لا شك أنّ الانتصار الكبير الذي حققه الجيش السوري وحلفاؤه في حلب لن تكون تداعياته شبيهة بانتصارات أخرى هامة كان قد حققها الجيش، سواء في ريف دمشق، أو في ريف اللاذقية، أو في معركة تدمر.

 

جميع تلك الانتصارات على أهميتها لم تترك التداعيات المحتملة على الانتصار الذي تحقق في حلب.

 

مدينة حلب كانت تراهن عليها الدول والجهات التي انخرطت في الحرب على سورية لتحقيق واحد من ثلاثة أهداف، الهدف الأول، إسقاط النظام في سورية، وهذا الهدف كان بالنسبة لهذه الدول أمر واقعي ومنطقي في عامي 2011 و2012 بعد السيطرة على الأحياء الشرقية من حلب، وبعد تطويق دمشق بعشرات آلاف المسلحين، بل إنّ المسلحين في عام 2012 سيطروا على أحياء غير قليلة في دمشق ذاتها. لكن سقوط دمشق غير ممكن من دون سقوط حلب، لأسباب كثيرة.

 

الهدف الثاني، تقسيم سورية إذا تعذّر إسقاط الدولة السورية، وجرى تبني هذا الهدف اعتباراً من النصف الثاني من عام 2013 عندما تيقّنت الدول المساهمة في الحرب على سورية بأنّ إسقاط النظام، وبالتالي الدولة السورية، أمر صعب المنال، ودونه على الأقلّ حرب طويلة الأمد، قد تتحوّل إلى حرب استنزاف لكلا الطرفين. لكن تقسيم سورية، وفقدان الدولة السورية لشرعيتها واحتفاظها بمقعدها في الأمم المتحدة أمر صعب المنال من دون السيطرة على مدينة حلب بكاملها، وكانت السيطرة على الأحياء الشرقية بمثابة تمهيد أو استعداد للسيطرة على المدينة لتحقيق هذا الهدف.

 

الهدف الثالث، استنزاف سورية، وطالما أنّ السيطرة على كلّ مدينة حلب بات غير متيسّر، فإنّ الاحتفاظ بالسيطرة على الأحياء الشرقية، يشكل استنزافاً عسكرياً وسياسياً واقتصادياً للدولة السورية، لذلك لا يجب أن تستعيد الدولة السورية هذه الأحياء وبذل كلّ جهد مستطاع لمنع ذلك لأنّ الاحتفاظ بالأحياء الشرقية شرط لا بدّ منه لاستمرار حرب الاستنزاف. لهذه الأسباب واكبت عملية تحرير حلب حملة دولية غير مسبوقة لتعطيل هذه العملية، بدءاً من التهديدات التي أطلقتها الدول الراعية والداعمة للحرب الإرهابية على سورية، مروراً بعدم الالتزام بالتفاهمات المبرمة بين الولايات المتحدة وروسيا، وصولاً إلى الالتفاف على قرارات مجلس الأمن، ولا سيما القرارين 2253 و2254، واستنفار كلّ مسؤولي ومؤسسات الأمم المتحدة، بما في ذلك المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا الذي اقترح تشريع وجود المسلحين في حلب وتكريس تقسيم المدينة، وهو الاقتراح الذي حمله إلى المسؤولين السوريين عشية بدء معركة تحرير الأحياء الشرقية.

 

الآن جميع هذه الأهداف لم تعد واقعية في ضوء ما تحقق في أحياء حلب الشرقية.

  • فريق ماسة
  • 2016-11-29
  • 13466
  • من الأرشيف

حلب: تحرير الأحياء الشرقية أسقط أهداف الحرب

لا شك أنّ الانتصار الكبير الذي حققه الجيش السوري وحلفاؤه في حلب لن تكون تداعياته شبيهة بانتصارات أخرى هامة كان قد حققها الجيش، سواء في ريف دمشق، أو في ريف اللاذقية، أو في معركة تدمر.   جميع تلك الانتصارات على أهميتها لم تترك التداعيات المحتملة على الانتصار الذي تحقق في حلب.   مدينة حلب كانت تراهن عليها الدول والجهات التي انخرطت في الحرب على سورية لتحقيق واحد من ثلاثة أهداف، الهدف الأول، إسقاط النظام في سورية، وهذا الهدف كان بالنسبة لهذه الدول أمر واقعي ومنطقي في عامي 2011 و2012 بعد السيطرة على الأحياء الشرقية من حلب، وبعد تطويق دمشق بعشرات آلاف المسلحين، بل إنّ المسلحين في عام 2012 سيطروا على أحياء غير قليلة في دمشق ذاتها. لكن سقوط دمشق غير ممكن من دون سقوط حلب، لأسباب كثيرة.   الهدف الثاني، تقسيم سورية إذا تعذّر إسقاط الدولة السورية، وجرى تبني هذا الهدف اعتباراً من النصف الثاني من عام 2013 عندما تيقّنت الدول المساهمة في الحرب على سورية بأنّ إسقاط النظام، وبالتالي الدولة السورية، أمر صعب المنال، ودونه على الأقلّ حرب طويلة الأمد، قد تتحوّل إلى حرب استنزاف لكلا الطرفين. لكن تقسيم سورية، وفقدان الدولة السورية لشرعيتها واحتفاظها بمقعدها في الأمم المتحدة أمر صعب المنال من دون السيطرة على مدينة حلب بكاملها، وكانت السيطرة على الأحياء الشرقية بمثابة تمهيد أو استعداد للسيطرة على المدينة لتحقيق هذا الهدف.   الهدف الثالث، استنزاف سورية، وطالما أنّ السيطرة على كلّ مدينة حلب بات غير متيسّر، فإنّ الاحتفاظ بالسيطرة على الأحياء الشرقية، يشكل استنزافاً عسكرياً وسياسياً واقتصادياً للدولة السورية، لذلك لا يجب أن تستعيد الدولة السورية هذه الأحياء وبذل كلّ جهد مستطاع لمنع ذلك لأنّ الاحتفاظ بالأحياء الشرقية شرط لا بدّ منه لاستمرار حرب الاستنزاف. لهذه الأسباب واكبت عملية تحرير حلب حملة دولية غير مسبوقة لتعطيل هذه العملية، بدءاً من التهديدات التي أطلقتها الدول الراعية والداعمة للحرب الإرهابية على سورية، مروراً بعدم الالتزام بالتفاهمات المبرمة بين الولايات المتحدة وروسيا، وصولاً إلى الالتفاف على قرارات مجلس الأمن، ولا سيما القرارين 2253 و2254، واستنفار كلّ مسؤولي ومؤسسات الأمم المتحدة، بما في ذلك المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا الذي اقترح تشريع وجود المسلحين في حلب وتكريس تقسيم المدينة، وهو الاقتراح الذي حمله إلى المسؤولين السوريين عشية بدء معركة تحرير الأحياء الشرقية.   الآن جميع هذه الأهداف لم تعد واقعية في ضوء ما تحقق في أحياء حلب الشرقية.

المصدر : حميدي العبدالله


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة