ذهب حافظ الأسد في نوفمبر ٨٢ لحضور جنازة بريجنيف وتهنئة صديقه يوري اندروبوف بخلافته .. جلس الرجلان ليناقشا كارثة الطيران والدفاع الجوي السوريين في حرب ٨٢ اللبنانية , وكان عتب الأسد شديداً على الفشل السوفييتي الكبير في الحرب الألكترونية والذي تسبب بتمكين السلاح الأمريكي - المستعمل اسرائيلياً - من تعمية الرادارات السوفييتية وإفشال قدرة عائلة سام- ٢ وسام-٣ وسام- ٦ على اعتراض الطيران الاسرائيلي المهاجم , بل وإفشال رادارات المقاتلات السورية التي صعدت الى السماء لتعويض شلل الدفاع الجوي فإذ بها تتساقط كالفراشات , بالعشرات , بواسطة ف- ١٥ & ف- ١٦ ... أدرك اندروبوف ان هزيمة الطيران والدفاع الجوي لسوريا هي هزيمة نكراء للاتحاد السوفييتي ومنظومة أسلحته فقرر إرسال بطاريات سام- ٥ بكوادر سوفييتية لتنتشر فوق الجغرافيا السورية , في يناير ٨٣ ... بعدها بشهور عشرة أسقط الدفاع الجوي السوري قاذفتين أمريكيتين فوق لبنان .

مذاك لم يستعمل سام- ٥ أبداً , إلا اليوم .. وأسقط ف- ١٦ فوق أصبع الجليل ؛ معنى هذا الكلام ان قرار اندروبوف يومها تناسب مع وجود ف- ١٥ & ف- ١٦ في الترسانة الاسرائيلية , أي منذ ثلث قرن .. هذا لا ينفي تطوير مجسات الصاروخ الالكترونية منذ ذلك الوقت

القرار السوري باستعمال الصاروخ أمس لم يُعترض روسياً , كردٍ على توفر مضادات طيران بيد الكونترا الأمريكية (ولو أن القاعدة استولت عليها أو اشترتها لاحقاً منها) أسقطت سوخوي- ٢٥ فوق ادلب .. و الأهم , رداً على قصف جسر خشم العائم ومقتل جنود روس عليه بفعل قصف مدفعي-جوي أمريكي قتل أيضاً عشرات من عناصر القوات "الحليفة" , ودفاعاً عن "وحش" الكردي

الحرب السورية الآن هي حروب في حرب ؛ أهمها الحرب الباردة- ٢ , فيها وفوقها وعليها , وهذه ستتصاعد بحكم طبيعتها .. وإن فتَرت هدنةً هنا وهناك ؛؛ البنتاغون يريد دفع روسيا وايران خارجاً , لكن عتلته المحلية هي وحش أساساً ( فالعشائر "العربية" تستأجر ولا تشترى , وهي عموماً مع "الواِقف" ) وقوته المباشرة محدودة وإن تميزت نوعياً .....

في المقابل , فروسيا لا تريد تعظيم قوتها المباشرة في الميدان خشية إطالة استنزافها , وإتكالها أساساً هو على الطيران ومفارز كوماندوس .. ليس أمامها إلا الجيش السوري , وقواته "الحليفة" - اقرأ ايران - , وهما منخرطان في حروب "أخرى" ضد: الكونترات السعودية والقطرية في الغوطة والوسط والشمال والجنوب , داعش في الوسط والشمال , القاعدة في الشمال , بل وحتى التناوش مع تركيا في الشمال

قرار التعرض روسياً - وايرانياً - للولايات المتحدة ميدانياً يتطلب تفاهماً مع تركيا , لفك الاشتباك بين كل الأطراف في الشمال وتركيز جهد الجميع على تقويض وحش - عماد الوجود الأمريكي ... الشكوك المتبادلة لا تقطع برجحان ذلك , وسنرَ إن استطاعت قمة انقرة توفيره .

حملة عفرين التركية لن تفضي الى نتيجة حاسمة بتقويض وحش فيها الا اذا تخلت سوريا وايران عن "دعمها" ..

تحتاج تركيا ان توقف , في المقابل , تمددها قرب حلب وأن تلجم كونتراها في الشمال والوسط .... بغياب تفاهم ثلاثي شامل وجدي سيواصل البنتاغون زيكزاك إهانة العسكرية الروسية في الميدان , سيما عشية انتخابات الرئاسة الروسية ( في المقابل , سيتجنب بوتين الرد المباشر قبل الانتخابات مما سيسمح بمزيد من التعرض لاسرائيل عوضاً ) .

اسرائيل تخشى سنوح فرصة عصيان شامل في الضفة والقدس .. لا تفهم ما جرى لصواريخ جمرايا منذ ايام ( اعترض بعضها ودمر ) .. تلتاع لسقوط ال ف- ١٦ ( وأيضاً هليوكبتر ) .. تقلق لتزنير جنوبها اللبنان و-سوري بشبكة صواريخ - بر وجو - دقيقة .. تتلافى حرباً في غزة .. تهلع لوجود داعش شمال سيناء (وحوض اليرموك) .. وتحسّ بمحصلة ذلك كله: تضاؤل وزنها الوظيفي , ومردوده عند الراعي الأمريكي

( لافت مواظبة داعش على قضم وجود القاعدة في الوسط .. أتوقف أمامه.)

  • فريق ماسة
  • 2018-02-12
  • 14433
  • من الأرشيف

"اسرائيل" لا تفهم ما جرى لصواريخ جمرايا منذ ايام.

  ذهب حافظ الأسد في نوفمبر ٨٢ لحضور جنازة بريجنيف وتهنئة صديقه يوري اندروبوف بخلافته .. جلس الرجلان ليناقشا كارثة الطيران والدفاع الجوي السوريين في حرب ٨٢ اللبنانية , وكان عتب الأسد شديداً على الفشل السوفييتي الكبير في الحرب الألكترونية والذي تسبب بتمكين السلاح الأمريكي - المستعمل اسرائيلياً - من تعمية الرادارات السوفييتية وإفشال قدرة عائلة سام- ٢ وسام-٣ وسام- ٦ على اعتراض الطيران الاسرائيلي المهاجم , بل وإفشال رادارات المقاتلات السورية التي صعدت الى السماء لتعويض شلل الدفاع الجوي فإذ بها تتساقط كالفراشات , بالعشرات , بواسطة ف- ١٥ & ف- ١٦ ... أدرك اندروبوف ان هزيمة الطيران والدفاع الجوي لسوريا هي هزيمة نكراء للاتحاد السوفييتي ومنظومة أسلحته فقرر إرسال بطاريات سام- ٥ بكوادر سوفييتية لتنتشر فوق الجغرافيا السورية , في يناير ٨٣ ... بعدها بشهور عشرة أسقط الدفاع الجوي السوري قاذفتين أمريكيتين فوق لبنان . مذاك لم يستعمل سام- ٥ أبداً , إلا اليوم .. وأسقط ف- ١٦ فوق أصبع الجليل ؛ معنى هذا الكلام ان قرار اندروبوف يومها تناسب مع وجود ف- ١٥ & ف- ١٦ في الترسانة الاسرائيلية , أي منذ ثلث قرن .. هذا لا ينفي تطوير مجسات الصاروخ الالكترونية منذ ذلك الوقت القرار السوري باستعمال الصاروخ أمس لم يُعترض روسياً , كردٍ على توفر مضادات طيران بيد الكونترا الأمريكية (ولو أن القاعدة استولت عليها أو اشترتها لاحقاً منها) أسقطت سوخوي- ٢٥ فوق ادلب .. و الأهم , رداً على قصف جسر خشم العائم ومقتل جنود روس عليه بفعل قصف مدفعي-جوي أمريكي قتل أيضاً عشرات من عناصر القوات "الحليفة" , ودفاعاً عن "وحش" الكردي الحرب السورية الآن هي حروب في حرب ؛ أهمها الحرب الباردة- ٢ , فيها وفوقها وعليها , وهذه ستتصاعد بحكم طبيعتها .. وإن فتَرت هدنةً هنا وهناك ؛؛ البنتاغون يريد دفع روسيا وايران خارجاً , لكن عتلته المحلية هي وحش أساساً ( فالعشائر "العربية" تستأجر ولا تشترى , وهي عموماً مع "الواِقف" ) وقوته المباشرة محدودة وإن تميزت نوعياً ..... في المقابل , فروسيا لا تريد تعظيم قوتها المباشرة في الميدان خشية إطالة استنزافها , وإتكالها أساساً هو على الطيران ومفارز كوماندوس .. ليس أمامها إلا الجيش السوري , وقواته "الحليفة" - اقرأ ايران - , وهما منخرطان في حروب "أخرى" ضد: الكونترات السعودية والقطرية في الغوطة والوسط والشمال والجنوب , داعش في الوسط والشمال , القاعدة في الشمال , بل وحتى التناوش مع تركيا في الشمال قرار التعرض روسياً - وايرانياً - للولايات المتحدة ميدانياً يتطلب تفاهماً مع تركيا , لفك الاشتباك بين كل الأطراف في الشمال وتركيز جهد الجميع على تقويض وحش - عماد الوجود الأمريكي ... الشكوك المتبادلة لا تقطع برجحان ذلك , وسنرَ إن استطاعت قمة انقرة توفيره . حملة عفرين التركية لن تفضي الى نتيجة حاسمة بتقويض وحش فيها الا اذا تخلت سوريا وايران عن "دعمها" .. تحتاج تركيا ان توقف , في المقابل , تمددها قرب حلب وأن تلجم كونتراها في الشمال والوسط .... بغياب تفاهم ثلاثي شامل وجدي سيواصل البنتاغون زيكزاك إهانة العسكرية الروسية في الميدان , سيما عشية انتخابات الرئاسة الروسية ( في المقابل , سيتجنب بوتين الرد المباشر قبل الانتخابات مما سيسمح بمزيد من التعرض لاسرائيل عوضاً ) . اسرائيل تخشى سنوح فرصة عصيان شامل في الضفة والقدس .. لا تفهم ما جرى لصواريخ جمرايا منذ ايام ( اعترض بعضها ودمر ) .. تلتاع لسقوط ال ف- ١٦ ( وأيضاً هليوكبتر ) .. تقلق لتزنير جنوبها اللبنان و-سوري بشبكة صواريخ - بر وجو - دقيقة .. تتلافى حرباً في غزة .. تهلع لوجود داعش شمال سيناء (وحوض اليرموك) .. وتحسّ بمحصلة ذلك كله: تضاؤل وزنها الوظيفي , ومردوده عند الراعي الأمريكي ( لافت مواظبة داعش على قضم وجود القاعدة في الوسط .. أتوقف أمامه.)

المصدر : د . كمال خلف الطويل


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة