في كل مرة تقريباً يتم فيها التحشيد لاتخاذ قرار ضد سورية في مجلس الامن، لا يتكلف الجانب الغربي وخصوصا واشنطن عناء خوض مشاورات موسعة وعميقة مع روسيا الحليف الاول لسورية في مجلس الامن...

غالبا ما كان الهدف احراج موسكو والتحريض عليها اعلاميا ودبلوماسيا من جهة، او جعل هذه المناقشات ونهايتها الحتمية بالصد اما عبر الفيتو او عدم الاتفاق مع موسكو مقدمة للعمل بشكل أحادي من خارج منظمات الشرعية الدولية... لكن المشاورات التي إستمرت لساعات في اروقة مجلس الامن، وحتى لحظة إصدار القرار الذي يفقتر إلى آليات تنفيذية، والمواعيد المحددة... يشي بالكثير الكثير من الخلاصات والإستنتاجات، وهذا بعضها:

1- الهدنة لشهر، حاجة ملحة لانقاذ الوضع القائم في الغوطة الشرقية وعموم دمشق ما امكن، كون الغوطة آخر النقاط الساخنة الكبيرة داخل سوريّة –وليست حدودية مثل المشكلة على الشريط مع الجولان المحتل- والقريبة من العاصمة، وخسارتها تعني خسارة واحدة من أهم منصات "مخاطبة" العاصمة بالنار.

2-محاولة ادخال القوات الضخمة المحيطة بغوطة دمشق الشرقية في حال من المراوحة حتى يتم ايجاد منفذ ما يُنقذ آخر أدوات الغزو الإرهابي في خاصرة العاصمة.

3-ربما سيكون هذا المنفذ بفتح جبهة جديدة في واحدة من نقاط التماس المنتشرة في سورية: القنيطرة وريفها، درعا وريفها، ريف حماه، ريف حلب الجنوبي-الغربي، البوكمال، البادية السورية، ريف حمص الشرقي... .

4-إيجاد فسحة زمنية تتيح التخطيط وتنفيذ عمل ارهابي إعلامي مدوي، يجبر الجيش العربي السوري وحلفائه على تجميد تطهير الغوطة الشرقية، وأهم ما يمكن الإقدام عليه هو مجزرة بالمواد الكيمائية روجت لها واشنطن وباريس ومؤخرا تل ابيب منذ ايام.

5-لا يمكن للجيش العربي السوري التقدم لتطهير ما تبقى من جنوب غرب سورية -الحدود مع الجولان المحتل وصولاً الى حوض اليرموك والحدود الاردنية السورية- إلا بانهاء ملف الغوطة الشرقية... في كل مرة تتقدم قوات سورية وحلفائها نحو واحدة من محاور هذه الجبهة الا واشتعلت الغوطة، وكلما سعى العدو الصهيوني الى تنفيذ اعتداء على الاراضي السورية تحركت جبهة الغوطة لتأخذ دورها في إتمام أهداف العدوان... لكن العدو الصهيوني اليوم "يشحد" الوقت ويتوسله بعد الضربة الإستراتيجية التي تلقاها والبنتاعون الأمريكي بعد إسقاط طائرة أف-16 صوفا، وإصابة كل من طائرة أف-15 والأف-35... ما يعني أكبر خسارة إستراتيجية يتعرض لها سلاحا الجو في كيان العدو وأمريكا في تاريخهما.

6-تخشى واشنطن ومشغلوا الأدوات الإرهابية في سورية من كارثة تحلّ على أدواتهم عند تطهير الغوطة لأسباب منها:

* تفرّغ قوات كبيرة ونخبوية كانت مهمتها لسنوات تأمين العاصمة من مخاطر التسلل إلى دمشق عبر الغوطة، لتكون قوة مضافة الى المجهود الحربي الذي سيزج في مواجهة ما تبقى من أدوات غزو إراهبية ودول إحتلال.

* إنتقال الأثر النفسي الهدام من المصير الذي لقيته أدوات الغزو الإرهابي الأهم في مشروع الحرب على سورية، إرهابيو الغوطة، حيث تخلى عنهم مشغلوهم لمصيرهم المحتوم ساعة إتخاذ القيادة السورية القرار بالحسم.

* تطهير الغوطة الشرقية سيمنح القيادة العسكرية فرصة كبرى لتأمين أجواء العاصمة وإكمال شبكة الدفاع الجوي التي دمرها الإرهابيون في كامل الغوطة من جهة، وتحرير مختطفي عدرا وغيرهم، وسيجعل التنقل بين المحافظات أسهل، وسينهي ملف المسلحين في القلمون والضمير وصولاً الى الحدود السورية-الاردنية.

*القبض على عناصر عربية وأجنبية ذات بعد أمني كانت لها اليد العليا في كل ما يجري في الغوطة ودمشق عموماً، من ناحية الاستهدافات والهجمات، وأدارة التواصل مع المراكز الاستخبارية المعادية لسورية.

7-في الغوطة الشرقية أجوبة عن ألغاز كبيرة، وأدلة دامغة تضع النهايات لأسئلة مفتاحيّة من أمثال: حجم التدخل الإستخباراتي الامريكي والفرنسي والبريطاني والسعودي والقطري والصهيوني... وتكشف محطات الرصد والتجسس والتشويش التابعة لتلك الدول، ودورها في محطات دموية عصفت بدمشق وأهلها من السيارات المفخخة والعبوات والإغتيالات، مروراً بتفجير مكتب الأمن القومي وصولاً الى التناغم بين الإعتداءات الخارجية وخصوصا الصهيونية وقصف العاصمة... ودور بعض الخونة ضمن مؤسسات الدولة في تلك الأحداث والمخططات.

 

ختاماً: عندما نقول بأن الغوطة مقبلة على سيناريو مشابه لما حصل في الأحياء الشرقية لحلب، فإن ذلك سوف يتم... ولن يؤخرنا عن ذلك كل محاولات التشتيت والإلهاء والضغط؛ حتى وإن حاولوا فتح جبهات جديدة فسوف يكونوا مضطرين هذه المرة على فتحها بأنفسهم لا عبر أدواتهم الإرهابيّة... هناك معادلات ميدانية وسياسية وأمنية، صغناها بأيدينا، تتيح لنا تطهير الغوطة، ولم تترك لحلف العدوان من منفذ لتغيير هذه المعادلات إلا بعدوان مباشر تقوده دول العدوان بذاتها... لذا يحق لنا أن نسأل: من منهم مستعد لمثل هذه المعركة؟ هل سيلتقط أهل الغوطة هذه المعادلة، فيساندوا دولتهم بإخراج هذه الجماعات الإرهابية أو يخرجوا هم، قبل فوات الآوان؟ بعد كل المعارك التي خضناها في طول سورية وعرضها، وكل تلك الخطوط الحمر التي رسمها لنا أعدائنا فمسحناها وسحقنا من رسمها... هل يعتقد إرهابيوا الغوطة وأهلها الشرفاء، بأننا سنترك الغوطة وأمن العاصمة وهيبتها رهن بأيد عصابات عميلة مجرمة؟.

  • فريق ماسة
  • 2018-02-26
  • 12690
  • من الأرشيف

من سيوقف تطهير الغوطة الشرقية، وكيف؟

في كل مرة تقريباً يتم فيها التحشيد لاتخاذ قرار ضد سورية في مجلس الامن، لا يتكلف الجانب الغربي وخصوصا واشنطن عناء خوض مشاورات موسعة وعميقة مع روسيا الحليف الاول لسورية في مجلس الامن... غالبا ما كان الهدف احراج موسكو والتحريض عليها اعلاميا ودبلوماسيا من جهة، او جعل هذه المناقشات ونهايتها الحتمية بالصد اما عبر الفيتو او عدم الاتفاق مع موسكو مقدمة للعمل بشكل أحادي من خارج منظمات الشرعية الدولية... لكن المشاورات التي إستمرت لساعات في اروقة مجلس الامن، وحتى لحظة إصدار القرار الذي يفقتر إلى آليات تنفيذية، والمواعيد المحددة... يشي بالكثير الكثير من الخلاصات والإستنتاجات، وهذا بعضها: 1- الهدنة لشهر، حاجة ملحة لانقاذ الوضع القائم في الغوطة الشرقية وعموم دمشق ما امكن، كون الغوطة آخر النقاط الساخنة الكبيرة داخل سوريّة –وليست حدودية مثل المشكلة على الشريط مع الجولان المحتل- والقريبة من العاصمة، وخسارتها تعني خسارة واحدة من أهم منصات "مخاطبة" العاصمة بالنار. 2-محاولة ادخال القوات الضخمة المحيطة بغوطة دمشق الشرقية في حال من المراوحة حتى يتم ايجاد منفذ ما يُنقذ آخر أدوات الغزو الإرهابي في خاصرة العاصمة. 3-ربما سيكون هذا المنفذ بفتح جبهة جديدة في واحدة من نقاط التماس المنتشرة في سورية: القنيطرة وريفها، درعا وريفها، ريف حماه، ريف حلب الجنوبي-الغربي، البوكمال، البادية السورية، ريف حمص الشرقي... . 4-إيجاد فسحة زمنية تتيح التخطيط وتنفيذ عمل ارهابي إعلامي مدوي، يجبر الجيش العربي السوري وحلفائه على تجميد تطهير الغوطة الشرقية، وأهم ما يمكن الإقدام عليه هو مجزرة بالمواد الكيمائية روجت لها واشنطن وباريس ومؤخرا تل ابيب منذ ايام. 5-لا يمكن للجيش العربي السوري التقدم لتطهير ما تبقى من جنوب غرب سورية -الحدود مع الجولان المحتل وصولاً الى حوض اليرموك والحدود الاردنية السورية- إلا بانهاء ملف الغوطة الشرقية... في كل مرة تتقدم قوات سورية وحلفائها نحو واحدة من محاور هذه الجبهة الا واشتعلت الغوطة، وكلما سعى العدو الصهيوني الى تنفيذ اعتداء على الاراضي السورية تحركت جبهة الغوطة لتأخذ دورها في إتمام أهداف العدوان... لكن العدو الصهيوني اليوم "يشحد" الوقت ويتوسله بعد الضربة الإستراتيجية التي تلقاها والبنتاعون الأمريكي بعد إسقاط طائرة أف-16 صوفا، وإصابة كل من طائرة أف-15 والأف-35... ما يعني أكبر خسارة إستراتيجية يتعرض لها سلاحا الجو في كيان العدو وأمريكا في تاريخهما. 6-تخشى واشنطن ومشغلوا الأدوات الإرهابية في سورية من كارثة تحلّ على أدواتهم عند تطهير الغوطة لأسباب منها: * تفرّغ قوات كبيرة ونخبوية كانت مهمتها لسنوات تأمين العاصمة من مخاطر التسلل إلى دمشق عبر الغوطة، لتكون قوة مضافة الى المجهود الحربي الذي سيزج في مواجهة ما تبقى من أدوات غزو إراهبية ودول إحتلال. * إنتقال الأثر النفسي الهدام من المصير الذي لقيته أدوات الغزو الإرهابي الأهم في مشروع الحرب على سورية، إرهابيو الغوطة، حيث تخلى عنهم مشغلوهم لمصيرهم المحتوم ساعة إتخاذ القيادة السورية القرار بالحسم. * تطهير الغوطة الشرقية سيمنح القيادة العسكرية فرصة كبرى لتأمين أجواء العاصمة وإكمال شبكة الدفاع الجوي التي دمرها الإرهابيون في كامل الغوطة من جهة، وتحرير مختطفي عدرا وغيرهم، وسيجعل التنقل بين المحافظات أسهل، وسينهي ملف المسلحين في القلمون والضمير وصولاً الى الحدود السورية-الاردنية. *القبض على عناصر عربية وأجنبية ذات بعد أمني كانت لها اليد العليا في كل ما يجري في الغوطة ودمشق عموماً، من ناحية الاستهدافات والهجمات، وأدارة التواصل مع المراكز الاستخبارية المعادية لسورية. 7-في الغوطة الشرقية أجوبة عن ألغاز كبيرة، وأدلة دامغة تضع النهايات لأسئلة مفتاحيّة من أمثال: حجم التدخل الإستخباراتي الامريكي والفرنسي والبريطاني والسعودي والقطري والصهيوني... وتكشف محطات الرصد والتجسس والتشويش التابعة لتلك الدول، ودورها في محطات دموية عصفت بدمشق وأهلها من السيارات المفخخة والعبوات والإغتيالات، مروراً بتفجير مكتب الأمن القومي وصولاً الى التناغم بين الإعتداءات الخارجية وخصوصا الصهيونية وقصف العاصمة... ودور بعض الخونة ضمن مؤسسات الدولة في تلك الأحداث والمخططات.   ختاماً: عندما نقول بأن الغوطة مقبلة على سيناريو مشابه لما حصل في الأحياء الشرقية لحلب، فإن ذلك سوف يتم... ولن يؤخرنا عن ذلك كل محاولات التشتيت والإلهاء والضغط؛ حتى وإن حاولوا فتح جبهات جديدة فسوف يكونوا مضطرين هذه المرة على فتحها بأنفسهم لا عبر أدواتهم الإرهابيّة... هناك معادلات ميدانية وسياسية وأمنية، صغناها بأيدينا، تتيح لنا تطهير الغوطة، ولم تترك لحلف العدوان من منفذ لتغيير هذه المعادلات إلا بعدوان مباشر تقوده دول العدوان بذاتها... لذا يحق لنا أن نسأل: من منهم مستعد لمثل هذه المعركة؟ هل سيلتقط أهل الغوطة هذه المعادلة، فيساندوا دولتهم بإخراج هذه الجماعات الإرهابية أو يخرجوا هم، قبل فوات الآوان؟ بعد كل المعارك التي خضناها في طول سورية وعرضها، وكل تلك الخطوط الحمر التي رسمها لنا أعدائنا فمسحناها وسحقنا من رسمها... هل يعتقد إرهابيوا الغوطة وأهلها الشرفاء، بأننا سنترك الغوطة وأمن العاصمة وهيبتها رهن بأيد عصابات عميلة مجرمة؟.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة