تواصل “قوات سوريا الديمقراطية”، بالتعاون مع التحاف الدولي بقيادة واشنطن، تضييق الخناق على “داعش” في الرقة، إلا أن مؤشرات عديدة تقول إن نزاعات جديدة في سوريا ستعقب تحرير الرقة.

ومن الواضح أن الوضع في الرقة يختلف كثيرا عن ما كان عليه الوضع في الموصل العراقية، التي طردت القوات الحكومية، بغطاء من التحالف الدولي، المسلحين الدواعش منها في حملة استمرت حوالي 10 أشهر، حولت المدينة إلى أنقاض.

ومن اللافت بالدرجة الأولى أن تدخل الولايات المتحدة وحلفائها في سوريا يجري دون أية موافقة رسمية، وإنما في ظروف معارضة كبيرة من قبل الحكومة السورية، التي تعتبر جميع عمليات التحالف في أراضي البلاد غير شرعية.

وتعمل الولايات المتحدة في الرقة دون إبداء أي اهتمام بنداءات المنظمات الحقوقية الدولية، التي دقت مرارا ناقوس الخطر بسبب الخسائر الهائلة بين صفوف المدنيين في الرقة جراء الغارات الجوية للتحالف، بل وهناك احتمالات بنشوب نزاعات جديدة في البلاد بسبب طابع الحملة في المدينة.

أولا، من البديهي أن مساعي الأكراد، الذين يمثلون القوة العسكرية الأساسية في “قوات سوريا الديمقراطية”، لضم الرقة إلى فدراليتهم، ستثير معارضة شرسة من قبل تركيا، التي لن توافق على إقامة جيب كردي كبير قرب حدودها الجنوبية.

ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أن السلطات التركية تعتبر كلا من “وحدات حماية الشعب” الكردية، التي تشكل القوة الضاربة لـ”قوات سوريا الديمقراطية”، وكذلك هيكلها السياسي الرئيسي “حزب الاتحاد الديمقراطي”، تنظيمين إرهابيين يدعمان “حزب العمال الكردستاني”، الذي تحاربه أنقرة منذ سنوات طويلة.

وأعربت السلطات التركية مرارا عن استيائها من تعاون الولايات المتحدة مع الأكراد في سوريا، الذين يعتبرون أكبر حليف لواشنطن على الأرض في القتال ضد “داعش”، إلا أن السلطات الأمريكية لم تستمع لدعوات أنقرة، مكتفية بالوعود بعدم منح أسلحة ثقيلة للوحدات الكردية.

وعلى صعيد داخلي قد تسفر حملة تحرير الرقة بشكلها الحالي عن نشوب مواجهات عرقية في هذه المدينة السورية، التي يسعى الأكراد لضمها إلى منطقة حكمهم الذاتي، على الرغم من أن غالبية سكانها هم من العرب.

 وفي نيسان من العام 2017 شكلت “قوات سوريا الديمقراطية” ما أطلق عليه اسم “مجلس الرقة المدني”، الذي من المخطط أن يدير المدينة بعد تطهيرها من مسلحي “داعش”.  

وبالتزامن مع ذلك يعمل في المنطقة “مجلس محافظة الرقة”، الذي يتكون من المواطنين المحليين ويعول على إجراء محادثات مع الجانب الروسي حول مستقبل المدينة بعد تحريرها.

وقال المتحدث باسم المجلس، محمد حجازي، في حديث لـ”RT” بهذا الصدد: “نأمل في أن تكون لدينا اتصالات مع الجانب الروسي، وأن نلتقي به في تركيا”.

وأضاف حجازي: “من الضروري أن يكون هناك تنوع (في المفاوضات بشأن مستقبل الرقة)، إن الجانب الروسي مرحب به جدا من قبلنا في الرقة”.

وليس من الواضح تماما حتى هذه اللحظة ما إذا سيتمكن الهيكلان المذكوران من التوصل إلى اتفاق على تشكيل إدارة لمدينة الرقة، كما يكتنف الغموض أيضا مسألة إعادة إعمار المدينة والجهات التي ستتحمل تنفيذ هذه المهمة.

  • فريق ماسة
  • 2017-08-27
  • 7956
  • من الأرشيف

واشنطن تطبخ أزمة جديدة لسورية من بوابة الرقة

تواصل “قوات سوريا الديمقراطية”، بالتعاون مع التحاف الدولي بقيادة واشنطن، تضييق الخناق على “داعش” في الرقة، إلا أن مؤشرات عديدة تقول إن نزاعات جديدة في سوريا ستعقب تحرير الرقة. ومن الواضح أن الوضع في الرقة يختلف كثيرا عن ما كان عليه الوضع في الموصل العراقية، التي طردت القوات الحكومية، بغطاء من التحالف الدولي، المسلحين الدواعش منها في حملة استمرت حوالي 10 أشهر، حولت المدينة إلى أنقاض. ومن اللافت بالدرجة الأولى أن تدخل الولايات المتحدة وحلفائها في سوريا يجري دون أية موافقة رسمية، وإنما في ظروف معارضة كبيرة من قبل الحكومة السورية، التي تعتبر جميع عمليات التحالف في أراضي البلاد غير شرعية. وتعمل الولايات المتحدة في الرقة دون إبداء أي اهتمام بنداءات المنظمات الحقوقية الدولية، التي دقت مرارا ناقوس الخطر بسبب الخسائر الهائلة بين صفوف المدنيين في الرقة جراء الغارات الجوية للتحالف، بل وهناك احتمالات بنشوب نزاعات جديدة في البلاد بسبب طابع الحملة في المدينة. أولا، من البديهي أن مساعي الأكراد، الذين يمثلون القوة العسكرية الأساسية في “قوات سوريا الديمقراطية”، لضم الرقة إلى فدراليتهم، ستثير معارضة شرسة من قبل تركيا، التي لن توافق على إقامة جيب كردي كبير قرب حدودها الجنوبية. ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أن السلطات التركية تعتبر كلا من “وحدات حماية الشعب” الكردية، التي تشكل القوة الضاربة لـ”قوات سوريا الديمقراطية”، وكذلك هيكلها السياسي الرئيسي “حزب الاتحاد الديمقراطي”، تنظيمين إرهابيين يدعمان “حزب العمال الكردستاني”، الذي تحاربه أنقرة منذ سنوات طويلة. وأعربت السلطات التركية مرارا عن استيائها من تعاون الولايات المتحدة مع الأكراد في سوريا، الذين يعتبرون أكبر حليف لواشنطن على الأرض في القتال ضد “داعش”، إلا أن السلطات الأمريكية لم تستمع لدعوات أنقرة، مكتفية بالوعود بعدم منح أسلحة ثقيلة للوحدات الكردية. وعلى صعيد داخلي قد تسفر حملة تحرير الرقة بشكلها الحالي عن نشوب مواجهات عرقية في هذه المدينة السورية، التي يسعى الأكراد لضمها إلى منطقة حكمهم الذاتي، على الرغم من أن غالبية سكانها هم من العرب.  وفي نيسان من العام 2017 شكلت “قوات سوريا الديمقراطية” ما أطلق عليه اسم “مجلس الرقة المدني”، الذي من المخطط أن يدير المدينة بعد تطهيرها من مسلحي “داعش”.   وبالتزامن مع ذلك يعمل في المنطقة “مجلس محافظة الرقة”، الذي يتكون من المواطنين المحليين ويعول على إجراء محادثات مع الجانب الروسي حول مستقبل المدينة بعد تحريرها. وقال المتحدث باسم المجلس، محمد حجازي، في حديث لـ”RT” بهذا الصدد: “نأمل في أن تكون لدينا اتصالات مع الجانب الروسي، وأن نلتقي به في تركيا”. وأضاف حجازي: “من الضروري أن يكون هناك تنوع (في المفاوضات بشأن مستقبل الرقة)، إن الجانب الروسي مرحب به جدا من قبلنا في الرقة”. وليس من الواضح تماما حتى هذه اللحظة ما إذا سيتمكن الهيكلان المذكوران من التوصل إلى اتفاق على تشكيل إدارة لمدينة الرقة، كما يكتنف الغموض أيضا مسألة إعادة إعمار المدينة والجهات التي ستتحمل تنفيذ هذه المهمة.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة