حاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في بداية انطلاق «الربيع العربي» فرض هيمنة تركيا على مناطق واسعة من البلاد العربية عبر جماعة الإخوان المسلمين.

في مصر نجح النظام التركي وحلفاؤه في إيصال مرشح الإخوان المسلمين إلى رئاسة الجمهورية المصرية، وفي ليبيا سعى الإخوان للوصول إلى السلطة منفردين أو عبر التحالف مع تشكيلات صغيرة، في تونس وصلوا إلى الحكم ومكثوا أكثر من سنتين، ولأنّ في سورية والعراق من الصعب وصول الإخوان إلى السلطة قلّص الرئيس التركي طموحاته إلى حدود اقتطاع أجزاء من سورية والعراق وإلحاقها بتركيا، وقد تجلى ذلك بإعلان أردوغان في تصريحات علنية غير مسبوقة أنه يريد إعادة النظر بالاتفاقات التي وقعت بعد الحرب العالمية، ويقصد بذلك السعي للسيطرة على الموصل وحلب.

اليوم جميع طموحات أردوغان تنهار. في مصر أزيحَ رئيس الأخوان وزجّ قادة الجماعة بالسجون. في تونس فقدوا الأغلبية التي مكّنتهم من حكم تونس لعامين وأكثر، وفي ليبيا استمرّ الصراع مع جماعات مسلحة مختلفة ولم يتمكّن الإخوان من السيطرة على هذا البلد.

أما في سورية والعراق فقد خسر رهاناته الأخرى، في سورية راهن على السيطرة على حلب، ولكن حلب عادت بكاملها إلى كنف الدولة السورية، عادت إلى موقعها الوطني الطبيعي. راهن على إقامة «منطقة آمنة» في الريف الشمالي لحلب ليعوّض عن خسارته مدينة حلب، ولكن ها هو الجيش السوري ووحدات الحماية الكردية يطوّقون قواته التي غزت جرابلس، ووصلت إلى الباب، وبات أقصى ما حققه هو السيطرة على هذه المنطقة الصغيرة التي تحمل من التهديد والتحديات أكثر بكثير من الفرص التي راهن عليها أردوغان، إذ إنّ هذه المنطقة غير مؤهلة لتشكل «منطقة آمنة».

وفي العراق أوشك الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي على تحرير مدينة الموصل وأريافها وصولاً إلى بعشيقة حيث تتواجد قوات الغزو التركي هناك التي أصبح حالها كحال القوات التركية الموجودة في جرابلس والباب.

 

إذاً طموحات وتطلعات أردوغان في العالم العربي، ولا سيما في سورية والعراق، باتت من الماضي.

بعد فشل سياسة أردوغان في سورية والعراق والوطن العربي هل سيخسر السلطة داخل تركيا؟

من الواضح أنه يعتقد ذلك، ولعلّ سعيه إلى إقامة نظام رئاسي وشنّ حملة اعتقالات غير مسبوقة في تاريخ تركيا ضدّ قوى المعارضة يؤكد عدم ثقة أردوغان بمستوى التأييد الشعبي له إلى الدرجة التي تمكنه من البقاء في السلطة.

  • فريق ماسة
  • 2017-03-02
  • 11140
  • من الأرشيف

نهاية طموح أردوغان في سورية والعراق

حاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في بداية انطلاق «الربيع العربي» فرض هيمنة تركيا على مناطق واسعة من البلاد العربية عبر جماعة الإخوان المسلمين. في مصر نجح النظام التركي وحلفاؤه في إيصال مرشح الإخوان المسلمين إلى رئاسة الجمهورية المصرية، وفي ليبيا سعى الإخوان للوصول إلى السلطة منفردين أو عبر التحالف مع تشكيلات صغيرة، في تونس وصلوا إلى الحكم ومكثوا أكثر من سنتين، ولأنّ في سورية والعراق من الصعب وصول الإخوان إلى السلطة قلّص الرئيس التركي طموحاته إلى حدود اقتطاع أجزاء من سورية والعراق وإلحاقها بتركيا، وقد تجلى ذلك بإعلان أردوغان في تصريحات علنية غير مسبوقة أنه يريد إعادة النظر بالاتفاقات التي وقعت بعد الحرب العالمية، ويقصد بذلك السعي للسيطرة على الموصل وحلب. اليوم جميع طموحات أردوغان تنهار. في مصر أزيحَ رئيس الأخوان وزجّ قادة الجماعة بالسجون. في تونس فقدوا الأغلبية التي مكّنتهم من حكم تونس لعامين وأكثر، وفي ليبيا استمرّ الصراع مع جماعات مسلحة مختلفة ولم يتمكّن الإخوان من السيطرة على هذا البلد. أما في سورية والعراق فقد خسر رهاناته الأخرى، في سورية راهن على السيطرة على حلب، ولكن حلب عادت بكاملها إلى كنف الدولة السورية، عادت إلى موقعها الوطني الطبيعي. راهن على إقامة «منطقة آمنة» في الريف الشمالي لحلب ليعوّض عن خسارته مدينة حلب، ولكن ها هو الجيش السوري ووحدات الحماية الكردية يطوّقون قواته التي غزت جرابلس، ووصلت إلى الباب، وبات أقصى ما حققه هو السيطرة على هذه المنطقة الصغيرة التي تحمل من التهديد والتحديات أكثر بكثير من الفرص التي راهن عليها أردوغان، إذ إنّ هذه المنطقة غير مؤهلة لتشكل «منطقة آمنة». وفي العراق أوشك الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي على تحرير مدينة الموصل وأريافها وصولاً إلى بعشيقة حيث تتواجد قوات الغزو التركي هناك التي أصبح حالها كحال القوات التركية الموجودة في جرابلس والباب.   إذاً طموحات وتطلعات أردوغان في العالم العربي، ولا سيما في سورية والعراق، باتت من الماضي. بعد فشل سياسة أردوغان في سورية والعراق والوطن العربي هل سيخسر السلطة داخل تركيا؟ من الواضح أنه يعتقد ذلك، ولعلّ سعيه إلى إقامة نظام رئاسي وشنّ حملة اعتقالات غير مسبوقة في تاريخ تركيا ضدّ قوى المعارضة يؤكد عدم ثقة أردوغان بمستوى التأييد الشعبي له إلى الدرجة التي تمكنه من البقاء في السلطة.

المصدر : البناء /حميدي العبدالله


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة