دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
نفذت بالامس (22/3/2017) وحدات من قوات المارينز الاميركية إنزالا مفاجئا على الطريق الدولي الرابط بين الرقة وحلب في منطقتي وادي هبنا وخان ابو هريرة غرب مدينة الطبقة الواقعة على نهر الفرات في الشرق السوري،
وأمنت بذلك وصولا سهلا لمجموعة كبيرة من وحدات قوات سوريا الديمقراطية التي تخوض معركة واسعة لمحاصرة وطرد داعش من الرقة، وقد انتشرت هذه الوحدات (الاميركية والكردية) في محيط موقع الانزال وسيطرت على الطريق الوحيد بين احد اهم مواقع داعش المتبقية شرق حلب في مسكنة وبين الطبقة .
في الظاهر، تبدو عملية الانزال غرب الطبقة خطوة منطقية من الناحية العسكرية كعنصر اساس من عناصر مناورة محاصرة داعش في مدينة الرقة، حيث يتم الضغط على عناصر التنظيم الارهابي في المدينة المذكورة اعتبارا من اريافها الشمالي والشمالي الشرقي من قبل وحدات حماية الشعب الكردي وقوات سوريا الديمقراطية، والتي استطاعت ايضا قطع تواصل عناصر داعش بين الرقة ودير الزور شرق الفرات، بعد ان سيطرت على الطريق الواصل بين المدينتين على المحور الشرقي مقابل بلدة الميادين.
في الحقيقة، ومن خلال تحليل مُركّز لمناورة قتال داعش بشكل عام، من النواحي العسكرية والميدانية، ولِما يُمكن ان يلعبه هذا الانزال في بعده الاستراتيجي ضمن المعارك المتداخلة على الاراضي السورية شمالا وشرقا ووسطا يمكن استنتاج ما يلي:
ميدانيا
لقد تم تنفيذ الانزال غرب مدينة الطبقة في بلدتي وادي هبنا وخان ابو هريرة، وحيث يبعد غرباً قرابة 50 كلم عن مدينة الرقة، تبقى نقطة الانزال غير مؤثرة من الناحية الميدانية والعسكرية على وحدات داعش داخل المدينة المذكورة، وعليه ستبقى الوحدات الاخيرة بمنأى عن اي اشتباك مباشر مع الوحدات الكردية والاميركية المُنزَلة، التي تبقى بحاجة للتقدم شرقا المسافة المذكورة واكثر بقليل لتحقيق التماس مع داعش في عاصمته السورية، الامر الذي دونه معوقات كثيرة، ليس اقلها الجهود الكبيرة التي يضعها التنظيم اساسا في تلك المنطقة الحيوية، بالاضافة إلى تجميع اعداد كبيرة من وحداته التي انسحبت وتنسحب تباعا من الاماكن الواسعة التي تقدم اليها الجيش العربي السوري شرق حلب.
عسكريا
من خلال اجراء مقارنة لاغلب معارك مواجهة داعش في المدن التي تمت مهاجمته فيها، كالرمادي والفلوجة سابقا والموصل حاليا في العراق، او كمنبج سابقا والباب مؤخرا في سوريا، كان دائما يتميز التنظيم بمدافعته عن المدن بطريقة لافتة، مستفيدا من خبراته القتالية في الاماكن السكنية، حيث يتفنن في نشر شبكات العبوات الناسفة والتفخيخات وفي توزيع القناصين وإطلاق السيارات المفخخة التي يقودها انتحاريون محترفون، كما ويبرع في استعمال المدنيين كدروع بشرية، وبالتالي فان كل انتشار خارج مدينة الطبقة وبعيدا عنها لن يكون فعالا بالقدر الكافي لمهاجمة داعش في الرقة اذا لم يُنفذ في نقطة قريبة من مداخل المدينة الاخيرة واحيائها المتاخمة بشكل مباشر، وحيث كان يمكن ان يكون اكثر فعالية للضغط على داعش لو نفذ هذا الانزال على طريق الرقة - الطبقة، ما بين السلحبية شرق الفرات وقرية البارودة على ضفافه الغربية.
استراتيجيا
بعد التقدم الناجح والسريع لوحدات الجيش العربي السوري شرق حلب حيث سيطر على عشرات الكيلومترات على الضفاف الغربية للفرات، وحيث هو الآن يحاصر مدينة دير حافر التي تلفظ فيها وحدات داعش انفاسها الاخيرة، وبعد ان اصبحت وحدات الجيش المذكور وحلفائه قاب قوسين من الوصول الى مطار ومدينة الطبقة، جاء الانزال الاميركي غرب الطبقة ليحقق عمليا الاهداف التالية:
- يقطع على الجيش العربي السوري الطريق الحيوي الاساسي الذي يحتاجه للتقدم شرقا وتحرير مطار ومدينة الطبقة الاستراتيجية .
- يمنع الجيش المذكور اعلاه من إكمال ملاحقته لعناصر داعش حتى الاطراف الغربية للرقة، والتي عبرها كان سيفرض نفسه لاعبا اساسيا في عملية تحرير الرقة وطرد داعش من الشرق السوري، خاصة بعد تحريره لمدينة تدمر وتقدمه اللافت شرقها .
- يسمح الانزال للوحدات الكردية ولمن يتحالف معها ان تمتلك ميدانا حيويا يفصل مسكنة عن الطبقة ويربط مواقعها شرق الفرات بمواقعها غربه، الامر الذي سيعطيها تواجدا حيويا وسيطرة استراتيجية غرب الفرات، تفرض نفسها من خلاله لاعبا فاعلا في اية مفاوضات وتسوية لاحقة.
وهكذا ... يكون الاميركيون قد اصابوا غير نقطة ميدانية واستراتيجية من خلال الانزال الذي نفذوه غرب الفرات على الطريق الفاصل بين الطبقة وريف حلب الشرقي، و يكونون ايضا قد اعاقوا تقدم الجيش العربي السوري في ملاحقته لداعش، الذي سوف يكون محميا في الطبقة والرقة من ضغط الجيش الاخير، والذي برهنت الوقائع الميدانية والعسكرية انه الاكثر فعالية في مواجهة التنظيم الارهابي مقارنة بوحدات درع الفرات او بالمجموعات المسلحة الاخرى، كردية او غير كردية .
المصدر :
العميد شارل أبي نادر
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة