تعتبر إدلب صغيرة المساحة ولا تقارن مدينة حلب التي تم تحريرها بالكامل قبل أكثر من عام بقليل، إلا أن كونها معقلا أساسيا لجبهة النصرة وفصائل عسكرية استقرت طول السنوات الماضية فيها، ولها معابر ظلت مفتوحه للإمداد السخي، فهي اكتسبت أهمية وبدت عصية على تحريك جغرافية السيطرة فيها.

كما أن الدور العسكري التركي الفاعل فيها قبل اتفاق استانه وبعده جعلها تبدو بعيدة المنال عن الزحف العسكري للجيش السوري وحلفائه، فهل تغير كل ذلك الآن على وقع تقدم الجيش السوري في ريفها الجنوبي والشرقي وسيطرته بسهولة على عشرات القرى في طريقه لتحرير مطار أبو ضهور العسكري كهدف مباشر واضح الآن، وربما أبعد منه باتجاه حصر النصرة وأخواتها داخل حدود إدلب المدينة فقط.

لم يصدر إزاء هذا الزحف السوري المتسارع إلى ادلب أي رد فعل سياسي أو عسكري من الجانب التركي حتى الآن، وهذا قد يفهم منه أن تركيا لن تدخل المعركة لصالح النصرة وأخواتها في ادلب، والمشاركة الروسية في سحب الجغرافية الأدلبية من المجموعات المسلحة، تؤكد التفهم التركي لهذا التحرك، ولكن السؤال هو إلى أي حد وإلى اية مرحلة؟

هناك ثمة علاقة بنيت خلال السنوات الماضية بين أنقرة وجبهة النصرة، تجاوزت الشق الاستخباري إلى حالة من تعاطف لدى شريحة مهمه من قاعدة حزب العدالة والتنمية . ولعبت أنقرة الدور الرئيس في سيطرة النصرة على كامل مدينة إدلب عام 2015، وكانت عرابة إقناع الجولاني بفك الارتباط بتنظيم القاعدة في تموز 2016، تماشيا مع الظرف الدولي المستجد الذي اتجه نحو استهداف التنظيمات المصنفه إرهابية في سوريا.

إلا أنه في الوقت الذي نشأت فيها علاقة تفاهم وتقارب بين تركيا وروسيا، وضعت تركيا بموقع أحد أضلاع ترويكا استانه الضامنة لتخفيف التوتر في جبهات القتال، تعلن روسيا أن العام 2018 هو عام اقتلاع جبهة النصرة، وتتجاوز الإعلان للفعل على الأرض و =تعمل المدافع باتجاه حصن النصرة في ادلب، يبرز هنا التساؤل عن تركيا في حدود المراهنة على جبهة النصرة في المرحلة المقبلة؟ وماهي التقديرات التركية لصمود النصرة ومن معها في ادلب أمام الزحف السوري وحلفائه؟

التقديرات العسكرية السورية تتحدث عن معركة ستكون أسهل بكثير من تلك التي خاضتها لتحرير حلب، وفق المساحة والطبيعة الجغرافية والقدرات العسكرية الراهنة للجيش السوري وحلفائه.

حتى اليوم من عمر العملية العسكرية للجيش السوري وحلفائه، يظهر أداء المجموعات المسلحة مستنسخا عن أدائها في معركة حلب، حيث تسود لغة تخوين بعضهم وتبادل الاتهامات من باع.. ومن قبض.. ومن تخاذل.. إذ يظهر في كل معركة أن الثقة بين هذه الفصائل معدومة للغاية، وهنا تبرز دعوات التوحد وتشكيل غرفة عمليات مشتركة الا انها جربت مرارا ولم تنجح.

فهل وافقت أنقرة على نهاية هيمنة النصرة على إدلب “وهذا لا يمكن أن يحصل دون تصفية الجولاني” وإبقاء الفصائل الأخرى لتدمجها في مسار الحل السياسي؟. بالمقابل كيف ستتصرف تركيا إزاء تدفق الفارين من مدنيين ومقاتلين إلى حدودها مع اقتراب الجيش السوري من مدينة إدلب؟ هنا يسود الالتباس بالموقف التركي حيال هذا المشهد، حيث لا تتحدث تركيا عن تحولاتها ونواياها خاصة في ادلب التي تتواجد فيها عسكريا في عدة نقاط . ويمكن هنا وضع تصور حول احتمال بقاء شريط او مناطق محاذية للحدود التركية بعمق عدة كيلومترات داخل الأراضي السورية تحت النفوذ التركي.

نحن أمام موجة جديدة من العمل العسكري في سوريا وعودة تصدر الميدان للمشهد، وهي معارك خواتيم الحرب في سوريا، إذ سيعتبر حسم المعركة في ادلب نهاية الحرب لصالح الجيش السوري ومحوره، ونهاية وجود ما عرف “بالجهاديين” في سوريا . وهذا الآمر سيعبد الطريق أمام الأفكار المطروحة على طاولة الحوار السورية الجديدة في “سوتشي” أواخر هذا الشهر اذا لم تؤجل إلى شهر مارس آذار المقبل إفساحا لحصد نتائج العمليات الميدانية.

  • فريق ماسة
  • 2018-01-10
  • 15067
  • من الأرشيف

هل ستغلق البوابة التركية في ادلب ؟

تعتبر إدلب صغيرة المساحة ولا تقارن مدينة حلب التي تم تحريرها بالكامل قبل أكثر من عام بقليل، إلا أن كونها معقلا أساسيا لجبهة النصرة وفصائل عسكرية استقرت طول السنوات الماضية فيها، ولها معابر ظلت مفتوحه للإمداد السخي، فهي اكتسبت أهمية وبدت عصية على تحريك جغرافية السيطرة فيها. كما أن الدور العسكري التركي الفاعل فيها قبل اتفاق استانه وبعده جعلها تبدو بعيدة المنال عن الزحف العسكري للجيش السوري وحلفائه، فهل تغير كل ذلك الآن على وقع تقدم الجيش السوري في ريفها الجنوبي والشرقي وسيطرته بسهولة على عشرات القرى في طريقه لتحرير مطار أبو ضهور العسكري كهدف مباشر واضح الآن، وربما أبعد منه باتجاه حصر النصرة وأخواتها داخل حدود إدلب المدينة فقط. لم يصدر إزاء هذا الزحف السوري المتسارع إلى ادلب أي رد فعل سياسي أو عسكري من الجانب التركي حتى الآن، وهذا قد يفهم منه أن تركيا لن تدخل المعركة لصالح النصرة وأخواتها في ادلب، والمشاركة الروسية في سحب الجغرافية الأدلبية من المجموعات المسلحة، تؤكد التفهم التركي لهذا التحرك، ولكن السؤال هو إلى أي حد وإلى اية مرحلة؟ هناك ثمة علاقة بنيت خلال السنوات الماضية بين أنقرة وجبهة النصرة، تجاوزت الشق الاستخباري إلى حالة من تعاطف لدى شريحة مهمه من قاعدة حزب العدالة والتنمية . ولعبت أنقرة الدور الرئيس في سيطرة النصرة على كامل مدينة إدلب عام 2015، وكانت عرابة إقناع الجولاني بفك الارتباط بتنظيم القاعدة في تموز 2016، تماشيا مع الظرف الدولي المستجد الذي اتجه نحو استهداف التنظيمات المصنفه إرهابية في سوريا. إلا أنه في الوقت الذي نشأت فيها علاقة تفاهم وتقارب بين تركيا وروسيا، وضعت تركيا بموقع أحد أضلاع ترويكا استانه الضامنة لتخفيف التوتر في جبهات القتال، تعلن روسيا أن العام 2018 هو عام اقتلاع جبهة النصرة، وتتجاوز الإعلان للفعل على الأرض و =تعمل المدافع باتجاه حصن النصرة في ادلب، يبرز هنا التساؤل عن تركيا في حدود المراهنة على جبهة النصرة في المرحلة المقبلة؟ وماهي التقديرات التركية لصمود النصرة ومن معها في ادلب أمام الزحف السوري وحلفائه؟ التقديرات العسكرية السورية تتحدث عن معركة ستكون أسهل بكثير من تلك التي خاضتها لتحرير حلب، وفق المساحة والطبيعة الجغرافية والقدرات العسكرية الراهنة للجيش السوري وحلفائه. حتى اليوم من عمر العملية العسكرية للجيش السوري وحلفائه، يظهر أداء المجموعات المسلحة مستنسخا عن أدائها في معركة حلب، حيث تسود لغة تخوين بعضهم وتبادل الاتهامات من باع.. ومن قبض.. ومن تخاذل.. إذ يظهر في كل معركة أن الثقة بين هذه الفصائل معدومة للغاية، وهنا تبرز دعوات التوحد وتشكيل غرفة عمليات مشتركة الا انها جربت مرارا ولم تنجح. فهل وافقت أنقرة على نهاية هيمنة النصرة على إدلب “وهذا لا يمكن أن يحصل دون تصفية الجولاني” وإبقاء الفصائل الأخرى لتدمجها في مسار الحل السياسي؟. بالمقابل كيف ستتصرف تركيا إزاء تدفق الفارين من مدنيين ومقاتلين إلى حدودها مع اقتراب الجيش السوري من مدينة إدلب؟ هنا يسود الالتباس بالموقف التركي حيال هذا المشهد، حيث لا تتحدث تركيا عن تحولاتها ونواياها خاصة في ادلب التي تتواجد فيها عسكريا في عدة نقاط . ويمكن هنا وضع تصور حول احتمال بقاء شريط او مناطق محاذية للحدود التركية بعمق عدة كيلومترات داخل الأراضي السورية تحت النفوذ التركي. نحن أمام موجة جديدة من العمل العسكري في سوريا وعودة تصدر الميدان للمشهد، وهي معارك خواتيم الحرب في سوريا، إذ سيعتبر حسم المعركة في ادلب نهاية الحرب لصالح الجيش السوري ومحوره، ونهاية وجود ما عرف “بالجهاديين” في سوريا . وهذا الآمر سيعبد الطريق أمام الأفكار المطروحة على طاولة الحوار السورية الجديدة في “سوتشي” أواخر هذا الشهر اذا لم تؤجل إلى شهر مارس آذار المقبل إفساحا لحصد نتائج العمليات الميدانية.

المصدر : كمال خلف / رأي اليوم


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة