عكس الاتصال الذي أجراه الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محاولة أميركية لرأب الصدع واستعادة التعاون والتنسيق بين البلدين على النحو الذي كان عليه قبل الانقلاب الذي اتهمت أنقرة فتح الله غولين المقيم في الولايات المتحدة بالوقوف وراءه.

 

سعي الولايات المتحدة لإعادة العلاقات الأميركية التركية إلى ما كانت عليه ليس صدفة وليس فقط من باب حرص الولايات المتحدة على الحفاظ على حليف استراتيجي دعم السياسة الأميركية بقوة على امتداد حوالي سبعة عقود، أيّ منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وحتى الآن، بل إنّ هناك أسباباً مستجدة هي التي دفعت واشنطن للمبادرة من جديد للعمل على استعادة التحالف المتين بين تركيا والناتو. من بين أبرز الدوافع سعي الولايات المتحدة لإفشال نتائج قمة سوتشي التي جمعت رؤساء روسيا وإيران وتركيا، وأكثر ما يغيظ الولايات المتحدة أن تجد حليفاً إقليمياً بوزن تركيا يقف في موقع التعاون مع دولتين هما من ألدّ أعداء الولايات المتحدة في هذه اللحظة، أيّ روسيا التي فرضت عليها العقوبات الأميركية والأوروبية، وإيران التي تتعرّض لعقوبات الولايات المتحدة منذ انتصار الثورة الإيرانية عام 1979.

 

 

كما أنّ من بين أهداف الولايات المتحدة في غزلها الجديد مع تركيا تأمين متطلبات بقاء القوات الأميركية في مناطق شمال شرق سورية، إذ من المعروف أنّ هذه القوات محاصرة من الجنوب بالقوات السورية وحلفاء سورية الإيرانيين والروس، ومن الشرق محاصر بالقوات العراقية، ولا سيما قوات الحشد الشعبي حليفة إيران التي تنتشر الآن على معبر ربيعة وفي جبل سنجار، وعلى تخوم محافظة الحسكة التي تحاذي الحدود العراقية، حيث ترابط في هذه المحافظة القوات الخاصة الأميركية.

 

المنفذ الوحيد براً وجواً للقوات الأميركية بعيداً عن الجيش السوري وحلفائه، وبعيداً عن قوات الحشد الشعبي العراقي، هي الأراضي التركية، لهذا السبب باتت تركيا في مرحلة ما بعد داعش ذات أهمية حصرية بالنسبة للولايات المتحدة، يوضح هذه المسألة سفير أميركي سابق هو جيمس جيفري الذي قال: «لا يمكننا لعب دور على المدى الطويل في سورية من دون القواعد التركية أو المجال الجوي التركي وإلى حدّ ما الدعم الدبلوماسي التركي». ومعروف أنّ الولايات المتحدة زادت عديد قواتها في سورية واشترطت للانسحاب قبول شروطها لأيّ تسوية في سورية، والبقاء وقتاً طويلاً لتحقيق هذه الأهداف يستوجب إصلاح علاقاتها مع تركيا.

  • فريق ماسة
  • 2017-11-27
  • 13745
  • من الأرشيف

عن الغزل الأميركي - التركي

عكس الاتصال الذي أجراه الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محاولة أميركية لرأب الصدع واستعادة التعاون والتنسيق بين البلدين على النحو الذي كان عليه قبل الانقلاب الذي اتهمت أنقرة فتح الله غولين المقيم في الولايات المتحدة بالوقوف وراءه.   سعي الولايات المتحدة لإعادة العلاقات الأميركية التركية إلى ما كانت عليه ليس صدفة وليس فقط من باب حرص الولايات المتحدة على الحفاظ على حليف استراتيجي دعم السياسة الأميركية بقوة على امتداد حوالي سبعة عقود، أيّ منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وحتى الآن، بل إنّ هناك أسباباً مستجدة هي التي دفعت واشنطن للمبادرة من جديد للعمل على استعادة التحالف المتين بين تركيا والناتو. من بين أبرز الدوافع سعي الولايات المتحدة لإفشال نتائج قمة سوتشي التي جمعت رؤساء روسيا وإيران وتركيا، وأكثر ما يغيظ الولايات المتحدة أن تجد حليفاً إقليمياً بوزن تركيا يقف في موقع التعاون مع دولتين هما من ألدّ أعداء الولايات المتحدة في هذه اللحظة، أيّ روسيا التي فرضت عليها العقوبات الأميركية والأوروبية، وإيران التي تتعرّض لعقوبات الولايات المتحدة منذ انتصار الثورة الإيرانية عام 1979.     كما أنّ من بين أهداف الولايات المتحدة في غزلها الجديد مع تركيا تأمين متطلبات بقاء القوات الأميركية في مناطق شمال شرق سورية، إذ من المعروف أنّ هذه القوات محاصرة من الجنوب بالقوات السورية وحلفاء سورية الإيرانيين والروس، ومن الشرق محاصر بالقوات العراقية، ولا سيما قوات الحشد الشعبي حليفة إيران التي تنتشر الآن على معبر ربيعة وفي جبل سنجار، وعلى تخوم محافظة الحسكة التي تحاذي الحدود العراقية، حيث ترابط في هذه المحافظة القوات الخاصة الأميركية.   المنفذ الوحيد براً وجواً للقوات الأميركية بعيداً عن الجيش السوري وحلفائه، وبعيداً عن قوات الحشد الشعبي العراقي، هي الأراضي التركية، لهذا السبب باتت تركيا في مرحلة ما بعد داعش ذات أهمية حصرية بالنسبة للولايات المتحدة، يوضح هذه المسألة سفير أميركي سابق هو جيمس جيفري الذي قال: «لا يمكننا لعب دور على المدى الطويل في سورية من دون القواعد التركية أو المجال الجوي التركي وإلى حدّ ما الدعم الدبلوماسي التركي». ومعروف أنّ الولايات المتحدة زادت عديد قواتها في سورية واشترطت للانسحاب قبول شروطها لأيّ تسوية في سورية، والبقاء وقتاً طويلاً لتحقيق هذه الأهداف يستوجب إصلاح علاقاتها مع تركيا.

المصدر : البناء / حميدي العبدالله


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة