخاصة بعد دخول روسيا الميدان عام 2015 أن توزانات القوى اختلفت ، وفشل مشروع الإخوان خاصة بعد سقوط الإخوان في مصر، وتبين أن المشروع المرسوم في سوريا فشل ولا يمكن تنفيذه".
وأردف الدكتور أبو عبد الله:
"الوجود التركي على الأراضي السورية هو وجود إحتلالي ،هناك تغيرات في الموقف التركي كدخول تركيا كدولة ضامنة في استانا ، ودعمها لمسار سوتشي ولكن التحول في الموقف التركي بدا واضحاً في عام 2016 وبعد محاولة الإنقلاب حيث ظهرت تصريحات عن وحدة سورية وسادتها إستقلالها وهذا لم يكن موجوداً سابقاً وعبر بوايات أخرى من خلال العلاقة مع روسيا وإيران والتنسيق في أستانا وغيرها ،هنا لابد من أن تتحقق عدة أمور من أجل إعادة تصحيح العلاقة مع سورية وهناك محاولات مع روسيا لأخذ دور بالحل وقد لايناسب سورية ."
وأضاف الدكتور أبو عبد الله
"هناك شروطا إن صح التعبير لتصحيح العلاقة بين البلدين، أهمها إنسحاب الجيش التركي من الأراضي السورية ، وإعادة بناء جسور الثقة من خلال إختبار النوايا التركية التي مازالت محل شك من قبل الحكومة السورية وكثير من الخبراء والمحللين السوريين ، وهذا يحتاج الى بناء ثقة ، يكمن بناء الثقة من خلال مايجري في إدلب ، وتصفية المجموعات الإرهابية المسلحة ، والتنسيق مع روسيا والتعاون مع الحكومة السورية ، وحتى الآن يحاول الأتراك عدم التعاطي مع الحكومة السورية ، وكلما ظهرت بوادر إيجابية ما يذهب إردوغان إلى التصعيد ، لابد من فتح بوابات التعاون الإستخبارية ، وللعلم منذ فترة كان هناك قد عقد لقاء إستخباري أمني عالي المستوى في إيران بين الطرفين.
أنا أعتقد بعد الانتخابات القادمة سنرى إمكانات أكبر للتحول في الموقف التركي ، وخاصة أن تركيا تعاني من مشاكل إقتصادية كبيرة وهناك من يتحدث عن ديون داخلية وخارجية لتركيا تصل إ من 200 إلى 400 مليار دولار لايمكن للدول الأوروبية أن تساعدها فيها وبالتالي هي تحتاج إلى التنسيق مع إيران وروسيا وحتى الصين للخروج من أزمتها وخاصة الإقتصادية ".
يقول مدير المخابرات التركية السابق اللواء إسماعيل حقي بكين
"وفدنا جاء من أجل أن يشكل دفعة إيجابية في تحسين العلاقات التركية السورية وإعادة نبضها نحو الأفضل وفي الحقيقة نحن من طلب الزيارة إلى سورية ،والطرف السوري مشكوراً وافق على زيارتنا، في دمشق إستقبلونا وإستضافونا بشكل جيد، نحن أتينا إلى هنا ونحمل مشروع الدبلوماسية الشعبية الذي ينظمه السيد حسن جنكيز ، ونحمل معنا مشاريع تفعيل هذه الدبلوماسية الشعبية ، لقد طرحنا الكثير من الأفكار التي يجب العمل على تفعيلها ، كما و إلتقينا عدد من المسؤولين السوريين من بينهم مسؤولين أمنين ، وإلتقينا مع نائب وزير الخارجية السوري الدكتور فيصل المقداد ، ومع عضو القيادة القطرية هلال هلال ،ولدينا لقاءات أخرى ".
إقترحنا العديد من الأفكار التي لاقت تجاوباُ وردوداُ إيجابية من الجانب السوري عليها ،ولكن لا أدري كيف يمكن أن تؤثر أو كيف سيكون تأثيرها على الرئيس التركي في الوقت الحالي ، ونحن كما قلنا قدمنا عدد من المقترحات لعدد من المشاريع في مجال الدبلوماسية الشعبية ، الدبلوماسية الشعبية عصب مهم ي بناء العلاقات ،وعندما تنجح الدبلوماسية الشعبية من المؤكد أنها سوف تؤثر على التوجه التركي تجاه سورية وتؤثر على رئيس الجمهورية طيب أردوغان وعلى السياسة التركية ككل."
وأشار اللواء حقي بكين إلى أن
"لا أقول أننا نريد أن نضغط على الحكومة التركية ، ولكن يجب أن يكون هناك ردود فعل إيجابية من الحكومة التركية بفعل هذه الزيارة ونتائجها الإيجابية ، ونحن كما قلنا أتينا إلى سورية بطلب من الشعب التركي الذي يطالب بإعادة العلاقات ، ووقوفاً عند رأي الشعب التركي وبناءاً على طلب الشعب التركي موجودون في سورية، ونحن سوف نبدأ بالفعل والعمل وليس فقط بالكلام من خلال تطبيق المشاريع الشعبية التي قدمناها وشرحناها للطرف السوري ، وهذه المشاريع بدورها سوف تنعكس بشكل إيجابي على الموقف التركي ، وسوف نحصل على التشجيع والدعم من قبل الأحزاب التركية الأخرى".
"هذا الموضوع يتعلق بروسيا وبالعلاقات الروسية التركية وهذه الزيارة سوف تنعكس إيجابيا على العلاقات الروسية التركية وتتوسع ، وأيضا هناك أمر مهم يكمن في أن روسيا تسعى إلى تحسين العلاقات السورية التركية وهي تطالب دائما بهذا الأمر وتحاول توفير الظروف اللازمة له، وأكرر بالمجمل هذا سوف ينعكس بشكل إيجابي على العلاقات الروسية التركية وسوف يسهم في رفع مستوى التنسيق و التعاون الروسي التركي بشكل عام وبشأن سورية بشكل خاص ".
من جانبه رئيس إتحاد أوراسيا في تركيا حسن جنكيز أشار إلى أن
"مجموعة إتحاد أوراسيا في تركيا مجموعة هامة ،هذا الاتحاد يقوم بعمل يفوق السياسة وهو الدبلوماسية الشعبية ، ونحن نعلم أن ماجرى في سورية هو نتائج لسياسة الدول الكبرى في المنطقة و تأثرت منه بالدرجة الأولى بعد سورية الدولة التركية ، ونحن نعلم أن موضوع سورية محوري، وأصبحت أزمة سورية أزمة داخلية في تركيا ، مع التذكير بأن مسافة الحدود بين البلدين 910 كم، وأيضا هناك ملف اللاجئين السوريين في تركيا الذن يصل عددهم إلى 3 ملايين مواطن سوري على الأراضي التركية، كل هذه الأمور والمفات جداً هامة ويجب التعامل معها ومن خلالها في حل الكثير من المسائل".
وأردف جنكيز
"اللاجئون السوريون الموجودون في تركيا سيكونون جسراً لإعادة العلاقات بين البلدين، ومشروعنا هدفه هو المساعدة على تقريب المواطنين السوريين من بلدهم وتنسيق أوضاعهم وعودتهم إلى ديارهم من خلال تشجيعهم و إعادة احياء الشعور الوطني في أنفسهم وقلوبهم ، ولأجل ذلك سوف يتم تشكيل المجموعة السورية التركية لإعادة إحياء العلاقات ، والتي سيكون مركزها في أنقرة ولها فرع في دمشق وسوف تقوم هذه المجموعة السورية التركية المشتركة بتنفيذ مجموعة من المشاريع الإجتماعية والثقافية ، يجب علينا أن نفعل التعاون ونزيح لغة العداء وأن نخفف من السلبيات التي تشوب العلاقات التركية السورية ، وخاصة أن هناك إنتخابات قريبة في تركيا وهذه فرصة مهمة جداً، ونحن كنا قد أتينا برسالة مهمة من رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال قلتشدار اوغلو سلمنا هذه الرسالة إلى عضو القيادة القطرية في دمشق هلال هلال".
"كما تعلمون هناك إتفاقاً بين الأحزاب المعارضة التركية للمشاركة في الإنتخابات، فقد إتفقت أحزاب المعارضة ، حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد والحزب الديمقراطي ، وحزب السعادة وهذه التي تحظى بدعم 25أكثر من مليون تركي ، حالياً أوصلنا رسالة إيجابية من رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال غلتشدار أوغلو فيها رسالة مهمة جداً، وحين سننجح في هذا العمل على المستوى الشعبي فهذا بكل تأكيد سينعكس على الجهات الرسمية بصورة إيجابية، ونحن على إطلاع على نتائج الإجتماعات والإتفاقات التركية مع إيران وروسيا ، تركيا تقول أنها لن تبقى في عفرين إلى الأبد وأنها سوف تسحب قواتها من هناك ، وحتى إرادة السياسة الرسمية التركية تتحدث عن ذلك ، بأنه سيتم سحب القوات التركية من سورية ، ونعلم أنه سيحدث تغيراً في الموقف السياسي التركي تجاه سورية بعد الإنتخابات ، ونأمل حتى نهاية هذا العام بأن تتحسن العلاقات مع سورية ،وحاليا يمكن أن نقول لكم أن الحكومة والمعارضة السياسية يصران على أهمية وحدة وسيادة وإستقرار حكومة سورية، وهذا هو المنجز الأهم حالياً ، وباقي المشاكل يمكن أن تحل إن شاء الله ".
بدوره عضو الوفد المحلل السياسي التركي دنيز بستاني قال أن
"الهدف من هذه الزيارة هو فتح أبواب العلاقات بين سورية وتركيا على المستوى الشعبي بالإستناد على الدبلوماسية الشعبية، ونحن أخذنا طاقة وردود إيجابية من الجانب السوري، الوفد قدم بناء على رغبة الشعب التركي الذي يطالب بإعادة العلاقات مع سورية ، ونحن جئنا إلى هنا لإيصال هذه لرسالة إلى الدولة السورية وإلى الشعب السوري".
المصدر :
الماسة السورية/سبوتنيك
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة