ربما يلاحظ الكثيرون أن كل انتصار ميداني للجيش العربي السوري وحلفائه على المجموعات الإرهابية، سرعان ما يحمل معه انتصاراً سياسياً سورياً على مستوى المنطقة وبعض دولها التي دعمت العدوان وقدمت كل أشكال الدعم للمجموعات المسلحة التي تبين أنها إرهابية بامتياز، فثمة دول بدأت تفضل الاقتراب أكثر فأكثر في سياستها الخارجية نحو «الحياد»، وأخرى بدأت تفتح قنوات اتصال مع القيادة السورية بأشكال مختلفة.

 

وعلى المستوى الدولي يلاحظ الجميع أن دولاً مثل فرنسا، أصبحت تفضل الميل إلى التسليم بانتصار سورية قيادة وجيشاً وشعباً، رغم أنها كانت في مقدمة الدول الأشد عداء لسورية والأكثر دعماً للمجموعات المسلحة، أما ألمانيا المنشغلة في الانتخابات البرلمانية، فسوف تشعر حكومتها بالندم لأنها ناصبت سورية العداء وفضلت المراهنة على المجموعات المسلحة المعارضة ووقفت مع خطط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ عام 2011 إلى أنه تبين لها أن سورية أكثر استقراراً من الناحية السياسية من تركيا في ظل أردوغان.

 

على مستوى الجوار الحدودي مع سورية، بدأنا نلاحظ منذ أسابيع قليلة، وضوحاً في سياسة الأردن وعدم السماح للمسلحين قرب حدودها أو داخل حدودها بتخريب العلاقات مع الجيش السوري وكأنها بدأت تميل إلى نوع من الحياد الإيجابي وليس السلبي للمحافظة على علاقات الجوار ومنع المسلحين من استخدام أراضيها.

حدود لبنان مع سورية، بدت وكأنها غير موجودة بين الأشقاء اللبنانيين من الجيش اللبناني والمقاومة، وبين الجيش السوري، فظهرت جبهة الحرب على الإرهاب وكأنها جبهة واحدة، وفرضت هذه الحقيقة بانتصاراتها أبعاداً جديدة على العلاقات السورية اللبنانية رحبت بها أغلبية القوى والأحزاب اللبنانية، ولم تنجح قوى وأحزاب أخرى من منع هذه النتائج رغم كل ما بذلته من جهود وعراقيل.

كانت إسرائيل الخاسر الأكبر والمهزوم الأول بعد انتصارات الجيش السوري وحلفائه، وخصوصاً حين جرى التوصل لاتفاق سوري روسي أميركي على منطقة لتهدئة التصعيد في جنوبي سورية قرب حدود الجولان المحتل وبعض القرى المجاورة له.

لقد عبر عن هذه الهزيمة الإسرائيلية عدد من مراكز الأبحاث الاستراتيجية الأمنية والعسكرية في تل أبيب، حين ذكرت أن كل ما وظفته إسرائيل في المجموعات الإرهابية في تلك المنطقة ذهب هباءً من دون مقابل، لأن سورية وروسيا ستعملان في تلك المنطقة على إبعاد أي نفوذ أو تدخل إسرائيلي يستهدف الجيش السوري في تلك المنطقة، ولم تفلح زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى سوتشي والالتقاء بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أبلغه أن التحالف الروسي السوري الإيراني هو الذي يضع جدول عمل ومواضيع الاستقرار ووقف النار ومناطق التهدئة، وكان هذا الرد قد تأكد من خلال الحملة الإعلامية الإسرائيلية على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب واتهامها بالخضوع للضغط الروسي في موضوع منطقة تخفيض التصعيد في جنوبي سورية.

لم يفلح الوفد الإسرائيلي الأمني العسكري السياسي الذي أرسله نتنياهو إلى واشنطن برئاسة مدير جهاز التجسس الإسرائيلي والمهام الخاصة «الموساد» يوسي كوهين بتغيير قواعد الاتفاق الروسي الأميركي المعد لمنطقة جنوبي سورية.

وفي ساحة الذين تبنوا جميع المجموعات المسلحة ضد سورية منذ عام 2011، بدأ النزاع يشتت الاتجاهات بين السعودية وقطر، ويفتت قدرات دول النظام الرسمي العربي في الجامعة العربية وعلى مستوى دول الخليج، بل دول التحالف التي تشن الحرب على اليمن بقيادة السعودية، وبدا مستقبل استقرار سورية مع جوارها أكثر نجاحاً من استقرار العلاقات بين قطر وتركيا من جهة، والسعودية وحلفائها من الجهة الأخرى، وهذا ما عكس نفسه على انهيار وتمزق أكثر من عشر منظمات تطلق على نفسها «أحزاب المعارضة» ناهيك عن المجموعات المسلحة في مختلف أرجاء سورية.

  • فريق ماسة
  • 2017-08-27
  • 15686
  • من الأرشيف

انتصار سورية.. نتائج في الإقليم والعالم

 ربما يلاحظ الكثيرون أن كل انتصار ميداني للجيش العربي السوري وحلفائه على المجموعات الإرهابية، سرعان ما يحمل معه انتصاراً سياسياً سورياً على مستوى المنطقة وبعض دولها التي دعمت العدوان وقدمت كل أشكال الدعم للمجموعات المسلحة التي تبين أنها إرهابية بامتياز، فثمة دول بدأت تفضل الاقتراب أكثر فأكثر في سياستها الخارجية نحو «الحياد»، وأخرى بدأت تفتح قنوات اتصال مع القيادة السورية بأشكال مختلفة.   وعلى المستوى الدولي يلاحظ الجميع أن دولاً مثل فرنسا، أصبحت تفضل الميل إلى التسليم بانتصار سورية قيادة وجيشاً وشعباً، رغم أنها كانت في مقدمة الدول الأشد عداء لسورية والأكثر دعماً للمجموعات المسلحة، أما ألمانيا المنشغلة في الانتخابات البرلمانية، فسوف تشعر حكومتها بالندم لأنها ناصبت سورية العداء وفضلت المراهنة على المجموعات المسلحة المعارضة ووقفت مع خطط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ عام 2011 إلى أنه تبين لها أن سورية أكثر استقراراً من الناحية السياسية من تركيا في ظل أردوغان.   على مستوى الجوار الحدودي مع سورية، بدأنا نلاحظ منذ أسابيع قليلة، وضوحاً في سياسة الأردن وعدم السماح للمسلحين قرب حدودها أو داخل حدودها بتخريب العلاقات مع الجيش السوري وكأنها بدأت تميل إلى نوع من الحياد الإيجابي وليس السلبي للمحافظة على علاقات الجوار ومنع المسلحين من استخدام أراضيها. حدود لبنان مع سورية، بدت وكأنها غير موجودة بين الأشقاء اللبنانيين من الجيش اللبناني والمقاومة، وبين الجيش السوري، فظهرت جبهة الحرب على الإرهاب وكأنها جبهة واحدة، وفرضت هذه الحقيقة بانتصاراتها أبعاداً جديدة على العلاقات السورية اللبنانية رحبت بها أغلبية القوى والأحزاب اللبنانية، ولم تنجح قوى وأحزاب أخرى من منع هذه النتائج رغم كل ما بذلته من جهود وعراقيل. كانت إسرائيل الخاسر الأكبر والمهزوم الأول بعد انتصارات الجيش السوري وحلفائه، وخصوصاً حين جرى التوصل لاتفاق سوري روسي أميركي على منطقة لتهدئة التصعيد في جنوبي سورية قرب حدود الجولان المحتل وبعض القرى المجاورة له. لقد عبر عن هذه الهزيمة الإسرائيلية عدد من مراكز الأبحاث الاستراتيجية الأمنية والعسكرية في تل أبيب، حين ذكرت أن كل ما وظفته إسرائيل في المجموعات الإرهابية في تلك المنطقة ذهب هباءً من دون مقابل، لأن سورية وروسيا ستعملان في تلك المنطقة على إبعاد أي نفوذ أو تدخل إسرائيلي يستهدف الجيش السوري في تلك المنطقة، ولم تفلح زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى سوتشي والالتقاء بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أبلغه أن التحالف الروسي السوري الإيراني هو الذي يضع جدول عمل ومواضيع الاستقرار ووقف النار ومناطق التهدئة، وكان هذا الرد قد تأكد من خلال الحملة الإعلامية الإسرائيلية على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب واتهامها بالخضوع للضغط الروسي في موضوع منطقة تخفيض التصعيد في جنوبي سورية. لم يفلح الوفد الإسرائيلي الأمني العسكري السياسي الذي أرسله نتنياهو إلى واشنطن برئاسة مدير جهاز التجسس الإسرائيلي والمهام الخاصة «الموساد» يوسي كوهين بتغيير قواعد الاتفاق الروسي الأميركي المعد لمنطقة جنوبي سورية. وفي ساحة الذين تبنوا جميع المجموعات المسلحة ضد سورية منذ عام 2011، بدأ النزاع يشتت الاتجاهات بين السعودية وقطر، ويفتت قدرات دول النظام الرسمي العربي في الجامعة العربية وعلى مستوى دول الخليج، بل دول التحالف التي تشن الحرب على اليمن بقيادة السعودية، وبدا مستقبل استقرار سورية مع جوارها أكثر نجاحاً من استقرار العلاقات بين قطر وتركيا من جهة، والسعودية وحلفائها من الجهة الأخرى، وهذا ما عكس نفسه على انهيار وتمزق أكثر من عشر منظمات تطلق على نفسها «أحزاب المعارضة» ناهيك عن المجموعات المسلحة في مختلف أرجاء سورية.

المصدر : الوطن / تحسين الحلبي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة