قد يكون تحرير وحدات الجيش العربي السوري وحلفائه لأحياء كبيرة من شرقي حلب متوقعا بعد الحصار المحكم الذي نفذته الوحدات المذكورة عليهم منذ بضعة اشهر ،

 

 ولكن ما لم يكن متوقعا هو هذا الانهيار المفاجئ للمسلحين في تلك الاحياء، حيث بدا انهم سيقاتلون للدفاع عن مواقعهم في المعقل الاخير من المدينة الاستراتيجية، على الاقل استجابة  لطلبات دولية، اميركية وتركية وسعودية كانت واضحة في وقاحتها مؤخرا، تسابقوا الى القاء السلاح وحلق اللحى والفرار مستغلين المحاور التي اصرت وحدات الجيش المذكور على ابقائها مفتوحة لخروج المدنيين ومن يرغب منهم خلال كامل الفترة السابقة.

 

صحيح ان تشرذم المسلحين وفقدانهم للتنسيق فيما بينهم بدا انه من اسباب هذا الانهيار، ولكن عمليا كان ذلك نتيجة فُرضت عليهم، فمن خلال دراسة للمعطيات العسكرية والميدانية التي سبقت ورافقت المعركة الاخيرة التي ما زالت مفتوحة مبدئيا، يمكن اسناد هذا الانهيار لمنظومة متكاملة من الاسباب والمعطيات والوقائع العسكرية المتعددة. من المعلوم ان معركة اقتحام الاحياء المذكورة لم تكن بنت ساعتها، انما كانت عبارة عن مرحلة متقدمة سبقتها عدة مراحل من ضمن مناورة روسية - سورية - حليفة مشتركة تمثلت بالتالي:

 

- بعد استيعاب هجمات المسلحين المتعددة على مواقع الجيش العربي السوري وحلفائه في غرب وجنوب غرب حلب، والتي كانت اشبه بكمائن استراتيجة عبر استدراج المهاجمين الى بقع قتل مدروسة، وتَكَفُل اسلحة الطيران والمدفعية والصواريخ بابادة القسم الاكبر منهم، والذين تدفقوا بالالاف بهدف فك الحصار عن الاحياء الشرقية، شكلت خسارة هذا العدد الكبير من المسلحين نقطة رابحة للجيش كسرت الفارق في العدد الذي دائما  لصالح المسلحين في معارك حلب واريافها.

 

- بعد ان ثبتت وحدات الجيش والحلفاء خط دفاعها، ووجد المسلحون انفسهم يُستنزَفون في العديد وفي الاليات والعتاد بمواجهة خط دفاع متماسك ، اندفعت تلك الوحدات غربا وجنوب غرب مستعيدة وبسهولة كامل المواقع التي اخلتها استدراجا وتكتيكيا، مع السيطرة على مواقع وتلال كانت اساسا مع المسلحين في غرب ضاحية الاسد وعلى مشارف الراشدين 4 و 5 ، فوسعت هذه الوحدات بذلك هامش الامان غربا وجنوب غرب .

 

انجازات الجيش السوري متواصلة في حلب

 

- امتلك الجيش العربي السوري في سيطرته على المواقع المذكورة نقاط ارتكاز دفاعية ، سمحت له بالإمساك بكامل خطوط ترابط المسلحين مع خان العسل غرب حلب، ومع خان طومان جنوب غرب ، وبالتالي أمن الجيش المذكور السيطرة على نقاط الانطلاق المحتملة لاي هجوم او ضغط ميداني من المسلحين باتجاه مواقعه، وهذا ما حمى له ظهره عند اقتحامه للاحياء الشرقية من الاتجاهات الاكثر خطورة وقدرة على الحشد في ادلب وارياف حلب الغربية .

 

- جاءت المناورة الاستراتيجية للقوات الجوية الروسية - السورية لتكون فاصلة في المساهمة بالحسم لاحقا في احياء حلب الشرقية بطريقة غير مباشرة ، والتي تمثلت اولا ، في الابتعاد عن تنفيذ اية تغطية جوية داخل الاحياء الشرقية و تركيز القصف على كافة خطوط ومواقع المسلحين الخلفية في ادلب وحماه وتدميرها، وثانيا في اشاعة جو من الهدوء داخل الاحياء المذكورة في المدينة ، اسكتت عبره الابواق الدولية والاقليمية التي تستغل الوضع الانساني بشكل دائم، و تمكنت من خلاله وحدات الرصد الجوي والاستعلام والمخابرات من تكوين صورة واضحة وشبه كاملة عن اماكن تواجد المسلحين بالتحديد في المواقع و على محاور الدخول الى المدينة، وعن طبيعة تواجد المدنيين قرب تلك المواقع ومدى وامكانية المناورة لحمايتهم اثناء الاقتحام .

 

- كان لتوسيع محاور المناورة الذكية في الاقتحام  دور فاعل في تشتيت جهود من اختار القتال من المسلحين ، فاحتار هؤلاء وصعب عليهم تحديد محور هجوم الجيش العربي السوري وحلفائه الرئيسيين، فعجزوا عن المواجهة وعن ايقاف التقدم الصاعق والذي جاء من عدة اتجاهات رئيسية و ثانوية ، منتظرة  وغير منتظرة .

 

واخيرا ...من المؤكد ان مرحلة استكمال السيطرة على ما تبقى من مواقع للمسلحين في جنوب الاحياء الشرقية هي سائرة باتجاه التنفيذ حكما ، نظرا لهذا الضغط الواضح وللفعالية الحاسمة لدى الوحدات المهاجمة، بمواجهة الانهيار الواضح في صفوف المسلحين ، وحيث بدا داعموهم الدوليون يفقدون المبادرة في تأخير استكمال سيطرة الجيش العربي السوري على حلب ، يبقى الصمود الذي سبق هذه المعركة الاستراتيجية  في كامل معارك المواجهة الدفاعية  في ارياف حلب المختلفة هو الاساس ، ويبقى لدماء شهداء الجيش العربي السوري و لدماء شهداء حلفائه الابطال الدور المفصلي في تثبيت السيطرة على مدينة حلب وعلى محيطها ، وفي التأسيس لاستعادة التوازن الى الشمال السوري ، وعبره الى كامل جغرافية الدولة التي تعرضت لاعنف واقسى حرب دولية مجرمة في التاريخ الحديث .

 

  • فريق ماسة
  • 2016-11-30
  • 13532
  • من الأرشيف

لماذا انهار مسلحو احياء شرق حلب بشكل مفاجئ؟

قد يكون تحرير وحدات الجيش العربي السوري وحلفائه لأحياء كبيرة من شرقي حلب متوقعا بعد الحصار المحكم الذي نفذته الوحدات المذكورة عليهم منذ بضعة اشهر ،    ولكن ما لم يكن متوقعا هو هذا الانهيار المفاجئ للمسلحين في تلك الاحياء، حيث بدا انهم سيقاتلون للدفاع عن مواقعهم في المعقل الاخير من المدينة الاستراتيجية، على الاقل استجابة  لطلبات دولية، اميركية وتركية وسعودية كانت واضحة في وقاحتها مؤخرا، تسابقوا الى القاء السلاح وحلق اللحى والفرار مستغلين المحاور التي اصرت وحدات الجيش المذكور على ابقائها مفتوحة لخروج المدنيين ومن يرغب منهم خلال كامل الفترة السابقة.   صحيح ان تشرذم المسلحين وفقدانهم للتنسيق فيما بينهم بدا انه من اسباب هذا الانهيار، ولكن عمليا كان ذلك نتيجة فُرضت عليهم، فمن خلال دراسة للمعطيات العسكرية والميدانية التي سبقت ورافقت المعركة الاخيرة التي ما زالت مفتوحة مبدئيا، يمكن اسناد هذا الانهيار لمنظومة متكاملة من الاسباب والمعطيات والوقائع العسكرية المتعددة. من المعلوم ان معركة اقتحام الاحياء المذكورة لم تكن بنت ساعتها، انما كانت عبارة عن مرحلة متقدمة سبقتها عدة مراحل من ضمن مناورة روسية - سورية - حليفة مشتركة تمثلت بالتالي:   - بعد استيعاب هجمات المسلحين المتعددة على مواقع الجيش العربي السوري وحلفائه في غرب وجنوب غرب حلب، والتي كانت اشبه بكمائن استراتيجة عبر استدراج المهاجمين الى بقع قتل مدروسة، وتَكَفُل اسلحة الطيران والمدفعية والصواريخ بابادة القسم الاكبر منهم، والذين تدفقوا بالالاف بهدف فك الحصار عن الاحياء الشرقية، شكلت خسارة هذا العدد الكبير من المسلحين نقطة رابحة للجيش كسرت الفارق في العدد الذي دائما  لصالح المسلحين في معارك حلب واريافها.   - بعد ان ثبتت وحدات الجيش والحلفاء خط دفاعها، ووجد المسلحون انفسهم يُستنزَفون في العديد وفي الاليات والعتاد بمواجهة خط دفاع متماسك ، اندفعت تلك الوحدات غربا وجنوب غرب مستعيدة وبسهولة كامل المواقع التي اخلتها استدراجا وتكتيكيا، مع السيطرة على مواقع وتلال كانت اساسا مع المسلحين في غرب ضاحية الاسد وعلى مشارف الراشدين 4 و 5 ، فوسعت هذه الوحدات بذلك هامش الامان غربا وجنوب غرب .   انجازات الجيش السوري متواصلة في حلب   - امتلك الجيش العربي السوري في سيطرته على المواقع المذكورة نقاط ارتكاز دفاعية ، سمحت له بالإمساك بكامل خطوط ترابط المسلحين مع خان العسل غرب حلب، ومع خان طومان جنوب غرب ، وبالتالي أمن الجيش المذكور السيطرة على نقاط الانطلاق المحتملة لاي هجوم او ضغط ميداني من المسلحين باتجاه مواقعه، وهذا ما حمى له ظهره عند اقتحامه للاحياء الشرقية من الاتجاهات الاكثر خطورة وقدرة على الحشد في ادلب وارياف حلب الغربية .   - جاءت المناورة الاستراتيجية للقوات الجوية الروسية - السورية لتكون فاصلة في المساهمة بالحسم لاحقا في احياء حلب الشرقية بطريقة غير مباشرة ، والتي تمثلت اولا ، في الابتعاد عن تنفيذ اية تغطية جوية داخل الاحياء الشرقية و تركيز القصف على كافة خطوط ومواقع المسلحين الخلفية في ادلب وحماه وتدميرها، وثانيا في اشاعة جو من الهدوء داخل الاحياء المذكورة في المدينة ، اسكتت عبره الابواق الدولية والاقليمية التي تستغل الوضع الانساني بشكل دائم، و تمكنت من خلاله وحدات الرصد الجوي والاستعلام والمخابرات من تكوين صورة واضحة وشبه كاملة عن اماكن تواجد المسلحين بالتحديد في المواقع و على محاور الدخول الى المدينة، وعن طبيعة تواجد المدنيين قرب تلك المواقع ومدى وامكانية المناورة لحمايتهم اثناء الاقتحام .   - كان لتوسيع محاور المناورة الذكية في الاقتحام  دور فاعل في تشتيت جهود من اختار القتال من المسلحين ، فاحتار هؤلاء وصعب عليهم تحديد محور هجوم الجيش العربي السوري وحلفائه الرئيسيين، فعجزوا عن المواجهة وعن ايقاف التقدم الصاعق والذي جاء من عدة اتجاهات رئيسية و ثانوية ، منتظرة  وغير منتظرة .   واخيرا ...من المؤكد ان مرحلة استكمال السيطرة على ما تبقى من مواقع للمسلحين في جنوب الاحياء الشرقية هي سائرة باتجاه التنفيذ حكما ، نظرا لهذا الضغط الواضح وللفعالية الحاسمة لدى الوحدات المهاجمة، بمواجهة الانهيار الواضح في صفوف المسلحين ، وحيث بدا داعموهم الدوليون يفقدون المبادرة في تأخير استكمال سيطرة الجيش العربي السوري على حلب ، يبقى الصمود الذي سبق هذه المعركة الاستراتيجية  في كامل معارك المواجهة الدفاعية  في ارياف حلب المختلفة هو الاساس ، ويبقى لدماء شهداء الجيش العربي السوري و لدماء شهداء حلفائه الابطال الدور المفصلي في تثبيت السيطرة على مدينة حلب وعلى محيطها ، وفي التأسيس لاستعادة التوازن الى الشمال السوري ، وعبره الى كامل جغرافية الدولة التي تعرضت لاعنف واقسى حرب دولية مجرمة في التاريخ الحديث .  

المصدر : شارل أبي نادر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة