الجميع يعلم, بما فيهم سكان جزر سيشل و قبائل غياهب أدغال الأمازون, حجم العلاقة ما بين المؤسسات الأمنية الأمريكية و القاعدة بفروعها الثلاثة (جولاني-ظواهري-بغدادي). لكن شكل الهجوم الشامل المضاد الذي نفذه “داعش” على مواقع الجيش و الحلفاء مؤخراً يدفع كل من كان يشكك بالمدى الذي وصلت إليه هذه العلاقة لإعادة حساباته.

 

فالخطة التي نفذت في هذا الهجوم لا يمكن إلا لمن خضع لدورات “قادة جيوش” أن يضعها و يرسم تفاصيلها و أدوار المشتركين بها, لا بل إن كبار القادة العسكريين لن يكون بمقدورهم وضع هكذا خطة دون معطيات و معلومات تتعلق بمواقع العدو سواء على الجبهات أو خلف خطوط المواجهة و انتشار القوات و حجمها على امتداد مئات الكيلومترات بحثاً عن نقاطه الرخوة, معلومات لا تستطيع توفيرها سوى وسائط الاستطلاع الجوية “أقمار صناعية-طائرات استطلاع” بالإضافة للعملاء على الأرض على أن تجتمع كل هذه المعطيات في التوقيت المطلوب بين يدي من هو قادر على تحليلها كي تتم الاستفادة المثلى منها.

 

لكن قبل المضي في شرح خطة الهجوم الذي قامت به “داعش” لا بد من إلقاء الضوء على الموقف الميداني الذي سبق الهجوم الداعشي المضاد، مستغلة وقف الأعمال القتالية على عديد الجبهات مع ما يسمى “الفصائل السورية المسلحة”, فقد استطاعت القوات المسلحة السورية مع حلفائها تحقيق اندفاعة عسكرية كبرى في مواجهة “داعش”.

 

و في حين نجحت القوات المكلفة بحصار التنظيم في ريفي حمص و حماة بذلك تمهيداً لتصفية تلك الجيوب, تمكنت القوات المندفعة من مواقعها في السخنة و ريف الرقة الجنوبي من الوصول إلى دير الزور قبل الشروع بإنشاء رؤوس جسور على الضفة الشرقية من نهر الفرات تمهيداً لنقل العمليات العسكرية إلى تلك الضفة.

 

أما على محور حميمة-المحطة الثالثة نجحت القوات العاملة هناك في السيطرة على هذين الموقعين تمهيداً لمرحلة تطوير الهجوم باتجاه البوكمال.

 

و هنا لا بد من الإشارة إلى أن “داعش” قام بتنفيذ أكثر من هجوم مضاد موضعي بهدف إيقاف تقدم القوات السورية على جميع تلك المحاور منيت جميعها بفشل ذريع.

 

في ظل هذا التقهقر الميداني الدراماتيكي و تقلص الرقعة الجغرافية المسيطر عليها, و في ظل عدم قدرة القوات المدعومة أمريكياً المستنزفة في الرقة على الزج بقوات كافية شمال دير الزور بهدف قطع الطريق بشكل كامل على الجيش السوري شرق الفرات, وجد “قائد الجيوش” الذي أشرنا إليه نفسه أمام موقف خطر يجب التعامل معه و وضع خطة هجوم مضاد شامل هدفه الأقصى إعادة الوضع العسكري إلى ما كان عليه قبل شهرين و ربما أكثر, أما الأدنى فهو إجبار القوات المسلحة السورية على تأجيل الإندفاعة شرق الفرات و جنوب شرق دير الزور و خلط الأوراق الميدانية من جديد و شراء المزيد من الوقت، مستخدماً معظم ما بين يديه من قوات انسحبت من مواقعها سابقاً و تجمعت في الميادين و البوكمال, و بناء على ما وصله من وسائط الاستطلاع المشار إليها, وضع “قائد الجيوش” خطة الهجوم المضاد و التي بمكن تلخيصها بالشكل الآتي:

 

هجوم مضاد تشنه قوات “داعش” المتمركزة جنوب غرب البوكمال باتجاه المحطة الثالثة, الهدف الرئيسي لها هو إعادة السيطرة على حميمة. و في حين يقوم ما تبقى من مسلحي “داعش” في دير الزور بإشغال القوة الرئيسية للجيش السوري هناك من خلال هجمات عنيفة باتجاه مواقعه شرق الفرات وحول المطار العسكري, تشن القوات المتمركزة إلى الجنوب من الميادين هجوماً ثلاثي المحاور باتجاه البلدات الواقعة على طريق تدمر-دير الزور أي “الشولا-كباجب-السخنة”, الهدف الرئيسي هو السيطرة على بلدة “السخنة” و قطع خطوط إمداد الجيش السوري في دير الزور من ذلك المحور.

 

يعقب ذلك تطوير الهجوم شمالاً باتجاه طريق الرقة-دير الزور انطلاقاً من السخنة, و إذا ما نجحت القوات المهاجمة بالوصول لأهدافها سيكون “داعش” قد وضع ما مقداره ثلث الجيش العربي السوري و قوته الضاربة تحت حصار مطبق عدا عن إنقاذ مسلحيه المحاصرين في ريفي حمص و حماة, ما سيشكل انقلاباً استراتيجياً في المشهد الميداني و تحول غير مسبوق في تاريخ الحرب السورية سيكون له بلا أدنى شك انعكاسات كارثية, فمن نافلة القول الإشارة إلى أن غرفة عمليات العدو الرئيسية ستباشر على الفور حينها استغلال تلك الفرصة التاريخية لتحقيق انتصار عسكري نهائي و ستعطي أوامرها بتحريك كل الجبهات الأخرى دفعة واحدة من إدلب إلى درعا ضاربة كل اتفاقيات خفض التصعيد و مققرات أستانا عرض الحائط.

 

لكن الخطة التي نتحدث عنها لم تقتصر على ما سبق بل شملت بنداً إضافياً لزيادة فرص نجاح الهجوم على السخنة ألا و هو هجوم مفاجئ تشنه خلايا نائمة في بلدة “القريتين” الواقعة خلف خطوط الاشتباك بحوالي مائة كيلومتر في عمق مناطق سيطرة الجيش السوري بهدف إثارة البلبة و إشغال القوات السورية المتمركزة في الخلف و منعها من مؤازرة محاور الاشتباك الرئيسية!.

 

و إذا ما وضعنا جانباً ما حصل لاحقاً و كيف أفشل الجيش السوري و حلفاؤه هذا الهجوم كما تشير معطيات الميدان, لا يمكن لنا و نحن نستعرض هذه الخطة “الجهنمية” إلا أن نسأل عن إمكانية وجود ذلك القائد العسكري “الداعشي” الذي يمتلك هذه الحنكة و الخبرة في قراءة الميدان و المعطيات و رسم الأهداف و التوظيف الأمثل لما بين يديه من قوات و معلومات, و لن يترك المنطق و العقل أمامنا سوى القول أن القيادة العسكرية السورية كانت تواجه هذه المرة و بشكل مباشر خيرة ضباط الجيش الأمريكي و أكثرهم مكراً و دهاءً في معركة كانت ربما ستحدد مصير الحرب بأكملها, منطقٌ تعززه ما تحصلت عليه الاستخبارات الروسية من معلومات حول دور “قاعدة التنف” في ما جرى و قيام الطيران الأمريكي بإسناد هجوم “داعش” ذلك اليوم من خلال توجيه ضربات جوية على مواقع الجيش السوري و حلفائه خاصة في محور حميمة.

 

لا أدري إن كان هذا “الضابط الامريكي الكبير” سيضحي بالجنود الامريكيين لو كانوا في وضع مشابه تحت سلاسل دبابات الجيش السوري كما يفعل اليوم بمقاتلي “داعش” أم لا, لكني أكاد أجزم أنه يشعر بخيبة أمل مريرة رغم أن الهجوم اليائس باتجاه السخنة لا يزال مستمراً حتى لحظة كتابة هذه السطور , فهو يعلم أن النتائج الإيجابية الكبرى في حال نجاح خطته يقابلها أخرة كارثية إذا ما فشلت كما هو حال كل الرهانات الكبرى, و ها هو الفشل يتبدى أمام ناظريه لتكون هذه المعركة إهانة جديدة يتلقاها العقل العسكري الأمريكي على يد الجيش العربي السوري الذي يستعد في هذه الأثناء لاقتحام “الميادين” بعد أن سحق أرتال “داعش” على طول الجبهة و عرضها.

 

  • فريق ماسة
  • 2017-10-07
  • 9307
  • من الأرشيف

الجيش السوري يهين ضباط البنتاغون

الجميع يعلم, بما فيهم سكان جزر سيشل و قبائل غياهب أدغال الأمازون, حجم العلاقة ما بين المؤسسات الأمنية الأمريكية و القاعدة بفروعها الثلاثة (جولاني-ظواهري-بغدادي). لكن شكل الهجوم الشامل المضاد الذي نفذه “داعش” على مواقع الجيش و الحلفاء مؤخراً يدفع كل من كان يشكك بالمدى الذي وصلت إليه هذه العلاقة لإعادة حساباته.   فالخطة التي نفذت في هذا الهجوم لا يمكن إلا لمن خضع لدورات “قادة جيوش” أن يضعها و يرسم تفاصيلها و أدوار المشتركين بها, لا بل إن كبار القادة العسكريين لن يكون بمقدورهم وضع هكذا خطة دون معطيات و معلومات تتعلق بمواقع العدو سواء على الجبهات أو خلف خطوط المواجهة و انتشار القوات و حجمها على امتداد مئات الكيلومترات بحثاً عن نقاطه الرخوة, معلومات لا تستطيع توفيرها سوى وسائط الاستطلاع الجوية “أقمار صناعية-طائرات استطلاع” بالإضافة للعملاء على الأرض على أن تجتمع كل هذه المعطيات في التوقيت المطلوب بين يدي من هو قادر على تحليلها كي تتم الاستفادة المثلى منها.   لكن قبل المضي في شرح خطة الهجوم الذي قامت به “داعش” لا بد من إلقاء الضوء على الموقف الميداني الذي سبق الهجوم الداعشي المضاد، مستغلة وقف الأعمال القتالية على عديد الجبهات مع ما يسمى “الفصائل السورية المسلحة”, فقد استطاعت القوات المسلحة السورية مع حلفائها تحقيق اندفاعة عسكرية كبرى في مواجهة “داعش”.   و في حين نجحت القوات المكلفة بحصار التنظيم في ريفي حمص و حماة بذلك تمهيداً لتصفية تلك الجيوب, تمكنت القوات المندفعة من مواقعها في السخنة و ريف الرقة الجنوبي من الوصول إلى دير الزور قبل الشروع بإنشاء رؤوس جسور على الضفة الشرقية من نهر الفرات تمهيداً لنقل العمليات العسكرية إلى تلك الضفة.   أما على محور حميمة-المحطة الثالثة نجحت القوات العاملة هناك في السيطرة على هذين الموقعين تمهيداً لمرحلة تطوير الهجوم باتجاه البوكمال.   و هنا لا بد من الإشارة إلى أن “داعش” قام بتنفيذ أكثر من هجوم مضاد موضعي بهدف إيقاف تقدم القوات السورية على جميع تلك المحاور منيت جميعها بفشل ذريع.   في ظل هذا التقهقر الميداني الدراماتيكي و تقلص الرقعة الجغرافية المسيطر عليها, و في ظل عدم قدرة القوات المدعومة أمريكياً المستنزفة في الرقة على الزج بقوات كافية شمال دير الزور بهدف قطع الطريق بشكل كامل على الجيش السوري شرق الفرات, وجد “قائد الجيوش” الذي أشرنا إليه نفسه أمام موقف خطر يجب التعامل معه و وضع خطة هجوم مضاد شامل هدفه الأقصى إعادة الوضع العسكري إلى ما كان عليه قبل شهرين و ربما أكثر, أما الأدنى فهو إجبار القوات المسلحة السورية على تأجيل الإندفاعة شرق الفرات و جنوب شرق دير الزور و خلط الأوراق الميدانية من جديد و شراء المزيد من الوقت، مستخدماً معظم ما بين يديه من قوات انسحبت من مواقعها سابقاً و تجمعت في الميادين و البوكمال, و بناء على ما وصله من وسائط الاستطلاع المشار إليها, وضع “قائد الجيوش” خطة الهجوم المضاد و التي بمكن تلخيصها بالشكل الآتي:   هجوم مضاد تشنه قوات “داعش” المتمركزة جنوب غرب البوكمال باتجاه المحطة الثالثة, الهدف الرئيسي لها هو إعادة السيطرة على حميمة. و في حين يقوم ما تبقى من مسلحي “داعش” في دير الزور بإشغال القوة الرئيسية للجيش السوري هناك من خلال هجمات عنيفة باتجاه مواقعه شرق الفرات وحول المطار العسكري, تشن القوات المتمركزة إلى الجنوب من الميادين هجوماً ثلاثي المحاور باتجاه البلدات الواقعة على طريق تدمر-دير الزور أي “الشولا-كباجب-السخنة”, الهدف الرئيسي هو السيطرة على بلدة “السخنة” و قطع خطوط إمداد الجيش السوري في دير الزور من ذلك المحور.   يعقب ذلك تطوير الهجوم شمالاً باتجاه طريق الرقة-دير الزور انطلاقاً من السخنة, و إذا ما نجحت القوات المهاجمة بالوصول لأهدافها سيكون “داعش” قد وضع ما مقداره ثلث الجيش العربي السوري و قوته الضاربة تحت حصار مطبق عدا عن إنقاذ مسلحيه المحاصرين في ريفي حمص و حماة, ما سيشكل انقلاباً استراتيجياً في المشهد الميداني و تحول غير مسبوق في تاريخ الحرب السورية سيكون له بلا أدنى شك انعكاسات كارثية, فمن نافلة القول الإشارة إلى أن غرفة عمليات العدو الرئيسية ستباشر على الفور حينها استغلال تلك الفرصة التاريخية لتحقيق انتصار عسكري نهائي و ستعطي أوامرها بتحريك كل الجبهات الأخرى دفعة واحدة من إدلب إلى درعا ضاربة كل اتفاقيات خفض التصعيد و مققرات أستانا عرض الحائط.   لكن الخطة التي نتحدث عنها لم تقتصر على ما سبق بل شملت بنداً إضافياً لزيادة فرص نجاح الهجوم على السخنة ألا و هو هجوم مفاجئ تشنه خلايا نائمة في بلدة “القريتين” الواقعة خلف خطوط الاشتباك بحوالي مائة كيلومتر في عمق مناطق سيطرة الجيش السوري بهدف إثارة البلبة و إشغال القوات السورية المتمركزة في الخلف و منعها من مؤازرة محاور الاشتباك الرئيسية!.   و إذا ما وضعنا جانباً ما حصل لاحقاً و كيف أفشل الجيش السوري و حلفاؤه هذا الهجوم كما تشير معطيات الميدان, لا يمكن لنا و نحن نستعرض هذه الخطة “الجهنمية” إلا أن نسأل عن إمكانية وجود ذلك القائد العسكري “الداعشي” الذي يمتلك هذه الحنكة و الخبرة في قراءة الميدان و المعطيات و رسم الأهداف و التوظيف الأمثل لما بين يديه من قوات و معلومات, و لن يترك المنطق و العقل أمامنا سوى القول أن القيادة العسكرية السورية كانت تواجه هذه المرة و بشكل مباشر خيرة ضباط الجيش الأمريكي و أكثرهم مكراً و دهاءً في معركة كانت ربما ستحدد مصير الحرب بأكملها, منطقٌ تعززه ما تحصلت عليه الاستخبارات الروسية من معلومات حول دور “قاعدة التنف” في ما جرى و قيام الطيران الأمريكي بإسناد هجوم “داعش” ذلك اليوم من خلال توجيه ضربات جوية على مواقع الجيش السوري و حلفائه خاصة في محور حميمة.   لا أدري إن كان هذا “الضابط الامريكي الكبير” سيضحي بالجنود الامريكيين لو كانوا في وضع مشابه تحت سلاسل دبابات الجيش السوري كما يفعل اليوم بمقاتلي “داعش” أم لا, لكني أكاد أجزم أنه يشعر بخيبة أمل مريرة رغم أن الهجوم اليائس باتجاه السخنة لا يزال مستمراً حتى لحظة كتابة هذه السطور , فهو يعلم أن النتائج الإيجابية الكبرى في حال نجاح خطته يقابلها أخرة كارثية إذا ما فشلت كما هو حال كل الرهانات الكبرى, و ها هو الفشل يتبدى أمام ناظريه لتكون هذه المعركة إهانة جديدة يتلقاها العقل العسكري الأمريكي على يد الجيش العربي السوري الذي يستعد في هذه الأثناء لاقتحام “الميادين” بعد أن سحق أرتال “داعش” على طول الجبهة و عرضها.  

المصدر : الماسة السورية/شام تايمز


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة