زعمت إسرائيل أنّ السوريين بمخيمات اللجوء يبيعون أطفالهم لتبرير خطوتها غيرُ القانونيّة باستيعاب مئات الأطفال و”تعليمهم” بمؤسساتٍ خاصّةٍ ومنحهم الجنسيّة بدون ذويهم.

 

حيث وبعد عدّة أيّام على إعلانها استقبال أطفال سوريين يتامى ومنحهم الجنسيّة الإسرائيليّة، عرضت القناة الثانية في التلفزيون العبريّ، تقريرًا عن الأطفال السوريين في مخيمات اللجوء.

 

التقرير الذي “تلقفه” المُستشرق إيهود يعاري، الذي يعمل مُحللاً للشؤون العربيّة في القناة الثانيّة، من “تلفزيون” تابع لما وصفها بالمعارضة السوريّة، شدّدّ على أنّ السوريين في المخيمات، وبسبب المعاناة الاقتصاديّة، يقومون ببيع أطفالهم، مُقابل بضع مئات من الدولارات.

 

وعبّر المُستشرق عن “صدمته” من هذه الظاهرة، علمًا أنّ التقرير المذكور شمل حديثًا مع طفلٍ واحدٍ فقط، قال إنّ والده عرضه للبيع مقابل عدّة آلاف من الليرات السوريّة. التقرير لم يعرض مقابلةً مع الأب، الذي عرض ابنه للبيع، ولم يشر إليه لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ. ومع ذلك، فإنّ عرضه بالطريقة الدراماتيكيّة ألقى بظلاله على الرأي العّام الإسرائيليّ، خصوصًا وأنّ نشرة أخبار القناة الثانية هي الأكثر مشاهدةً في إسرائيل، وكان لافتًا أنّ مّذيع النشرة عقّب على التقرير قائلاً: إنّهم وصلوا حتى للأطفال.

 

وهذا التقرير تمّ عرضة، ربمّا لتبرير السابقة الخطيرة بكلّ المقاييس، التي تمثلت في إعلان الدولة العبريّة وبشكلٍ رسميٍّ أنّها یريد استقطاب عشرات اللاجئين السوريين من الأطفال اليتامى، وقالت القناة العاشرة الإسرائيليّة إنّه في الأشهر الثلاثة الأولى من وصول الأطفال إلى تل أبيب سيمكثون في مدرسة داخلية، ومن ثم سينقلون إلى مؤسسات تابعة لوزارة التربية.

 

الخطوة التي تقوم دولة الاحتلال بتسويقها على أنّها خطوة إنسانيّة من الدرجة الأولى، يحمل في طياتّها أبعادًا خطيرةً جدًا، حيث يُطرح السؤال: ماذا يعني هذا الكلام وأين تكمن خطورة نقلهم إلى مؤسسات تابعة لوزارة التربية، والسؤال الأهم ماذا يتعلم الأطفال في تلك المؤسسات؟

 

لمن لا يعلم فإنّ الثقافة العسكريّة تتغلغل داخل المدارس ومناهج التعليم الإسرائيليّة بعلمٍ ودعمٍ من وزارة التربية والتعليم، التي يقودها الوزير نفتالي بينيت، ضابط سابق في وحدة النخبة (ساييرت مطكال)، وزعيم حزب “البيت اليهوديّ”، الذي يُطالب بضمّ الضفة الغربيّة المُحتلّة للسيادة الإسرائيليّة. كما يقوم الكيان الإسرائيليّ بأنواع كثيرة من تجنيد الأطفال رغمًا عنهم أوْ بإرادتهم وبطرقٍ مباشرةٍ وغيرُ مباشرةٍ، كما يعمل على إشراك الأطفال في تمرينات عسكرية في مجالات مختلفة، قسم منها يتّم عن طريق التطوع وقسم آخر يجري إدراجه في سياق واجب التلميذ في المدرسة، مناقضًا بهذا القانون الدوليّ لحقوق الطفل الذي وقع عليه

 

وبناءً على ذلك، سيكون لتعليم الأطفال السوريين في مدارس إسرائيل أبعادًا عسكريّةً وسياسيّةً، خاصّةً مع إتقان هؤلاء الأطفال للغة العربيّة ولهجتم السوريّة، التي ستستغلها الدولة العبريّة لمصلحتها في المستقبل من خلال إرسالهم للقيام بعمليات تجسس أوْ اغتيال شخصيات بارزة أوْ الانضمام مع الجماعات الإرهابيّة هناك، بالإضافة إلى جمع معلومات تخدم أجهزة المخابرات.

 

والأهّم من هذا، أنّه من السهل السيطرة على الأطفال وهم في هذا السن الصغيرة وتحويلهم إلى عملاء لخدمة مصالح إسرائيل وأهدافها ومشاريعها، كما أنّ الدافع وراء تجنيد الأطفال أنّهم يُعتبرون بديلاً أكثر كفاءة اقتصادية من المقاتلين البالغين.

 

وكانت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبريّة قد نشرت تقريرًا مؤخرًا جاء فيه أنّ إسرائيل تنقل الأطفال الجرحى والمصابين جراء الحرب الدائرة في سوريّة إليها لمعالجتهم.

 

والسؤال الذي يُطرح في هذه العُجالة: كيف تحصل إسرائيل على الأطفال؟ صحيفة “يديعوت أحرونوت” أجابت على هذا السؤال عندما كشفت النقاب عن أنّ منظمةً يهوديّةً أمريكيّةً تدعى “عملياه” للمساعدات الإنسانيّة، والتي يرأسها الثري اليهوديّ موطي كهانا، تتعاون مع قوات من الجيش الإسرائيليّ في الجولان السوريّ لنقل العشرات من الأطفال السوريين من منطقة القنيطرة في الجزء المحرر من الجولان إلى مستشفيات صفد ونهاريا، وبعد ذلك يتم إسكانهم في إحدى المستوطنات، وأوضحت الصحيفة أنّ السوريين لم يطلبوا الانتقال إلى إسرائيل، بل تمّت بمبادرة من المنظمة اليهوديّة الأمريكيّة التي يقع مقرها في نيويورك وتمّت العملية بتنسيقٍ مع الجيش الإسرائيليّ.

 

جديرٌ بالذكر أنّ الخطوة الإسرائيليّة لاستيعاب الأطفال السوريين تتناقض جوهريًا مع اتفاقية حقوق الطفل، التي أقرّتها الأمم المُتحدّة عام 1990، والذي أكّد أحد بنودها على أنّ “الدول الأطراف في الاتفاق تتعهّد بأنْ تضمن للطفل الحماية والرعاية اللازمتين لرفاهه، مراعية حقوق وواجبات والديه أوْ أوصيائه أوْ غيرهم من الأفراد المسؤولين قانونًا عنه، وتتخذ، تحقيقًا لهذا الغرض، جميع التدابير التشريعية والإدارية الملائمة”.

 

  • فريق ماسة
  • 2017-01-31
  • 6444
  • من الأرشيف

هل باع اللاجئون السوريون أطفالهم لـ إسرائيل؟!

زعمت إسرائيل أنّ السوريين بمخيمات اللجوء يبيعون أطفالهم لتبرير خطوتها غيرُ القانونيّة باستيعاب مئات الأطفال و”تعليمهم” بمؤسساتٍ خاصّةٍ ومنحهم الجنسيّة بدون ذويهم.   حيث وبعد عدّة أيّام على إعلانها استقبال أطفال سوريين يتامى ومنحهم الجنسيّة الإسرائيليّة، عرضت القناة الثانية في التلفزيون العبريّ، تقريرًا عن الأطفال السوريين في مخيمات اللجوء.   التقرير الذي “تلقفه” المُستشرق إيهود يعاري، الذي يعمل مُحللاً للشؤون العربيّة في القناة الثانيّة، من “تلفزيون” تابع لما وصفها بالمعارضة السوريّة، شدّدّ على أنّ السوريين في المخيمات، وبسبب المعاناة الاقتصاديّة، يقومون ببيع أطفالهم، مُقابل بضع مئات من الدولارات.   وعبّر المُستشرق عن “صدمته” من هذه الظاهرة، علمًا أنّ التقرير المذكور شمل حديثًا مع طفلٍ واحدٍ فقط، قال إنّ والده عرضه للبيع مقابل عدّة آلاف من الليرات السوريّة. التقرير لم يعرض مقابلةً مع الأب، الذي عرض ابنه للبيع، ولم يشر إليه لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ. ومع ذلك، فإنّ عرضه بالطريقة الدراماتيكيّة ألقى بظلاله على الرأي العّام الإسرائيليّ، خصوصًا وأنّ نشرة أخبار القناة الثانية هي الأكثر مشاهدةً في إسرائيل، وكان لافتًا أنّ مّذيع النشرة عقّب على التقرير قائلاً: إنّهم وصلوا حتى للأطفال.   وهذا التقرير تمّ عرضة، ربمّا لتبرير السابقة الخطيرة بكلّ المقاييس، التي تمثلت في إعلان الدولة العبريّة وبشكلٍ رسميٍّ أنّها یريد استقطاب عشرات اللاجئين السوريين من الأطفال اليتامى، وقالت القناة العاشرة الإسرائيليّة إنّه في الأشهر الثلاثة الأولى من وصول الأطفال إلى تل أبيب سيمكثون في مدرسة داخلية، ومن ثم سينقلون إلى مؤسسات تابعة لوزارة التربية.   الخطوة التي تقوم دولة الاحتلال بتسويقها على أنّها خطوة إنسانيّة من الدرجة الأولى، يحمل في طياتّها أبعادًا خطيرةً جدًا، حيث يُطرح السؤال: ماذا يعني هذا الكلام وأين تكمن خطورة نقلهم إلى مؤسسات تابعة لوزارة التربية، والسؤال الأهم ماذا يتعلم الأطفال في تلك المؤسسات؟   لمن لا يعلم فإنّ الثقافة العسكريّة تتغلغل داخل المدارس ومناهج التعليم الإسرائيليّة بعلمٍ ودعمٍ من وزارة التربية والتعليم، التي يقودها الوزير نفتالي بينيت، ضابط سابق في وحدة النخبة (ساييرت مطكال)، وزعيم حزب “البيت اليهوديّ”، الذي يُطالب بضمّ الضفة الغربيّة المُحتلّة للسيادة الإسرائيليّة. كما يقوم الكيان الإسرائيليّ بأنواع كثيرة من تجنيد الأطفال رغمًا عنهم أوْ بإرادتهم وبطرقٍ مباشرةٍ وغيرُ مباشرةٍ، كما يعمل على إشراك الأطفال في تمرينات عسكرية في مجالات مختلفة، قسم منها يتّم عن طريق التطوع وقسم آخر يجري إدراجه في سياق واجب التلميذ في المدرسة، مناقضًا بهذا القانون الدوليّ لحقوق الطفل الذي وقع عليه   وبناءً على ذلك، سيكون لتعليم الأطفال السوريين في مدارس إسرائيل أبعادًا عسكريّةً وسياسيّةً، خاصّةً مع إتقان هؤلاء الأطفال للغة العربيّة ولهجتم السوريّة، التي ستستغلها الدولة العبريّة لمصلحتها في المستقبل من خلال إرسالهم للقيام بعمليات تجسس أوْ اغتيال شخصيات بارزة أوْ الانضمام مع الجماعات الإرهابيّة هناك، بالإضافة إلى جمع معلومات تخدم أجهزة المخابرات.   والأهّم من هذا، أنّه من السهل السيطرة على الأطفال وهم في هذا السن الصغيرة وتحويلهم إلى عملاء لخدمة مصالح إسرائيل وأهدافها ومشاريعها، كما أنّ الدافع وراء تجنيد الأطفال أنّهم يُعتبرون بديلاً أكثر كفاءة اقتصادية من المقاتلين البالغين.   وكانت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبريّة قد نشرت تقريرًا مؤخرًا جاء فيه أنّ إسرائيل تنقل الأطفال الجرحى والمصابين جراء الحرب الدائرة في سوريّة إليها لمعالجتهم.   والسؤال الذي يُطرح في هذه العُجالة: كيف تحصل إسرائيل على الأطفال؟ صحيفة “يديعوت أحرونوت” أجابت على هذا السؤال عندما كشفت النقاب عن أنّ منظمةً يهوديّةً أمريكيّةً تدعى “عملياه” للمساعدات الإنسانيّة، والتي يرأسها الثري اليهوديّ موطي كهانا، تتعاون مع قوات من الجيش الإسرائيليّ في الجولان السوريّ لنقل العشرات من الأطفال السوريين من منطقة القنيطرة في الجزء المحرر من الجولان إلى مستشفيات صفد ونهاريا، وبعد ذلك يتم إسكانهم في إحدى المستوطنات، وأوضحت الصحيفة أنّ السوريين لم يطلبوا الانتقال إلى إسرائيل، بل تمّت بمبادرة من المنظمة اليهوديّة الأمريكيّة التي يقع مقرها في نيويورك وتمّت العملية بتنسيقٍ مع الجيش الإسرائيليّ.   جديرٌ بالذكر أنّ الخطوة الإسرائيليّة لاستيعاب الأطفال السوريين تتناقض جوهريًا مع اتفاقية حقوق الطفل، التي أقرّتها الأمم المُتحدّة عام 1990، والذي أكّد أحد بنودها على أنّ “الدول الأطراف في الاتفاق تتعهّد بأنْ تضمن للطفل الحماية والرعاية اللازمتين لرفاهه، مراعية حقوق وواجبات والديه أوْ أوصيائه أوْ غيرهم من الأفراد المسؤولين قانونًا عنه، وتتخذ، تحقيقًا لهذا الغرض، جميع التدابير التشريعية والإدارية الملائمة”.  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة