تواصل النيابة العامة في مصر تحقيقاتها مع وزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلي، ومساعديه الأربعة عدلي فايد للأمن العام، وأحمد رمزي للأمن المركزي، وحسن عبدالرحمن لأمن الدولة، وإسماعيل الشاعر لأمن القاهرة، في اتهامهم بارتكاب جرائم الاشتراك بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة في قتل المتظاهرين، والمقترن بالقتل والشروع في قتل آخرين، وإلحاق الضرر الجسيم بأموال الدولة والجهات التابعة لها.

وواجهت النيابة العادلي بأقوال مساعديه، حيث أصر الوزير على إلقاء الاتهامات على عاتق مساعديه كما فعل في أولى جلسات التحقيق معه، إذ اتهم العادلي مساعديه للأمن العام وأمن الدولة برفع تقارير خاطئة ومضللة عن الوضع الميداني وعن أعداد المتظاهرين وتحركاتهم، كما أصر على عدم إصداره أي تعليمات بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، وأنه عندما قال لمساعديه تعاملوا مع الوضع لم يقل لهم اقتلوا المتظاهرين.

وتلقت النيابة معلومات أكدت أن العادلي ومسؤولين بالحزب الوطني كلفوا حسن عبدالرحمن، مدير أمن الدولة بإعداد خطة «الفراغ الأمني» منذ أكثر من عام لاستخدامها في حال تصاعد الرفض الشعبي لتوريث الحكم لجمال مبارك، ولكن العادلي اتخذ قرارا بتعميمها يوم 27 يناير مع اشتداد المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في السويس، وتبين أن العادلي أمر بتعميمها على جميع مديريات الأمن، وأنه اتصل ببعض مديري الأمن ممن شهدت محافظاتهم استجابة كبيرة لدعوة تظاهرة 25 يناير، أمرهم بعدم التخاذل والوقوف بقوة ضد المتظاهرين.

وتبين من المعلومات أن حسن عبدالرحمن هو صاحب اقتراح نشر القناصة على أسطح العقارات للتعامل مع المتظاهرين إذا فشلت قوات الأمن المركزي في ذلك، وأنه أمر رجاله في الجهاز بالمرور في الشوارع لإطلاق الرصاص على المواطنين ليلا لإرهابهم خلال أيام الثورة.كما كشفت «الاهرام» المصرية عن اسرار رحلة حبيب العادلي الى عرش وزارة الداخلية مؤكدة انه لم يحلم قط الطالب حبيب إبراهيم العادلي وهو ينتظم في طابور عرض التخرج في كلية الشرطة دفعة يناير عام‏ 1962‏ أنه يمكن أن يصبح مديرا لمباحث أمن الدولة‏‏ أو وزيرا للداخلية‏‏، حيث كان العادلي منطويا‏، ‏ منعزلا إلى حد كبير عن زملائه‏، ‏ وتخلف في بعض المواد بالسنة النهائية‏، ‏ فتأخر تخرجه ستة أشهر إلى دورة يناير‏، ‏ ولم يكن تخلفه له أي تأثير على حياته العملية‏، ‏ فالداخلية تفصل في التقدير بين عالم الدراسة وعالم الممارسة‏.‏

وقد تكون أولى المصادفات المهمة في حياته هي انضمامه إلى المباحث العامة في عام ‏1965، ‏ أي بعد تخرجه بثلات سنوات ونصف السنة‏، ‏ عمل خلالها في الأمن العام‏، ‏ ولا يعرف على وجه الدقة من الذي رشحه للانضمام‏‏.

والمباحث العامة هي الاسم القديم لمباحث أمن الدولة‏، ‏ والذي غير اسمها هو ممدوح سالم وزير الداخلية في عهد الرئيس أنور السادات‏، ‏ وقت حركة تصحيح‏ 15‏ مايو ‏1971‏.

المهم أن حبيب العادلي التحق ضابطا في المباحث العامة‏، ‏ بالقسم العربي‏، ‏ وهو القسم الذي يتابع نشاط السياسيين واللاجئين والطلبة العرب في مصر‏، ‏ وأيضا يلاحق نشاط المصريين في الدول العربية‏، ‏ النشاط المعادي للحكومة‏، ‏ سواء تنظيمات سرية هاربة أو أفراد معارضون علنيون أو ممولون في الخفاء لأنشطة داخلية عن طريق التحويلات المالية‏..‏الخ‏.‏

ولا يعد القسم العربي حسب تصنيف الجهاز من الأنشطة الرئيسية المهمة‏، لأن أغلب العرب الموضوعين تحت المنظار هنا أو المصريين تحت المراقبة هناك تتابعهم أيضا أجهزة أخرى أعلى كفاءة ومقدرة واتصالات‏.‏

وعمل العادلي بهذا القسم ‏17‏ عاما متواصلا‏، وتعرف على العديد من الشخصيات العربية‏، منهم سفراء وأمراء وشيوخ‏..‏ ثم سافر إلى الكويت ديبلوماسيا في السفارة المصرية هناك لمدة ثلاث سنوات‏، ثم عاد مرة أخرى في النصف الثاني من الثمانينيات إلى جهاز أمن الدولة‏، بالقسم العربي حتى أصبح رئيسه‏.‏

في أوائل التسعينيات من القرن العشرين تحديدا في صيف‏ 1993، كان اللواء مصطفى عبد القادر يشغل منصب رئيس مباحث أمن الدولة‏، وحبيب العادلى الرجل الرابع أو الخامس في الجهاز حسب الأقدميات‏، وجاء على العادلي الدور ليرقى إلى منصب مساعد وزير الداخلية‏‏. لم تكن له درجة في الجهاز ولم يكن أمامه فرصه للصعود أبعد من نائب المدير‏، ولم يكن مقبولا أن يخرج ضابط أمن الدولة صاحب الشنة والرنة من الجهاز رأسا إلى المعاش قبل سن الستين‏، فهذا ينتقص من الهيبة والمكانة والسمعة أمام مؤسسات الدولة والعامة معا‏، فكان من التقاليد المرعية بصرامة أن يترقى إلى وظيفة أمنية أعلى في المسمى قبل خروجه من الخدمة‏‏.

كان اللواء حسن الألفي وقتها قد ترك منصبه محافظا لأسيوط وتولى وزارة الداخلية في إبريل ‏1993‏ خلفا لشيخ العرب اللواء محمد عبد الحليم موسى‏، وفي أول حركة تنقلات للشرطة خرج حبيب العادلي مساعدا للوزير مديرا لمنطقة القناة وسيناء‏، وظيفة إشرافية بلا مضمون‏، أشبه بما نقوله في منتديات القاهرة شلوت لفوق‏‏. كان يمكن أن تصل رحلة الضابط حبيب إبراهيم العادلي إلى محطتها النهائية في منطقة سيناء حتى بلوغه سن المعاش في‏ 1998‏. لكن القدر لعب لعبته‏..

لم يكن حسن الألفي مرتاحا إلى وجود اللواء مصطفى عبدالقادر في مباحث أمن الدولة‏، لأسباب كثيرة‏، ليست مهمة في موضوعنا الآن‏، فرقاه إلى مساعد أول وزير الداخلية للأمن الاقتصادي‏..‏ وأتى اللواء أحمد العادلي بدلا منه‏، وكان يتصور أن العادلي سيكون في منتهى الولاء له‏، وطوع بنانه ورهن إشارته‏، لكن اللواء أحمد سار في عكس الاتجاه‏، فهو شخصية قوية صارمة يحب ألا ينحني أو يمشي في معية شخص أو ركاب أحد أو ضمن شلة الوزير‏‏.

وجاء الألفي إلى الداخلية وتجددت العلاقات القديمة داخل الوزارة‏، وتشكلت شلة عرفت باسم وزراء الداخلية الخمسة‏، أي أن الألفي لم يحكم الداخلية بمفرده‏، وإنما كان يشاركه أربعة من وزراء الظل إذا جاز هذا التعبير‏..‏ وقد أغلق بعضهم الشوارع المحيطة بمسكنه وأقام عليها المتاريس‏، ولم يكن يتحرك ذهابا وإيابا دون ركب يضاهي ركب الوزير الأول‏.

اللواء رءوف المناوي‏..‏ الذي اخترع تعبيرا جديدا للغاية وهو الإعلام الأمني من باب تدليل إدارة العلاقات العامة بالداخلية‏، اسم يناسب طموحه واحلامه‏، وما الذي يمنع أن يكون خلفا لصفوت الشريف وزير الإعلام حينذاك‏، فمثل هذه المناصب لا تدوم لأصحابها إلى الأبد؟‏، ولابد أن تكون البدائل جاهزة ولها اتصالات وعلاقات قوية‏، وقد صنع فعلا وزارة إعلام ذات نفوذ‏.‏ اللواء فاروق المقرحي‏..‏وانشئت له إدارة عامة لمباحث تنفيذ الأحكام‏..‏ اللواء رضا الغمري‏..‏عديل الوزير وتولى الإدارة العامة لشؤون مكتب الوزير‏.‏ اللواء علاء عباس‏..‏ الذي عاد إلى الخدمة في مكتب الوزير‏‏ بعد استقالته بثلاث سنوات. لكن محاولات الإطاحة بأحمد العادلي لم تخمد أو تهدأ قليلا‏.‏

فكان السؤال‏:‏ ومن البديل الذي لا يتعبنا ولا يناطحنا رأسا برأس؟ ودارت ماكينة البحث في كل اتجاه‏، وعن كل الأسماء المتاحة‏، حتى اهتدت إلى البقعة البعيدة في سيناء‏:‏ حبيب إبراهيم العادلي‏‏.

لكن بقيت معضلة‏:‏ كيف نأتي بمساعد وزير يشغل وظيفة هامشية إلى أرفع جهاز أمن في الداخلية؟‏‏

وكان الحل بسيطا للغاية‏:‏ ننقله إلى وظيفة مهمة يلمع فيها بضعة أشهر أولا؟‏‏ وبعد فشل محاولة اغتيال الرئيس مبارك بأربعة أشهر فقط‏، وجد حبيب العادلي نفسه مديرا لأمن القاهرة ‏(العاصمة‏)، من الوظائف المهمة لأي ضابط‏.

كان أداء العادلي مثار سخرية من ضباط الداخلية المحترفين‏، فمن نصيبه كانت انتخابات مجلس الشعب ‏1995، ومازالوا يذكرون له تصريحات إذاعية تفطس من الضحك مثل وتمكنت مديرية أمن القاهرة من ضبط سيارة محملة بكميات من الزلط والأسمنت لاستخدامها في إفساد العملية الانتخابية من جانب العناصر المناهضة لكن لا السخرية ولا التندر ولا عربات الاسمنت ولا قذف الزلط في الانتخابات عاقت حبيب العادلي عن الوصول إلى رئاسة أمن الدولة‏..‏ بعد الاطاحة بأحمد العادلي ومنها إلى عرش «الداخلية».

  • فريق ماسة
  • 2011-03-13
  • 7306
  • من الأرشيف

الأهرام" تكشف أسرار رحلة صعود العادلي إلى عرش "الداخلية".. والتحقيقات معه تكشف: أعدّ خطة الفراغ الأمني منذ عام وعممها في 27 يناير

تواصل النيابة العامة في مصر تحقيقاتها مع وزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلي، ومساعديه الأربعة عدلي فايد للأمن العام، وأحمد رمزي للأمن المركزي، وحسن عبدالرحمن لأمن الدولة، وإسماعيل الشاعر لأمن القاهرة، في اتهامهم بارتكاب جرائم الاشتراك بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة في قتل المتظاهرين، والمقترن بالقتل والشروع في قتل آخرين، وإلحاق الضرر الجسيم بأموال الدولة والجهات التابعة لها. وواجهت النيابة العادلي بأقوال مساعديه، حيث أصر الوزير على إلقاء الاتهامات على عاتق مساعديه كما فعل في أولى جلسات التحقيق معه، إذ اتهم العادلي مساعديه للأمن العام وأمن الدولة برفع تقارير خاطئة ومضللة عن الوضع الميداني وعن أعداد المتظاهرين وتحركاتهم، كما أصر على عدم إصداره أي تعليمات بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، وأنه عندما قال لمساعديه تعاملوا مع الوضع لم يقل لهم اقتلوا المتظاهرين. وتلقت النيابة معلومات أكدت أن العادلي ومسؤولين بالحزب الوطني كلفوا حسن عبدالرحمن، مدير أمن الدولة بإعداد خطة «الفراغ الأمني» منذ أكثر من عام لاستخدامها في حال تصاعد الرفض الشعبي لتوريث الحكم لجمال مبارك، ولكن العادلي اتخذ قرارا بتعميمها يوم 27 يناير مع اشتداد المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في السويس، وتبين أن العادلي أمر بتعميمها على جميع مديريات الأمن، وأنه اتصل ببعض مديري الأمن ممن شهدت محافظاتهم استجابة كبيرة لدعوة تظاهرة 25 يناير، أمرهم بعدم التخاذل والوقوف بقوة ضد المتظاهرين. وتبين من المعلومات أن حسن عبدالرحمن هو صاحب اقتراح نشر القناصة على أسطح العقارات للتعامل مع المتظاهرين إذا فشلت قوات الأمن المركزي في ذلك، وأنه أمر رجاله في الجهاز بالمرور في الشوارع لإطلاق الرصاص على المواطنين ليلا لإرهابهم خلال أيام الثورة.كما كشفت «الاهرام» المصرية عن اسرار رحلة حبيب العادلي الى عرش وزارة الداخلية مؤكدة انه لم يحلم قط الطالب حبيب إبراهيم العادلي وهو ينتظم في طابور عرض التخرج في كلية الشرطة دفعة يناير عام‏ 1962‏ أنه يمكن أن يصبح مديرا لمباحث أمن الدولة‏‏ أو وزيرا للداخلية‏‏، حيث كان العادلي منطويا‏، ‏ منعزلا إلى حد كبير عن زملائه‏، ‏ وتخلف في بعض المواد بالسنة النهائية‏، ‏ فتأخر تخرجه ستة أشهر إلى دورة يناير‏، ‏ ولم يكن تخلفه له أي تأثير على حياته العملية‏، ‏ فالداخلية تفصل في التقدير بين عالم الدراسة وعالم الممارسة‏.‏ وقد تكون أولى المصادفات المهمة في حياته هي انضمامه إلى المباحث العامة في عام ‏1965، ‏ أي بعد تخرجه بثلات سنوات ونصف السنة‏، ‏ عمل خلالها في الأمن العام‏، ‏ ولا يعرف على وجه الدقة من الذي رشحه للانضمام‏‏. والمباحث العامة هي الاسم القديم لمباحث أمن الدولة‏، ‏ والذي غير اسمها هو ممدوح سالم وزير الداخلية في عهد الرئيس أنور السادات‏، ‏ وقت حركة تصحيح‏ 15‏ مايو ‏1971‏. المهم أن حبيب العادلي التحق ضابطا في المباحث العامة‏، ‏ بالقسم العربي‏، ‏ وهو القسم الذي يتابع نشاط السياسيين واللاجئين والطلبة العرب في مصر‏، ‏ وأيضا يلاحق نشاط المصريين في الدول العربية‏، ‏ النشاط المعادي للحكومة‏، ‏ سواء تنظيمات سرية هاربة أو أفراد معارضون علنيون أو ممولون في الخفاء لأنشطة داخلية عن طريق التحويلات المالية‏..‏الخ‏.‏ ولا يعد القسم العربي حسب تصنيف الجهاز من الأنشطة الرئيسية المهمة‏، لأن أغلب العرب الموضوعين تحت المنظار هنا أو المصريين تحت المراقبة هناك تتابعهم أيضا أجهزة أخرى أعلى كفاءة ومقدرة واتصالات‏.‏ وعمل العادلي بهذا القسم ‏17‏ عاما متواصلا‏، وتعرف على العديد من الشخصيات العربية‏، منهم سفراء وأمراء وشيوخ‏..‏ ثم سافر إلى الكويت ديبلوماسيا في السفارة المصرية هناك لمدة ثلاث سنوات‏، ثم عاد مرة أخرى في النصف الثاني من الثمانينيات إلى جهاز أمن الدولة‏، بالقسم العربي حتى أصبح رئيسه‏.‏ في أوائل التسعينيات من القرن العشرين تحديدا في صيف‏ 1993، كان اللواء مصطفى عبد القادر يشغل منصب رئيس مباحث أمن الدولة‏، وحبيب العادلى الرجل الرابع أو الخامس في الجهاز حسب الأقدميات‏، وجاء على العادلي الدور ليرقى إلى منصب مساعد وزير الداخلية‏‏. لم تكن له درجة في الجهاز ولم يكن أمامه فرصه للصعود أبعد من نائب المدير‏، ولم يكن مقبولا أن يخرج ضابط أمن الدولة صاحب الشنة والرنة من الجهاز رأسا إلى المعاش قبل سن الستين‏، فهذا ينتقص من الهيبة والمكانة والسمعة أمام مؤسسات الدولة والعامة معا‏، فكان من التقاليد المرعية بصرامة أن يترقى إلى وظيفة أمنية أعلى في المسمى قبل خروجه من الخدمة‏‏. كان اللواء حسن الألفي وقتها قد ترك منصبه محافظا لأسيوط وتولى وزارة الداخلية في إبريل ‏1993‏ خلفا لشيخ العرب اللواء محمد عبد الحليم موسى‏، وفي أول حركة تنقلات للشرطة خرج حبيب العادلي مساعدا للوزير مديرا لمنطقة القناة وسيناء‏، وظيفة إشرافية بلا مضمون‏، أشبه بما نقوله في منتديات القاهرة شلوت لفوق‏‏. كان يمكن أن تصل رحلة الضابط حبيب إبراهيم العادلي إلى محطتها النهائية في منطقة سيناء حتى بلوغه سن المعاش في‏ 1998‏. لكن القدر لعب لعبته‏.. لم يكن حسن الألفي مرتاحا إلى وجود اللواء مصطفى عبدالقادر في مباحث أمن الدولة‏، لأسباب كثيرة‏، ليست مهمة في موضوعنا الآن‏، فرقاه إلى مساعد أول وزير الداخلية للأمن الاقتصادي‏..‏ وأتى اللواء أحمد العادلي بدلا منه‏، وكان يتصور أن العادلي سيكون في منتهى الولاء له‏، وطوع بنانه ورهن إشارته‏، لكن اللواء أحمد سار في عكس الاتجاه‏، فهو شخصية قوية صارمة يحب ألا ينحني أو يمشي في معية شخص أو ركاب أحد أو ضمن شلة الوزير‏‏. وجاء الألفي إلى الداخلية وتجددت العلاقات القديمة داخل الوزارة‏، وتشكلت شلة عرفت باسم وزراء الداخلية الخمسة‏، أي أن الألفي لم يحكم الداخلية بمفرده‏، وإنما كان يشاركه أربعة من وزراء الظل إذا جاز هذا التعبير‏..‏ وقد أغلق بعضهم الشوارع المحيطة بمسكنه وأقام عليها المتاريس‏، ولم يكن يتحرك ذهابا وإيابا دون ركب يضاهي ركب الوزير الأول‏. اللواء رءوف المناوي‏..‏ الذي اخترع تعبيرا جديدا للغاية وهو الإعلام الأمني من باب تدليل إدارة العلاقات العامة بالداخلية‏، اسم يناسب طموحه واحلامه‏، وما الذي يمنع أن يكون خلفا لصفوت الشريف وزير الإعلام حينذاك‏، فمثل هذه المناصب لا تدوم لأصحابها إلى الأبد؟‏، ولابد أن تكون البدائل جاهزة ولها اتصالات وعلاقات قوية‏، وقد صنع فعلا وزارة إعلام ذات نفوذ‏.‏ اللواء فاروق المقرحي‏..‏وانشئت له إدارة عامة لمباحث تنفيذ الأحكام‏..‏ اللواء رضا الغمري‏..‏عديل الوزير وتولى الإدارة العامة لشؤون مكتب الوزير‏.‏ اللواء علاء عباس‏..‏ الذي عاد إلى الخدمة في مكتب الوزير‏‏ بعد استقالته بثلاث سنوات. لكن محاولات الإطاحة بأحمد العادلي لم تخمد أو تهدأ قليلا‏.‏ فكان السؤال‏:‏ ومن البديل الذي لا يتعبنا ولا يناطحنا رأسا برأس؟ ودارت ماكينة البحث في كل اتجاه‏، وعن كل الأسماء المتاحة‏، حتى اهتدت إلى البقعة البعيدة في سيناء‏:‏ حبيب إبراهيم العادلي‏‏. لكن بقيت معضلة‏:‏ كيف نأتي بمساعد وزير يشغل وظيفة هامشية إلى أرفع جهاز أمن في الداخلية؟‏‏ وكان الحل بسيطا للغاية‏:‏ ننقله إلى وظيفة مهمة يلمع فيها بضعة أشهر أولا؟‏‏ وبعد فشل محاولة اغتيال الرئيس مبارك بأربعة أشهر فقط‏، وجد حبيب العادلي نفسه مديرا لأمن القاهرة ‏(العاصمة‏)، من الوظائف المهمة لأي ضابط‏. كان أداء العادلي مثار سخرية من ضباط الداخلية المحترفين‏، فمن نصيبه كانت انتخابات مجلس الشعب ‏1995، ومازالوا يذكرون له تصريحات إذاعية تفطس من الضحك مثل وتمكنت مديرية أمن القاهرة من ضبط سيارة محملة بكميات من الزلط والأسمنت لاستخدامها في إفساد العملية الانتخابية من جانب العناصر المناهضة لكن لا السخرية ولا التندر ولا عربات الاسمنت ولا قذف الزلط في الانتخابات عاقت حبيب العادلي عن الوصول إلى رئاسة أمن الدولة‏..‏ بعد الاطاحة بأحمد العادلي ومنها إلى عرش «الداخلية».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة