لم أستغرب أبداً رد فعل أمين عام ما يسمى «جامعة الدول العربية» أحمد أبو الغيط على دعوة د. إبراهيم الجعفري وزير الخارجية العراقي الذي طالب بإلغاء قرار تعليق عضوية سورية، أو تجميدها لا فرق،

 

 بالقول: «إن الوقت غير ملائم لهذه العودة»! وهنا بالتأكيد يستحق وزير الخارجية العراقي الشكر، والتقدير لموقفه العروبي، والصادق تجاه سورية، وشعبها لأنه استند في دعوته إلى حق شعب سورية بكل تاريخه، وبطولاته في الجامعة العربية، وبغض النظر عن الخلافات الموجودة- كما قال، ولكن أيضاً أعتذر من الدكتور الجعفري لأنه بخبرته الدبلوماسية، والسياسية يدرك أيضاً أن هذه الجامعة تحتاج إلى هدم، وبناء من جديد ذلك أنها تحولت إلى منظمة إقليمية تتآمر على الدول الأعضاء فيها، وتدمرها دولة إثر أخرى! فعن أي جامعة نتحدث يا صديقنا، وعن أي عرب، وعن أي إسلام؟!

 

القطريون مثلاً تذكروا (قيم الإسلام الحنيف) عندما تعلق الأمر بمواطنين قطريين يُقال إنهم خطفوا في العراق! لكن قطر نفسها لم تتذكر الإسلام الحنيف، عندما مولت بملايين الدولارات قتلة، ومجرمين ومتطرفين في كل الدول العربية! كما أنها لم تتذكر قيم الإسلام الحنيف عندما حولت منابرها إلى منصات تدعو لاقتتال المسلمين وتحريضهم على بعضهم البعض! وإلى منصات لعملاء الموساد من أمثال عزمي بشارة، وفيصل قاسم- وغيرهم…

في كل الأحوال لا أريد هنا أن أعود إلى قرار تجميد عضوية سورية المخالف أساساً للميثاق، ولا الطريقة الوضيعة التي تم التعاطي فيها مع دولة مؤسسة لهذه الجامعة من أشباه دول لم تكن موجودة على الخريطة حين إنشاء جامعة الدول العربية! لأن الضرب في الميت حرام- فجامعة الدول العربية هذه جثة هامدة، وهي ليست إلا مكاناً لحياكة المؤامرات، والقرارات ضد الدول الأعضاء، ومصالح الشعوب العربية، والأمن القومي العربي.

ودعوني أطرح أسئلة أكثر جرأة، مما طرحه وزير الخارجية العراقي مشكوراً، ذلك أن الأمور لا يمكن أن تستمر كما كانت سابقاً- أي تكاذب، ونفاق، ومجاملات، وبيانات لا تقدم، ولا تؤخر، ولم يتحقق منها شيء! ومن هذه الأسئلة:

1- هل تجمعنا فعلاً أهداف مشتركة كدول عربية، وأنظمة مختلفة فيما يتعلق بالقضايا المصيرية؟! أشك في ذلك لأن هناك دولاً عربية هي في حلف غير معلن مع إسرائيل، وتريد جامعة الدول العربية ورقة لستر عوراتها، وتمرير مؤامراتها! هل نحن العرب موحدون تجاه قضية فلسطين، وحتى تجاه إيجاد حل عادل لمأساة الشعب الفلسطيني!! أيضاً هذا غير موجود.

2- هل نحن موحدون تجاه مشاريع عربية مشتركة اقتصادية تحقق المصالح من دون العواطف، وتجلب المنافع للجميع؟! لا أجد أثراً لهذا الأمر في الواقع- بل العكس هناك من يريد أن يُجيش بعض العرب ضد بعضهم الآخر، وأن يفرض وجهة نظره من دون أن يحترم وجهات نظر الآخرين، وهو أساساً نموذج للعنجهية، والتخلف، والجهل، ويريد أن يحول جامعة الدول العربية إلى (جامعة داحس والغبراء)!

3- هل نحن متفقون على أسس الديمقراطية، والحريات، وحقوق الإنسان، وحقوق المرأة مثلاً؟! ما الذي يجمعني أنا في سورية، أو في مصر، أو في الجزائر، أو في العراق مع أنظمة لا دساتير لديها، ولا تزال تقطع الرؤوس في الساحات وتنشر التطرف، والتكفير كالسعودية، وقطر؟!

كيف لا يخجل البعض في السعودية من احتضان معارضة سورية مزعومة، وهو ليس لديه دستور، أو حريات، أو ديمقراطية ثم يخرج علينا بخطاب يدعم المعارضة في سورية، ويسحقها في البحرين؟ يتحدث عن آلام السوريين، ويغمض العين عن آلام اليمنيين، ومآسيهم مع جرائمه، وممارساته العنصرية!!

4- أي جامعة عربية هذه، التي تطلق (لاءات ثلاثاً) عام 1967، لتتحول إلى «نعم دائمة» للكيان الصهيوني عام 2016، وإلى منبر لمحاصرة أي مقاومة، أو مشروع مقاوم، أو مشروع ثقافي، أو أي شكل من أشكال التنور؟!

هل سننسى منظر حمد بن جاسم، ونبيل العربي عندما نقلا ملف سورية إلى الأمم المتحدة، وجلسا كشاهدي زور مطأطئي الرأس ليخفيا الحقائق، ولتقرير الفريق الدابي عن مجلس الأمن، ويتباكيا على الشعب السوري؟!

من قال إننا سوف ننسى أن هذه الجامعة شرعت تقسيم السودان، والعدوان على العراق، وقتل الليبيين، والسوريين واليمنيين؟! ومن قال إن السوريين سوف ينسون قرارات الحصار الاقتصادي، والعقوبات الظالمة! أو إننا سوف ننسى اجتماع الوزراء العرب لمعاقبة الإعلام السوري- وليس الصهيوني؟!

ومن قال إننا سوف ننسى السعي المحموم لشبه دولة قطر التي اشترت رئاسة القمة العربية فقط لتُجلس سورياً معارضاً على مقعد الجمهورية العربية السورية، وتضع علماً آخر لسورية لتمارس النكاية السياسية؟

المأساة أكبر من أن تُحل بتبويس اللحى، والشوارب فهذا الزمن قد ولى، وصاحب القرار في العودة للجامعة العربية هو الشعب السوري الذي دفع آلاف الشهداء ليحافظ على عروبة الشام، ونقائها من دم التكفيريين، والقتلة، وتنظيفها من أحفاد بن غوريون المتأسلمين، وداعميهم في الجامعة العربية!

وإذا كان أحمد أبو الغيط يتساءل ببلاهة، أو بغباء عن سبب غياب الدور العربي في حل الأزمة السورية، فما عليه سوى تذكر ما قالته سورية عام 2011: إن من يرد عزل سورية، فإنه يعزل نفسه، وها هي جامعة الدول العربية معزولة، بائسة- لا دور لها، لأن من راهن على هزيمة السوريين واهم- واهم، وأن سورية تسير بشعبها، وجيشها، وقائدها نحو نصرها المؤزر على عصابات التكفير، والوهابية التي أُشبعت قرارات، وأموالاً مما يسمى جامعة عربية.

إن ما قلته ليس تشدداً، أو تطرفاً، ولكنه تعبير عن رأي عام سوري مفاده: «أن عودة سورية للجامعة لا تنتظر الوقت الملائم لهم كما قال أبو الغيط، ولكنها تنتظر شروط المنتصر أي شروط الرئيس بشار الأسد الذي سيقولها حينما تحين لحظة الحقيقة، والوقت المناسب له».

 

  • فريق ماسة
  • 2017-03-08
  • 10903
  • من الأرشيف

عودة سورية للجامعة العربية: شروط المنتصر!

 لم أستغرب أبداً رد فعل أمين عام ما يسمى «جامعة الدول العربية» أحمد أبو الغيط على دعوة د. إبراهيم الجعفري وزير الخارجية العراقي الذي طالب بإلغاء قرار تعليق عضوية سورية، أو تجميدها لا فرق،    بالقول: «إن الوقت غير ملائم لهذه العودة»! وهنا بالتأكيد يستحق وزير الخارجية العراقي الشكر، والتقدير لموقفه العروبي، والصادق تجاه سورية، وشعبها لأنه استند في دعوته إلى حق شعب سورية بكل تاريخه، وبطولاته في الجامعة العربية، وبغض النظر عن الخلافات الموجودة- كما قال، ولكن أيضاً أعتذر من الدكتور الجعفري لأنه بخبرته الدبلوماسية، والسياسية يدرك أيضاً أن هذه الجامعة تحتاج إلى هدم، وبناء من جديد ذلك أنها تحولت إلى منظمة إقليمية تتآمر على الدول الأعضاء فيها، وتدمرها دولة إثر أخرى! فعن أي جامعة نتحدث يا صديقنا، وعن أي عرب، وعن أي إسلام؟!   القطريون مثلاً تذكروا (قيم الإسلام الحنيف) عندما تعلق الأمر بمواطنين قطريين يُقال إنهم خطفوا في العراق! لكن قطر نفسها لم تتذكر الإسلام الحنيف، عندما مولت بملايين الدولارات قتلة، ومجرمين ومتطرفين في كل الدول العربية! كما أنها لم تتذكر قيم الإسلام الحنيف عندما حولت منابرها إلى منصات تدعو لاقتتال المسلمين وتحريضهم على بعضهم البعض! وإلى منصات لعملاء الموساد من أمثال عزمي بشارة، وفيصل قاسم- وغيرهم… في كل الأحوال لا أريد هنا أن أعود إلى قرار تجميد عضوية سورية المخالف أساساً للميثاق، ولا الطريقة الوضيعة التي تم التعاطي فيها مع دولة مؤسسة لهذه الجامعة من أشباه دول لم تكن موجودة على الخريطة حين إنشاء جامعة الدول العربية! لأن الضرب في الميت حرام- فجامعة الدول العربية هذه جثة هامدة، وهي ليست إلا مكاناً لحياكة المؤامرات، والقرارات ضد الدول الأعضاء، ومصالح الشعوب العربية، والأمن القومي العربي. ودعوني أطرح أسئلة أكثر جرأة، مما طرحه وزير الخارجية العراقي مشكوراً، ذلك أن الأمور لا يمكن أن تستمر كما كانت سابقاً- أي تكاذب، ونفاق، ومجاملات، وبيانات لا تقدم، ولا تؤخر، ولم يتحقق منها شيء! ومن هذه الأسئلة: 1- هل تجمعنا فعلاً أهداف مشتركة كدول عربية، وأنظمة مختلفة فيما يتعلق بالقضايا المصيرية؟! أشك في ذلك لأن هناك دولاً عربية هي في حلف غير معلن مع إسرائيل، وتريد جامعة الدول العربية ورقة لستر عوراتها، وتمرير مؤامراتها! هل نحن العرب موحدون تجاه قضية فلسطين، وحتى تجاه إيجاد حل عادل لمأساة الشعب الفلسطيني!! أيضاً هذا غير موجود. 2- هل نحن موحدون تجاه مشاريع عربية مشتركة اقتصادية تحقق المصالح من دون العواطف، وتجلب المنافع للجميع؟! لا أجد أثراً لهذا الأمر في الواقع- بل العكس هناك من يريد أن يُجيش بعض العرب ضد بعضهم الآخر، وأن يفرض وجهة نظره من دون أن يحترم وجهات نظر الآخرين، وهو أساساً نموذج للعنجهية، والتخلف، والجهل، ويريد أن يحول جامعة الدول العربية إلى (جامعة داحس والغبراء)! 3- هل نحن متفقون على أسس الديمقراطية، والحريات، وحقوق الإنسان، وحقوق المرأة مثلاً؟! ما الذي يجمعني أنا في سورية، أو في مصر، أو في الجزائر، أو في العراق مع أنظمة لا دساتير لديها، ولا تزال تقطع الرؤوس في الساحات وتنشر التطرف، والتكفير كالسعودية، وقطر؟! كيف لا يخجل البعض في السعودية من احتضان معارضة سورية مزعومة، وهو ليس لديه دستور، أو حريات، أو ديمقراطية ثم يخرج علينا بخطاب يدعم المعارضة في سورية، ويسحقها في البحرين؟ يتحدث عن آلام السوريين، ويغمض العين عن آلام اليمنيين، ومآسيهم مع جرائمه، وممارساته العنصرية!! 4- أي جامعة عربية هذه، التي تطلق (لاءات ثلاثاً) عام 1967، لتتحول إلى «نعم دائمة» للكيان الصهيوني عام 2016، وإلى منبر لمحاصرة أي مقاومة، أو مشروع مقاوم، أو مشروع ثقافي، أو أي شكل من أشكال التنور؟! هل سننسى منظر حمد بن جاسم، ونبيل العربي عندما نقلا ملف سورية إلى الأمم المتحدة، وجلسا كشاهدي زور مطأطئي الرأس ليخفيا الحقائق، ولتقرير الفريق الدابي عن مجلس الأمن، ويتباكيا على الشعب السوري؟! من قال إننا سوف ننسى أن هذه الجامعة شرعت تقسيم السودان، والعدوان على العراق، وقتل الليبيين، والسوريين واليمنيين؟! ومن قال إن السوريين سوف ينسون قرارات الحصار الاقتصادي، والعقوبات الظالمة! أو إننا سوف ننسى اجتماع الوزراء العرب لمعاقبة الإعلام السوري- وليس الصهيوني؟! ومن قال إننا سوف ننسى السعي المحموم لشبه دولة قطر التي اشترت رئاسة القمة العربية فقط لتُجلس سورياً معارضاً على مقعد الجمهورية العربية السورية، وتضع علماً آخر لسورية لتمارس النكاية السياسية؟ المأساة أكبر من أن تُحل بتبويس اللحى، والشوارب فهذا الزمن قد ولى، وصاحب القرار في العودة للجامعة العربية هو الشعب السوري الذي دفع آلاف الشهداء ليحافظ على عروبة الشام، ونقائها من دم التكفيريين، والقتلة، وتنظيفها من أحفاد بن غوريون المتأسلمين، وداعميهم في الجامعة العربية! وإذا كان أحمد أبو الغيط يتساءل ببلاهة، أو بغباء عن سبب غياب الدور العربي في حل الأزمة السورية، فما عليه سوى تذكر ما قالته سورية عام 2011: إن من يرد عزل سورية، فإنه يعزل نفسه، وها هي جامعة الدول العربية معزولة، بائسة- لا دور لها، لأن من راهن على هزيمة السوريين واهم- واهم، وأن سورية تسير بشعبها، وجيشها، وقائدها نحو نصرها المؤزر على عصابات التكفير، والوهابية التي أُشبعت قرارات، وأموالاً مما يسمى جامعة عربية. إن ما قلته ليس تشدداً، أو تطرفاً، ولكنه تعبير عن رأي عام سوري مفاده: «أن عودة سورية للجامعة لا تنتظر الوقت الملائم لهم كما قال أبو الغيط، ولكنها تنتظر شروط المنتصر أي شروط الرئيس بشار الأسد الذي سيقولها حينما تحين لحظة الحقيقة، والوقت المناسب له».  

المصدر : د. بسام أبو عبد الله


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة