دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
يمر الغرب حالياً بأزمة نُظُم غير مسبوقة: قوى عالمية كبرى توجه، تصاعدياً، مجمل وسائل الإعلام في اتجاه واحد، بالتوازي مع تغير محتوى وسائل الإعلام بالكامل، التي كانت حتى العام الماضي، تتمتع بشيء من المنطق، وتميل إلى الموضوعية.
أصبحت الآن تتصرف بمنطق العصابات، تبني تماسكها على العواطف، وسرعان ما تصبح شريرة في وجه كل من يحاول التنديد بها.
نستدل على ذلك من خلال نظم الإعلام التي وضعت في الغرب ضد سورية.
نسج التجمع الذي يقوده (غوغل ميديا لاب) روابط بين أربع عشرة من المجموعات الإعلامية الكبرى المهيمنة في الغرب. هي بالتأكيد «تفاهم غير مشروع»، وغير مبني على أهداف لتحديد الأسعار، بقدرما هو مبني على تحديد العقول، وفرض فكر أحادي مهيمن منذ زمن طويل.
جمع غوغل في الولايات المتحدة كما في فرنسا وألمانيا، بين وسائل إعلام حاضرة في آن واحد، على الصعيد المحلي في تلك البلدان، وأخرى حاضرة على المستوى العالمي، للتحقق من صحة بعض الذرائع.
بصرف النظر عن طبيعة المصالح السياسية التي دفعت شركة تجارية كبرى متخصصة في مجال تكنولوجيا المعلومات، لتمويل هذه المبادرة، إلا أن النتيجة المرجوة، لم تكن شيئاً مهماً، مع العودة إلى الموضوعية.
أولاً، لأن الاتهامات التي يُراد مراجعتها، لم يتم اختيارها بالنظر للمكانة التي تشغلها في النقاش المجتمعي العام، بل لأن أفراداً ذكروها، وأن مجموعة من وسائل الإعلام كانت تعتزم التنديد بها.
يمكننا الاعتقاد أن هذه المراجعات، سوف تساعدنا على الاقتراب من الحقيقة، لكن الواقع غير ذلك: إنها تعزز فقط الانطباع لدى المواطنين بأن وسائل إعلامه شريفة، في حين الأشخاص الذين تدينهم وسائل الإعلام هذه، ليسوا كذلك.
ليس القصد من هذه الخطوة فهم العالم، بل سحق البشر.
ثم هناك قاعدة غير مكتوبة لهذه التفاهمات الإعلامية توصي بأن يتم التحقق من التهم المنسوبة، من مصادر، من خارج نطاق التفاهم، وأن يمتنع أعضاء هذه الوسائل الإعلامية عن ممارسة أي فكر نقدي بينهم، وتعزيز فكرة أن العالم منقسم إلى شطرين: «نحن» الذين نقول الحقيقة، و«الآخرون» الذين يكذبون.
يقوض هذا النهج مبدأ التعددية السابق للديمقراطية، ويمهد الطريق لمجتمع شمولي.
استخدم هذا النهج مبادئ الحرب على سورية، لكنه طبقها على تيار فكري غربي.
علاوة على ذلك، لم يعد المواطنون يبدون أي ردود فعل، حين يقوم «تفاهم» وسائل الإعلام، هو بالذات، بنشر اتهامات كاذبة.
هاجمت وسائل الإعلام الأميركية والفرنسية بالتحديد مرشحين في الانتخابات الرئاسية الفرنسية: فرانسوا فيون، ومارين لوبن.
يمكننا أن نضيف إلى المشكلة العامة التي خلقها «تفاهم» وسائل الإعلام الذي نظمه غوغل، الانطباع الخاطئ بأن المستهدفين هما ضحية عصابة فرنسية داخل فرنسا نفسها، على حين من أعطى الأوامر هو واشنطن.
استنتج الشعب الفرنسي أخيراً أن وسائل إعلامه مغشوشة، تفسر له خطأ أن الحملة الانتخابية موجهة ضد اليمين، وتبحث خطأ عن المتلاعبين في البلاد.
تبقى نقطة لابد من إيضاحها: كيف تم اختيار هؤلاء المستهدفين من قبل «التفاهم»؟
الرابط الأوحد الواضح والمؤكد بين دونالد ترامب، وفرانسوا فيون، ومارين لوبن، هو أنهم يتمنون العمل مع روسيا، ومكافحة آفة الجهاد العالمي، الإخوان المسلمين.
المصدر :
تيري ميسان
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة