دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
بتاريخ 12نوفمبر/ تشرين الثاني لعام 2011 تم تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية، مع الدعوة إلى سحب السفراء العرب من دمشق. من أصل /21/ دولة اعترضت دولتان هما ” لبنان واليمن” وامتنعت عن التصويت دولة واحدة، هي “العراق”، واتفق على أن يسري مفعول التعليق بعد أربعة أيام، أي اعتبارا من /16/ نوفمبر/ تشرين الثاني…
ست سنوات ونيف من عمر الحرب المتوحشة على سورية، مضت وبعض العرب يساهم في الحرب بطريقته، وبعضهم يتفرج عليها بسياسته، وسورية صامدة، وجل هؤلاء قد عايش تداعيات الإطاحة بأنظمة سياسية شقيقة، وأهمها الفتك برؤسائها العرب:
في العراق: أعدم الرئيس “صدام حسين” بمحاكمة.
في ليبيا: أعدم العقيد “القذافي” بدون محاكمة،
في تونس: نفي الرئيس″ بن علي” بدون محاكمة ولما يزل ملاحقا.
في مصر: حوكم وسجن الرئيس “مبارك”.
في اليمن : خلع الرئيس “علي عبد الله صالح”.
لم يبق صامدا سوى الرئيس “بشار الأسد” في سورية، ما يفهم من (الثورات) العربية أنها لم تكن في صالح بناء الأوطان، وقد شاهدنا ذلك الكم المريع من التخريب، بل كانت (ثورات) ثأرية مشخصنة في جلها، خصوصا في سورية، التي انتصرت للمقاومة اللبنانية، إبان عدوان 2006م الإسرائيلي-الأميركي- العربي في بعضه علي لبنان، إذ استمر مطلب( تنحية الرئيس) هو شعار المعارضة المسلحة ورعاتها في شتى بقاع الأرض، علما أن تخريب سوريا كان مرافقا لهذا الشعار، فلقد بلغت خسائر سورية مئات المليارات من الدولارات الأميركية، واستنزف شبابها في القتال ضد أعدائها على كافة الجبهات في عموم الأرض السورية. الآن : هل ستحضر سورية مؤتمرالقمة العربية الذي سيُعقد في “الأردن” بتاريخ التاسع والعشرين من الشهر الحالي؟
يقال في المثل الشعبي الموروث: (علمني رأس الذئب المقطوع) ويكون حكيما من يتعظ من العبرة التي يوحي بها هذا المثل…حيث يمكن أن يطور هذا المثل ليكون:(علمتني رؤوس الذئاب المقطوعة) مع كل الإحترام للأحياء من الرؤساء وكل الرحمة للأموات منهم.
الذين ساهموا، عبر تشكيلهم تغطية لقتل وعزل هؤلاء الرؤساء، هم من سيحضر القمة، وهم من خلال جامعة (القمة) الذين عزلوا سورية، وأصدروا (صكوك الغفران) لكل من ساهم بقتل أو عزل الرؤساء العرب المسلمين، سواء في الداخل أو في الخارج، فكيف يعقل أن تحضر سورية، قبل أن يقدم هؤلاء ما يفيد تراجعهم عن استكمال تنفيذ مخطط تدمير سورية وتنحية رئيسها، كمحصلة لا تزال تعشش في أذهانهم، هذا إذا لم نقل إنهم يسعون إلى رسم ملامح (سيناريو) أكثر وحشية مما جرى يجري …
قبل البحث بشروط الدعوة وشروط القبول، علينا ان نلقي نظرة على الميدان، فماذا نجد على مستوى الجيش العربي السوري وحلفائه:
-استعادة تدمر، ومتابعة التقدم نحو معاقل (داعش ) في ناحية “السخنة” الواقعة على طريق تدمر-دير الزور.
-إفشال مخطط إشعال الحرب االإستنزافية في جبهة “درعا” في الجنوب، بعد أن تم إيقاف هجوم المجموعات المسلحة الإرهابية وحلفائها من (المعتدلين) ضمن أحياء درعا الجنوبية، وتثبيت حالة الإستقرار الحذر؟.
-التمكين في مدينة حلب.
-التقدم باتجاه سد الفرات، موقع مدينة الثورة(الطبقة).بعد اجتياح الريف الشمالي – الشرقي لمدينة حلب….واستعادة ما يقارب من /1300/ كم2 من المساحات التي كان يسيطر عليها تنظيم(داعش)الإرهابي.
-توجيه ضربات جوية تحذيرية في محافظة”إدلب” إلى المجموعات الإرهابيةالمسلحة ، ومعها شراذم المقاتلين المنسحبين إليها بتسوية مع الدولة، في أوقات مختلفة…
-النجاح، عبر الترغيب والترهيب، بفصل المعتدلين من المسلحين، عن المتطرفين الإرهابيين، وجعل العديد من المواقع التي يحتلها هؤلاء، هي ميدان الفرز بالقوة، ليستقر العمل على الفرز الثاني بين من مؤيد لوقف إطلاق النار، وبين من يرفضه، على ضوء من حضر ويريد أن يحضر لقاءات “أستانة” ومباحثات جنيف/4/ بالتالي.
-لجم التهور التركي باتجاه التوغل التفافا فيما وراء بلدة “الباب ” ادعاء التطويق لـ”داعش” وطردها, وبالتالي تشكيل حاجز أمام تقدم الجيش العربي السوري وحلفائه باتجاه سد الفرات…
-خفوت نغمة المناطق الآمنة، بعد أن صب الزيت على نارها الرئيس الأميركي”ترامب”، حينما طلب من قيادة الجيش تقديم مقترحات حول إنشاء تلك المناطق، بعد اتصال هاتفي أجراه مع الرئيس التركي “أردوغان” ما يوحي أن هذه الخطوة الأميركية ليست سوى تنسيقا ترغب به تركيا..
-تراجع (الهيئة العليا للمفاوضات) ما سمي بـ(منصة السعودية) عن فرض شروط محددة تتعلق بتنحي الرئيس الأسد، وعدم طرح موضوع مكافحة الإرهاب، كـ(سلة) من سلال البحث، وأخيرا التزامها وقف إطلاق النار، التحاقا بما نتج عن مباحثات “أستانة” على لسان قائد “جيش الإسلام” المحيط بدمشق من الناحية الشرقية..
-رجحان كفة منصتي “موسكو” و”القاهرة” السياسية، على منصة” السعودية”في مباحثات جنيف/4/، وذلك على مستوى عموم حيوية دورهما في تبني حلا سياسيا مقبولا لدى جميع الأطراف للأزمة السورية، ، وقد أشار إلى ذلك المبعوث الأممي”ديمستورا” تلميحا، بقصد وضع حد لمكابرة منصة” السعودية” متبعا خطى خطابه السياسي الذي استخدمه في فترة ما قبل استعادة مدينة”حلب” والموجه خصوصا للمعارضة المسلحة التي كانت رافضة لخطواته…أو فارضة شروطا معرقلة، وغير مقبولة لدى الحكومة السورية وحلفائها.
-زيارة وزير الخارجية السعودي”الجبير” إلى العراق، بعد تمنع طويل عن هذه الخطوة، وبعد وقت قصير من قيام الطيران الحربي العراقي بقصف مواقع لـ(داعش) عبر الحدود في مناطق “البوكمال” السورية، بموافقة وتنسيق عالي المستوى مع الجهات المختصة لدى الحكومة السورية.يتبع ذلك تصريح علني من قبل القيادة السياسية في العراق، صدر بتاريخ اليوم، يقول بأنهم: سيحاربون الإرهاب(الداعشي) عير الحدود السورية من العراق.
-حدوث تماس (بارد) بين الجيشين العربي السوري، والأميركي في منطقة “منبج” التي استعادها الجيش العربي السوري حديثا من تحت سيطرة(داعش) …ما يساوى خطوة باتجاه تهدئة النفوس، وتقريب وجهات النظر على خط محاربة الإرهاب، وتنظيف الأراضي السورية منه، من غير أن نغفل دور “روسيا الإتحادية” في عملية (تبريد) خطوط التماس …
-زيارة الرئيس التركي “أردوغان” إلى موسكو، وبعدها زيارة الرئيس الإيراني”روحاني” إليها…المسعى واضح، تثبيت المتحصلات من لقاءات”أستانة” في جنيف/4/ ومسح ما علق من دخان تعمية تركي المصدر على زجاج النوافذ المطلة على ساحة الحراك السياسي.
-إعلان وزارة الدفاع الروسية:أن الأركان الروسية والتركية والأميركية ناقشوا الأمن الإقليمي في سورية والعراق، في مدينة”أنطاليا” التركية.
إضاءة:
* ما تقدم من نقاط بارزة على خط مسار الحرب على سورية، يشير إلى أن مرحلة إسقاط الحكومة السورية، والتخلص من الرئيس الأسد بشتى الطرق، قد صارت وراء الظهر، ليبقى الشكل الجديد الذي سيعبر عن إعادة تموضع العالم في علاقته المستجدة مع سورية، والعلاقة تكون هنا تكون على ثلاث مستويات عربية وأجنبية، وأممية:
1- حافظت منظمة الأمم المتحدة على سورية عضوا فيها، له صوته المؤثر دفاعا عن المصالح السورية، في مواجهة حرب سياسية ضروس، وقد نجحت السياسة السورية إلى حد كبير في الإبقاء على صوت سورية حيّا برغم الحصار العربي والغربي لها، إعلاميا وسياسيا واقتصاديا، وعسكريا…
2- تأكد الغرب ، مكرها، بعد تردد كلف دما غاليا من دماء السوريين، أن الجيش العربي السوري هو عصب القوى الضاربة في الحرب على الإرهاب، من حيث إمساكه بالأرض، وأيضا من حيث إمساكه بالحق الذي يمنحه شرعية في جميع تحركاته في الميدانية.
3- بذلت كفة العرب الراجحة في الجامعة العربية، وعلى رأسهم دول النفط الخليجية؟! الغالي والنفيس، الأخلاقي واللاأخلاقي، في سبيل تدمير سورية وإنهاء دور رئيسها بشتى السبل، على غرار ما فعلوا في بعض دول (الربيع الأحمر العربي) وقد نجحوا في تدمير معظم البنية التحتية لسورية، وساعدوا الإرهاب في عملياته العسكرية مباشرة ومداورة في السيطرة على مصادر الثروة السورية من نفط وغاز، على طريق تحقيق أهداف الغرب في سورية، من خلال التنسيق معه، والأهم التنسيق مع (إسرائيل) مثلما تبين مؤخرا…لكنهم كمحصلة فشلوا في إسقاط سورية، أو تغييب ثقل رئيسها، بنظامها السياسي القائم من معادلة الصراع.
* كانت النتيجة أن بقيت سورية دولة لها صوتها، ويتجه إليها من يرى في الإرهاب خطرا يهدد مجتمعه…على خلاف الدول العربية الغنية، التي، وحتى الآن، لم يقلقها الإحتمال الكبير لتمدد توحش الإرهاب من سورية باتجاهها..وليس يوجد تفسير لذلك سوى أن تلك الدول لها صلة عميقة بوسط الجسد الإرهابي ، استخباريا واجتماعيا، الأمر الذي ربما يطمئنها إلى الدرجة التي تتجاهل معها خطره عليها…
الشروط والشروط المضادة لحضورالمؤتمر:
* شروط مفترضه يمكن أن تضعها الدول العربية المعارضة، لعودة سورية إلى الجامعة العربية، ويمكن القول أنه ستكون هالك ،دون تلبية تلك الشروط، خطوات تنفيذية، على مستوى ساحات الصراع، سيقدم عليها ما وصف بأنه (التحالف السني-الإسرائيلي) في مواجهة “إيران”،الداعم الميداني-السياسي-الإقتصادي المؤثر لسورية، ولكن الأهم هو العمل على الإنتصار في سورية، وكسر شوكة “حزب الله” كمطلب إسرائيلي بامتياز، ومن ثم الذهاب إلى إيران؟! وها هي تلك الدول تعاني عجزا بات ملحوظا حتى الآن، عن تحقيق النصر الأساس في سورية، بإحدى صيغتيه الإرهابية أوالمعتدلة…لكني أعتقد أن لأعداء سورية شرط واحد، لكنه يكثف مطالبهم ، ويكشف عوراتهم هو:
-وضع خطة متوسطة الأجل لتفكيك العلاقة بين حزب الله وإيران من جهة، وسورية من جهة أخرى، تسير جنبا إلى جنب والحل السياسي…بغض النظر عن شكل الحكم، الذي لا يستطيع أعداؤها العرب المزايدة فيه؟! ماذا يعني هذا الشرط لو نفّذ؟:
يعني تحول سورية إلى دولة خفيفة الوزن، بعد الذي حل بها من دمار، وإفقار…الأمر الذي يسهل على الإسرائيليين إخراج خرائطهم من الأدراج، وتنفيذ مضمونها على الأرض العربية، خارج حدود أرض فلسطين التاريخية، على اعتبار أن هذه الأرض بحكم المنتهية إلى حضن السلطة الإسرائيلية، لتنتعش إثر ذلك حركة بناء المستوطنات، ومعها تنشط حركة المستوطنين (المستجدين) والقدامى على حد سواء..
** شروط سورية لحضور مؤتمر القمة العربية:
هنالك قاعدة حقوقية تقول، حال وقوع ممارسات خارج نطاق القانون:
بـ”إرجاع الشيء إلى ما كان عليه”
ما يعني أن على كل من تسبب بالأزمة السورية، ورصد من المال والسلاح والإرهاب لتخريب سورية وتفتيتها أن يدفع كلفة “إعادة الشيء إلى ما كان عليه..” ليس منة، بل إحقاقا للحق.وتعبيرا عن صدق من يريد دعوة سورية إلى حضور اجتماعات مؤتمر القمة العربية، وعليه ربما سيكون ما يلي من خطوات هو عين ما يمكن أن تطالب بها سورية:
أولا: إغلاق المنصات السياسية في الجامعة العربية، و التي تعتبر سورية عضوا غير مؤهل لممارسة دوره في منظومة الدول العربية، أمنا وسياسة. واتخاذ قرار بذلك على مستوى وزراء الخارجية العرب في اجتماعاتهم التمهيدية لمؤتمر القمة الذي سيبدأ أعماله بتاريخ /29/ من هذا الشهر أذار في “عمان”، إضافة، وهو الأهم، إلى تعهد دول الخليج النفطية، بإعادة إعمار سورية، عبر قرار يتخذه الوزراء، ويعرض على الرؤساء في المؤتمر لإقراره.
ثانيا: التأكيد على المواقف العربية السابقة بخصوص حق سورية في استعادة جميع أراضيها المحتلة من الجولان إلى لواء اسكندرون…
إذن هو شرط واحد ببندين كما أسلفت، بغض النظر عن المطالب السياسية من سورية، والتي تعنى بها الآن اجتماعات جنيف طبقا للقرار/2254/ الأممي..والذي سيكون من شأن السوريين، وفقط السوريين، موالاة ومعارضة وطنية، الإتفاق على تنفيذه بالشكل الذي لا يطغى فيه حق على حق من حقوق مكونات المجتمع السوري. هنالك في العالم أمثلة كثيرة ممكن الإستئناس بها.
ثالثا:هل سيحضر الرئيس بشار الأسد المؤتمر؟ وإن حضر بعد أن يدعى، ماذا سيقول؟
– من الناحية الواقعية، سيكون حضوره مستندا إلى أمر رئيس هو: الوضع القوي في الميدان، والتقدم المستمرللجيش العربي السوري ودعم الحلفاء، في عمليات استعادة الأراضي السورية من تحت سلطة الإرهاب.. والأمر الآخر هو: ما سيتخذه وزراء الخارجية العرب من مشاريع قرارات بخصوص سورية كما أسلفت في الفقرتين أولا وثانيا، وإلا ليس هنالك ضرورة لحضور المؤتمر، ولمجرد تبادل التحية بترتيب عربي، وبطريقة عربية شكلية(تقبيل اللحى والشوارب). لأن نسبة العداء التي أظهرها بعض العرب الفاعلين لسورية وشعبها، يرتب على هؤلاء بذلا باتجاه الصلح، بقدر ما بذلوه، أو يزيد على ما بذلوه في سبيل العدوان.
– لعلنا نطمح إلى فهم ما يلي مما سيقوله الرئيس لوحضر:
عادت الجامعة إلى سورية، وسورية تخطو الخطوة الضرورية والناضجة في هذا الإتجاه… سورية لم تعتد على أحد…فقط مارست حقها في الدفاع عن نفسها، وهي ستظل كذلك، بمعونة الحلفاء، مهما طغى أعداؤها…نحن هنا كرؤساء نمثل شعوبنا، والمبدأ همو أن تذوب شخصياتنا الوطنية في سبيل ذلك…لعلنا إذ ننطلق جميعا من هذا الفهم، سوف لن نجد ما يستدعي السير باتجاه عكس مصالح شعوبنا، وخلق عداوات وهمية بينها…مع كل التقدير والإحترام، لكل جهد بذل في سبيل العمل على إعادة كل شيء كما كان بالنسبة لسورية، قبل تعليق عضويتها بقرار من الجامعة.
المصدر :
رأي اليوم
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة