ما انت انتهت الزيارات الاميركية إلى لبنان آخر الاسبوع المنصرم، حتى بدأت اليوم

زيارة مبعوثين سعودين هم نزار العَلَوْلا و القائم بالأعمال السابق وليد البخاري. قبل هذه الزيارات كان مبعوثون إيرانيون ايضا قد زاروا بيروت . كل المعلومات تشير إلى أن محور أبرز هذه الحركة الدبلوماسية الكبيرة هو حزب الله في لبنان وسوريا ودور ايران في المنطقة خصوصا بعد إسقاط الطائرة الاسرائيلية . يساهم في ذلك أن اللبنانيين الذي منذ الاستقلال يقدمون الولاءات الطائفية والمذهبية و الخارجية على انتمائهم إلى وطنهم . هم بالتالي يجعلون هذه الزيارات الدولية والإقليمية مفصلية في تحديد مستقبلهم السياسي والأمني. بمعنى أن كثيرا من اللبنانيين المرحبين اليوم بالوفد السعودي هم من رافضي حزب الله وكثيرا ممن رحبوا قبل حين الايرانيين هم من مناهضي حلقات السعودية في لبنان وأميركا.ولا يضيرهم ان يكون لطرف خارجي مصلحته قبل مصلحة لبنان.

الزيارة السعودية اليوم تأتي في خضم حدثين بارزين ، أولهما خلط الاوراق الكبير الحاصل في سوريا من الغوطة إلى عفرين فدمشق والمترافق مع الانخراط العسكري المباشر في شرق الفرات وغيره، وثانيهما المعركة الانتخابية اللبنانية، وسط، اولا ضبابية العلاقة بين رئيس الحكومة سعد الحريري الذي يعيش احتضانا شعبيا ممتازا منذ تكاتف لبنان معه لفك احتجازه من السعودية، وثانيا طموح أطراف داخلية للحلول مكان الحريري في العلاقة مع الرياض وخصوصا منها تيار اللواء السابق أشرف ريفي والقوات اللبنانية بقيادة

سمير جعجع وبعض أطراف ما كانت تسمى بقوى 14 آذار  .

ما عاد في الأمر سرّ، المطلوب الاستمرار في تطويق حزب الله وفي انشاء سدود للحد من الدور الإيراني. ثمة قلق يتفاقم عند "اسرائيل" وأميركا وأطراف عربية من ان يؤدي انتهاء الحرب السورية إلى ترسيخ معادلة جديدة للمقاومة في إطار محور خصوصا ان بعض خصوم سوريا السابقين في لبنان عادوا الآن يحاولون نسج علاقات سرية معها بعد أن سال لعابهم على مشاريع إعادة الإعمار. ولم يعد غريبا أن نرى على الشاشات اللبنانية اعلانات دعائية لشركات إعادة اعمل في سوريا او للمعارض الدولية في دمشق . لا بد اذا من شل لحركة حزب الله في لبنان وإعادة خلط الاوراق في سوريا وإبقاء سوريا تحت رحمة الحرب إلا إذا حصلت "اسرائيل" وأميركا على ثمن ...ناهيك عن الثمن لتركيا.

لا شك أن حزب الله وإيران والدولة السورية يستطيعون الاستمرار في المواجهة خصوصا اذا ما بقيت روسيا قادرة على تشكيل غطاء سياسي دولي ودعم جوي على الأرض في سماء سوريا، لكن مشكلة لبنان انه يواجه أسوأ كارثة مالية في حياته . بلد الأرز يغرق تحت ديون هائلة تحتاج إلى معجزة لحلها..لذلك فإن محور المقاومة فيه يستمر في الحذر الشديد بالتعاون مع رئيس الجمهورية ميشال عون في التعاطي مع المسائل لكي لا يتم تحميله لاحقا مسؤولية انهيار سياسي او أمني، وهو بالتالي لا يمانع بالتقارب مع خصوم الامس في حملة الانتخابات وفي ترتيب أمور الدولة ...

اما السعودية التي تركت أثرا مقلقا حتى داخل عائلة الحريري نفسها وفي الوسط "السني" عينه بعد احتجاز الحريري، فهي تستمر في دفع بعض الأطراف إلى مواجهة الحزب في لبنان وسوريا وتنخرط اكثر فأكثر في تحالفات إقليمية ودولية ضد إيران.

من المعروف أن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وغيره من قادة الخليج ابتداء من منتصف الشهر المقبل إلى البيت الأبيض ستكون الزيارة التي ستثبت دعائم وصوله إلى العرش السعودي بعد أن لاقى شعبية جيدة في الداخل السعودي نظرا لاصلاحاته الجذرية والمثيرة للجدل حيال الحريات والمرة والفن والاقتصاد والإسلام المتشدد ، لكنه لا يزال اسير السياسة الخارجية التي فشلت في اليمن وسوريا ولبنان والعراق وغيرها.

سعى الحريري مؤخرا لاستعادة بعض رضى السعودية عبر رفع لهجته ضد حزب الله بالتزامن مع الزيارات الاميركية والسعودية..لكنه يدرك قبل غيره ان الحزب وحلفاءه يستطيعون شل حركته لو شعروا بتخطيه الخطوط الحمراء .كل ذلك يعني أن بذور المواجهات ستبقى مزروعة في الجسد اللبناني والمنطقة طويلا . خصوصا ان ثمة أطرافا لبنانية داخلية من ريفي إلى جعجع إلى بعض ما بقي من ١٤ آذار وصولا إلى بعض أطراف تيار المستقبل نفسه تحصل على دعم سعودي مباشر وكبير لمواجهة الحزب . دعم لا شك سيتكثف في خلال الزيارة السعودية الحالية وغيرها . فقبل اسابيع قليلة من الانتخابات يبدو الحريري مرة جديدة مخيّراً من السعودية والغرب بين ان يقلب الطاولة على الحزب أو أن يترك المكان لغيره . لكن رئيس الحكومة الشاب يبدو أكثر ميلا للتسويات والتفاهمات التي جعلت كثيرا من اللبنانيين الذين تنافروا معه سابقا يحبونه اليوم ... وهو ايضا بحاجة لاعادة تعويم نفسه وتياره ماليا.....يقيني انه اليوم يتمتع بشعبية قل نظيرها...

ما عاد لبنان قادرا على الاستمرار بالانقسام على ضوء المحاور الخارجية والا فإن الكارثة الاقتصادية ستتحول إلى مجاعة او ستحول البلد إلى ساحة جرائم وسرقات وسطو وخطف وانهيار أمني...

صحيح أن كل طرف يعتقد أنه قادر على الانتصار على الطرف الأخر، لكن الاكيد ان لبنان هو الخاسر الأكبر ، ما لم يصبح القرار السيادي الداخلي اهم من الجميع، وأن يعرف كيف يحافظ على علاقات ممتازة مع إيران والسعودية ودول الخليج وسوريا وأميركا وروسيا وفرنسا وغيرها دون أن يرتمي في محور ضد الآخر . هذا بحد ذاته بحاجة إلى معجزة طالما أن صورة الامام الخميني في الضاحية اهم من صورة رئيس الجمهورية ، وصورة الامير محمد بن سلمان في الشمال أهم من صورة ميشال عون....... المقاومة ساهمت في فك احتجاز الحريري من السعودية، وعلى الحريري ان يكون طليعيا في حماية مقاومة شريفة تحمي البلد حتى ولو اختلف معها سياسا في الداخل ... وعلى محور المقاومة الاستمرار في احتضان الحريري وتسهيل اموره . هكذا نبني وطنا قويا ، بدل التباكي على وضعنا، والتحول إلى متسولي مساعدات في بلد عنده ثروات هائلة طبيعية ونفسية وزراعية ويمكن أن يصبح من أهم المقاصد السياحية في العالم......وحماية لبنان وبدا بقوته ضد إسرائيل وليس بضعفه اذا اردنا الحفاظ على ثرواتنا....وهذه فرصة ان يكون على رأس الدولة رجل مؤمن بقوة بلده وبدور مقاومته هو العماد ميشال عون ....

 

  • فريق ماسة
  • 2018-02-26
  • 9863
  • من الأرشيف

بعد خلط الاوراق في سورية ....الصراع السعودي الإيراني في لبنان...أين أميركا وإ(سرائيل)؟

ما انت انتهت الزيارات الاميركية إلى لبنان آخر الاسبوع المنصرم، حتى بدأت اليوم زيارة مبعوثين سعودين هم نزار العَلَوْلا و القائم بالأعمال السابق وليد البخاري. قبل هذه الزيارات كان مبعوثون إيرانيون ايضا قد زاروا بيروت . كل المعلومات تشير إلى أن محور أبرز هذه الحركة الدبلوماسية الكبيرة هو حزب الله في لبنان وسوريا ودور ايران في المنطقة خصوصا بعد إسقاط الطائرة الاسرائيلية . يساهم في ذلك أن اللبنانيين الذي منذ الاستقلال يقدمون الولاءات الطائفية والمذهبية و الخارجية على انتمائهم إلى وطنهم . هم بالتالي يجعلون هذه الزيارات الدولية والإقليمية مفصلية في تحديد مستقبلهم السياسي والأمني. بمعنى أن كثيرا من اللبنانيين المرحبين اليوم بالوفد السعودي هم من رافضي حزب الله وكثيرا ممن رحبوا قبل حين الايرانيين هم من مناهضي حلقات السعودية في لبنان وأميركا.ولا يضيرهم ان يكون لطرف خارجي مصلحته قبل مصلحة لبنان. الزيارة السعودية اليوم تأتي في خضم حدثين بارزين ، أولهما خلط الاوراق الكبير الحاصل في سوريا من الغوطة إلى عفرين فدمشق والمترافق مع الانخراط العسكري المباشر في شرق الفرات وغيره، وثانيهما المعركة الانتخابية اللبنانية، وسط، اولا ضبابية العلاقة بين رئيس الحكومة سعد الحريري الذي يعيش احتضانا شعبيا ممتازا منذ تكاتف لبنان معه لفك احتجازه من السعودية، وثانيا طموح أطراف داخلية للحلول مكان الحريري في العلاقة مع الرياض وخصوصا منها تيار اللواء السابق أشرف ريفي والقوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع وبعض أطراف ما كانت تسمى بقوى 14 آذار  . ما عاد في الأمر سرّ، المطلوب الاستمرار في تطويق حزب الله وفي انشاء سدود للحد من الدور الإيراني. ثمة قلق يتفاقم عند "اسرائيل" وأميركا وأطراف عربية من ان يؤدي انتهاء الحرب السورية إلى ترسيخ معادلة جديدة للمقاومة في إطار محور خصوصا ان بعض خصوم سوريا السابقين في لبنان عادوا الآن يحاولون نسج علاقات سرية معها بعد أن سال لعابهم على مشاريع إعادة الإعمار. ولم يعد غريبا أن نرى على الشاشات اللبنانية اعلانات دعائية لشركات إعادة اعمل في سوريا او للمعارض الدولية في دمشق . لا بد اذا من شل لحركة حزب الله في لبنان وإعادة خلط الاوراق في سوريا وإبقاء سوريا تحت رحمة الحرب إلا إذا حصلت "اسرائيل" وأميركا على ثمن ...ناهيك عن الثمن لتركيا. لا شك أن حزب الله وإيران والدولة السورية يستطيعون الاستمرار في المواجهة خصوصا اذا ما بقيت روسيا قادرة على تشكيل غطاء سياسي دولي ودعم جوي على الأرض في سماء سوريا، لكن مشكلة لبنان انه يواجه أسوأ كارثة مالية في حياته . بلد الأرز يغرق تحت ديون هائلة تحتاج إلى معجزة لحلها..لذلك فإن محور المقاومة فيه يستمر في الحذر الشديد بالتعاون مع رئيس الجمهورية ميشال عون في التعاطي مع المسائل لكي لا يتم تحميله لاحقا مسؤولية انهيار سياسي او أمني، وهو بالتالي لا يمانع بالتقارب مع خصوم الامس في حملة الانتخابات وفي ترتيب أمور الدولة ... اما السعودية التي تركت أثرا مقلقا حتى داخل عائلة الحريري نفسها وفي الوسط "السني" عينه بعد احتجاز الحريري، فهي تستمر في دفع بعض الأطراف إلى مواجهة الحزب في لبنان وسوريا وتنخرط اكثر فأكثر في تحالفات إقليمية ودولية ضد إيران. من المعروف أن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وغيره من قادة الخليج ابتداء من منتصف الشهر المقبل إلى البيت الأبيض ستكون الزيارة التي ستثبت دعائم وصوله إلى العرش السعودي بعد أن لاقى شعبية جيدة في الداخل السعودي نظرا لاصلاحاته الجذرية والمثيرة للجدل حيال الحريات والمرة والفن والاقتصاد والإسلام المتشدد ، لكنه لا يزال اسير السياسة الخارجية التي فشلت في اليمن وسوريا ولبنان والعراق وغيرها. سعى الحريري مؤخرا لاستعادة بعض رضى السعودية عبر رفع لهجته ضد حزب الله بالتزامن مع الزيارات الاميركية والسعودية..لكنه يدرك قبل غيره ان الحزب وحلفاءه يستطيعون شل حركته لو شعروا بتخطيه الخطوط الحمراء .كل ذلك يعني أن بذور المواجهات ستبقى مزروعة في الجسد اللبناني والمنطقة طويلا . خصوصا ان ثمة أطرافا لبنانية داخلية من ريفي إلى جعجع إلى بعض ما بقي من ١٤ آذار وصولا إلى بعض أطراف تيار المستقبل نفسه تحصل على دعم سعودي مباشر وكبير لمواجهة الحزب . دعم لا شك سيتكثف في خلال الزيارة السعودية الحالية وغيرها . فقبل اسابيع قليلة من الانتخابات يبدو الحريري مرة جديدة مخيّراً من السعودية والغرب بين ان يقلب الطاولة على الحزب أو أن يترك المكان لغيره . لكن رئيس الحكومة الشاب يبدو أكثر ميلا للتسويات والتفاهمات التي جعلت كثيرا من اللبنانيين الذين تنافروا معه سابقا يحبونه اليوم ... وهو ايضا بحاجة لاعادة تعويم نفسه وتياره ماليا.....يقيني انه اليوم يتمتع بشعبية قل نظيرها... ما عاد لبنان قادرا على الاستمرار بالانقسام على ضوء المحاور الخارجية والا فإن الكارثة الاقتصادية ستتحول إلى مجاعة او ستحول البلد إلى ساحة جرائم وسرقات وسطو وخطف وانهيار أمني... صحيح أن كل طرف يعتقد أنه قادر على الانتصار على الطرف الأخر، لكن الاكيد ان لبنان هو الخاسر الأكبر ، ما لم يصبح القرار السيادي الداخلي اهم من الجميع، وأن يعرف كيف يحافظ على علاقات ممتازة مع إيران والسعودية ودول الخليج وسوريا وأميركا وروسيا وفرنسا وغيرها دون أن يرتمي في محور ضد الآخر . هذا بحد ذاته بحاجة إلى معجزة طالما أن صورة الامام الخميني في الضاحية اهم من صورة رئيس الجمهورية ، وصورة الامير محمد بن سلمان في الشمال أهم من صورة ميشال عون....... المقاومة ساهمت في فك احتجاز الحريري من السعودية، وعلى الحريري ان يكون طليعيا في حماية مقاومة شريفة تحمي البلد حتى ولو اختلف معها سياسا في الداخل ... وعلى محور المقاومة الاستمرار في احتضان الحريري وتسهيل اموره . هكذا نبني وطنا قويا ، بدل التباكي على وضعنا، والتحول إلى متسولي مساعدات في بلد عنده ثروات هائلة طبيعية ونفسية وزراعية ويمكن أن يصبح من أهم المقاصد السياحية في العالم......وحماية لبنان وبدا بقوته ضد إسرائيل وليس بضعفه اذا اردنا الحفاظ على ثرواتنا....وهذه فرصة ان يكون على رأس الدولة رجل مؤمن بقوة بلده وبدور مقاومته هو العماد ميشال عون ....  

المصدر : سامي كليب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة