تجري الدورة الاولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية يوم الأحد 23 من نيسان الحالي، ويترشح لهذه الدورة أحد عشر مرشحا رئاسياً، على أن تتم التصفية ويبقى مرشحان للجولة الثانية والتي سوف تجري يوم الأحد السابع من شهر أيار القادم.

 

تدور المعركة الانتخابية الفرنسية، وسط حالة من عدم معرفة التوجه العام للناخب الفرنسي خصوصاً مع صعود فجائي لمرشح "اللوبي الأميركي" إيمانويل ماكرون، والحملات الاعلامية التي تعرض لها مرشح اليمين الجمهوري رئيس الوزراء السابق (في عهد نيكولاي ساركوزي) فرانسوا فيون، الذي يدعو الى تطوير العلاقات مع روسيا، كما يطمح الى تغيير السياسة الفرنسية في سوريا حسب تصريحاته.

 

موقع "العهد الاخباري" وفي متابعته لهذه الانتخابات أجرى هذا الحوار مع الدبلوماسي والسفير الفرنسي السابق ميشال ريمبو، هذا نصه:

 

كيف ترون هذه الانتخابات من منظور داخلي فرنسي وخارجي؟

 

عادة، يتجنب المرشحون للانتخابات الرئاسية الفرنسية الحديث عن الامور الخارجية، وينصب اهتمامهم في الداخل الفرنسي، وهذا لا يعني أن الاحداث في الخارج لا تؤثر، لكن مرشحي الرئاسة الفرنسية يتجنبون التورّط في أمور إشكالية خارجية، مثال على ذلك موضوع الاتحاد الاوروبي الذي هو مشكلة أساسية ويومية في فرنسا لا يتم تناوله في اتباع دقيق لهذه السياسة، في الداخل هناك أكثر من طرف يتصارعون في هذه الانتخابات أقواهم اللوبي الامريكي والصهيوني الذي يضم مرشحين في كل الأحزاب، وهناك اللوبي السيادي الفرنسي ويتمثل بمرشحة الجبهة الوطنية مارين لوبان، وبعض المرشحين الآخرين الصغار أمثال جاك شوميناد وفرنسوا اسولينو.

 

تحدثتم عن اللوبي الصهيوني ـ الأميركي، أين يتواجد تحديداً وما أسباب قوته؟

 

هذا اللوبي موجود في الدولة الفرنسية العميقة، في المصارف، في الجيش والأمن، في الوظائف، وتجده تحديداً في المثقفين وخريجي المدارس العليا والقيمة مثل (إيناك) وهو يعتمد على جمعيات أهلية ونواد متفرقة تجمع النخب المثقفة والمالية والاعلامية وغيرها من المجالات، كما يعتمد هذا اللوبي على الكنيسة البروتستانتية التي تلقى رواجا هذه السنوات في اوروبا وفي فرنسا تحديدا، وهذا الرواج يعود الى حالة الإعجاب بكل ما هو أميركي، وبالتالي فهؤلاء يستفيدون من حالة النشاط والتبشير والدعاية القوية التي يمتلكونها، يمكن رؤية هذا اللوبي في جمعيات دعوية تمارس التبشير على الطريق العام وتلبس لباسًا اسود موحدًا، وتتحدث للناس عن القيامة وعن المسيح القادم، هؤلاء يشكلون اللوبي الذي يبدأ من شهود يهوه ولا ينتهي عند دعوة اليوم السابع، هذه الجمعيات التبشيرية والغيبية لا تقتصر فقط على شهود يهوه هناك خمس وأو ست جمعيات ناشطة في هذا المجال.

 

هذا اللوبي أيضا يعتمد على برنامج القادة المستقبليين حيث يتم دعوة هذه النوعية من الناس الى اميركا بشكل مجموعات يتم استقبالها لفترات متقطعة في الولايات المتحدة لتطويعها وضمها تحت أمرة اللوبي، هناك شعبان مختاران في العالم (يضحك) الأول الجميع يعرفه في الشرق الاوسط والثاني في اميركا.

 

ماذا عن اللوبي الكاثوليكي ودعمه لفرانسوا فيون؟

 

هناك دعم من بعض الكنيسة لفيون ولكن أيضا هناك في اللوبي الكاثوليكي من هو تحت سيطرة اللوبي الصهيوني ـ الأميركي، مثالا على ذلك، في الخارجية الفرنسية هناك الكوادر الذين يقررون السياسة بعيداً عن الدبلوماسيين هؤلاء الكثير منهم يخضعون للوبي الاميركي ويتبعونه، فرانسوا فيون هو مثال للفرنسي الكاثوليكي المحافظ، هو قالها بلسانه، ولكن لا اعلم إن كان سيربح خصوصا انه تعرّض لحملة إعلامية كبيرة، لحدّ الآن الأمور غير واضحة لمن ستكون الغلبة.

 

ماذا عن مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان؟

 

هي ايضا من الفريق السيادي الفرنسي، ولديها حظوظ كبيرة في الفوز بالجولة الاولى، لكن هل سيتكرر سيناريو جاك شيراك مع جان ماري لوبان، فعندما اجتمع الكل ضد والدها جان ماري لوبان في انتخابات عام 2002، وصوتوا لشيراك اعتقد أن هذا قد يحصل معها أيضاً.

 

هل يمكن القول أن هذه الانتخابات تمثل حالة صراع تتخطى الحدود الفرنسية؟

 

بالتأكيد هناك صراع هويات في هذه الانتخابات، حيث الصراع على اوروبا التي هي بالاساس مشروع أميريكي للسيطرة والهيمنة، التيارات السيادية تريد الاستقلال عن طغيان وسيطرة اللوبي الاوروبي، أيضاً الصراع على الانضمام للحلف الاطلسي، فالاحزاب التقليدية هي اوروبية وأطلسية، اميركا حررت فرنسا من ألمانيا النازية، لكنها استعمرتها بطريقة أخرى وحاول الجنرال شارل ديغول الابتعاد عن الهيمنة الامريكية حيث كان هناك تحالف تاريخي بينه وبين الحزب الشيوعي لكنه لم يستمر طويلا.

 

هل هناك سياسة عربية لفرنسا؟

 

لا اعتقد هذا، حاول شارل ديغول ان يقترب اكثر من العرب، لكن ليس هناك شيء اسمه سياسة عربية لفرنسا.

 

ماذا عن العلاقة مع روسيا؟

 

تاريخيا، كانت روسيا الحليف الأوثق لفرنسا، هذا الحلف تاريخياً سببه الصراع الدائم بين ألمانيا وفرنسا، هناك في فرنسا جزء كبير يريد علاقات قوية مع روسيا، هذا لا شك فيه وهؤلاء يتواجدون في الاحزاب السيادية ومنهم شخصيات سيادية في احزاب تقليدية. 

 

*ميشال ريمبو: سفير فرنسي سابق في السودان والسعودية واثيوبيا وموريتانيا ودبلوماسي في سوريا والجزائر ولبنان والبرازيل عمل في الخارجية الفرنسية دبلوماسيا لأربعة عقود له مؤلفات حول الشرق الاوسط وافريقيا (أبرزها كتاب عاصفة على الشرق الأوسط الكبير الذي يكشف فيه حقيقة حرب تدمير سوريا)

  • فريق ماسة
  • 2017-04-27
  • 8517
  • من الأرشيف

الدبلوماسي الفرنسي ميشال ريمبو : اللوبي الأميركي والصهيوني يتحكم بالدولة الفرنسية العميقة

تجري الدورة الاولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية يوم الأحد 23 من نيسان الحالي، ويترشح لهذه الدورة أحد عشر مرشحا رئاسياً، على أن تتم التصفية ويبقى مرشحان للجولة الثانية والتي سوف تجري يوم الأحد السابع من شهر أيار القادم.   تدور المعركة الانتخابية الفرنسية، وسط حالة من عدم معرفة التوجه العام للناخب الفرنسي خصوصاً مع صعود فجائي لمرشح "اللوبي الأميركي" إيمانويل ماكرون، والحملات الاعلامية التي تعرض لها مرشح اليمين الجمهوري رئيس الوزراء السابق (في عهد نيكولاي ساركوزي) فرانسوا فيون، الذي يدعو الى تطوير العلاقات مع روسيا، كما يطمح الى تغيير السياسة الفرنسية في سوريا حسب تصريحاته.   موقع "العهد الاخباري" وفي متابعته لهذه الانتخابات أجرى هذا الحوار مع الدبلوماسي والسفير الفرنسي السابق ميشال ريمبو، هذا نصه:   كيف ترون هذه الانتخابات من منظور داخلي فرنسي وخارجي؟   عادة، يتجنب المرشحون للانتخابات الرئاسية الفرنسية الحديث عن الامور الخارجية، وينصب اهتمامهم في الداخل الفرنسي، وهذا لا يعني أن الاحداث في الخارج لا تؤثر، لكن مرشحي الرئاسة الفرنسية يتجنبون التورّط في أمور إشكالية خارجية، مثال على ذلك موضوع الاتحاد الاوروبي الذي هو مشكلة أساسية ويومية في فرنسا لا يتم تناوله في اتباع دقيق لهذه السياسة، في الداخل هناك أكثر من طرف يتصارعون في هذه الانتخابات أقواهم اللوبي الامريكي والصهيوني الذي يضم مرشحين في كل الأحزاب، وهناك اللوبي السيادي الفرنسي ويتمثل بمرشحة الجبهة الوطنية مارين لوبان، وبعض المرشحين الآخرين الصغار أمثال جاك شوميناد وفرنسوا اسولينو.   تحدثتم عن اللوبي الصهيوني ـ الأميركي، أين يتواجد تحديداً وما أسباب قوته؟   هذا اللوبي موجود في الدولة الفرنسية العميقة، في المصارف، في الجيش والأمن، في الوظائف، وتجده تحديداً في المثقفين وخريجي المدارس العليا والقيمة مثل (إيناك) وهو يعتمد على جمعيات أهلية ونواد متفرقة تجمع النخب المثقفة والمالية والاعلامية وغيرها من المجالات، كما يعتمد هذا اللوبي على الكنيسة البروتستانتية التي تلقى رواجا هذه السنوات في اوروبا وفي فرنسا تحديدا، وهذا الرواج يعود الى حالة الإعجاب بكل ما هو أميركي، وبالتالي فهؤلاء يستفيدون من حالة النشاط والتبشير والدعاية القوية التي يمتلكونها، يمكن رؤية هذا اللوبي في جمعيات دعوية تمارس التبشير على الطريق العام وتلبس لباسًا اسود موحدًا، وتتحدث للناس عن القيامة وعن المسيح القادم، هؤلاء يشكلون اللوبي الذي يبدأ من شهود يهوه ولا ينتهي عند دعوة اليوم السابع، هذه الجمعيات التبشيرية والغيبية لا تقتصر فقط على شهود يهوه هناك خمس وأو ست جمعيات ناشطة في هذا المجال.   هذا اللوبي أيضا يعتمد على برنامج القادة المستقبليين حيث يتم دعوة هذه النوعية من الناس الى اميركا بشكل مجموعات يتم استقبالها لفترات متقطعة في الولايات المتحدة لتطويعها وضمها تحت أمرة اللوبي، هناك شعبان مختاران في العالم (يضحك) الأول الجميع يعرفه في الشرق الاوسط والثاني في اميركا.   ماذا عن اللوبي الكاثوليكي ودعمه لفرانسوا فيون؟   هناك دعم من بعض الكنيسة لفيون ولكن أيضا هناك في اللوبي الكاثوليكي من هو تحت سيطرة اللوبي الصهيوني ـ الأميركي، مثالا على ذلك، في الخارجية الفرنسية هناك الكوادر الذين يقررون السياسة بعيداً عن الدبلوماسيين هؤلاء الكثير منهم يخضعون للوبي الاميركي ويتبعونه، فرانسوا فيون هو مثال للفرنسي الكاثوليكي المحافظ، هو قالها بلسانه، ولكن لا اعلم إن كان سيربح خصوصا انه تعرّض لحملة إعلامية كبيرة، لحدّ الآن الأمور غير واضحة لمن ستكون الغلبة.   ماذا عن مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان؟   هي ايضا من الفريق السيادي الفرنسي، ولديها حظوظ كبيرة في الفوز بالجولة الاولى، لكن هل سيتكرر سيناريو جاك شيراك مع جان ماري لوبان، فعندما اجتمع الكل ضد والدها جان ماري لوبان في انتخابات عام 2002، وصوتوا لشيراك اعتقد أن هذا قد يحصل معها أيضاً.   هل يمكن القول أن هذه الانتخابات تمثل حالة صراع تتخطى الحدود الفرنسية؟   بالتأكيد هناك صراع هويات في هذه الانتخابات، حيث الصراع على اوروبا التي هي بالاساس مشروع أميريكي للسيطرة والهيمنة، التيارات السيادية تريد الاستقلال عن طغيان وسيطرة اللوبي الاوروبي، أيضاً الصراع على الانضمام للحلف الاطلسي، فالاحزاب التقليدية هي اوروبية وأطلسية، اميركا حررت فرنسا من ألمانيا النازية، لكنها استعمرتها بطريقة أخرى وحاول الجنرال شارل ديغول الابتعاد عن الهيمنة الامريكية حيث كان هناك تحالف تاريخي بينه وبين الحزب الشيوعي لكنه لم يستمر طويلا.   هل هناك سياسة عربية لفرنسا؟   لا اعتقد هذا، حاول شارل ديغول ان يقترب اكثر من العرب، لكن ليس هناك شيء اسمه سياسة عربية لفرنسا.   ماذا عن العلاقة مع روسيا؟   تاريخيا، كانت روسيا الحليف الأوثق لفرنسا، هذا الحلف تاريخياً سببه الصراع الدائم بين ألمانيا وفرنسا، هناك في فرنسا جزء كبير يريد علاقات قوية مع روسيا، هذا لا شك فيه وهؤلاء يتواجدون في الاحزاب السيادية ومنهم شخصيات سيادية في احزاب تقليدية.    *ميشال ريمبو: سفير فرنسي سابق في السودان والسعودية واثيوبيا وموريتانيا ودبلوماسي في سوريا والجزائر ولبنان والبرازيل عمل في الخارجية الفرنسية دبلوماسيا لأربعة عقود له مؤلفات حول الشرق الاوسط وافريقيا (أبرزها كتاب عاصفة على الشرق الأوسط الكبير الذي يكشف فيه حقيقة حرب تدمير سوريا)

المصدر : نضال حمادة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة